تشريع نقل سفارة واشنطن للقدس.. القنبلة الموقوتة

ثلاثاء, 2017-01-24 03:29

قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة صدر يوم 8 نوفمبر/تشرين الثاني 1995، وحمل اسم "تشريع سفارة القدس 1995"، يعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترمب تنفيذه وسط تنديد عربي وعالمي وتحذيرات من انفجار المنطقة.

مزاعم تمهيدية
يذكر التشريع أن القانون الدولي يكفل لكل دولة تحديد عاصمتها، وفي هذا السياق أعلنت "دولة إسرائيل" منذ 1950 القدس عاصمة أبدية لها، وجعلتها مقرا لكل مؤسساتها الوزارية والإدارية، وبينها مقر الرئيس والبرلمان والمحكمة العليا، كما أنها "مركز الديانة اليهودية"، وتعتبر مدينة مقدسة بالنسبة "لأعضاء ديانات أخرى"، على حد تعبير القرار.

ويمضي التشريع ممهدا بالقول إن "القدس كانت مدينة مقسمة"، وأن المواطنين الإسرائيليين ومعتقدي الديانة اليهودية ظلوا ممنوعين من دخولها منذ 1948 وحتى 1967 حيث تم "توحيدها مرة أخرى بعد حرب الأيام الستة".

ويزعم التشريع أن إسرائيل عملت على توحيد القدس وفسح المجال أمام معتقدي جميع الديانات للوصول إلى كل الأماكن المقدسة بالمدينة دون تضييقات.

وبعد أن ذكّر تشريع نقل السفارة بموافقة الكونغرسومجلسي النواب والشيوخ على التوالي عامي 1990 و1992 على كون القدس يجب أن تبقى مدينة موحدة وهي غير قابلة للتقسيم، وباتفاق غزة وأريحا أولا، وبدء مفاوضات الحل النهائي، وبالرسالة التي وجهها 93 من أعضاء مجلس الشورى الأميركي في مارس/آذار 1995 التي طالبوا فيها وزير الخارجية الأميركي وقتها وارن كريستوفر بالتخطيط لنقل سفارة الولايات المتحدة إلى المدينة المقدسة، استغرب التشريع كيف للولايات المتحدة أن تتخذ سفارات لها بكل عواصم العالم باستثناء إسرائيل "صديقتنا الديمقراطية وحليفتنا الإستراتيجية".

وحرص المشرعون في البند الثالث من التشريع على التأكيد على أن سياسة الولايات المتحدة الأميركية تنبني على الاعتراف بالقدس مدينة موحدة غير قابلة للتقسيم، وأنه يجب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، وبناء على ذلك يجب أن تكون سفارة الولايات المتحدة بعاصمة إسرائيل.

وشدد التشريع على تخصيص 75 مليون دولار من ميزانية "الصيانة والبناء بالخارج" لبناء السفارة الأميركية في القدس المحتلة، ملزما مسؤولي الإدارة الأميركية بتقديم تقارير منتظمة لمجلسي الشورى والنواب بشأن التطورات المرتبطة بتطبيق "تشريع سفارة القدس 1995".

وجاء ترمب
وعلى الرغم من صدور "تشريع السفارة" منذ 1995، فإن الرؤساء السابقين لدونالد ترمب كانوا يؤجلون تطبيقه، حيث انحازت السياسة الخارجية بشكل عام إلى سياسة الأمم المتحدة والقوى الكبرى الأخرى التي لا تعتبر القدس عاصمة لإسرائيل ولا تعترف بضم إسرائيل للقدس الشرقية العربية بعد احتلالها في حرب عام 1967، على أمل إنجاح مفاوضات السلام بناء على حل الدولتين.

غير أن ترمب لم يكن يترك فرصة تمر خلال حملته للانتخابات الرئاسية عام 2016 دون أن يؤكد أنه سيبادر فور فوزه بالرئاسة إلى نقل سفارة بلاده إلى القدس.

وقد أعلن البيت الأبيض يوم الأحد 22 يناير/كانون الثاني 2017 (بعد يومين من تنصيب ترمب رئيسا) أنه في "المراحل الأولى" من المحادثات لتنفيذ وعد الرئيس ترمب بنقل السفارة الأميركية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، وقال المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر في بيان "نحن في المراحل المبكرة جدا في مناقشة هذا الموضوع". وقال مساعدون إنه ليس هناك إعلان وشيك بشأن نقل السفارة.

وتتضمن السيناريوهات، التي قد تعتمدها الإدارة الأميركية الجديدة -وفق مركز الزيتونة- أن يقوم ترمب بنقل السفارة في بداية ولايته أو في وقت لاحق خلالها، أو أن يُوّلى أحد مكاتب خدمات السفارة في غربي القدس (وليس شرقي القدس) إلى سفارة، وهو ما سماه السيناريو المراوغ.

كما يمكن أن تنفذ إدارة ترمب السيناريو الثاني، الذي يتمثل في أن تبقى السفارة في تل أبيب وينتقل السفير إلى القدس، أو يقوم بخطوة مزدوجة بنقل السفارة للقدس مع الإعلان في المقابل عن الاعتراف بدولة فلسطين لامتصاص ردات الفعل.

تحذيرات
التحذيرات من الإقدام على نقل السفارة إلى القدس المحتلة، بدأت مع الرئيس السابق باراك أوباما الذي حذر خليفته ترمب من أن نقل السفارة إلى القدس قد يفجر الأوضاع في المنطقة، وهو التحذير نفسه الذي أطلقه قادة أوروبيون.

كما حذر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في بيان من عواقب نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، ودعا الأمة الإسلامية إلى نصرة القضية الفلسطينية. وأكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن نقل السفارة الأميركية في إسرائيل إلى القدس المحتلة لن يخدم الاستقرار في المنطقة.

وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن نقل السفارة الأميركية للقدس سيضر بعملية السلام، معتبرا أنه "إجراء كهذا غير قانوني"، وذكّر بأن "جميع دول العالم التي تتبادل التمثيل الدبلوماسي مع إسرائيل سفاراتها في تل أبيب، ونقل السفارة الأميركية للقدس يجحف بالوضع النهائي للمفاوضات ويؤثر عليه".

أما إسرائيل فتعقد آمالا كبيرة على ترمب بتنفيذ وعده الذي أطلقه خلال حملته الانتخابية بنقل السفارة الأميركية إلى القدس.

المصدر مركز الحوار+ وكالات,مواقع إلكترونية