قصة أحلام متسول الحلقة 17 / ذ. إسلمو ولد ماناّ

اثنين, 2022-05-02 20:10

‎ ولا حرج وأكبر مثال عليه فهو كونهم  رغم إظهارهم للتد ين في تعابيرهم التي تلهج بها ألسنتهم إلا أنهم لا يمارسون مقتضى دينهم في تصرفاتهم حسب ما يأمرهم ربهم وخالقهم عز وجل ! كما أنهم لا يعتبرون بناء المساجد كأولو ية يحتاجها الوطن كضرورة بالنسبة له ! مع كو ن بعضهم للأسف يتسولون باسمها في أيام العطل والجمعة وكذا الأعياد الدينية ويسافرون لذلك الغرض خارج البلاد ، كما يحتلون الساحات العامة وكذا القطع الأرضية باسمها كذلك وربما لحاجة في نفس يعقوب وما أكثر حوائجه في بلادنا يومئذ  ! 
‎كما أن معظم المساجد الأساسية في المدينة  والتي يعد ها البعض وكأ نها مجرد نصب إشهار لدول أخرى يبنو ها في أرضنا ربما كانوا يريدون من وراء إنشائها وزخرفتها لفت انتباه سكانهم على ما مدى اهتما مهم بنشر تعاليم الدين الإسلامي الحنيف في ربوع العالم . 
‎فهذا من جهة ، ومن جهة ثانية فيرون أنه لكي تعطي تلك الإنشاءات الجميلة نظرة إيجابية لسكان هذه المدينة الحديثة النشأة عن حسن وجودة الفن المعماري لدى تلك الدول المتقدمة حضاريا نسبيا بالنسبة لنا نحن وذلك لاستغلاله لاحقا ! 
‎وكأن تلك المساجد الرائعة الجميلة رغم حاجتنا الملحة  لممارسة عبادتنا فيها من جهة ، وكذا لكونها أيضا أعطت مظهرا ورونقا جميلين للمدينة قد كانت في أمس الحاجة إليهما مما سيحافظ كذلك على ماء وجهنا أمام العالم ، خوفا من أن يتهموننا بالإ همال في شأن تشييد مرافق العبادة وكذا العناية بها كما يجب مهما كانت ظروفنا    ، علما أن  تكاليف بناء تلك المساجد كلها قد كانت عبارة عن منح خالصة من بعض الدول العربية قد تبرعوا بها لنا مشكورين ولم تكلف خزينتنا أوقية واحدةً .
‎إلا أنه ورغم كل ذلك فإن لفرنكفونين المشار إليهم أعلاه يرونها مجرد نصب إشهار معفىية من الرسوم تعود لدول عربية يريدون  من وراء بنائها لفت الأنظار هنا إلى فنهم المعماري وتقنياته الجميلة ،كي يتم اختيار مقاولاتهم لتعمير قيعان مدينة أنواكشوط المترامية الأطراف إن حان وقت بنائها وتوفرت لذلك الأمو ال اللازمة والخبرات ، وكذا العفة عن سرقة  تلك الأموال إن وجدت ! 
‎إلا أن الذي غاب عن تلك الجماعة أوتناسته عمدا ولم تذكره فهو كو ن فرنسا معبودتهم تلك التي ننفق نحن  رغم الفاقة والحاجة قرابة ربع مزانيتنا على خدمة ثقافتها وحضارتها وحتى لغتها ! في حين من جانبها لم تقدم لنا وهي الدولة الغنية والمستعمرة السابقة لنا والتي نهبت معظم خيراتنا ، فلم تقدم لنا أي منشأة حضارية واحدة يضعها   أنصارها في الكفة الثانية لميزان المساعدات الدولية التي قدمت لنا مشكورين من قد موها لهذه الدولة الفتية الناشئة يومئذ ! 
‎إن أنواكشوط أيضا كذلك تعد مدينة غريبة هي الأخرى على نمط وحياة سكان  هذه لبلاد وهي في ذلك تشارك مدينة انواذيبو فيما قد ذكرنا عنها آنفا سوى كونها تمتاز عنها بكون بائعات الهوى فيها وهن كثيرات  لا ينتظرن من يأتي إليهن في منازلهن إن كن لديهن منازلا أصلا أو سكنا . بل يستقبلنه في كل مساء وهن سافرات متبرجات كاسيات عاريات على جنبات الشوارع الرملية لا يخشون الله ولا المجتمع  وكأنهن في حالة استقبال دائم لأحد الرؤساء الكبار الزائرين للبلاد أو لأحد الجنرالات القا دمين إلينا من 
القارة الإفريقية وهم يتوكؤ ون على على عصهم تلك الخيزرانية المزخرفة بشتى أنواع الذهب والجواهر والزمرد النفيس . 
ورغم مامر معنا من نقد جارح قد وجهناه للمدينة ، فإنها توجد فيها  أيضا جوانب آخرى مضيئة وطيبة للغاية  مثل ماسبق ذكره من ثناء على بعضها ، وكذا نضيف إليه  أيضا كونها تحتوي على  عدة معاهد صناعية للتكوين ومراكز ثقافية عربية وأجنبية وكذا محاظر وطنية فقهية وطرق صوفية وزوايا، وكثير من الفقهاء والزهاد الطيبين، وكذا العلماء والأئمة الكبار الورعين وجهابذة الشعر والأدب والفطاحلة الكبارفي كل فن وعلم وغير ذلك يوجد في المدينة بكثرة. 
‎ولكن كل هؤلاء  وأولئك وغيرهم للأسف مغلوبون على أمرهم في هذه البلاد التي تعد مختطفة من طرف ذلك الثنائي المعروف لديكم ، فلا يستطيع أولئك ولا من قد سبق ذكرهم بخطبهم ولا بوعظهم ولا بشعرهم وقف طوفان ذلك الظلم والغبن الممارسين في البلاد ! وكذا الفساد الأخلاقي المستشري في هذه الدولة و الذي يبدو أنه أمر جلي تباركه سلط أمر الواقع الحاكمة في البلاد وذلك بغضها النظر عما يحدثه ذلك الفساد من أضرار ومساوئ تكدر صفو بلادنا  وتؤخر نموها جراء ماذكر ، إذًا مالم تكن تلك السلط بقصد وعمد فعلا من تشجع ذلك الأنحراف وتقوده وتشرف عليه بواسطة حليفتها الجديدة القديمة المعروفة علما (بالتبتابه)

(يتبع)