هرب ملايين الأشخاص في الأيام القليلة الماضية من التعامل عبر واتساب الى برنامجي سينيال و تيليغرام، وذلك بعد اعلانه عن شروطه الجديد التي يُخشى ان تخترق مزيدا من الحياة الخاصة للناس لمعرفة ارقام هواتفهم ومضمون رسائلهم التي يتبادلونها مع الأهل والأصدقاء والحبيب بغية خدمة المعلنيين. وحين انتبه مدراء واتساب لكارثتهم هذه، حاولوا تصويب الخطأ..لكن ربما متأخرين.
أصل المشكلة؟
أصلها أن شركة واتساب التي تضم ملياري مستخدم، أعلنت عن شروط جديد ستبدأ بتطبيقها في الأسابيع المقبل، وبينها مشاركة المعلومات الشخصية مع منصات اخرى وفي مقدمها فايسبوك، الذي اشترى واتساب في العام 2014، وذلك في اطار شراكاتها التجارية. ومن لا يقبل هذه الشروط قبل 8 شباط/فبراير سيُلغى حسابه. هكذا بكل بساطة.
هذا يعني ان المعلنين يستطيعون الدخول الى المعلومات الشخصية، ومنها ارقام الهواتف وعناوين IP والمبادلات المتعلقة بالرغبات الشرائية والمراسلات، بهدف تواصل المُعلن مباشرة مع مستخدم واتساب لبيع منتجاته، وهذا ما حصل فعليا مع الهند التي فيها 400 مليون مستخدم.
نتائج المشكلة:
ما ان اعلن واتساب عن شروطه الجديدة، حتى بدأت جحافل المستخدمين تهجره . ففي الاسبوع الأول من هذا الشهر، تخطى تيليغرام 500 مليون مستخدم شهريا، وفي الايام الثلاثة الماضية فقط انضم اليه 72 مليونا وفق ما اعلن مؤسسه الروسي بافيل دوروف.
حصل الأمر نفسه وبنسبة أكبر مع سينيال الذي انطلق في العام 2014 والذي يعتبره اهل الاختصاص أكثر وسيلة تواصل آمنة، ولذلك غالبا ما يلجأ اليه السياسيون والدبلوماسيون، كما ان هذا التطبيق أعلن مؤخرا عن السماح لزبائنه بنقل محادثاتهم بسهولة من أي تطبيق آخر للرسائل.
الأمر الذي ساهم كذلك بضرب صورة واتساب، هي تغريدة قصيرة لرئيس شركة Telsa الشهيرة قال فيها :" استخدموا سينيال"
تراجع واتساب؟
لم تجد ادارة واتساب أمام خطر خسارة مستخدميها، سوى المسارعة الى توضيح التالي :
+ ان احترام حياتكم الشخصية محفور في حِمضِنا النووي
+ نريد ان نقول بوضوح ان هذا التحديث لا يؤثر مطلقا على خصوصية الرسائل المتبادلة مع اصدقائكم وعائلاتكم.
خلاصة الأمر :
اولا: ان حياتنا كلها صارت مكشوفة على المنصات مهما وعدونا بالسرية وبحمايتها، لذلك يجب تطبيق المثل القائل لا تفعل بالسر ما تخشى ان تفعله علنا
ثانيا : ان لدى الناس قدرة هائلة على تغير مجاري الأمور والضغط على كبريات المنصات والشركات العالمية حين يتخذون موقفا او يقاطعون.
ثالثا: ان الصراع الكبير بين الشركات والمنصات العالمية سيتفاقم كلما تطورت التكنولوجيا التي ستكون حتما وقودا للحروب المقبلة.
الكاتب سامي كليب مؤسس ورئيس تحرير موقع خمس نجوم السياسي الفكري الثقافي