"الولايات المتحدة والصين ستخوضان حرباً على الجزر في بحر الصين الجنوبي في غضون عشر سنوات وفي الوقت نفسه ستكون أميركا جزءاً من حرب كبرى جديدة في الشرق الأوسط". هذه ليست مجرد تحليلات أو استشراف لما ستكون عليه سياسة أميركا الجديدة في عهد ترامب، بل هذا ما أدلى به على نحو جازم كبير مستشاري واستراتيجيي البيت الأبيض أو الرئيس الفعلي لأميركا كما وصفته الصحف الأجنبية والأميركية تحديداً.
ستيف بانون الذي ينظر إليه على أنه إحدى أكثر الشخصيات تأثيراً في الإدارة الأميركية الجديدة توقع قبل أشهر من انتخابه عبر موقعه "برايت بارت" انخراط أميركا في حرب في بحر الصين الجنوبي وحرب أخرى برية في الشرق الأوسط، وفق ما نقلت عنه صحيفة "الغارديان" البريطانية. لا يشذ بانون عن معظم أعضاء فريق ترامب لجهة المواقف المنتقدة والعدائية للصين لكنه حدّد على نحو أوضح في آذار/ مارس 2016 الصين على أنها تشكل أكبر تهديد لأميركا إلى جانب الإسلام، قائلاً "لا شكّ أننا ذاهبون للحرب في بحر الصين الجنوبي خلال عشر سنوات". بانون الذي برز كشخصية مركزية مع تسلّم ترامب مهامه يقال إنه لعب دوراً مؤثراً في القرارات التي صدرت خلال الأسبوع الأول للرئيس الأميركي الجديد في البيت الأبيض لا سيّما القرار الأخير بمنع مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة من الدخول إلى الولايات المتحدة. لكن الصين ليست المنطقة الساخنة الوحيدة التي توقعها بانون، فهو توقع أيضاً حرباً برية أخرى للقوات الأميركية في الشرق الأوسط في تصريح يعود لتشرين الثاني/ نوفمبر 2015، حيث قال بانون "نحن ذاهبون نحو حرب كبرى في الشرق الأوسط مجدداً". ولعلّ الخطورة في هذه التصريحات تكمن في الشخصية التي تصدر عنها. فبانون بحسب توصيف "نيويورك تايمز" هو الرئيس الفعلي للولايات المتحدة إلى جانب صهر الأخير جاريد كوشنير، مشيرة إلى محاولاته إقصاء كل الأصوات الأخرى التي تطرح وجهات نظر مختلفة عنه، ويقال إنه متفوق على مستشار الأمن القومي الجنرال مايكل فلين. ويبدو أن بانون يسرّع الخطى لتحويل أفكاره التي عبّر عنها في السابق إلى سياسة ثابتة للإدارة الجديدة. تقول "إندبندنت" في مقالة بعنوان ستيف بانون: اليميني المتطرف الذي يقود البيت الأبيض، إن الأخير كان يعمل على تطوير رؤية شعبوية لإعادة تشكيل الولايات المتحدة ورسم دورها في العالم، إذ إن تصريحات بانون السابقة التي غالباً ما عبّر عنها على موقعه وغيره من المواقع المحافظة، تبدو بمثابة خارطة طريق لأجندة مثيرة للجدل كانت كفيلة بهزّ النظام العالمي ولم يكن قد مضى على وصول ترامب إلى البيت الأبيض سوى أسبوعين فقط. فكيف سيكون الحال في المرحلة المقبلة؟ وفق "نيويورك تايمز" "سيكون من الحكمة أن يعيد ترامب النظر في السماح لبانون بإدارة البيت الأبيض خصوصاً في ضوء الفشل الذريع لقرار منع المهاجرين الذي دفع باتجاهه بانون من دون استشارة الخبراء المتخصصين في وزارة الأمن الداخلي" مضيفة إنه "بالرغم من حق الرؤساء اختيار مستشاريهم إلا أن التوتر الذي أحدثه صنّاع السياسة لديه أكبر دليل على حاجة ترامب الملحّة لمستشارين يفكرون على نحو استراتيجي ويزنون مرات عدّة العواقب والآثار السياسية لأي قرار قبل اتخاذه". وتابعت الصحيفة الأميركية متسائلة "تخيّلوا لو أن ترامب واجه أزمة مع الصين في بحر الصين الجنوبي أو مع روسيا في أوكرانيا. هل سيتوجه إلى ستيف بانون الذي يميل نحو تفجير الأوضاع، أو سيتحوّل في نهاية المطاف إلى بعض أعضاء إدارته الأكثر خبرة مثل وزير الدفاع جيمس ماتيس أو الجنرال جوزيف دانفورد؟".