الفصل الثالث حرب الصحراء وأمور صاغة أخرىى
إن تلك الحرب التي قد قامت بين دولة حديثة النشأة شبه معدمة مع جبهة مسلحة مدعومة من طرف دولة
الجزائر النفطية و التي تجر وراء ها احلافها من الدول الاشتراكية الهادفة يومئذ الى التغيير في المنطقة, و رغم كل ذلك فقد كان لتلك الحرب ما يبررها من وجهة نظري الخاصة ، لكو نها حربا مشروعة ، مادامت من اجل ضم جزء من أرض شعبنا الذي نتقاسم معه نفس الدم و الأسرة و العشيرة,و رغم ضعف امكانيات دولتنا إلا انها لا يمكنها ان تغرز رأسها في رمال الجبن ، و تهرب من امام عدو ها تاركة له جزءا مهما من ارضها و شعبها لقمة سائغة ولو كان ذلك العدو أخا شقيقا !
إذن فلا بد من ذكرنا لبعض مبررات دخولنا لتك الحرب
وكذا أسباب هزيمتنا فيها ، وكون المغرب قد دخلها معنا أيضا ولأسباب ودوافع مختلفة وكل ذلك بإجاز .
ولنبدأ بالمغرب الذي يدعي ملكية أرض الصحراء الغربية بحجة كو ن بعض شيوخ القبائل الصحراوية المقيمين في الصحراء قد بايعوا ملوك المغرب يوماما ، في حين يقول المغاربة أيضا ضمن حجة أخرى مغايرة بأن الرحل بسبب عدم الأستقرار وتنقلهم الإنتجاعي لا يملكون الأرض . وبالتالي نستنتج نحن منطقيا بأن أولئك الأشخاص الذين قد بايعوا ملوك المغرب قد صاروا مغاربة ، ولكنهم لا يمكنهم نقل ملكية أرض الصحراء لكو نهم حسب رأي المغرب نفسه لايملكونها أصلا ، وذلك لكو نهم رحلا وبالتالي لا حق لهم في ملكية الأرض !
وعليه يكون قبول موريتانيا بجزء من تلك الأرض له ما يبرره ، لكونهم إذا لم يأخذوه لأنفسهم فلسف يستولي عليه المغاربة بأكمله ، وستبقى أعينهم شاخصة ترنوا صوب كل الأراضي الموريتانية نفسها لكونهم بالنسبة للمغاربة مجرد رحل لا يحق لهم هم أيضا ملكية الأرض مثل الصحراويين تما ما !
أما دوافع المغرب لأخذ جزء من أرض الصحراء أو هي بكاملها فمعروفة سلفا وهي كونه يحتاج إلى مجال حيوي خصوصا ، أرضا بكرا وغنية بالأسماك والمعادن وسكانها مجرد آلاف من الرحل وهي قريبة عهد بالأستعمار وخاوية على عروشها !
في حين سكان المغرب يقترب عددهم من العشرين مليون نسمة يومئذ وعلى مساحة تقدر بنصف مليون كم2 أقل من نصف أرض موريتانيا ، وثلث أرضهم يسمونه المغرب غير ( النافع) لتحصره ، والمغرب ( النافع ) بالنسبة لهم فهو تلك الأراضي الخصبة التي بدأت تزحف عليها المساكن رويدا رويدا ، وعلى حساب الزراعة جراء النمو الديمغرافي المتزايد بالنسبة للمغرب يومئذ .
فهم إذن في أمس الحاجة إلى المزيد من الأراضي ! ولابأس ربما لبعضهم بزيادة العنصر العربي في المغرب ببضعة آلاف من أجل أن تتعادلا كفتي المزان الديمغرافي المغربي بين العرب من جهة ( والأمازيغ ) من جهة ثانية والتي تعد الأ سرة المالكة المغربية بيضة القبان بين العنصرين العربي والبربري وذلك لانتمائها لكليهما معا عمومة وخؤولة !
وقدكان من الأفضل للمغرب ولنا نحن وللصحراويين لو عملنا معا من أجل وحدة تلك الأرض عن طريق توحيد كل المنطقة سلميا ورضائها بالإجماع ودون عنف
وربما تشجع تلك الوحدة آخرين لكي ينضموا إليها مثل الجزائر يين حتى تشمل كل الأمة العربية مستقبلا . ولربما سيحدث ذلك يوما ما عساه يكون قريبا إن شاء الله .
إذن فإن تلك الحرب رغم وجاهتها بالنسبة لنا نحن الموريتانيين فإنها قد أرهقت اقتصادنا الوطني الذي قد كان في الأصل هشا و ضعيفا مما اثر سلبا على البلاد خصوصا في النواحي الاجتماعية و الاقتصادية وكون تلك الحرب رافقتها سنوات الجفاف المدمرة ، الشيئ الذي عجل بسقوط نظام الأستاذ الرئيس المختار ولد داداه الذي أوقد أوار نار تلك الحرب وأجج لهيبها , و ذلك من طرف ضباط عسكريين، اوقفوا تلك الحرب فورا , وعادوا إلينا من ميدانها بخفي حنين ، بالإضافة إلى شروط مجحفة يصعب قبولها إلا على من خسر حربا ، و ليس مجرد معركة!
ومن تلك الشروط مثلا تنازلنا عما خضنا الحرب - أصلا وضحينا بكثير من جنودنا وضباطنا الشجعان - من أجله وبدون مقا بل يذكر !
إن ذلك السيد الرئيس الذي أطيح به بواسطة انقلاب عسكري من أجل الخروج من تلك الحرب . فيكفيه شرفا لليشفع له بمعاملة طيبة كونه لم يوجد لديه في حسابه يوم الإطاحة به أكثر من نفقة بقية شهر يوليه الذي انقلب عليه فيه ، وذلك من من مستحقات راتبه ، وهو الذي وضع أسس الدولة الموريتانية من مؤسسات وإدارة ومبان وطرق وسكة حديد وموانئ وسدود وعلاقات دولية جد ممتازة .
وحتى أنه هو من أنشأ طريق الأمل البكر الذي عبر به بحر رمال انواكشوط بتليميت وقهرله هضبة لعصابة الشاهقة ، وكذا جسرله ما ئات الأودية ما بين انطلاقته من انواكشوط وحتى نهايته في مدينة النعمة !
ورغم تعاقب الأنظمة على بلادنا فلم تستطع أي منها حتى مجرد ترميم ذلك الطريق الذي أصبحت الحفر والأخاديد تسبب الحوادث المميتة للناس عليه ! وقدعمل كل ذلك بعلاقاته الطيبه مع كافة الدول ودون مساهمة تذكر من الدخل القومي الوطني لكونه شبه منعدم يومئذ !
إن من كانت هذه إنجازاته فيجب إن يبجل بدلا من أن يسجن ظلما وعدوانا في بناية طينية خربة من بقيا العصور الوسطى في مدينة تشيت تعشش في سقفها العناكب !
ويشرب إبان تواجده فيها المياه الضحلة ويقتات مع الجنود البسطاء بأسوإ أنواع الأطعمة وهو الذي كان رئيسا يعيش في سكن لائق ومكيف ويتناول الأطعمة الحسنة . ورغم ذلك فلم يتمرد ولم يشتك ولم ينتقد الجيش ولا السلطة الأنقلابية . بل قضى فترة سجنه وهو لم يتغير شيئ في سلوكه . بل تحسبه في نزهة وهو يعيش مع جنوده ويعتبر نفسه واحدا منهم ، يعلم منهم من رغب في ذلكً . ويؤانس الجميع وكأنه نديم أو معلم بعثه الله إليهم لليخفف عنهم غربة ووحشة الصحراء !
ولنعد بعد هذه الخرجة المنصفة لذلك الرجل المحترم وذلك بذكر بعض إنجازاته وأخلاقه . إلى أجواء حرب الصحراء العاصفة وكذا بعض أسباب هزيمتنا فيها أوعلى الأقل عدم انتصارنا فيها الذي يعدفي حد ذاته هزيمة لنا ،
إن كنت راغبا سماع بعضا من ذلك من وجهة نظر جد متواضعة لكنها صادقة وقد عاصرت تلك الحرب عن كثب وعاشت آلامها وانتصاراتها وهزائمها جميعا !
إن أسباب تلك الهزيمة متعددة الجوانب ولا طائل من ذكرها كلها ، بل نكتفي بذكر بعض منها بادئين بماهو خارجي لليليه منها ماهو داخلي :
تتلخص الأسباب الخاريجة في أولا : قبولنا بتقسيم أرض
الصحراء وسكانها لأن ذلك قد أضعف مصداقيتنا وجعل البعض يعتقد بأن هدفنا الأساسي من تلك الحرب فهو مجرد حصولنا على جزء من المنافع الأقتصادية من لتك الأرض الغنية بالموارد الطبيعية . ولقد كان من الأحسن لنا لو قد تمسكنا بضرورة استفتاء الصحراويين في شأن أرضهم ، إذا كنا فعلا نعترف بملكيتهم لها ، وكون تلك الملكية هي التي سلطتنا نحن عليها باعتبارهم جزء منا ونحن جزء منهم لا يتجزأ . وذلك لكون ارتباط ببعضنا ببعض كارتباط الماء باللبن اللذين تصعب التفرقة بينهما إلا بفسا دهما معا !
ثانيا : عدم تقديرنا لقوة خصمنا الذين هم (البوليزاريو) المدعومين أصلا من طرف الجزائر كدولة نفطية غنية وكذا جبهة التحرير الجزائرية كقوة ثورية ذات خبرة عالية في حرب العصابات ، والتي هزمت الجيش الفرنسي ذاته في ريعان شبابه والمدعومة كذلك من طرف قوى التحرر الوطنية ، وبعض القوى الخارجية التي ساندت البوليزاريو في حربها ضدنا !
ثالثا : تركيز الصحراويين في حربهم على الجيش الوطني لكونه حديث النشأة وأقل عددا وعتادا من شريكه في الحرب الجيش المغربي ، ولَم يكن جيشنا مهيئا لحرب العصابات أصلا ،وكذا محاولتهم تدمير الجا نب الإقتصادي لدينا والمتمثل في ضرباتهم المتكررة لقطار الحديد عصب الأقتصاد الوطني يومؤذ ، وذلك بغاراتهم الخاطفة والمفاجئة وكمائنهم المتعددة التي.