لم تُخفِ إسرائيل قبيل توقيع الاتفاق النوويّ بين الدول العظمى وإيران، لم تُخفِ خشيتها من أنّ الاتفاق سيؤدّي إلى تحرير مئات مليارات الدولارات الإيرانيّة التي كانت مُحتجزةً في الغرب، وأنّ هذه الأموال ستُستغّل فيما ستُستغّل لدعم حزب الله في لبنان بالأموال والعتاد العسكريّ.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر أمنيّة إسرائيليّة وغربيّة مُتطابقة، كشفت النقاب عنّ أنّ الضغط الاقتصادي على لبنان للعمل ضدّ حزب الله تمّ بالتنسيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وبمُساهمةٍ كبيرةٍ من إحدى دول أوربا الغربيّة، امتنعت المصادر عن كشف اسمها لحساسية الموضوع.
وبحسب المُحلل للشؤون العسكريّة والأمنيّة في صحيفة (معاريف) الاسرائيلية، الذي أدلى بحديثٍ خاصٍ للقناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيليّ، مساء الأحد، فإنّ الولايات المتحدّة الأمريكيّة زادت هذا الضغط في الآونة الأخيرة وبمشاركة جهاز أوروبيّ غربيّ إلى جانب المخابرات الإسرائيليّة. علاوة على ذلك، أشار المُحلل الإسرائيليّ، نقلاً عن المصادر عينها، أشار إلى أنّ البنوك اللبنانيّة تعرضّت لتهديداتٍ بإجراءاتٍ عقابيّةٍ، الأمر الذي دفعها إلى التوقّف عن عقد صفقات مع حزب الله.
وخلال الحديث التلفزيونيّ عن الوضع الاقتصاديّ لحزب الله قال المُحلل ميلمان إنّ البنوك في لبنان لم تعد تحول الأموال ولا تفتح حسابات لحزب الله، على حدّ تعبيره. بالإضافة إلى ذلك، شدّدّ في سياق حديثه على أنّ الضغوطات الأمريكيّة تمّ تنفيذها بتنسيقٍ كبيرٍ جدًا مع الاستخبارات الإسرائيليّة، مُؤكّدًا في الوقت عينه على أنّ العملية مشتركة بين الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكيّة وجهاز مخابرات من دولةٍ في أوروبا الغربيّة، وهدفها الضغط على المصارف.
وقال ميلمان في هذا السياق إنّ أجهزة الاستخبارات الإسرائيليّة والأمريكيّة توعدت المصارف، بالقول: هم يقولون لهم إذا فتحم حسابات فسنتعامل معكم، على حدّ قوله.
أمّا معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى فقال في دراسةٍ جديدةٍ نشرها على موقعه الالكترونيّ إنّه منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي على الأقل، أدارت إيران شبكة مخابرات في أمريكا اللاتينية، وسرعان ما حذا “حزب الله” حذوها.
وتابعت الدراسة: استمدّ “حزب الله” وإيران الدعم من هذه الشبكات لتنفيذ تفجير عام 1994 الذي استهدف “مركز الجمعية التعاضدية اليهودية الأرجنتينية” الاجتماعي اليهودي في بوينس آيرس. وبالرغم من انكشاف الغطاء عن العناصر الإيرانيّة ونظيرتها التابعة لـ”حزب الله” المشاركة في هذا الهجوم الدامي، يُواصل الطرفان تطوير شبكات المخابرات والدعم اللوجستي في المنطقة من دون رادع، على حدّ قول الدراسة.
وأكّدت الدراسة الأمريكيّة أنّه يُطلق عادة على “منطقة الحدود الثلاثية” التي تشمل البرازيل والباراغواي والأرجنتين اسم “الأمم المتّحدة الإجرامية”، و”ملاذ آمن للإرهاب” من الطراز الأول، وعاصمة التزوير، وتوفّر بيئة طبيعية للعناصر التي تسعى إلى بناء شبكات دعم مالي ولوجستي تابعة لـ”حزب الله” ضمن المجتمعات المحلية للجالية الشيعيّة واللبنانيّة هناك.
وبحسب الدراسة، يُواصل “حزب الله” في أمريكا اللاتينية التركيز على جمع مبالغ كبيرة من المال عبر الأعمال غير المشروعة والتهريب في “منطقة الحدود الثلاثية” ومناطق تجارة حرّة أخرى في المنطقة. ومع ذلك، فقد امتدّت أنشطته إلى أبعد بكثير من هذه البقاع الساخنة المعروفة، ولم تشمل الدعم اللوجستي والمالي فحسب بل تخطيط العمليات الإرهابية أيضًا، زعمت الدراسة.
وفيما إذا يُشارك “حزب الله” في تجارة المخدّرات في أمريكا الجنوبية لتحقيق إيرادات إضافية؟ قالت الدراسة إنّ “حزب الله” بدأ بتوسيع أنشطته المتعلّقة بقطاع المخدّرات في أمريكا الجنوبية في أوائل ثمانينيات القرن الماضي ونمت بشكلٍ ملحوظٍ في العقود التالية. ومن خلال عمله مع عصابات المخدّرات، وفّر الحزب لعناصره دفقًا كبيرًا من الإيرادات وشرّع الأبواب لغسل الأموال وتهريب المخدّرات، على حدّ وصفها.
وأكّدت الدراسة أيضًا على أنّ المسؤولين الأمريكيين شدّدّوا على التزام الإدارة باستهداف النطاق الكامل لنشاط “حزب الله”. وأضافت قائلةً إنّه في عصر الاتفاق النوويّ الإيراني، والمقاتلين الإرهابيين الأجانب، وتنظيم “الدولة الإسلاميّة”، تحتدم المنافسة لتخصيص الموارد والأموال للأولويات الأخرى.
ومع ذلك، ففي ضوء تاريخ “حزب الله” وإيران الحافل بالسلوك التهديدي في أمريكا الجنوبية،والذي ازدادت حدّته مع ارتفاع وتيرة أنشطتهما الخبيثة في المنطقة وطبيعتها، من الضروري جدًا توفير الاهتمام المطلوب وتخصيص الموارد اللازمة لتعقّب التهديدات الذي يُشكلّها “حزب الله” وإيران ومكافحتها.
وخلُصت الدراسة إلى القول: ستتطلّب مواجهة هذا التهديد تنسيقًا دقيقًا بين أجهزة إنفاذ القانون والمخابرات والسياسات في مختلف أرجاء نصف الكرة الغربيّ، ونظرًا لنشاط “حزب الله” في التخطيط لهجماتٍ إرهابيّة حول العالم، ينبغي تطبيق هذا التعاون في أسرع وقتٍ ممكنٍ، أكّدت دراسة معهد واشنطن.
رأي اليوم