توقفت الإنتفاضة أم إنتصرت!

ثلاثاء, 2018-01-30 20:14

بعد نحو شهرين على إندلاع الإنتفاضة ضد ترامب، تراجع عدد المتظاهرين الفلسطينيين بشكل كبير. وفي جميع المناطق. وتوقفت سيارات البث المباشر عن نقل المواجهات، وعاد القادة الى مكاتبهم. فما الذي جرى!
أربعة عوامل يجب إبرازها على مسرح الجريمة الأمريكية ( قرارات المجلس المركزي - دخول السلاح إلى الإنتفاضة - الموقف العربي الرافض لوعد ترامب - فشل زيارة مايك بينس ). وهذا ما يدفعني للقول أن الإنتفاضة إنتصرت ولم تتراجع، فقد إنتصرت محليا وعربيا ودوليا فيما تتخبط إسرائيل وتنظر بذهول كيف يتجرأ الفلسطينيون على طرد الوسيط الأمريكي خارج اللعبة.
يعتبر وعد ترامب كارثيا بكل معنى الكلمة، ولكن الشعب الفلسطيني نجح في أقل من شهرين في تحويله إلى لعنة تطارد ترامب وتطارد نتانياهو وحكومته، وأستطيع اليوم القول أن الاسرائيليين تسرّعوا في الاحتفال مبكرا، وأخطأوا التقدير إذ فتحوا زجاجات الشمبانيا.. فالواقع على الأرض لم يتطابق مع المخطط الشيطاني الذي رسمه نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس.
غادر مايك بينس المنطقة وهو يعرف أنه فشل، ورغم الاحتفالات المحمومة والمبالغ فيها من جانب الاحتلال، إلا أن الفلسطينيين رفضوا إستقباله (وهذه سابقة لم تحدث منذ جمال عبد الناصر وحرب القناة عام 1956). كما ان الامن الاسرائيلي قلق ويعيش على حافة الهاوية، ولبنان تتحوّل الى كابوس يطارد أحلام ليبرمان، وسوريا خرجت من تحت السيطرة الأمريكية، والعراق تستعيد توازنها، وغزة تصمد، ورام الله تتقدم كرأس حربة ضد المشروع الامريكي..
لم يكن ضروريا أن تستمر الانتفاضة 7 سنوات حتى نقول إنها انتصرت.. فقد انتصرت بوقت قياسي في أقل من شهرين فقط. ولن يمر المشروع الأمريكي، وسيدفع الاسرائيليون الاثمان مضاعفة على هذه الجريمة، ولن يجدوا الاّن أي قائد فلسطيني يجرؤ على مفاوضتهم سرا أو علنا بشأن القدس.. كما ان حدود 1967 التي رضي بها الفلسطينيون ذات يوم، لم تعد تنال أي إهتمام من الاجيال الجديدة.
سيقول القادة عبر شاشات التلفزيون إنهم لا زالوا يؤمنون بحل الدولتين، وأنهم لم يتخلوا عن مبدأ المفاوضات... لكن شيئا ثقيلا قد إنكسر، إنه حاجز الوهم بإمكانية تحقق أي سلام مع الأحزاب الصهيونية والمستوطنين.
وعد ترامب لم يعط القدس لإسرائيل، ولكنه أعطى يافا للفلسطينيين مرة أخرى.
د. ناصر اللحام