حين يغرق الوطن في دوامة قلق دائم على مصيره، ويتحول اهتمام نخبة منه إلى تأزيم الأوضاع لتحقيق مصالح ضيقة تموت الأحلام، تغمر الشكوك مستقبله، ويطغى التشاؤم على آمال أبنائه. في ظل مؤامرات تحاك ضده بمشاركة بعض من مثقفيه الذين يُفترض أن يكونوا حراس القيم، تظل طموحاته مكبلة بجدران القلق والخوف، فتقترب المسافة بينه وبين التفكك أو الانزلاق خارج الإطار الجامع لمقوماته الأساسية، على غرار ما جرى في جزء من بلدانه، ليست أضعف نسيجا
ورغم ان بعض النخب تسعى جاهدة وبتخطيط جيد لتجنب بلدانها مصير البلدان الممزقة التي سيستمر النزيف فيها إلى اجل غير واضح في الافق ، فإن الاستفادة الكاملة من الطاقات القادرة على إحداث تغيير في العقليات ونشر وعي غير ملون بظلال التطرف والتفرقة والطائفية، لا غنى عنه .
ان تخندق النخب في مواقع تقليدية ،مانع من رؤية غير مشوبة بغبار ايديولوجي ، يحتاج مراجعة لتحيين العناصر الايجابية ، وتجاوز ما طواه تلاحق الاحداث.
في مثل هذه اللحظات العصيبة، يصبح من الضروري أن يتصدر أصحاب البصيرة المشهد، لوضع أسس متينة لبناء لا تهزه نخبة سياسية قررت خلق بؤر توتر ظاهرة ، نخبة تنكبت التحولات الإيجابية. فغياب اليقظة المجتمعية يفتح الباب أمام تفكك النسيج الاجتماعي، ويجعل النهب هدفًا، والصراع الداخلي وسيلة، والحرب الأهلية سياسة مستترة،وقادة الفتنة قدوة.
لقد تحولت السياسة إلى حديث أجوف يفتقد العمق، وتراجع دور المثقفين عن تنوير الطريق ووضع علامات ترشد نحو مستقبل أفضل. صارت لوحة الغد، كما تظهر في خطابات النخبة، قاتمة وخالية من تخطيط واضح أو برامج مدروسة برؤية تستثمر الإيجابيات وتنهض بما تبقى من عزيمة وقوة.
لن تستقيم الأحوال إلا إذا استنرنا بنهج واعٍ يعتمد على تخطيط مستقبلي يعيد الأمل، ويُصحح الانحرافات الفكرية نحو مسار أكثر استقامة.
وكل عام وأنتم على درب الوعي والنهضة.
بونا ولد الحسن