من يكسب ومن يخسر الحرب في وسط شرق أوروبا ؟.... متاهات البحث عن تسوية وسط تفسخ نظام عالمي

أربعاء, 2022-05-25 10:47

متى تضع الحرب الدائرة في وسط شرق أوروبا منذ 24 فبراير 2022 أوزارها ؟ سؤال يطرحه الكثيرون في مختلف أنحاء العالم لأسباب عديدة لعل أهمها للأغلبية هو أن هذا النزاع الدائر بين الغرب بقيادة الولايات المتحدة من جهة وروسيا وأنصارها من جهة أخرى على أرض أوكرانيا يؤثر بشكل غير مسبوق اقتصاديا وسياسيا وأمنيا على جل سكان المعمور ويؤسس لنظام عالمي جديد يختلف عن ذلك الذي قام بعد إنهيار الاتحاد السوفيتي بداية تسعينيات القرن الماضي حين أصبحت الولايات المتحدة القوة المهيمنة.

إجابات متباينة تحاول أن تقدم ردا على هذا التساؤل، هناك من يتوقع أن تستمر هذه المواجهة لأشهر طويلة إن لم يكن لسنوات على أساس أن الغرب -واشنطن ولندن على وجه الخصوص- يريدها عملية استنزاف لروسيا كالتي واجهها الكرملين في ظل حكم السوفييت في حرب أفغانستان ما بين 24 ديسمبر 1979 – 15 فبراير 1989 وكانت أحد عوامل تفككه، ويذهب عدد من أنصار هذا السيناريو إلى القول أنه بفضل سخاء واشنطن ودول الناتو ماديا وبالسلاح ستنتصر كييف عسكريا على روسيا وستدخل ربما قواتها أراضيها وسيسقط النظام في موسكو وتفكك روسيا الاتحادية إلى دويلات صغيرة ويسود النظام الأمريكي عالميا لعقود أو ربما حتى لقرون قادمة. ويرفض هؤلاء الحديث عن أي دور أو تأثير للصين في هذه المواجهة.

آخرون يشيرون إلى أن سيناريو هزيمة موسكو وهم يعيشه الغرب حيث أنه سقط عن قصد أو ربما بدونه في فخ إنكاره للواقع وتصديق حملته الدعائية عن تعثر العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. ويضيف هؤلاء أن التكتيكات التي اتبعتها القيادة الروسية منذ اليوم الأول الذي شرع فيه في الهجوم الكبير ساهمت في تضليل واشنطن ولندن وبعض أعضاء الناتو بشأن أهداف الكرملين الأساسية. 

لمحاولة الفهم بين هذين التحليلين هناك معطيات يمكن أن نرسم على أساسها عملية استكشاف للمستقبل.

استخدمت روسيا ما بين 150 و 180 ألف عسكري في العملية الخاصة في أوكرانيا أقل من نصف هؤلاء مجموعات قتالية أما البقية وكما في شأن كل الحروب وغالبية الجيوش وحدات نقل ودعم وتموين وتطبيب، ووفرت للقوة 75 طائرة مقاتلة ومقنبلة فقط حسب تقديرات البنتاغون الأمريكي.

يوم 24 فبراير اندفعت القوات الروسية بسرعة مشابهة لما يسمى تكتيك "الحرب الصاعقة" وتقدمت لمسافات كبيرة وراء الحدود حتى أن الأجهزة الأمريكية توقعت وفي تصريحات علنية أن تسقط العاصمة الأوكرانية كييف خلال أسبوع أي بداية شهر مارس، هذا لم يحدث وتباطأ التقدم الروسي بل توقف على بعض الجبهات. علل البنتاغون في البداية ذلك إلى تدني الروح المعنوية للقوات الروسية وسوء القيادة وفوضى خطوط الدعم والمواصلات وفساد الأسلحة، لاحقا فسر الأمر غربيا بأنه ناتج عن شراسة واستبسال المقاومة الأوكرانية.

بعد توقف التقدم الروسي نحو كييف وسحب القوات لمسافات بعيدة عنها نقلت موسكو ثقلها العسكري نحو الجنوب على جبهتي جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك اللتان تشكلتا سنة 2014 بعد حرب مع كييف ولكن لم تسيطر قواتهما سوى على ثلث مساحة منطقتهما.

طوال 90 يوما التي تتممها المواجهة يوم الثلاثاء 25 مايو، لم تتخل القوات الروسية عن أسلوب القضم التدريجي لأراضي الخصم والعمل على استنزاف القوات الأوكرانية والمتحالفين معها دون المخاطرة بدخول مواجهات مكلفة بشريا وماديا. في واشنطن ذكرت قيادات البنتاغون أن موسكو تطبق نفس الأساليب التي اتبعتها مع الجيش العربي السوري في الحرب شبه الدولية الدائرة على أرض بلاد الشام منذ منتصف مارس 2011 والتي مكنت دمشق من استعادة 70 من أراضي البلد.

على الأرض وحسب تقديرات عسكرية ألمانية تم تدمير أكثر من 72 في المئة من البنى التحتية العسكرية الأوكرانية ولم يعد هناك تقريبا وجود لقوة جوية في يد كييف وخسرت القوات البرية 64 في المئة من مدرعاتها ووسائل نقلها وغدت تعاني من نقص شديد في الوقود والقوى البشرية. في الجنوب وعلى ضفاف البحر الأسود تستكمل القوات الروسية السيطرة على أراضي جمهورتي دونيتسك ولوهانسك وتكاد تكمل الطريق نحو ميناء أوديسا آخر منافذ أوكرانيا على البحر. على الخارطة التي وضعتها وزارة الحربية البريطانية الأكثر تحمسا في مساندة كييف تسيطر روسيا على شريط عريض من الأراضي من الشمال حتى الجنوب والغرب.

مصادر رصد في العاصمة الفرنسية باريس تقول أن الوضع مقلق جدا لكييف وأنصارها فزيادة على الوضعية العسكرية المتأزمة يتدهور الوضع الاقتصادي وملايير الدولارات هربت من طرف الأغنياء وغادر 6 ملايين أوكراني بلادهم إلى أوروبا الغربية ولا يعرف كم من هؤلاء سيعودون، وجزء كبير من السكان الباقين خاصة في مناطق سيطرة الجيش الروسي يرغبون في الوحدة مع موسكو. الوعود الغربية لحكومة كييف سواء قبل الحرب أو بعد نشوبها تقلصت واشنطن قدمت في المجموع 54 مليار دولار والأسلحة التي ترسل يتعرض جزء كبير منه للتدمير بمجرد عبورها الحدود وآثار المعونة الغربية لا يحس بها المدنيون. حتى ضم أوكرانيا للإتحاد الأوروبي لن يكون ممكنا حسب بروكسل ألا خلال فترة تترواح ما بين 15 و20 سنة وبعد إصلاحات جذرية في بلد تعتبره المفوضية الأوروبية الأكثر فسادا.

في الغرب يعترف السياسيون بخجل بأن حربهم الاقتصادية على روسيا لم تثمر على الأقل حتى الآن، ولم ينجحوا في وقف شراء الغاز أو النفط الروسي أو إيجاد بدائل له يضاف إلى ذلك حاجتهم إلى المعادن الإستراتيجية الروسية من يورانيوم والتنغستن وبالاديوم وغيرها.

النظام المالي العالمي وبسبب الحرب وعقوباتها يتأرجح على حافة الهاوية والتضخم ينخر الاقتصاديات القوية أكثر من الضعيفة وأسواق الأسهم تخسر آلاف ملايير الدولارت في أيام قليلة والأمن الغذائي العالمي مهدد.

 

نهاية دولة

 

يوم الخميس 19 مايو 2022 صرح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بأن أوكرانيا "لن تبقى" كدولة في حال وقفها القتال ضد القوات الروسية. وقال بلينكن خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي حول أوكرانيا: "إذا أوقفت روسيا القتال غدا، فستنتهي الحرب. وإذا أوقفت أوكرانيا القتال، فإنها لن تبقى".

منتصف شهر مايو أكد السفير الأمريكي السابق لدى موسكو، مايكل ماكفول، أن الدبلوماسيين الأمريكيين الذين وعدوا كييف بالانضمام إلى "الناتو" على مدى السنوات الماضية كانوا يكذبون عليها. وخلال مناظرة The Munk Debates للمناقشات نصف السنوية حول قضايا السياسة الرئيسية عقدت في تورنتو الكندية، ذكر مدير الجلسة: "في عام 2021 بذل دبلوماسيونا قصارى جهدهم لإقناع كييف بأنهم قادرون على الانضمام إلى الحلف، وكررنا هذا مرارا وتكرارا"، سائلا: "إذا، هل كذب دبلوماسيونا فعلا؟". فأجاب ماكفول: "نعم، نعم"، مضيفا: هذه هي الطريقة التي يعمل بها "عالم الواقع".

يوم الاثنين 9 مايو 2022 قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن الأمر قد يستغرق عقودا من الزمن حتى تقبل أوكرانيا عضوا في الاتحاد الأوروبي. وفي إطار حديث أدلى به أمام البرلمان الأوروبي، اقترح ماكرون أن تنضم أوكرانيا إلى "تكتل أوروبي مواز" في الوقت الذي تنتظر فيه قرار انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي الرسمي.

وذكر الرئيس الفرنسي إن انضمامها إلى هذا المجتمع سوف يسمح لها بالانضمام إلى الهيكل الأمني الأوروبي بطرق أخرى مضيفا: "كلنا نعلم أن تماما أن عملية السماح بانضمامها "أوكرانيا" سوف تستغرق سنوات عدة، أو بالأحرى عقود عدة".

يوم الأحد 22 مايو قال وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون، إن “انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي قد يستغرق ما بين 15 و20 عاما”. وأضاف بون، في مقابلة مع قناة “راديو جي” المحلي، “علينا أن نكون صادقين.. إذا قلنا إن أوكرانيا ستنضم إلى الاتحاد الأوروبي في غضون 6 أشهر أو سنة أو سنتين فنحن نكذب.. ذلك ليس صحيحا.. ربما يستغرق الأمر 15 أو 20 عاما، وهو وقت طويل”.

وأضاف المسؤول الفرنسي “لا أريد أن نبيع الأوكرانيين أوهاما وأكاذيب.. إذا قلنا للأوكرانيين “أهلا بكم في الاتحاد الأوروبي”، فإننا قد نتسبب بخيبات أمل لجيل كامل من الشعب الأوكراني”.

كما اقترح الوزير الفرنسي أن تنخرط كييف في المنظمة السياسية الأوروبية التي اقترح الرئيس إيمانويل ماكرون إنشاءها.

وتابع بون قائلا: “في غضون ذلك، نحن مدينون للأوكرانيين.. بمشروع سياسي يمكنهم الانخراط فيه”.

يوم 20 مايو وعلى عكس تصريحات أنتوني بلينكن وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" انتصار أوكرانيا على روسيا، مع عودة الأراضي التي فقدتها كييف، بأنه "غير واقعي".

وبحسب الصحيفة، فإنه وعلى الرغم من التخطيط والإجراءات "غير الحريصة" من جانب روسيا، إلا أنها لا زالت قوية للغاية، وفي النهاية سوف يتعين على الأوكرانيين اتخاذ قرارات صعبة. وإذا أدى الصراع إلى مفاوضات حقيقية، فسيكون على القادة الأوكرانيين اتخاذ قرارات مؤلمة بشأن الأراضي التي تتطلبها أي تسوية.

ووفقا للصحيفة، ينبغي على الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أن يوضح لنظيره الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، أن هناك حدودا للدعم الذي تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية و"الناتو" تقديمه. وتابعت الصحيفة: "إن المهمة الآن هي التخلص من النشوة، ووقف الانتقادات اللاذعة، والتركيز على تحديد المهمة وتنفيذها".

وقد أصبحت القرم منطقة روسية بعد استفتاء أجري هناك في مارس من العالم 2014، حيث صوت 96.77 في المئة من ناخبي القرم و95.6 في المئة من سكان سيفاستوبول لصالح الانضمام إلى روسيا، في الوقت الذي لا تزال فيه أوكرانيا تعتبر أن القرم منطقة أوكرانية لكنها محتلة مؤقتا.

نضوب السلاح

 

خيبة أمل حكومة كييف لم تقتصر على الناتو أو الاتحاد الأوروبي بل أصبحت تلامس المعونة الاقتصادية والعسكرية فيوم الأحد 22 مايو 2022 حذر مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، من أن الاحتياطيات العسكرية للاتحاد الأوروبي قد استنفدت، وأحد الأسباب الرئيسية هو المساعدة العسكرية لأوكرانيا.

وقال بوريل في مقال له إن الاحتياطيات العسكرية التابعة للاتحاد الأوروبي قد استنفذت نتيجة دعم دول الاتحاد لنظام كييف في ظل أزمة مالية تعاني منها الدول الأوروبية. وأضاف أنه من بين الأسباب الأخرى التي أثرت على تخفيض الموارد العسكرية للاتحاد الأوروبي، تخفيض الميزانيات العسكرية لدول الاتحاد وعدم التمويل بسبب سياسات التقشف.

وأشار إلى أن الإنفاق الدفاعي لأعضاء الاتحاد الأوروبي بدأ في الانخفاض منذ بداية أزمة عام 2008، ووصل إلى الحد الأدنى في عام 2014، ووصل الآن فقط إلى مستوى ما قبل الأزمة.

واختتم بوريل قائلا: “من المهم للغاية أنهم "الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي" لا ينفقوا فقط أكثر "على الدفاع"، ولكن أيضا التوحد لمنع المزيد من التجزئة” بين أعضاء الحلف.

في توقيت متقارب أكد المحلل والضابط السابق في المخابرات الأمريكية، سكوت ريتر، أن الولايات المتحدة كررت بأوكرانيا الخطأ الذي ارتكبته في أفغانستان، بإرسال أموال إلى كييف دون خطة واضحة وفهم لما يحدث.

وذكر ريتر: "بالنظر إلى التوفير المتسرع لعشرات المليارات من الدولارات من المساعدات الأمريكية لأوكرانيا، يشعر المرء بشكل لا إرادي بأن واشنطن تكرر نفس الأخطاء التي أدت إلى الفشل الذريع في أفغانستان. والحديث هنا يدور حول عدم القدرة على تقييم الأحداث بشكل مناسب في أوكرانيا".

وأضاف: "المسؤولون الأمريكيون كونوا صورة خاطئة لأوكرانيا على أنها "حصن شجاع ونبيل للحرية والديمقراطية"، "وهو ما يتناقض بشكل كبير مع الواقع، حيث تعد أوكرانيا المعاصرة واحدة من أكثر الدول فسادا في العالم".

 

ترسانة واشنطن

 

نهاية شهر أبريل 2022 ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية:قدمت الولايات المتحدة لأوكرانيا دعما عسكريا وتقنيا جبارا، بما في ذلك صواريخ جافلين وستينغر ومدافع الهاوتزر وغيرها من الإمدادات التي يجري تسليمها عبر أوروبا الشرقية لتجديد قدرات القوات المسلحة الأوكرانية.

ومع استمرار الصراع الأوكراني، يتزايد القلق، فتتولد أسئلة من نمط: هل تستطيع الولايات المتحدة الاستمرار بتسليم كميات هائلة من الأسلحة إلى أوكرانيا مع الحفاظ على ترسانتها الخاصة؟

وفقا لكبير المستشارين في المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية والدولية، العقيد المتقاعد من مشاة البحرية والمتخصص الحكومي السابق في إستراتيجية ميزانية البنتاغون والتمويل العسكري والمشتريات، مارك كانتشيان، فإن الولايات المتحدة قدمت حوالي 7000 قاذف جافلين لأوكرانيا، بما في ذلك تلك التي تم تسليمها خلال إدارة ترمب، ما يشكل حوالي ثلث الاحتياطات الأمريكية.

ويرى المحللون أيضا أن الولايات المتحدة أرسلت إلى أوكرانيا ربع مخزونها تقريبا من صواريخ ستينغر المحمولة إلى أوكرانيا. وقد أخبر الرئيس التنفيذي لشركة Raytheon Technologies، غريغ هايز، المستثمرين، نهاية أبريل خلال المناقشة ربع السنوية، أن شركته التي تصنع هذه الأسلحة لن تكون قادرة على زيادة الإنتاج حتى العام المقبل بسبب نقص المكونات.

وذكر كانيشيان، لوكالة أسوشيتد برس: "هل سيكون ذلك مشكلة؟ الإجابة باختصار "على الأرجح نعم".

ويقول مسئولو البنتاغون إن كييف تستهلك كل يوم ما يصلها خلال أسبوع من إمدادات الذخيرة المضادة للدبابات. كما أنها تواجه عجزا في الطائرات الصالحة للعمل في ظل ما تواجهه من هجمات جوية روسية وخسائر في القتال. فقد أصبحت الذخيرة نادرة في العديد من المناطق. ويؤدي هذا إلى أن تواجه الدول الغربية خيارا واضحا ما بين إرسال المزيد من الإمدادات إلى أوكرانيا أو الاحتفاظ بالإمكانيات المحدودة التي قد تحتاج إليها للدفاع عن نفسها.

ورفضت ألمانيا إرسال دبابات إلى أوكرانيا على أساس أنها ببساطة لا تستطيع تعويضها. وسرعان ما عانت كندا من عجز في منصات الإطلاق وغيرها من المعدات التي يحتاج إليها الأوكرانيون بصورة ملحة.

 

أمريكا لم تعد قوة بلا منازع

 

منتصف شهر مايو 2022 دعا رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال مارك ميلي الجيل القادم لإعداد الجيش لخوض حروب مستقبلية قد لا تشبه حروب اليوم، مؤكدا أن السنوات الـ25 المقبلة لن تكون مثل سابقاتها.

ورسم الجنرال مارك ميلي صورة قاتمة لعالم أصبح أكثر اضطرابا، مع وجود قوى عظمى عازمة على تغيير النظام العالمي. 

وأخبر رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الطلاب المتخرجين من الأكاديمية العسكرية الأمريكية في ويست بوينت أنهم سيتحملون مسؤولية التأكد من أن أمريكا جاهزة.

وذكر ميلي للطلاب العسكريين: "إن احتمال نشوب صراع دولي كبير بين القوى العظمى يتزايد، ولا يتناقص.. مهما كان التقدم الذي تمتعنا به عسكريا على مدار السبعين عاما الماضية، فإنه ينغلق بسرعة وستكون الولايات المتحدة في الواقع أمام العديد من التحديات في كل المجالات الحرب، والفضاء، والإنترنت، والقوات البحرية والجوية والبرية".

وأضاف إن أمريكا لم تعد القوة العالمية التي ليس لها منازع، مضيفا "يتم اختبارها في أوروبا من خلال العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وفي آسيا من خلال النمو الاقتصادي والعسكري الهائل للصين وكذلك التهديدات النووية والصاروخية لكوريا الشمالية، وفي الشرق الأوسط وإفريقيا من خلال عدم الاستقرار من قبل "الإرهابيين".

وبالتوازي مع ما يراه المسؤولون العسكريون في حرب روسيا على أوكرانيا، قال ميلي إن الحرب المستقبلية ستكون معقدة للغاية، مع وجود حرب تتطلب أسلحة دقيقة بعيدة المدى وتقنيات متقدمة جديدة.

وصرح ميلي بأنه ومع تطورات الحرب في أوكرانيا ازدادت الحاجة إلى أنواع مختلفة من الأسلحة، موضحا أن الأسابيع الأولى ركزت على الأسلحة الدقيقة بعيدة المدى مثل صواريخ "Stinger" و"Javelin"، ولكن التركيز الآن على المدفعية وزيادة شحنات مدافع الهاوتزر.

وأكد الجنرال الأمريكي أنه على مدى 25 إلى 30 عاما القادمة، ستستمر الطبيعة الأساسية للحرب وأسلحتها في التغير.

وبين ميلي أن الجيش الأمريكي لا يمكنه التمسك بالمفاهيم والأسلحة القديمة، ولكن يجب أن يقوم على وجه السرعة بتحديث وتطوير القوة والمعدات التي يمكنها ردع أو إذا لزم الأمر الفوز في صراع عالمي. 

وقال إنه سيتعين على الضباط المتخرجين تغيير الطريقة التي تفكر بها القوات الأمريكية وتتدرب وتقاتل، مضيفا: كقادة للجيش في الغد، سيقاتل المعينون حديثا بالدبابات والسفن والطائرات الروبوتية، وسيعتمدون على الذكاء الاصطناعي والوقود الاصطناعي والتصنيع ثلاثي الأبعاد والهندسة البشرية".

 

قصة مصنع ماريوبول وما بعده

 

صرح قائد القيادة الأوروبية الأمريكية والقوات المشتركة لحلف الناتو في أوروبا، الجنرال تود دي وولترز، للصحفيين في بروكسل، يوم الخميس 19 مايو عقب الإعلان عن إجراء أول مكالمة بين رئيسي الأركان الأمريكي والروسي، مارك ميلي وفاليري غيراسيموف منذ بدء النزاع في أوكرانيا: "أعتقد أننا نسعى جميعا إلى أن تصبح الدبلوماسية في المقام الأول، وبعد إجراء هذا الاتصال، آمل أن نقترب نتيجة له خطوة واحد من التوصل إلى حل دبلوماسي".

وجرى الاتصال بين غيراسيموف وميلي يوم 19 مايو بعد مكالمة أخرى جمعت في 13 مايو وزيري الدفاع الروسي والأمريكي سيرغي شويغو ولويد أوستن، لأول مرة منذ بدء النزاع الجديد في أوكرانيا.

بين محادثتي 13 و 19 مايو أعلنت وزارة الروسية يوم 17 مايو عن استسلام 265 مسلحا كانوا محاصرين في مصنع آزوفستال بماريوبول بينهم 51 مصابا بجروح خطيرة. هؤلاء نقلوا تحت جنح الظلام في حافلات روسية بعيدا عن أعين الاعلام على عكس ما تم بعد ذلك مع بقية المستسلمين أكثر من 1900، هذا السلوك جعل بعض الملاحظين وعلى ضوء ما يثار من أخبار منذ أشهر عن وجود قيادات عسكرية رفيعة من الولايات المتحدة وتركيا وفرنسا وبريطانيا، يتحدثون عن صفقة قد تكون أكثر من عسكرية.

 

خطر الركود

 

جاء في تقرير نشر في واشنطن يوم 18 مايو 2022:

في وقت يشهد اقتصاد العالم مستقبلا مظلما يشوبه ارتفاع الأسعار ونقص في البضائع، يهدد استمرار الاجتياح الروسي لأوكرانيا في خفض النمو مستقبلا. 

فبعد عامين على ظهور وباء كورونا الذي شل الاقتصاد العالمي، يحاول صناع القرار مواكبة التحديات المقبلة، على رأسها قطع خطوط الإمدادات وإجراءات الحظر لمنع تفشي الفيروس في الصين وتوقعات بحصول أزمة في الطاقة مع ابتعاد العديد من الدول من اعتمادها على النفط والغاز الروسيين. 

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز"عن خبراء مخاوفهم بشأن "ركود عالمي" بسبب هذه الظروف. 

وأبدت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، تشاؤما من النتائج التي ستخلّفها أسعار الغذاء والطاقة على مخرجات الإنفاق والاقتصاد، محذرة من أنها ستخلق ما وصفته بـ "آثار التضخم المصحوب بالركود" (stagflationary effects) في كافة أرجاء العالم. 

وفي مؤتمر صحفي، الأربعاء 18 مايو، حذرت الوزيرة الأمريكية من "بيئة مليئة بالمخاطر، فيما يخص كلا من التضخم وتباطؤ محتمل في النمو". 

وذكرت الصحيفة أن التحديات الاقتصادية قد تؤثر على حملة الضغط التي قادتها دول الغرب بفرض عقوبات على موسكو، وحتى تقليل اعتماد الدول على النفط الروسي. 

وعمدت البنوك المركزية حول العالم إلى رفع أسعار الفائدة للحد من التضخم المتسارع، وهي خطوة قد تساهم في إبطاء النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة.

وتوقع صندوق النقد الدولي، في تقرير نشره بأبريل، أن يبلغ نمو الاقتصاد عالميا نحو 3.6 في المائة عام 2022، وهي نسبة أكثر انخفاضا مما كان متوقعا قبل الحرب الأوكرانية وإجراءات الإغلاق الصينية حيث قدر أن يبلغ حجم النمو 4.4 في المئة. والإثنين 16 مايو، نشرت المفوضية الأوروبية تقريرا بتوقعاتها، أظهر نموا بنسبة 2.7 في المئة مقارنة بتقرير سابق أطهر نموا بنسبة 4 في المئة. 

وفي نفس الوقت، بلغ التضخم مستويات قياسية، ومن المتوقع أن يصل إلى 6.8 في المئة خلال عام 2022، وقفز معدل التضخم في بريطانيا إلى 9 في المئة، شهر أبريل، وهو الأعلى منذ 40 عاما. والوضع أسوأ في دول في شرق أوروبا، إذ شهدت بولندا وأستونيا والتشيك وبلغاريا وليتوانيا تضخما تجاوز 11 في المئة. أما الولايات المتحدة فتعاني من أكبر تضخم منذ 40 سنة.

يقول إسوار براساد، المدير السابق لفرع صندوق النقد الدولي بالصين للصحيفة الأمريكية إن "صناع السياسات عالقون في مأزق بأن أي شد لبراغي روسيا من خلال التقليل من مبيعات طاقتها سيزيد التضخم سوءا ويؤذي نمو اقتصادهم". 

وأضاف "مثل هذه العقوبات، تتسبب بضغط متزايد على الاقتصاد، وقد يؤدي ذلك إلى عواقب سياسية محلية لقادة مجموعة السبع". 

 

خسائر ضخمة

 

اقرت وكالة "بلومبرغ" الامريكية يوم 16 مايو أن أسواق الأسهم العالمية شهدت تخارج حوالي 11 تريليون دولار، وسط الهروب الجماعي لرأس المال، لتسجل الأسهم بذلك أسوأ موجة خسائر منذ الأزمة المالية 2008.

وتراجع مؤشر "مورغان ستانلي" لكافة الدول على مستوى العالم للأسبوع السادس على التوالي، كما انخفض المؤشر الأوروبي "ستوكس 600" بحوالي 6 في المئة منذ أواخر مارس، وتراجع "إس آند بي 500" بأكثر من الضعف. 

وأدت عمليات البيع بمؤشر "إم إس سي آي إيه سي دبليو آي" إلى خفض تقييمات الشركات بشكل كبير في جميع أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا.

ويتوقع الإستراتيجيون من بينهم مايكل ويلسون لدى "مورغان ستانلي"، وحتى روبرت باكلاند من "سيتي غروب" تراجع الأسهم بصورة أكبر بسبب مخاوف من ارتفاع التضخم، وتباطؤ النمو الاقتصادي وخصوصاً في الولايات المتحدة إلى جانب تشديد البنوك المركزية للسياسة النقدية.

وتسيطر حالة من الهلع على المستثمرين في الأسواق العالمية مع تفاقم معدلات التضخم، واتجاه البنوك المركزية في العالم إلى تشديد السياسة النقدية ورفع أسعار الفائدة.

ويفاقم من حالة الهلع مخاوف من دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود، وسط أزمات متعددة من بينها الإغلاقات في الصين بسبب تفشي كورونا، ما يؤثر على سلاسل الإمدادات، إضافة إلى تأثيرات حرب أوكرانيا واتجاه الاتحاد الأوروبي لحظر النفط والغاز الروسي.

فوق كل هذه الأزمات المتراكمة يخشى الخبراء من انفجار فقاعة الديون العالمية فقد أظهرت بيانات من معهد التمويل الدولي، أن أكبر اقتصادين في العالم كانا أكبر المقترضين في الربع الأول من العام، ما قاد الديون العالمية للارتفاع إلى مستوى قياسي فوق 305 تريليونات دولار، في حين تراجع مجمل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي.

 

من ينهار أولا ؟

 

كتب المحلل ألكسندر نازاروف يوم 20 مايو:

تقوم الإمبراطورية الأمريكية على أساس استنزاف رؤوس الأموال من جميع دول العالم.

هو نظام معقد متعدد المراحل، يستفيد فيه أصحاب الامتياز في الهرم الاقتصادي الذي بنته الولايات المتحدة الأمريكية (في إطار منظمة التجارة العالمية) من تجارة البضائع إلى جميع دول العالم الأخرى، ثم بعد ذلك يرسلون جزءا من الأموال المستلمة مرة أخرى إلى الولايات المتحدة.

الآلية بسيطة: تصدر الولايات المتحدة الأمريكية سندات لتمويل عجز موازنتها الحكومية المتضخمة. بينما تشتري أوروبا واليابان والصين، التي تتمتع بميزان تجاري إيجابي (بمعنى أنها تصدر أكثر مما تستورد)، تلك السندات من ناتج أموالها الفائضة. علاوة على ذلك، تحتفظ دول أخرى باحتياطياتها على شكل سندات أمريكية، إلا أن المساهمين الثلاثة الرئيسيين، حتى وقت قريب، هي الدول المذكورة، وكانت أوروبا حتى وقت قريب تشتري ما يصل إلى 80 في المئة من الأوراق المالية الأمريكية.

وهكذا، فإن العالم بأسره يمول المستوى المعيشي المبالغ فيه للمواطنين الأمريكيين، وكذلك الإنفاق العسكري الأمريكي.

لكن، وبحلول عام 2008، لم يعد ذلك كافيا، ومع اندلاع الأزمة العالمية في ذلك العام، اضطرت واشنطن إلى إضافة مصدر ثان لتمويل عجز الموازنة، ألا وهو طباعة الأموال غير المغطاة.

الآن، توقفت كل مصادر التمويل عن العمل، ووصل هذا النظام إلى مرحلة الشلل والتفكك.

فأصبح التضخم الخارج عن السيطرة يجبر الاحتياطي الفدرالي الأمريكي على التخلي عن “التيسير الكمي”، أي طباعة الأموال غير المغطاة، والتي كانت تستخدم أيضا لشراء سندات الخزانة. علاوة على ذلك، يخطط الاحتياطي الفدرالي لسحب 47.5 مليار دولار من التداول في يونيو، وزيادة حجم المسحوبات تدريجيا إلى 95 مليار دولار في سبتمبر.

يتزامن ذلك مع انهيار نظام الضرائب الاستعماري. وأصبح ارتفاع أسعار السلع الأساسية يدفع نحو القضاء على الفوائض التجارية لأوروبا واليابان وغيرهما من المانحين الماليين الأمريكيين، حيث بلغ العجز التجاري لليابان 6.5 مليار دولار في أبريل، بينما بلغ العجز التجاري لأوروبا في الربع الأول من عام 2022، 65.4 مليار يورو. نتيجة لذلك، بدأت أوروبا واليابان في سحب رأس المال من ديون الولايات المتحدة الأمريكية.

 

التخلص من السندات

 

الصين لا زالت تحافظ على ميزان تجاري إيجابي، ولكن على خلفية تجميد الأصول الروسية، بدأت الصين في التخلص من السندات الأمريكية مقدما. 

كنتيجة لذلك، في مارس الماضي، خفض حائزو الاستثمارات في الديون الأمريكية من الأجانب استثماراتهم في الديون الأمريكية بمقدار 97 مليار دولار.

بهذه الطريقة، فقدت الولايات المتحدة الأمريكية مصادر تمويل موازنتها العامة، بينما يعني رفع الضرائب الإجهاز على الصناعة المحلية.

إنه طريق مسدود، حالة “تسوغتسفانغ” Zugzwang في الشطرنج، حينما تؤدي جميع خطواتك المقبلة إلى تدهور الوضع.

إلا أن الوضع في أوروبا أسوأ من ذلك. فبالإضافة إلى كل هذه المشكلات بسبب هرم الديون والطباعة غير المحدودة للأموال غير المغطاة، تضطر أوروبا كذلك إلى دفع ثمن محاولة خنق روسيا بالعقوبات، وبالتالي ارتفاع أسعار المواد الخام. علاوة على أن الحفاظ على سعر فائدة سلبي، على خلفية زيادتها في الولايات المتحدة الأمريكية، يؤدي إلى تدفق رأس المال الأوروبي إلى هناك، الأمر الذي يضعف اليورو، وبالتالي يزيد من سرعة التضخم في أوروبا.

لكن، ومع ذلك، فالمرشح الأول إلى الانتقال إلى عالم آخر ليس أوروبا، وإنما البلدان النامية، التي تعتمد بشكل كبير على رأس المال الأجنبي والمواد الخام والأغذية المستوردة، ولديها ميزان تجاري ودفع سلبي.

وفي حالة النقص الحاد في الأموال لتمويل موازنة الدولة، سوف تضغط الولايات المتحدة الأمريكية للحصول على الأموال من كل مكان.

وسوف يكون من بين الضحايا سوق الأسهم الأمريكية، التي هبطت بالفعل بنسبة 18 في المئة من ذروتها في ديسمبر 2021، وسيستمر السقوط.

وأخيرا وليس آخرا، بدأ المستثمرون الأمريكيون والعالميون في سحب رؤوس أموالهم من الأسواق النامية، ما يزيد بشكل كبير من تكلفة الاقتراض بالنسبة للدول العربية.

وكانت سيريلانكا أول من انسحب من الحلبة، لكن إذا قارننا المناطق، فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي الأكثر عرضة للخطر.

لما تكون المنطقة العربية أول من يصل إلى المرحلة النهائية، أي مرحلة الأزمة الحادة، ثم أوروبا، أما الولايات المتحدة الأمريكية، فستكون، كما يليق بمركز هذا النظام، آخر المتضررين.

تبدو روسيا، على هذه الخلفية، وكأنها جزيرة من التفاؤل المالي. فعلى الرغم من العقوبات، تتعزز العملة الوطنية، الروبل، وأصبحت أقوى عملة على هذا الكوكب، كما حصلت البلاد على ميزان تجارة خارجية إيجابي ضخم، بينما يستمر التضخم في الانخفاض.

بالطبع، وفي ضوء ذلك، تبدو محاولات الولايات المتحدة الأمريكية إعلان إفلاس روسيا ليس أكثر من مزحة.

مع ذلك، فمن الواضح أن ذروة المشكلات الاقتصادية لروسيا لا تزال في الطريق، ربما في الخريف. إلا أن مشكلات روسيا ليست نظامية، ويمكن التغلب عليها بمرور الوقت. وفي المواجهة بين روسيا والغرب، يكفي أن تصمد روسيا للعام المقبل، ولا أرى أي عوائق أمام ذلك.

 

بايدن والركود

 

يوم الاثنين 23 فبراير 2022 ورغم الإنكار الرسمي للإدارةالأمريكية، واستبعاد وزيرة الخزانة جانيت يلين أن تدخل الولاياتالمتحدة في حالة ركود أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن، أن الركودالاقتصادي في الولايات المتحدة ليس أمرا محتما، بينما أقربالضغوط الاقتصادية التي يعاني منها الأمريكيون في وقت يرتفعمستوى التضخم، ورد بايدن بـ"لا" لدى سؤاله هل إن تسجيلركود في الولايات المتحدة أمر محتم، وقال: "سيستغرق الأمربعض الوقت"، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية. 

إلا أن بيوت الخبرة والمراقبين يرون احتمالا متزايدا للركود، بلوالركود التضخمي، وهو أحد أسوأ كوابيس الاقتصاديات.

وقد تعافى الاقتصاد الأمريكي بشكل كبير منذ الإغلاق في فترةتفشي "كوفيد"، لكن تسجيل أعلى معدل تضخم في أربعة عقودوالمشاكل المرتبطة بسلاسل الإمداد يشيعان جوا من التشاؤم،بينما تتراجع معدلات التأييد لبايدن. 

وحمل بايدن تداعيات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيامسؤولية التضخم وغيره من المشاكل العالمية الأخرى ودافع عنالأداء الاقتصادي للولايات المتحدة. وقال: "لدينا مشاكل تعانيمنها باقي دول العالم أيضا لكن تترتب عليها آثار أقل".

وبينما أقر بأن ارتفاع أسعار الوقود وتراجع إمدادات الغذاءتسببت بهما الحرب على أوكرانيا المنتجة للقمح، قال بايدن إنإدارته ستواصل "تنمية اقتصادنا وخلق وظائف".

على وقع تزايد حدة المخاطر العالمية، خاصة المتعلقة بالركود فيالولايات المتحدة، تشهد الأسواق العالمية مزيدا من التراجع،ويحذر بعض الاقتصاديين من موجة ذعر تقود أسواق الاسهم إلىالانهيار.

وقال معهد ويلز فارغو للاستثمار إنه عدل توقعاته الاقتصادية بمايجعل من ركود معتدل في الولايات المتحدة السيناريو الأساسيالمتوقع في نهاية 2022 وأوائل 2023، استنادا إلى بياناتاقتصادية.

وخفضت وحدة البحوث ببنك ويلز فارغو أيضا توقعاتها لنموالناتج المحلي الإجمالي الأمريكي حتى نهاية 2022 إلى 1.5 فيالمائة، من 2.2 في المائة، وقلصت توقعاتها للناتج المحليالإجمالي حتى نهاية 2023 إلى انكماش قدره 0.5 في المائة، مننمو 0.4 في المائة. كما أبقت على تقديرها لتضخم أسعارالمستهلكين في الولايات المتحدة لعام 2022 بدون تغيير عند 7.7 في المائة.

وفي وقت سابق من شهر مايو، رفع المركزي الأمريكي سعرالفائدة الرئيسي بمقدار نصف نقطة مئوية، وهي أكبر زيادة فيأكثر من عقدين. وذكر جيروم باول رئيس المجلس إن زملاءه فياللجنة صانعة السياسة النقدية يساندون بشكل عام زيادتينأخريين للفائدة بالقدر نفسه في الاجتماعين القادمين لمجلسالاحتياطي.

مخاطر الأزمة الاقتصادية ظهرت بوضوح كبير كذلك يوم الاثنينفي ملتقى دافوس، حيث توقعت منظمة أوكسفام أن يقع 263 مليون شخص تحت خط الفقر المدقع هذا العام، أي بمعدل مليونشخص كل 33 ساعة، وهي وتيرة يقابلها إحصاء ملياردير جديدكل 30 ساعة خلال أزمة الوباء.

وذكرت غابرييلا بوشر المسؤولة في المنظمة في بيان قبيل افتتاحمنتدى دافوس، "يصل أصحاب المليارات إلى دافوس للاحتفالبزيادة ثرواتهم بشكل يفوق التصور" مضيفة "في الوقت نفسه،نحن نتراجع عن عقود من التقدم على صعيد الفقر المدقع، معمواجهة ملايين الأشخاص زيادة غير معقولة في تكلفة البقاء علىقيد الحياة بكل بساطة".

على صعيد آخر، حذر روبرت هابيك وزير الاقتصاد الألماني، منحدوث ركود عالمي، ما لم يكن القادة قادرين على حل بعضالمشكلات الاقتصادية الكبرى في العالم.

وذكر هابيك أن هناك ما لا يقل عن أربع أزمات مترابطة يجبمعالجتها، مشيرا إلى ارتفاع التضخم وأزمة الطاقة ونقص الغذاءوتغير المناخ.

وقال في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، "إذا لم يتم حلأي من هذه المشكلات، فأخشى حقا أن نواجه ركودا عالميا"، الذيسيكون له "تأثير هائل" ليس فقط في جهود مكافحة تغير المناخ،بل أيضا في الاستقرار العالمي ككل.

وبحسب "الألمانية"، أضاف هابيك، الذي يشغل أيضا منصبنائب المستشار الألماني "علينا أن نرى أنه لا ينبغي لنا حلمشكلة على حساب أخرى"، مشيرا إلى أن الجوع في جميعأنحاء العالم "مريع بما فيه الكفاية"، لكنه مجرد واحدة منالمشكلات التي تحتاج إلى حل عندما يتعلق الأمر بحمايةالاستقرار العالمي. وبعد ثلاثة أشهر على بدء الحرب الروسية - الأوكرانية، تقع الحرب والمخاطر التي تطرحها على انتعاشالاقتصاد العالمي في صلب اجتماع لنخب العالم في دافوس.

عمر نجيب

[email protected]