كان المختار ولد داهي طوال فترة وزاراته الثلاث على اتصال معي من حين لآخر فقط ليعرض علي افكار التطوير التي يحاول من خلالها تغيير واقع تلك المؤسسات الى الافضل.
كنت احيانا اعجز عن مواكبته لدقة تلك الافكار والمقترحات واحيانا لصعوبة المطلوب مني مثل الترجيح بين فكرتين كلاهما جديدة تماما وبالغة الاهمية.
كان ينظر الي كأخ اكبر سنا وربما يجد لدي تكملة رأي او حكمة او قبسا من الهام.
وكل ذلك كان يشرفني بقدرما كان يضعني امام تحدي الحاجة لان اكون عند حسن الظن.
وفي حالات نادرة كنت المس في حديثه نبرة احباط تجاه صعوبة التغيير دون ان يخوض معي في التفاصيل والاسباب.
لكن في غالبية الحالات لم يكن الا منطلقا متوثبا متفائلا يتوقد نشاطا وشغفا تجاه المهمة التي بين يديه.
لماذا اكتب هذه الشهادة عنه وليس عن وزير اخر؟ ببساطة لانه ليس لدي اتصال باي وزير اخر!
لماذا الان؟ لان هذا هو وقت سداد الديون المعنوية. اذ ان له علي دين الثقة التي جعلتني اعلم منه ما لا يعلم غيري او بعضهم.
وهنا لا اتحدث عن الانجازات ولم اذكرها لان الانجاز يتحدث عن نفسه.
لكنني اتحدث عما اطلعت عليه من بواطن النية الجادة في تحقيق شيء ملموس والمحاولات المستميتة لترجمتها على الارض.
اغبط كل من لديه شجاعة تحمل مسؤولية وزارية او ادارية في بلدي بحكم ما اعلم من جبال العقبات وموجبات الاخفاق هناك.
والسعيد اكثر في رأيي من جنبه الله كل ذلك من الاصل او خاضه وخرج منه بيد بيضاء.