لا داعي لنشر غسيل القضاء امام الرأي العام الوطني !

خميس, 2021-03-04 09:10

بصفتي محام وطني قد مارس مهنة المحاماة في بلده، و لمدة تزيد على عشر سنوات، ولديه الكثير من أسرار قضائنا الموقر سواءً الاجابي منها او السلبي، وكذا بدافع الوطنية، و حترام شباب قضائنا الذين يبدو انهم - للأسف - لم يطلعوا بعد - حتى الان - بالقدر الكافي على تاريخ مؤسستهم المحترمة .
لهذا اقول لهم - صادقا - ان مجرد كلمة قاض كانت تقترب من مستوى التقديس في هذه البلاد، حتى ان بعض العائلات تسمي ابناءها ( القاضي ) و ذلك لعلمه و نزاهته يوم كان ضميره نقيا، لم يتلوث بعد بما استوردنا من فقه قضائي و مساطر و اعراف اجنبيه.
و اليوم لما اصبع من النادر ان نرى من يسمي ابنه على لقب القاضي لما صار عليه حال القضاء عندنا اليوم.
و ما دام الحال هكذا او قريبا من ذلك، فلا داعي لان يمتعض قضاتنا من نقد موجه لهم صادرا من هنا او هناك، و بالتالي فعليهم ان يعيدوا الى مؤسستهم احترامها و تقديرها لدى المواطن، لا عن طريق السجون او العقوبات. بل بواسطة النزاهة و يقظة ضمير الحق لديهم، لأن الاحترام الناتج عن العقوبة يعد خوفا و ليس احتراما نابعا من وجدان الفرد و ضميره الحر .
و اني من خلال هذه المقدمة فسوف احاول ان اطلب من شباب قضائنا ان يعيدوا الى الاستماع الى مداخلة النائب المحترم عبد السلام حرمه ولد ببانه ولد عبد الجليل ، فسيرون انه لم يعمم فيها و لم يتهم قاضيا بذاته، و لقد صرح بذلك في اخر كلمته مما يستنتج منه انه لم يرد المس من سمعة القضاء .
و من المعروف قانونيا ان القضاء يأخذ بالاحسن للمتهم اذا حصل اتهام ما ربما لذلك النائب المحترم، من طرف النيابة العامة الوطنية الموقرة.
و هنا اسأل السادة شباب قضاتنا فهل موقفكم هذا من النائب يعد صحوة ضمير، او نوعا من جلد الذات بسبب تقاعسكم عن مؤازرة زميلكم القاضي الجالس ولد النينين الذي فصله ولد عبد العزيز تعسفا و خرقا للدستور و القانون جراء حكم اصدره ذلك القاضي في جلسة عامة، لا لخطإ قد ارتكبه  الا ان ذلك الحكم ربما لم يرق للسيد الرئيس، و كذا نفس الشيئ قد حصل مع رئيس المحكمة العليا السيد ولد الغيلاني الذي يشهد له الجميع بالنزاهة و الكفاءة، و الذي كان عليه ان يقضي كامل مأموريته رئيسا للمحكمة العليا ، و لأنه قد رفض اكثر من مرة الاستقالة من منصبه مما ادى الى طرده من طرف محمد ولد عبد العزيز مخترقا بذلك الدستور و القوانين الوطنية . 
و بالتالي يترتب علينا طرح السؤال التالي القائل : فما دمتم قد سكتم عن تلك الخرقات القانونية المشار اليها اعلاه ؟ فلماذا هذا الموقف الجديد الحازم منكم الان ضد هذا النائب الوطني الذي كانت كلمته تعد لصالح القضاء و ليست ضده، و يفهم ذلك من يستطيع قراءة مابين السطور !
ان هذا النائب الذي تنون فتح الدعوى ضده، فإنه سوف  يدافع عن نفسه بمجرد تأهيله للنائب برام الداه ولد اعبيد و ترشيحه له من حزبه، مما جعله يكف لسانه على الاقل عن ايذاء مؤسستكم المحترمة و غير ذلك من علماء الوطن و رموزه.
فهلا نسيتم إساءات برام و التي كُنتُم حينئذ، تكتفون حيالها بالصمت الرهيب و وجوه صفراء عاجزة و حزينة عن موقف حازم و صارم تجاه تلك الإساءات المتكررة رغم مالديكم من إمكانية سلطة الاتهام و التحقيق و كذا الحكم !
و لكن السؤال الذي يجب ان يرد عليه شباب قضاتنا المحترمون فهو ما متى نمت لديكم نبرة التحدي هذه، ضد من تسول له نفسه المساس من احترام مؤسستكم و كذا باقي الامؤسسات الوطنية الشيئ الذي تشكرون عليه. 
فهل يعود الامر الى وعد قد حصلتم عليه بأنكم ستنالون استقلالكم الفعلي القاضي بعدم امكانية تحويل افرادكم او طردهم من وظائفهم، كما كان الحال ساريا ابان الانظمة المتعاقبة السابقة في بلادنا.
 ام صار للمدعي العام امكانية الاتهام دون الرجوع الى السلطة التنفيذية ممثلة في وزير العدل.
و هناك اختبار على الابواب سنعرف من خلاله ما مدى تلك الاستقلالية، من خلال ما تتخذون من قرارات في ملف الفساد المفتوح امامكم !
و اخيرا انصحكم يا شباب قضائنا المحترمون ان لا تنشروا غسيل مؤسستكم الموقرة  امام جلسات القضاء العامة المفترض ان تكون مفتوحة امام الجمهور، و ان لا تتركوا لشباب المحامين شبه العاطلين عن العمل و الذين ربما يؤازرون النائب الظنين ان اتهم فعلا، و ذلك من ان ينالوا من سمعة قضائنا بذكرهم وقائع ربما سيكون صداها اشد و اقوى تأثيرا و قعه على مسامع المواطنين و كذا الرأي العالم الوطني و الدولي، من مجرد كلمات قد تفوه بها ذلك النائب المحترم من غير سوء نية، و ليس القصد من ورائها الاساءة على قضائنا المحترم . 
بل هي مجرد محاولة منه الى لفت الانتباه الى ما يمكن ان يرفع من مستوى ذلك القضاء .
و في الختام فإني أكن لكم التقدير و الاحترام ايها السادة قضاتنا المحترمون و اتمنى صادقا ان نعمل جميعا و في مقدمتنا انتم السادة القضاة من اجل اصلاح قضائنا بحيث يصبح (مرجل )السلطة قائما على ثلاثة اثافي، و ليست اثنتين فقط، رغم انه في بقية الاثفي ما يقال اذا ما حان وقت البوح بذلك لا قدر الله !

ذ/ اسلم محمد المختار مانا