متى تصل الانتفاضة نقطة اللاعودة؟

خميس, 2017-12-14 22:25

حينما كانت بريطانيا عظمى، وتحكم العالم كله، وحينما كانت الشمس لا تغيب عن مستوطناتها في قارات العالم، أطلق الشعب الفلسطيني أطول وأكبر انتفاضة في التاريخ المعاصر ضدها 1936 -1939، والسبب انحياز الانجليز لصالح اليهود في سلب أرض فلسطين، وكانت بريطانيا تحكم بالسجن 3 سنوات على أي مواطن فلسطيني بحوزته طلقة فارغة وتنفذ أحكام والشنق بحق كل ثائر، لكن الفلسطينيين وقفوا بوجه بريطانيا ولم ترهبهم احكام الاعدام الهمجي الذي كانت تمارسه انجلترا الظالمة في سجن عكا. 
واليوم يقرر الشعب الفلسطيني الوقوف بوجه امريكا بكل جبروتها، ولا ترتعد فرائص أحد أمام هذا القرار، ويقولها كل فلسطيني ( لا لأمريكا )، ويتدحرج الامر حتى تنتهي هيبة أمريكا في هذا العالم كما انتهت هيبة بريطانيا العظمى، وفي الوقت الذي وقع فيه دونالد ترامب على ميزانية للجيش الامريكي بقيمة 700 مليار دولار، كان اطفال فلسطين يحرقون صوره ويدوسون على وجهه.
هل يستطيع شعب محاصر وفقير من مواجهة الاحتلال الاسرائيلي بغواصاته وطائراته النفاثة وترسانات اسلحته. الاجابة نعم، لأن صاحب الحق قوي.
هل يستطيع المواطن الفلسطيني أن يقف بوجه المشروع الامريكي في العالم وأن ينزع عنه البيت الابيض سواد سريرته. الاجابة نعم، لان ترامب لص وليس صاحب حق.
وفي حين راحت السلطة تلملم اوراق اوسلو، وتبحث طريقا جديدا... كان الشارع الفلسطيني يواصل عصيانه المدني الذي انطلق في اول اكتوبر 2015 بلا توقف، وما الهبة الشعبية الراهنة سوى تواصل لهبة تموز من العام الجاري حين حاول نتانياهو الاعتداء على بوابات المسجد الاقصى، لتكتمل حلقات الانتفاضة الثالثة بكل معاني الثورة الشعبية ضد المستوطنين اليهود.
ولمعرفة اذا كانت الانتفاضة قد وصلت نقطة اللاعودة أم لا، نجد لزاما الحديث عن الافق السياسي البديل الذي يريده الناس ، فلا سكان قطاع غزة يقبلون بهذا الواقع الظالم الذي دمّر حياتهم وحياة الاجيال من بعدهم، ولا سكان الضفة يقبلون بالاحتلال وأشكاله الجديدة، ولا سكان القدس وداخل الخط الاخضر يقبلون بتهديدات ليبرمان ونفتالي بينيت المتواصلة ضدهم.
أخطر ما في الواقع الراهن هو مئات الاف المستوطنين المدججين بالسلاح والذين يحظون بحماية جيش الاحتلال وحكومة المستوطنين، ولا يوجد من يعاقبهم على جرائمهم الفظيعة، وهو أمر يستدعي الطلب لحماية دولية فورية.
لم تصل الانتفاضة الراهنة الى نقطة اللاعودة بعد، ولكن حماقة الاحتلال واستهتاره بمطالب السكان واستخدامه القوة المفرطة ضد المدنيين، وعنجهية أمريكا وافتقادها للشرف السياسي ستقود بنفسها الى هذا الحد
د. ناصر اللحام