تابعت مقابلة الرئيس الفرنسي مع قناة الجزيرة التي أجريت يوم أمس، وأعيد بثها صباح اليوم، وتابعت بعض التعليقات عليها وعلى إجرائها وعلى الجزيرة التي أجرتها، ورأيت أن أبدي الملاحظات التالية:
1 - ليس خطأ أن تجري قناة الجزيرة مثل هذه المقابلة، فمهنيا تعتبر سبقا إعلاميا، والرئيس الفرنسي موضوع المواقف والتعليقات هذه الأيام، ومصلحيا مجرد دعوتها تعني أن الرئاسة الفرنسية تريد تقديم خطاب غير الخطاب السابق، ثم إن مقارنة الجزيرة ببعض القنوات العربية الأخرى لا تستقيم، لا مهنيا ولا من حيث حضور قضايا الأمة وهمومها.
2 - ينبغي النظر للمقابلة بتكاملها، لا انتقاء جزء دون غيره وبناء حكم التقييم عليه، والواضح أن رسالة ما يود الفرنسيون إيصالها في هذه الأجواء، وواضح أنها رسالة تهدئة لا تصل حد الاعتذار.
3 - لقد تراجع الرئيس الفرنسي في أمور، شرح أنه لا يعني أن الاسلام كدين يعيش أزمة، بل الأزمة في وجود مجموعات توظفه للقتل والإرهاب، وأوضح أن التمسك الذي أعلنه عند موت المدرس المسيء لا يتوجه إلى الرسوم بل إلى مبدإ حرية التعبير، وحتى وإن كان هذا التأويل اللاحق غير مقنع، ففيه هدف تصحيح.
4 - حمل سوء الفهم مصير تصريحاته السابقة، والحقيقة أنها تصريحات واضحة وسيئة ومسيئة، والوارد معها الاعتذار لا إعطاؤها معنى متأخرا يستعصي ترتيبه عليها.
5 - لم يستطع تفسير حماسه وحماس نظامه لحرية التعبير حين تكون عن الاسلام ومقدساته، وتقييدها والحد منها حين تتعلق بمعاداة السامية أو ما يسميه قيم الجمهورية.
6 - كانت لغته سياسية وفيها تكلف حين يحاول التهدئة وتخفيف غضب المسلمين، وحية وحماسية وقاطعة حين يكرر عزمه حماية حرية التعبير التي تسيء إلى الأديان وخصوصا الاسلام.
7 - يقتضي الإنصاف الاعتراف بأثر ردة الفعل الشعبية على فرنسا، والمستوى الذي وصله خطابها تهدئة وتراجعا، وتقتضي الحصافة الاستمرار في الضغط المدني الراقي، لتتحول التهدئة والتراجع إلى اعتذار وكف عن الاستهداف.
8 - ليس تكرارا أن نذكر بضرورة أخذ المسافة اللازمة من خطاب التطرف وممارسة العنف، فذلك مقتضى الفهم الصحيح للدين، والخلط إساءة للصورة وتشويه لها.
من صفحة الأستاذ محمد جميل ولد منصور