نفاذ بنزين سيارة مراهق ثم انقاذه

جمعة, 2022-04-08 19:28

كان يروم بلوغ كرفور ولد بادو آتيا من الرابع والعشرين، ووسيلته المفضلة والسريعة هو خط الأجرة المباشر (تو دروا) والذي لا يقبل سالكوه أي انحراف أو إبطاء. ورسم السفرة معروف ومعلوم، ولا يقبل المزايدة ولا المخاصمة. وزمان هذا صباح الجمعة الأولى من رمضان ١٤٤٣. وفجأة، توقفت سيارة صغيرة من هيونداي، من غير أن يوقفها، وأشار  إليه سائقها بالصعود، فصعد وكله استغراب، من هذا اللفتة النادرة على الأقل في مثل هذا الوقت وفي هذه الناحية.

ولما أخذ مكانه في السيارة، تفاجأ من حداثة سن السائق، فهو لم يبلغ الحلم بعد، وليس على دراية كبيرة بالقيادة. ويتراءى لك هذا من الأخطاء الكثيرة التي يقترفها  وفي مساحات متقاربة، وتسأله إن كان متحصلا على رخصة فيقول إنه بصدد التقدم إليها في أقرب وقت. وتطلب منه أن يقود بهدوء، وأن يقلل من انحراف المقود وتزحلق السيارة، فيتعهد بذلك وينطلق بروح جديدة بعد أن سمع التوجيه.

لكن لم ينته الأمر هنا، فمازال في جعبة المراهق-السائق المزيد من المفاجآت. وتراه متوترا بعض الشيء ، ويتمم بشيء، وتسأله ما الخطب؟ فيقول لك إن السيارة تكاد تنفذ من البنزين، وليس متأكدا إن كان سيصل إلى وجهته، وأن ليس لديه نقودا لتعبئتها، ووجهته النهائية عين الطلح، وهو آت من توجنين بعد ليلة سهر ومرح مع أقرانه. وتسأله وبشكل مباشر وصريح ما الذي سيحدث إذا توقفت السيارة الآن؟ فيرد المراهق أنه سيتصل على والدته وسيأتون لانقاذه.  ولكن تعترض عليه بالقول إن الوقت باكر وربما والدتك نائمة،  فلا يجيبك.

وطلب الراكب من السائق سؤال محطات التوزيع التي على الطريق إن كان بها بنزين(إصانص)، من غير أن يفصح له مباشرة إن كان سيقوم بالتعبئة أم لا. لكن لا بنزين في كل هذه المحطات، يبيعون المازوت فقط (في هذا الركن لم تصل بعد موضة البنزين إلى الشهرة والشيوع كما في أنحاء أخرى). ويبلغ الراكب وجهته في ولد أبادو ولكنه يرفض النزول، فهناك محطة أخيرة غير بعيدة وربما فرصة أخيرة. والسائق الصغير لا يعرف شيئا عن هذه الناحية.

 يصلان معا (الراكب والسائق) إلى المحطة ويسألان فإذا البنزين عندهم، فيفرحان معا، لكن ربما ليس بمقادير متساوية. ويسأل الراكب السائق كم يكفي من التعبئة لتصل إلى أهلك بسلام؟ فيتلعثم ولا يقول شيئا واضحا. ويعاوده السؤال باقتراح ألف أوقية قديمة، فيقول لا بأس، هذا يكفي. ويسأل الراكب عن سعر ليتر البنزين فيقال له إنه ب 436.4 أوقية، فيقرر مفاجأة السائق المراهق بزيادة ألف أخرى، وأسارير الفرح والسرور قد ملأت وجه وجوارح الصغير. وينزل من السيارة وقد تزودت بما يزيد على أربع ليترات من البنزين الثمين، ويودع المراهق ويوصيه بالمكايسة والتدبر الحسن، فما كل مرة وتسلم الجرة كما يقال.
———————————-
#نفاذ_بنزين_مراهق

#رَمضَان_1443

الكاتب الصحفي سيدأحمد أعْمَرْ محم