توفي اليوم الدبلوماسي الكبير عبد الرحمن بنعمر سفير جلالة الملك محمد السادس، عاهل المملكة المغربية الشقيقة في بلادنا التي أمضى فيها على مرحلتين منفصلتين سنوات عديدة من العمل الدبلوماسي الجاد الذي تميز بحسن الأداء والفطنة وتسيير الأمور لصالح تعميق وتطوير العلاقة بين البلدين الشقيقين: الجمهورية الإسلامية الموريتانية والمملكة المغربية، وهي علاقات تمتد عراها بعيدا في الزمن، وتنصهر فيها وشائج الدين والرحم والقربى وتتحد فيها الآمال ويشتبك الوجدان وكل مظاهر التجانس والتشابه في أوجه الحياة المتنوعة، إلى جانب وحدة التراث الحضاري.. كما يتطلع طرفاها إلى آفاق كبيرة من التعاون الواعد الذي يحتاج إلى كفاءة عالية من التخطيط الاستراتيجي الثنائي واستكمال شروط قيام رؤية مغاربية في أفق الاندماج والتعاون و حل القضايا العالقة فيه بالحوار والإنصات الجيد والمنصف بين الأطراف بروح تنزع بجد وصدق وإخلاص نحو تضميد الجراح الكثيرة العالق بعضها منذ ما يقارب نصف قرن، بدل الشروع في تنفيذ رغبة جهات تسعى إلى زيادة التهاب وتقيح أنسجتها لوضع منطقة جديدة من الوطن العربي والقارة الإفريقية في طريق إعصار نتائجه ماثلة للعيان في أكثر من بلد.
إننا في حزب الصواب إذ نعزي الشعب المغربي الشقيق وعائلة الفقيد في رحيله، ندرك أن العمل الدبلوماسي المرتبط بمصالح الأمم والشعوب لا يتغير برحيل الأشخاص ولا بتغييرهم، ونأمل أن تكون المرحلة الدبلوماسية المقبلة بين البلدين الشقيقين مرحلة تعاون في مواجهة ما يعتري كيانيهما على المستويين الإقليمي والدولي انطلاقا من أهميتهما وفاعليتهما في حل المشكلات التي تسبب عدم قيام اتحاد المغرب العربي وتنغص الحياة الطبيعية في دوله، وتعطل التنمية والتطور الممكن وتستنزف الموارد، وأهمها قضية النزاع في الصحراء والإرهاب والجريمة المنظمة.
رحم الله الفقيد، وأحسن فيه العزاء لعائلته، فقد أكد رحيله اليوم أن أهل هذه الدنيا سفر لا يحلّون الركاب إلاّ في غيرها، فلله ما أخذ وله ما أبقى، إنا لله وإنا إليه راجعون.
