للإصلاح كلمة تفرق للمسلم بين حياتيه الدنيوية والأخروية

سبت, 2023-08-19 15:54

فالأولى يحيا فيها كآدمي مسلما أو غير مسلم حياة سعيدة أو حسب حظه سعيدا أو حياة بؤس، ولكن حسب سعادة أهل الدنيا وبؤسها.

 

ولكنه في حياته الأخرى يستحيل أن يعيش إلا وهو متلبس بأحد وصفين لا ثالث لهما؛ متكئا هو وأهله وأمثاله من الذين عملوا الصالحات في سكنى ما بعد الموت: وهم متكئون {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ} إلخ الآية الواردة في أهل تلك الحياة.

 

وإما أن يكون هو وأمثاله من غير العاملين للآخرة مسلمين أو غير مسلمين: {فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ}.

 

هذان المصيران لا يفصل بينهما إلا ما بين الحياتين، وهي ساعة الموت التي لا أجل لها مسمى.

 

ومن هنا سأبين للمسلم الموريتاني هذا الخطر المحدق به بعد موته مباشرة بعد أن اصطادت موريتانيا شراك ديمقراطية الغرب الماحية لعمل الآخرة من دستورها الذي كتبته وكأن الإسلام لا تدخل له في حياة المسلم، فبدأت بحذف التشريع الإسلامي (القاعدة الأولى التي ركز الإسلام على العمل بمقتضاها) كما قننت حذف تذكير الإسلام للمسلم بحياته التي سيسأل عنها سياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا طبقا لتعاليم الإسلام، وعلاقته مع غير المسلم الخ آخر ما يصدر في الحياة الدنيا.

 

ومعلوم أن جميع ما يصدر من الإنسان لا يصدر إلا بقوله بلسانه أو فعله ببدنه، ومنه طبعا العقل، وهو محل النية الجامعة لكل ما يمر عليه لسانه من قول ليسجل بعد صدوره من قلبه ليعرض عليه كله بعد انتهاء حياته الأولى مباشرة ليتحول في نفس الوقت إلى أحد المصيرين أعلاه.

 

وهذا المسجل لا يترك أي كلمة بلسان أو فكرة بقلب أو عمل بأي جارحة تلبس بها في أي أجزاء من بلوغ حياته سن المؤاخذة إلى يوم وفاته الحاصلة أيضا دون أجل معلوم عنده، وإن كان معلوما عند الله.

 

وهذا الفكر والقول والفعل المحاسب عليها يشمل جميع ميادين حياته سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا مع جميع فروعها في الحياة.

 

وبما أنني نقلت في المقال الماضي ما جاء في ديباجة دستور موريتانيا بأن من كتبها جعل العمل فيها لحياته الدنيا فقط وتجاهل فيها العمل لحياته الأخرى حيث من ما جاء فيها: كما يعلن اعتبارا منه لقيمه الروحية وإشعاعه الحضاري تمسكه بالدين الإسلامي الحنيف وبالديمقراطية الواردة تحديدها في إعلان الأمم المتحدة والوحدة الإفريقية وحقوق الانسان – بمعنى أن الإسلام أخذ بعقيدته فقط، أما العمل به فحول إلى ديمقراطية الغرب والوحدة الإفريقية وحقوق الإنسان إلى آخره.

 

ومن المفارقات أن أي أحد بعد موته ستحاسبه عقيدته الإسلامية المؤمن بها على عمله طبقا للديمقراطية التي انتهت منه عند وفاته وتركته يطبق فيه الإسلام حسب ما فيه من الأوامر والنواهي.

 

والآن سوف أنقل أيضا من مواد الدستور المناقضة للإسلام المعاقب على اعتقادها في الدنيا والعمل بها فيها ما يشيب لهوله الولدان بسبب البعد عن الإسلام.

 

المادة: 2 الشعب هو مصدر كل سلطة، السيادة الوطنية ملك للشعب يمارسها عن طريق ممثليه المنتخبين.

 

فالسلطة التي هي ملك لله يؤتيه من يشاء وينزعه عمن يشاء أصبحت ملكا للشعب يتصرف فيها، والواقع أنها اصبحت فوضى يوزعها من يحكم طبقا لهواه في الدنيا وطريقا لكل إنسان يؤمن بها بديلا عن أحكام الإسلام كله إلى أمه الهاوية.

 

فنرجو من الله أن يتداركنا بالتوبة بالجلوس بجوارها وتطبيقها فينا من غير حول منا ولا قوة.