ضج العالم بإعدام السعودية للشيخ نمر النمر. طغى خبر اعدام هذا الناشط الديني والسياسي المنتمي الى المذهب الشيعي على كل ما عداه. لم تبق دولة في الإقليم او العالم الا وعلقت منذرة من العواقب وشاجبه الاعتداء على السفارة السعودية في طهران وقلة بينها أيدت الرياض. لكن ثمة قضية مهمة وخطيرة جدا حصلت أيضا من المرجح أنها سترتد على الداخل السعودي بالتفجيرات او الهجمات إلارهابية على المصالح السعودية. فالرياض أعدمت أيضا دعاة وقادة من تنظيمي القاعدة وداعش بالرغم من التحذيرات والتهديدات التي تلقتها قبل يومين فقط من الاعدامات.
ثمة من ذهب الى حد القول، ان السعودية التي لا شك وجهت رسالة تحدٍّ الى القيادة الإيرانية عبر اعدام النمر، ربما أرادت باعدام مع 46 شخصا آخر معظمهم من السنة ومن القيادات القاعدية او الداعشية، تحويل الأنظار عن هذه الاعدامات لادراكها بأنها لو لم تعدم النمر معهم،لكانت الضجة أخذت منحى آخر في العمق الإسلامي السني خصوصا بين أوساط المؤيدين لداعش، ليس لانهم يؤيدون الإرهاب وانما لان داعش هو ضد ما يوصف ب" التمدد الإيراني الشيعي الفارسي" .
هل كانت السعودية مضطرة لاعدام هؤلاء الدعاة للارهاب وللشيخ النمر معهم. تختلف الآراء. ثمة من يقول انها أخطات، وأنها كانت قادرة على التفاوض على ورقة النمر لفترة زمنية طويلة مع إيران وغيرها، وأنها اختارت لحظة حرجة في تاريخها لاعدام قيادات من داعش والقاعدة خصوصا ان النيران مشتعلة حولها في العراق واليمن وسوريا.... فلماذا فعلت؟
تساق 4 أسباب في الرد على ذلك:
+ ان السعودية التي تتعرض لضغوط أميركية وغربية هائلة لضرب الإرهاب ووقف مصادر تمويله. لم تعد قادرة الا على ارسال رسائل قوية بمستوى اعدام هؤلاء الإرهابيين. واللافت ان الرسالة تبدو موجهة أيضا ضد إرهابيين في سوريا. فهل نحن امام تغيير المعادلة فعليا بضغوط أميركية روسيا.
+ ان الاعدامات جرت بعد التشاور الدقيق مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي زار الرياض قبل يومين من الاعدامات، وتم الإعلان عن " مجلس تعاون استراتيجي " تركي سعودي بالرغم من التباين بين الدولتين بشأن مصر والاخوان المسلمين (حتى ولو ان السعودية خففت من حدتها تجاه الاخوان مؤخرا) .
+ ان الاعدامات جاءت بعد أيام قليلة على نجاح الجيش السوري بقتل قائد جيش الإسلام زهران علوش في الغوطة عبر الطائرات. قد يكون هذا النجاح تم بفضل معلومات دقيقة ربما ساهم ببعضها مقربون من حلفاء السعودية نفسها.
+ ان الاعدامات جاءت وسط استعداد حزب الله للانتقام لمقتل القيادي العسكري المقاوم سمير القنطار. (ربما من شجع السعودية على الاعدامات أراد هنا تحويل الأنظار وخلق فتنىة أخرى تبعد قليلا شبح حزب الله وايران) .
+ ان الاعدامات جاءت بعد ساعات قليلة على اصدار القاعدة و قبلها داعش بيانات تهديد وانذار. جاء في بيان القاعدة: " بادر إلى مسامعنا نبأ الإعدامات التي تنوي حكومة آل سعود تنفيذها في أسرانا، فإن دماءهم الطاهرة لن تجف قبل أن تسفك دماء عسكر آل سعود، ونعاهد الله أن العيش لن يطيب من دون النيل من رقاب حكام آل سعود" . وجاء في تصريحات قادة داعش تهديدات لمن وصفوهم ب : " طواغيت آل سلول المرتدين "
+ ثم ان الاعدامات ( وهذا كبير الأهمية) جاءت وسط تنامي القلق من وجود خلافات جدية داخل السعودية بشأن القرارات الكبرى من اليمن الى سوريا الى التحالفات الى الاعدامات.لا احد يعرف تماما من هو صاحب القرار الأول وهل ثمة تباين فعلا بين الاميرين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان وغيرهم.
بعض الدول الغربية وبعض دول الخليج، يخشون ان يرتد ذلك قريبا تفجيرات في السعودية او ضربا لمصالح السعودية في الداخل او الخارج.
ربما لذلك تبدو طهران غير مستعجلة على الرد، فالمقربون منها يقولون، " ان أعداء السعودية في داخلها ، لندعها تتورط اذا أكثر " .
والسؤال المركزي حاليا. هل بات الغرب مقتنعا فعلا بان يكبر دور إيران على حساب الدور التاريخي للسعودية. وهل اللوبيات المؤيدة لإسرائيل وإسرائيل نفسها تدفع السعودية وغيرها لجر إيران الى حرب مباشرة لمنع نجاح إيران وحلفاءها بتحقيق نجاحات على الأرض بعد نجاح طهران في الاتفاق النووي مع الغرب.
انا شخصيا اعتقد ان السعودية باتت في وضع حرج ومقلق ومعرض لكل أنواع التفجير، واعتقد أيضا ان من يستفيد من كل هذا الصراع السني الشيعي، هم فقط أعداء المسلمين والعرب؟ وبالتالي فعلى إيران والسعودية ان تضاعفا الجهود مهما كان للقاء ونزع كل هذه الفتائل المشتعلة. فالدول الكبرى ليس لديها عواطف واخلاق، وانما مصالح، وقد يكون تقسيم السعودية أيضا تماما كما محاولة ضرب ايران جزءا من خطة كبيرة تبدا بتأجيج المشاعر الشيعية في الخليج، والله وحده يعرف كيف تنتهي .
ملاحظة : هذه الصفحة هي فقط للتعليقات المحترمة والنقاش، من لديه اي شئ ضد السعودية أو غيرها، فهناك صفحات كثيرة لها ، يرجى الذهاب اليها لو سمحتم.