أتمنى على أصدقائنا الأمريكيين قبل إصدار بيانات الشجب والتحامل ضد دول أخرى على خلفية ملفاتها في مجال حقوق الإنسان أن يتذكروا هم أيضاً الآتي:
- أن نسبة السود من جملة سكان الولايات المتحدة لا تزيد على 12% وأن نسبتهم في نزلاء السجون تقارب 70%.. فلماذا؟
- أن لوبي الأسلحة الفردية المتنفذ في التوازنات الحزبية والسياسية الداخلية الأميركية هو بالأساس لوبي من البيض، ولا يوجد فيه أسود واحد تقريباً.. وبسبب فوضى الأسلحة الفردية ترتكب كل يوم تقريباً مجزرة بحق الأبرياء في المسارح والمدارس والساحات العامة، وحتى دور الحضانة، في مختلف الولايات الأمريكية.. والمبرر الذي يسوقه اليمين المحافظ المؤلف أساساً من البيض الـWASP، لاستمرار امتلاك الأسلحة كحق دستوري هو مواجهة السود الفقراء، الذين ينتشر فيهم الفقر والجريمة.
- أن عدد السود الذين تقتلهم الشرطة في طول الشارع وعرضه في مختلف الولايات الأميركية يشكل ضعف عدد البيض الذين يقتلون بقرابة عشر مرات.
- أن السود من سكان الولايات المتحدة ظل ممنوعاً عليهم استخدام المرافق العامة والحافلات والمسارح والمدارس، وحتى الحمامات الخاصة بالبيض.. ولم تقرر حكومة الولايات المتحدة، على رغم دستورها الديمقراطي التقدمي، إلغاء هذا التمييز والفصل العنصري، من تلقاء نفسها، وظل سارياً حتى الأمس القريب، أي حتى نهاية عقد الستينيات... وألغي بعد نضال مرير من مارتن لوثر كينغ وغيره من أبطال حركة الحقوق المدنية.
- أن الولايات المتحدة هي الدولة الأغنى في العالم اليوم، وفي التاريخ الإنساني، ومع أن عدد سكانها لا يتجاوز 5% من سكان العالم إلا أنها تستحوذ وحدها على 25% من اقتصاد العالم. ومع هذا فهي الدولة الغنية الوحيدة، بين جميع دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي توجد فيها أحياء بائسة وفقيرة، تفتقد أبسط الخدمات الإنسانية، وحتى الغذائية، وكلها أحياء معمورة بالسود دون غيرهم. ولا حاجة للذهاب بعيداً في أعماق أمريكا إلى بلدة فيرجسون ولا إلى الأحياء الفقيرة حول بالتيمور، وإنما تكفي نيويورك نفسها عاصمة العالم، ففيها حي هارلم الشهير الذي يفوق بؤس السود فيه أحوال الفقراء في أشد الدول المتخلفة بؤساً وفاقة.. فلماذا؟ مرة أخرى.
والأمثلة كثيرة.. كثيرة.. كثيرة. فلماذا لا تنظّفون أيها الأصدقاء الأمريكيون أمام عتبة بيتكم أولاً، وبعد ذلك يمكن أن تتحدثوا عن بيوت الآخرين.