الحرب على غزة وعملية بناء نظام عالمي جديد..... أوهام الانتصار في صراع مع شعب يريد استعادة وطن

أربعاء, 2023-11-01 03:12

هناك أوجه تشابه بين ما يجري على ساحة القتال في وسط شرق أوروبا بأوكرانيا وما يدور من مواجهات عسكرية على الأرض الفلسطينية وبالضبط في قطاع غزة. الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا أساسا تشارك عمليا بالسلاح والمرتزقة والمال والضغوط المختلفة في القتال إلى جانب كييف ضد روسيا، في قطاع غزة تشارك نفس الأطراف الغربية إلى جانب تل أبيب في القتال ضد حماس وحلفائها. واشنطن ولندن تحرك الأساطيل البحرية وتدفع التعزيزات الجوية والبرية إلى منطقة الشرق الأوسط وتتوعد بضرب كل من يقف إلى جانب الفلسطينيين وتقدم المال والسلاح والخبرة ومعطيات استطلاع الأقمار الصناعية ورصيد عمليات التجسس البشرية إلى الجيش الإسرائيلي ليتمكن في إلحاق أكبر ضرر بخصومه. غالبية دول الناتو صوتت يوم الجمعة 27 أكتوبر في الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد مشروع قرار عربي يدعو لهدنة إنسانية فورية ووقف القتال وعبرت عن اسفها وغضبها لتبنيه بأغلبية كبيرة. غالبية وسائل الاعلام الغربية وخاصة في دول الناتو شنت وتشن حملة ضد الفلسطينيين ودافعت عن سياسات تل أبيب بل وتبنتها في الكثير من الأحيان. عندما انتفضت الجماهير في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها من دول الغرب وخرجت في مظاهرات عارمة دعما للفلسطينيين تكتمت عليها وسائل الإعلام في الغرب قدر الإمكان، وذهبت بعض الأنظمة التي تجادل بأنها ديمقراطية إلى حظر المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين واعتقال المئات من مواطنيها ورفع مختلف أنواع التهديدات والتهم خاصة المتعلقة بمعاداة السامية.

يرى بعض المحللين أن الصراع الدائر في الشرق الأوسط ليس بين إسرائيل والفلسطينيين فقط وإنما في مختلف جوانبه من بغداد البوابة الشرقية للمنطقة العربية وحتى سواحل شمال أفريقيا على المحيط الأطلسي هو جزء من صراع أوسع بين القوى الكبرى على استمرارية أو تعديل النظام العالمي الأحادي المفروض على العالم منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في نهاية العقد التاسع من القرن العشرين وتمكن الولايات المتحدة طوال ثلاثة عقود من فرض إرادتها.

ما بين نهاية الحرب العالمية الثانية سنة 1945 وتفكك الإتحاد السوفيتي سنة 1990، استفادت عشرات الشعوب والأمم من توازن قدرات الردع التي ميزت النظام العالمي المزدوج القطبية -موسكو وواشنطن- لتناضل فتحصل على حريتها من الاستعمار التقليدي وصوره المتجددة والهيمنة الرأسمالية، ولتناضل من أجل تنميتها وبناء مستقبلها. تبعت بعد ذلك ثلاثة عقود من المسار في الاتجاه المعاكس فسقطت دول ودمرت شعوب واحتلت بلدان وفرضت أنظمة حكم تحت شعارات الديمقراطية وحقوق النسان الخ. ناضل البعض ضد تيارات الاستعمار الجديد فنجح البعض وفشل آخرون.
يختلف السياسيون في تحديد تاريخ عملية العودة إلى الازدواجية القطبية، ولكن عددا منهم يعتبر أنها سنة 2014 تاريخ بداية الجولة العسكرية الأولى بين موسكو وكييف في وسط شرق أوروبا.

حتى يوم 7 أكتوبر 2023 وانطلاق عملية "طوفان الأقصى" كانت الحرب في وسط شرق أوروبا هي الواجهة للصراع الذي يجوز وصفه بأنه بين الشرق والغرب، تعثر خطط الناتو في المواجهة مع روسيا التي بدأت في 24 فبراير 2022 جعلته يقدر أن التحدي الذي فرضه الفلسطينيون يوم السبت 7 أكتوبر يشكل امتحانا للقوة أو مرحلة مفصلية وربما وجودية في صراع شرق غرب، وأن عدم إلحاق هزيمة كبيرة بالفلسطينيين ستشكل دق مسمار آخر في تابوت النظام العالمي المزعزع.

 

مصير "الهنود الحمر"

 

تتطرق أصوات وخاصة في المناسبات التي يتفجر فيها الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بعنف إلى تشبيه الفلسطينيين بالهنود الحمر، سكان أمريكا الأصليين، في معرض التأكيد أو النفي أو لمآرب أخرى.

صحيفة "ميدل إيست مونيتور"، كانت قد تناولت في 9 أغسطس عام 2022 هذه المسألة من جانب معنوي. جاء ذلك في مقالة حملت عنوان "الفلسطينيون هم أمريكيون أصليون، وليسوا "الهنود الحمر": لقد حان الوقت لتحرير لغتنا".

الصحيفة استشهدت في هذا السياق بإعلان أحد المشاركين بمؤتمر للفلسطينيين عقد في ذلك الوقت في إسطنبول، بنهاية مداخلة قصيرة، ولكن "نارية" قائلا: "نحن لسنا الهنود الحمر".

ميدل إيست مونيتور لفتت إلى أن هذه الإشارة قديمة نسبيا، وهي تنسب إلى الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، الذي قال خلال مقابلة صحفية في مكتبه في رام الله، أثناء محاصرة الجيش الإسرائيلي له: "إسرائيل فشلت في القضاء علينا.. نحن لسنا الهنود الحمر".

قبل أن يدخل الجيش الإسرائيلي إلى الضفة الغربية مجددا ويحاصر عرفات في مكتبه برام الله عام 2002، تطرق الصحفي تشارلز شيفر في مقالة نشرت في صحيفة "The HarvardCrimson" في أكتوبر 2001، إلى وجود مقاربة وصفها بأنها "أكثر ملاءمة وأقل افتراضية عن علاقة أمريكا بالعرب (الفلسطينيين) وعلاقة هذا البلد بالأمريكيين الأصليين منذ أكثر من قرن من الزمن".

يوضح الكاتب مقصده بالقول إن المعنى الأساس، أن المجموعتين تم تشريدهما "تم إبعاد الأمريكيين الأصليين بشكل متكرر وقسري من الأرض التي كانت وطنا لهم لعدة قرون. في الشرق الأوسط، يشعر العديد من العرب أنهم أجبروا على الخروج لإفساح المجال أمام إسرائيل. من دون إزاحة الأمريكيين الأصليين، ما كانت الولايات المتحدة لتكون أقوى دولة في العالم (330 مليون شخص لا يستطيعون الحفاظ على حياتهم عن طريق صيد جواميس البيزون). وعلى الرغم من أنه يبدو من المعقول إقامة دولة يهودية كملاذ آمن بعد فظائع الحرب العالمية الثانية، من منظور أمريكي أصلي".

وفي معرض مقارنة بين الهنود الحمر والعرب من حيث التعدد والاختلاف، يلفت إلى أنه لا يزال يسمع من البعض من زملائه "المتعلمين" صرخات تنادي بضرورة "تحويل الشرق الأوسط إلى موقف سيارات عملاق واحد".

الكاتب يستعرض بطريقة عكسية قضية الهنود الحمر في الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن "بعض القبائل أبرمت معاهدات، فيما حاولت قبائل أخرى شن الغارات، أو الدخول في معارك مفتوحة، إلى أن تم القضاء عليها، لكن أي مقاومة أبديت كانت عقيمة، لم يتم كبح توسيع حدودنا أو إبطائه إلى أن وصلت إلى المحيط الهادئ".

عن الجانب العربي او الفلسطيني، تجعل الصحيفة من أسامة بن لادن مثلا، وتقول إن شخصا مثله ربما يرى أن "الإبادة الجماعية والمأساوية في حرب كبيرة قد تكون أفضل من مستقبل يكون العرب فيه محاصرين في زاوية صغيرة منعزلة في الصحراء، لا يصاحبهم فيها إلا الفقر المدقع وإدمان الكحول والكازينوهات، ويدرسون لطلاب الصف الثالث باسم (الفلسطينيين الأصليين)".

 

العالم من الانقسام إلى التشظي

 

جاء في تقرير نشرته يوم الأربعاء 25 أكتوبر 2023 اندبندنت عربية:

أحد الأسئلة التي تطل برأسها من نافذة الأحداث خلال الأيام الأخيرة، لاسيما في ضوء تحركات زعماء الدول الكبرى التي تحمل ملامح ومعالم قطبية العالم الجديد، هو إلى أين يمكن أن يذهب الانقسام العالمي والتشظي الأممي؟. وهل نواجه حرباً باردة جديدة، أم أنه أوان مولد نظام عالمي جديد مغاير لما جرت به المقادير بعد الحرب العالمية الثانية، ومختلف كل الاختلاف عماعرفناه بعد سقوط الاتحاد السوفياتي؟.

الشاهد أنه منذ انطلاق القوات الروسية لجهة أوكرانيا، اعتبر المراقبون أن زمن التعايش السلمي قد ولى إلى غير رجعة، وأن زمن التكتلات يعاود الظهور سياسيا في الأقل، وربما عسكرياعما قريب.

ومع انفلات الأزمة في غزة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، تعززت فكرة عودة الأحلاف للتمترس وراء بعض، ومجابهة الآخر.

لم يكن من الغريب أن نرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين متوجها إلى الصين، وفي الوقت عينه كان بايدن يغادر إلى إسرائيل وكأن كل قوة دولية تسعى إلى دعم وزخم أطراف بعينها، ضمن رؤية لخريطة شطرنج إدراكية، تقودنا للقطع بأن أزمنة التواصل بلغت نفقا مسدودا، وأنه حان الوقت للعودة لفصل جديد من فصول تقسيم العالم إلى فسطاطين، شرقي وغربي، آسيوي - أوراسي، في مقابل غربي – إسرائيلي.

كيف لنا أن نقرأ أبعاد ما يحدث ضمن حال الاختلال التي يعيشها عالمنا المعاصر، فيما التساؤل الأهم والأشد خطورة ووعورة هل نحن على عتبات حرب كونية تتدحرج كرة نارها لتصل إلى السفح محدثة فوضى عالمية؟.

 

عدم اليقين

 

تبدو حال عدم اليقين هي المحلقة فوق أفق عالمنا المعاصر، وعلى الجبهات كافة الحياتية، سياسيا واقتصاديا، وعسكريا ومجتمعيا، وربما أنفلت الجني من القمقم مع تفشي وباء كوفيد-19، وحال الصحوة القومية لدى كثير من الشعوب حول العالم، وإعادة التقوقع حول الذات ما مثل ولا يزال انتكاسة للطروحات والشروحات كافة التي تتحدث عن العولمة، والعالم الذي أضحى قرية صغيرة.

تبدت ملامح عدم اليقين في الخوف المشترك من الجائحة، ثم من الأوضاع الاقتصادية وما جرى لسلاسل الإمداد حول العالم، وما تبعها من انسحاب صناعات من دول كبرى مثل الصين إلى الدواخل الإقليمية.

استشعرت القوى الكبرى هشاشتها في مواجهة محطات مفصلية من تاريخ البشرية، لاسيما قوى الطبيعية والمتمثلة اليوم في التغيرات المناخية المهلكة للزرع والضرع، عطفا على توقعات مخيفة لعالم الذكاء الاصطناعي القادم بشكل سريع وربما مريع.

في هذه الأوقات كان مبلغ الظن أن هناك حاجة ماسة إلى التعاون الدولي، وتمكين الأمم والشعوب من التنسيق المتبادل لدرء الأخطار القائمة والمقبلة، غير أن ما رأيناه حتى الساعة، والأسوأ الذي لم يأت بعد، ربما يدفعنا في طريق رؤية تجمعات ترى في الحروب قابلة التاريخ كما قال كارل ماركس ذات مرة.

ثمة عدد من القوى القوية تدفع إلى التشرذم، وباتت اعتبارات الأمن القومي تشكل هاجسا كبيرا بالنسبة إلى صناع القرار والشركات مع تفاقم التوترات الجيوسياسية، وهو ما يجعلهم حذرين إلى حد ما في التعاطي مع النوازل الدولية، ومنها ما جرى في أوكرانيا، ثم الأحدث في غزة.

هل عالمنا محكوم بالعودة للوراء مرة جديدة إلى زمن الحرب الباردة، ونشوء وارتقاء تكتلات ما بعد سياسية، بل أقرب ما تكون إلى الأحلاف العسكرية من جديد؟.

المؤكد أن حلف وراسو ذهب أدراج الرياح، ولم يعد في الساحة سوى حلف الناتو.

لكن غالب الظن أن هذا الوضع لن يدوم، وأن هناك تحديا أوراسياجديدا، سيطرح ذاته، وإن كان فعل حتى الساعة بصورة ناعمة، غير أن إيقاع الأحداث، يدفع لا شك في طريق الصورة الخشنة والقوة والمسلحة. كيف ذلك؟.

 

روسيا والصين تحالف

 

طرحت زيارة الرئيس الروسي بوتين الأخيرة للصين ولقاءاته مع شي جينبينغ، عديدا من التساؤلات الحيوية عن حال ومآل هذا التحالف الوليد، وفي هذا التوقيت المثير للطرفين، خصوصاً في ظل المواجهات المفتوحة مع العم سام.

مؤكد بادئ ذي بدء، أن الطبقات الحضارية للروس مغايرة عنها بالكلية عند الصينيين ذلك أن الشعب الروسي السلافي، يختلف في مفاهيمه ورؤاه عن الشعوب الكونفوشيوسية.

غير أن البراغماتية السياسية، تكاد تكون السبب الرئيس في نشوء وارتقاء تحالف ثنائي غير مسبوق.

تبدو التحديات المشتركة هي الرابط المؤكد بين موسكو وبكين، وحتى لو كانت العلاقة طيبة بصورة أو بأخرى بين الزعيمين.

يواجه بوتين تحديات مصيرية في أوكرانيا، ويدرك تمام الإدراك أنها كانت نقطة انطلاق الناتو لقلب روسيا، لو صمت أمام فكرة ضمها للناتو.

فيما بينغ، يتابع بقلق بالغ الدعم الأمريكي المتصاعد يوما تلو الآخر لتايوان التي تعتبرها بكين جزءا من أراضيها الوطنية، ناهيك عن التحديات التي يخلقها الحضور البحري الأمريكي في بحر الصين الجنوبي، فيما الصراع الأوسع فحاضر بقوة في مياه المحيط الهادئ، ناهيك عن الصراعات الاقتصادية بينهما.

قبل اجتماعه الثاني مع بينغ تحدث بوتين موجها حديثه للرئيس الصيني الذي جاء فيه، "صديقي العزيز، أنا سعيد للغاية لرؤيتك مرة أخرى، وفي ظل الظروف الحالية الصعبة، فإنه من المهم بشكل خاص الحفاظ على تنسيق وثيق في السياسة الخارجية، وهو أمر نقوم به الآن".

من يحتاج إلى الآخر بدرجة أشد بوتين أو بينغ؟.

المؤكد أن كلاهما في حاجة إلى صاحبه لسد ثغرات لا تبدو واضحة للعوام بشكل كبير.

روسيا تحتاج إلى المساندة الصينية، لا سيما المالية والاقتصادية، بخاصة في ظل التضييق عليها من جانب الغرب، وهو أمر يمكن للصين أن تقدم كثيرا في شأنه.

فيما الصين تسعى إلى إعادة تنشيط سياستها الخارجية الاقتصادية، كما أنها تستلهم من تجربة روسيا في أوكرانيا، الدروس والعبر، حال تحول المشهد إلى صراع مسلح مع تايوان، وبدت واشنطن في المشهد الخلفي للصورة، بالقدر نفسه الذي تظهر به في الوقت الحاضر في أوكرانيا.

في زيارة بوتين للصين إعلان غير رسمي عن الثقة المتولدة والمتنامية بين الجانبين، سيما أنها أول رحلة معروفة لبوتين منذ مدة خارج ما كان يعرف بالاتحاد السوفياتي سابقا.

في نهاية المطاف، وصف الزعيمان العلاقة بين روسيا والصين بأنها "بلا حدود"، مع عدم وجود مجالات تعاون محظورة.

هل هو تحالف أممي أوراسي جديد سيعلن في الأفق وعما قريب سيكون بديلا ولو أيديولوجيا، قبل أن تدفعه مسارات الأحداث غير المتوقعة، في طريق الاستعلان كحلف عسكري؟.

ربما تكون تحركات العم سام خارج أراضيه، بخاصة بعد الزيارة الغريبة للرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إسرائيل وسط الحرب الدائرة هناك، هي الدافع لحدوث ذلك.

 

حجر الزاوية

 

بدا التساؤل مثيرا للتأمل، وربما الخوف أيضا، فكيف لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية أن يحط بطائرته في مطار بن غوريون، الذي باتت صواريخ "حماس" تطاوله، مما يعني أن حياة سيد البيت الأبيض تبدو في خطر.

التساؤل مثير في شكله، لكن حين يدرك المرء رؤية بايدن لإسرائيل تزداد الدهشة، وربما تعقد الحيرة ألسنة كثيرين عن سر هذه العلاقة.

قبل 40 سنة، وحين كان بايدن سيناتورا في الكونغرس، قال، "لو لم تكن إسرائيل موجودة لكان على أمريكا أن تخلقها".

هذه العبارة كررها بايدن مرة جديدة خلال الأيام الماضية في تل أبيب، وعلى مرأى ومسمع من العالم، وجاء في تصريحه الجديد، "أعتقد حقا أنه لو لم تكن هناك إسرائيل، فلن يكون هناك أي يهودي في العالم آمنا في نهاية المطاف. إنها الضمان النهائي الوحيد".

لم تكن هذه التصريحات جديدة من نوعها، فخلال زيارته إلى إسرائيل في يوليو من عام 2022، قال بايدن "إن العلاقة بين الشعب الإسرائيلي ونظيره الأمريكي عميقة للغاية، واعتبر أنه ليس من الضروري أن يكون المرء يهوديا ليكون صهيونيا، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك قرارا سابقا من الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبار الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية، وإن كان قد ألغي في تسعينيات القرن الماضي.

يعن لنا أن نتساءل عن موقف بايدن، وهل هو عقائدي دوغمائي مطلق يعبر عن هويته الدينية والطائفية، أم أن هناك أبعاداً ماورائية في هذا السياق؟.

المعروف أن إسرائيل تمثل في قلب أمريكا تجسيدا كاملا للرؤى التوراتية، حتى قبل أن يفكر هيرتزل في بلورتها، إذ بنيت أمريكا على فكر "كنعان الجديدة".

من هنا يتفهم المرء لماذا سارعت واشنطن بالاعتراف بإسرائيل بعد ساعة واحدة من إعلان قيامها عام 1948.

غير أن هذا التوجه لدعم إسرائيل يتجلى في الوسط من التيارات الدينية المسيحية الأمريكية، ذات الانتماءات البروتستانتية، فيما بادين كاثوليكي المذهب، والكاثوليك الأمريكيين، الذين يقاربون ربع سكان البلاد، ليسوا داعمين للدولة العبرية بنفس مقدار البروتستانت الذين يشكلون أغليية الأمريكيين ويمثلون حجر الزاوية في التأييد الأمريكي لها، كيف لنا أن نفهم هذا التضاد؟.

الشاهد أنه وراء كل طرح دوغمائي يختبئ بالضرورة هدف وربما أهداف نسبية.

إن قراءة معمقة للدور العملياتي لإسرائيل، يعطينا فكرة معمقة عن السبب الذي يجعل واشنطن تدعم إسرائيل على الدوام ظالمة غير مظلومة، وليس واشنطن فقط، بل كبريات العواصم الغربية التاريخية الفاعلة والنافذة على صعيد معايير القوى الدولية، كما الحال مع لندن وباريس وبرلين وأتاوا وغيرهم.

باختصار غير مخل، كان توجه بايدن لإسرائيل محاولة للتذكير بأن تل أبيب هي حجر الزاوية الأهم في استراتيجيات الناتو منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

اعتبرت إسرائيل طوال سنوات الحرب الباردة، بين الناتو ووارسو، القاعدة العسكرية المتقدمة التي تقع جنوب غربي الاتحاد السوفياتي، ورسمت لها أدوار متعددة.

 

القاعدة العسكرية المتقدمة للغرب

 

كان أهم دور منوط بإسرائيل، هو الجهوزية الكاملة للتدخل الغربي في منطقة المياه الدافئة في المتوسط، وهو الحلم الأكبر للروس منذ زمن بطرس الأكبر وكاترينا العظيمة.

فيما الأهم، تمثل في القدرة على التحرك السريع حال تعرض منابع النفط في الخليج العربي لأي تهديد، إذ كان النفط ولا يزال سائل الحضارة الغربية الحديثة. 

لاحقاً وبعد غياب الاتحاد السوفياتي، تم تبديل الوظيفة العملياتية لدولة إسرائيل، وبات منوطا بها اليقظة والتنبه لما يوصف غربيا بالإرهاب، ومتابعة الجماعات المعارضة، التي تناصب الغرب العداء من منطلق إيماني، وهو دور تعاظم بقوة هائلة بعد أحداث الـ11 من سبتمبر.

هل هي حرب باردة أم ساخنة؟.

الثابت أنه ما بين زيارة بوتين للصين، وتوجه بايدن إلى إسرائيل، يتساءل المراقبون للمشهد الدولي من الخبراء والمتخصصون، هل العالم في طريقه لحرب باردة جديدة، أم أن الأمر يمكن وعند لحظات من سخونة الرؤوس إلى حرب ساخنة، تبدأ إقليميا في بعض المواضع، ثم لا تنفك تضحي عالمية في مواقع أخرى؟.

يمكن القطع بأن مثل هذه الحرب إنطلقت بالفعل، حتى قبل أن تنشب الأزمة الأوكرانية، أو تشتعل جبهة غزة في العالم العربي.

بدأت هذه المواجهات اقتصادية، وهو أمر يمكن أن نرصده من خلال ست مقالات في عدد واحد من أعداد مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية الشهيرة صدرت خلال أبريل 2023، والمثير أن الكتاب الستة، اتفقوا في ما بينهم على مطالبة صناع السياسة في الولايات المتحدة والغرب بمواجهة الصين بقوة أكبر في مجالات حقوق الإنسان والشحن والتمويل وتغير المناخ والحوسبة الكمومية والرقائق الدقيقة.

من هنا كان من الواضح أن الصراع الاقتصادي، لابد له وعند منعطف تاريخي ما، أن ينحو لجهة مواجهة عسكرية، وهو أمر بات مرشحا بقوة في ظل صعود الصين العسكري.

ولعل الناظر إلى تاريخ المواجهات بين الأقطاب الدولية، يدرك أن المواجهات عادة تبدأ بين القطب القائم والقطب المقبل جراء المنافسات الاقتصادية، ثم لا تنفك تتحول إلى مواجهات عسكرية.

هل الصين موقع مرشح لتحول الانقسام العالمي من نقطة الحرب الباردة إلى الساخنة؟.

قد يكون ذلك كذلك قولا وفعلا، وعلى غير المصدق أن يراجع بيانات "البنتاغون" الأخيرة عن الصين التي باتت تمتلك نحو 500 رأس نووي جاهزة للاستخدام، فيما تطور ترسانتها النووية بوتيرة أسرع مما توقعته الولايات المتحدة، كما تعمل في الوقت ذاته على توسعة وتحديث جيشها بشكل متزايد.

هل روسيا – بوتين بعيدة من دائرة الحرب الباردة؟.

الذين قدر لهم مطالعة "إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي "الأولى الصادرة في عهد الرئيس جو بايدن، في أكتوبر 2022، يدركون أن روسيا تمثل في الوقت الراهن وبكل تأكيد قلقا متزايدا للولايات المتحدة، ومرد ذلك ما تراه الدوائر الأمريكية من أطماع مستقبلية لبوتين في جواره الجغرافي.

وعلى رغم اعتبار هذه الإستراتيجية الصين كمهدد رئيس وأساس للقوة والنفوذ الأمريكيين حول العالم، إلا أن سطورها لم توفر المخاوف من أن يعمد الكرملين وعند نقطة يأس بعينها، إلى استخدام أسلحة الدمار الشامل، بخاصة النووي منها، حال تعرضت الدولة الروسية لأخطار حقيقية، يمكن أن تؤثر في وجودها التاريخي.

يبدو الانقسام التاريخي الحادث من جديد حقيقة لا مراء فيها، وهو ما أكده الجنرال "مارك ميلي" رئيس هيئة الأركان الأمريكية المنقضية ولايته في سبتمبر الماضي، الذي أقر بأن أكبر كارثة وليس حادثة يمكنها أن تؤثر في القطبية الأمريكية المنفردة بمقدرات العالم، هي ظهور تحالف روسي - صيني، يبدأ من عند الشعارات والتعاون الاقتصادي، كما الحال مع البريكس، ثم البريكس بلس، ويمكن أن ينتهي يوما ما في ميادين الحروب الساخنة.

هل هذا السيناريو مرشح لمزيد من التصعيد، وهل يعني المشهد أن زمن التعايش السلمي ولى، ولم يطل به المقام، فوق الكرة الأرضية التي اعتادت أن تفغر فاهها وتتشرب دماء الأبرياء صباح مساء كل يوم، منذ اقتتال ابني آدم عليه السلام وحتى حاضرات أيامنا؟.

 

زمن "القرن الأمريكي"

 

هل الانقسام والمواجهة الكونية الكبرى قدر مقدور في زمن منظور، ما يفيد بأن الحديث عن التعايش السلمي أمر بات من قبيل الرفاهية التي لا محل لها في عالمنا المعاصر؟.

الشاهد أن مصطلح "التعايش السلمي" يستدعي إلى الأذهان فترة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي، فقد كان الزعيم السوفياتي الشهير بخشونته فوق منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، أول وأعمق من أدرك أن العقيدة الشيوعية المتمثلة في الصراع الأبدي بين النظامين الاشتراكي والرأسمالي تجاوزت الحقبة التي كانت فيها مفيدة. فلن تكون الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية جاهزة للثورات الشيوعية في أي وقت قريب، ومن غير المرجح أن تتمكن من إزاحة الأنظمة الشيوعية في الكتلة السوفياتية، لذا كان على النظامين الشيوعي والرأسمالي أن يعيشا جنبا إلى جنب.

هل نجح هذا النموذج على رغم كل الاحتكاكات في الظلام والتتابع في الزحام، بين وراسو والناتو؟

مؤكد أن نموذج "التعايش السلمي" الذي تفهم أبعاده خروتشوف، وجد آذانا صاغية عند الأخوان كيندي (جون الرئيس، وروبرت المدعي العام) ولهذا استطاع العالم أن يعبر أزمة نووية كانت كفيلة بإشعال العالم نووياً وبصورة غير مسبوقة.

هنا يتحتم القول، إنه ربما لم يكن مظهر التعايش السلمي خلال الحرب الباردة جميلا، إذ كانت الإحتكاكات كثيرة، كما كان كل جانب يرعى مجموعة من الوكلاء في معركة من أجل بسط النفوذ العالمي، لكنه كان ناجحا في منع الصراع العسكري المباشر بين قوتين عظميين مسلحتين بالكامل بأسلحة نووية.

اليوم وباعتراف الجنرال مارك ميلي هناك ثلاثة قوى قطبية وعدد من الدول النووية حول العالم.

 

اليوم مختلف عن الأمس

 

المؤكد أن رؤية المحافظين الجدد التي بلوروها عام 1997، هي السبب. جاءت تلك الرؤية تحت عنوان "القرن الأمريكي"، ومعناه باختصار غير مخل، أن القرن الـ21، ينبغي أن يكون قرنا أمريكيابامتياز، بمعنى أن تهيمن واشنطن على مقدرات الخليقة من أقصى الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب برا وبحراوجوا. 

كان المقصود أن يبقى الدب الروسي مقيدا، والتنين الصيني نائمايغط في التيه الأعظم، وطورت هذه الرؤية في 2010، وجاءت تحت عنوان "الاستدارة نحو آسيا".

أدرك الروس والصينيون أن هناك فصلا جديدا من عدم التعايش السلمي تتم كتابته، منذ غزو أفغانستان 2001 والعراق 2003، وصولا إلى مواجهات غزة اليوم التي قد تكون الفتيل المقصود به قوى أخرى في المنطقة وهي لا تغيب عن الأعين، أي إيران، وبتحالف ودعم واضحين لإسرائيل، من أجل إعادة كتاب نظام عالمي جديد، بمداد غربي لا يفرغ منذ نحو 500 عام، إذ قامت تلك المراكز بامتصاص ثروات التخوم الأممية.

هل العالم على موعد مع ما هو أكثر خطورة بسبب الرؤية الأمريكية وردات الفعل الروسية - الصينية؟.

 

تطهير عرقي 

 

خلال الثلث الأخير من شهر أكتوبر 2023 كتب الصحفي البريطاني ديفيد هيرست في "ميدل إيست آي"

إن إسرائيل تمارس "تطهيرا عرقيا" بحق الشعب الفلسطيني، ضمن "حرب ديموغرافية" تستهدف "بناء دولة فصل عنصري" لا يكون فيها اليهود "أصحاب السيادة" أقلية، مستدلا بمساعلتهجير فلسطينيين إلى الأنبار بالعراق وسيناء في مصر.

يوم 7 أكتوبر 2023، أطلقت حركة "حماس" عملية "طوفان الأقصى" ضد إسرائيل، ردا على اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة.

واعتبر أن "النهج الإسرائيلي" عديم الجدوى ضد غزة أظهر شيئا واحدا، وهو أنه قبل وقت طويل من هجوم 7 أكتوبر، كان المسؤولون الإسرائيليون يفكرون جديا في إفراغ الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلتين من الفلسطينيين والقيام بما فعلوه في 1948 التهجير، فقط بأعداد مضاعفة أو ثلاثة أضعاف".

هيرست لفت إلى ورقة سياسية إسرائيلية ظهرت خلال الحرب على غزة، وهي بعنوان "خطة لإعادة التوطين والتأهيل النهائي في مصر (سيناء) لجميع سكان غزة: الجوانب الاقتصادية".

وأضاف هيرست "بعد أن تخلت إسرائيل عن (مبدأ) الأرض مقابل السلام، وحاولت وفشلت في الفصل كنموذج عبر وضع الفلسطينيين خلف مجموعة متنوعة من الجدران والطرق ونقاط التفتيش، فإن مشروعها الوحيد اليوم هو بناء دولة فصل عنصري يكون فيها اليهود وحدهم أصحاب السيادة".

واستدرك: "لكن الديموغرافية (التركيبة السكانية) تقف ضد هذه الفكرة، وخاصة في ما يتعلق بحل الدولة الواحدة الذي تعكف إسرائيل على بنائه الآن، فالإحصائيات ليست في صالح إسرائيل".

وأوضح أن "أعدادا مماثلة تقريبا من اليهود والفلسطينيين تعيش بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط. ومعدلات الولادات مختلفة وتوجد هجرة يهودية أشكنازية (إلى خارج إسرائيل) يجب أخذها في الاعتبار".

و"العديد منهم (اليهود الأشكيناز) يحملون جنسية مزدوجة ويستخدمون جوازات سفرهم الأجنبية في الوقت الحالي. ومع مرور الوقت، سيفوق الفلسطينيون عدد اليهود الإسرائيليين داخل إسرائيل"، بحسب هيرست.

وقال إن "الطريقة الوحيدة (بالنسبة لإسرائيل) لتجنب إنهيار حكم الأقلية اليهودية هي طرد أكثر من مليون فلسطيني".

واستدرك: "على العكس من ذلك، ومهما كانت الحياة لا تطاق بالنسبة لهم، وطالما يرفض الفلسطينيون مغادرة أراضيهم، فإن لديهم فرصة للخروج منتصرين. وبالنسبة لكل جانب، فإن الديموغرافية هي ساحة المعركة الحقيقية".

هيرست شدد على أن "الجهود الإسرائيلية الرامية إلى تحقيق النصر في هذا الصراع لا علاقة لها بالحل العادل أو التفاوضي ولا بتقاسم أرض مشتركة".

وأضاف أن "الإصرار المستمر من جانب الولايات المتحدة وأوروبا على حل الدولتين، الذي ليس لديه أي فرصة لرؤية النور، هو تمويه للمهمة الحقيقية التي بين أيدينا: التطهير العرقي.. وفرصة مثل الحرب التي يمكن أن تفرغ غزة من معظم سكانها، البالغ عددهم 2.3 مليون فلسطيني، لا تأتي في كثير من الأحيان".

 

إسرائيل تخسر الحرب..

 

جاء في تقرير نشر يوم الأربعاء، 25 أكتوبر 2023 في بيروت:

حالة الخوف والذعر من إطالة أمد الحرب الدائرة الآن من الآلة العسكرية الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة بدأت تسيطر على قطاعات واسعة داخل الرأي العام فيإسرائيل وبدأت كتابات في الصحف الكبرى مثل هآرتس تلوح بالكارثة الاقتصادية نتيجة الحرب الشاملة المستمرة منذ 18 يوما والتي تختلف عن كل المواجهات السابقة.

إسرائيل لم تعتاد خوض الحروب طويلة الأمد التي تعرضها لخسائر عسكرية واقتصادية جسيمة.. دائما ما يسعى جيش الاحتلال إلى الحروب السريعة الخاطفة دون التورط في حرب لا يعرف متى تنتهي.

"خسائر إسرائيل في الحرب الجارية حاليا 912 مليون دولار كل ثلاثة أيام من طلعات الطائرات وثمن صواريخ الباتريوت وتزويد الٱليات بالوقود واستهلاك ذخيرة .. ناهيك عن تعطل الحركة التجارية وهبوط البورصة وتوقف معظم المؤسسات وأعمال البناء وموت الدواجن في المزارع بعشرات ملايين الدولارات وتعطل بعض المطارات وبعض خطوط القطارات وثمن إطعام الهاربين إلى الملاجئ ناهيك عن التدمير في البيوت والمحال التجارية والسيارات والمصانع بفعل صواريخ المقاومة الفلسطينية".

هذا ما ذكرته صحيفة هآرتس التي توقعت المزيد من الخسائر الفادحة مع استمرار الحرب وقالت "إننا نتعرض لحرب لسنا من نديرها ... وبالتأكيد لسنا من ينهيها".

حسب التقارير الاقتصادية الصادرة من تل أبيب فان إسرائيل تتعرض لخسائر اقتصادية فادحة لم تتعرض لها منذ هزيمتها النكراء في حرب أكتوبر 73، فقد انهارت العملية المحلية – الشيكل- وتوقف قطاع السياحة والغاز والتكنولوجيا مع توقف قطاعات إنتاجية آخرى بسبب الخوف من الحرب أو باستدعاء حوالي 350 ألف جندي من جنود الاحتياط والذين يمثلون قوة العمل الرئيسية فى المصانع وفى القطاعات الاقتصادية الآخرى بما يهدد بتراجع النمو الاقتصادي الإسرائيلي من 6 في المئة الى ما يقرب من 3 في المئة. 

السياحة انهارت بشكل غير مسبوق بعد أن بلغ عدد السياح فيالفترة من يناير الى يوليو حوالي 2 مليون سائح بإجماليإيرادات 3.1 مليار دولار، وفقا لمكتب الإحصاء الإسرائيلي، فيما كانت التوقعات تشير الى أن أكثر من 4 الى 5 ملايين سائح سيقومون بزيارة إسرائيل حتى نهاية عام 2023 بإجماليإيرادات 6 مليارات دولار الا ان قيام الحرب على غزة أدى الى توقف كل ذلك بعد أن أعلنت خطوط الطيران حول العالم بتعليق وإلغاء رحلاتها إلى تل أبيب وغادر السياح إسرائيل على الفور.

الأمر لم يتوقف عند خسائر قطاع السياحة فقط، فاندلاع الحرب أدى إلى توقف العمل في أكبر حقول الغاز فى إسرائيل بالقرب من عسقلان والذي يغطى حوالي 70 في المئة من الكهرباء والطاقة لإسرائيل وهو ما تسبب في خسائر جسيمة بمئات المليارات أسبوعيا وأوقفت شركة شيفرون الأمريكية تصدير الغاز عبر خط أنابيب الغاز بين مصر وإسرائيل.

الخسارة الأكبر يمكن رصدها في قطاع التكنولوجيا الذي يمثل 51 في المئة من حجم صادرات إسرائيل للخارج والبالغة 71 مليار دولار في عام 2022، وهو أكبر قطاع صناعي في الكيان ويتعرض منذ أسبوعين إلى خسائر كبيرة عقب التراجع فيالإنتاج مع اضطرار الشركات العالمية الكبرى الى وقف وتجميد أعمالها واستدعاء عدد أخر من جنود الاحتلال الى الحرب وترك وظائفهم في أكبر عملية تعبئة منذ حرب أكتوبر 1973.

 

عمر نجيب

[email protected]