لتكن المدرسة المهجرية الموريتانية مثل شقيقتها الشامية في امريكا الشمالية!

سبت, 2020-10-10 01:44

إن ظاهرة الهجرة تعد ظاهرة اجتماعية قديمة كتبها الله على بعض افراد الشعب العربي بسبب ظروفهم الإقتصادية و الدينية احيانا و لعل من اهمها على الإطلاق هجرته صلى الله عليه و سلم، من مكة المكرمة الى المدينة المنورة هو و اصحابه البررة رضي الله عنهم، تلك الهجرة التي غيرت مجرى التاريخ الى الأبد !
و من الهجرات ايضا التي تركت بصماتها واضحة على جبين التاريخ الثقافي العربي فهي مدرسة المهجر في امريكا الشمالية، و التي زينت تاجها الذهبي و رصعته بالحجارة الكريمة من أمثال جبران خليل جبران الشاعر و الرسام و الناقد الإجتماعي الوطني و يكفيه فخرا مجموعته المعروفة بإسم الاجنحة المتكسرة، و بيته الشعري الذي يلخص به فساد المجتمع و الدولة ( سارق الورد مذموم بفعلته       و سارق الحقل لا يدري به البشر ) 
و مخائيل نعيمة الأديب المتأمل و احد نقاد النهضة العربية و ذلك بكتابه ( الغربال ) 
ثم إليا ابي ماضي الشاعر المتأمل ايضا  و المتفائل حيث يصف درة الشام دمشق بعد عودته اليها من احد اسفاره واصفا تقدمها السريع حيث يقول
 ( حي الشام مهندا و كتابا          و الغوطة الخضراء و المحرابا 
لست ما ارى قبابا و إنما           عزما تمرد فإستطال قبابا )
ثم يقول في موضع اخر واصفا اهل دمشق 
( اهلك الدهر من فضلتهم         و ذكرهم في عروة الدهر وسام   )
ثم يقول في محل التفاؤل 
( نحن من قوم اذا ما حزنوا          و جدوا في حزنهم طربا 
و اذا ما حاجة صعبت           هونا بتالرك ما صعبا
و اخيرا نتطرق الى هجرة من نوع آخر لا يمكن لأفرادها ان يطلق عليهم اسم مدرسة لإختلاف أزمنتهم و امكنتهم ، و لكنهم رغم ذلك قدموا للأمة الإسلامية و العربية ما يفوق في الأهمية انتاج اي مدرسة ادبية او فكرية و هم امثال : 
العالم و الاديب محمد محمود ولد التلاميد و العلماء الأجلاء اولاد ميابه و آبه ولد اخطور ثم ولد اطوير الجنة و غيرهم الكثير !
و ذكري  لما سبق يقودنا الى تناول مدرسة بدأت تتشكل ملامحها في الأفق القريب في أمريكا الشمالية يتنقل بعض افرادها ما بين الولايات المتحدة الأمريكية و كندا و من افراد هذه المدرسة السادة الطالب ولد عبد الودود الذي يهتم بالنقد الإجتماعي و السياسي لحكام بلادنا باسلوب ساخر و جارح احياننا يتناول فيه ساسة البلاد و احيانا يتجاوزهم الى رموز اخرين حتى يتناول بالنقد بعض العلماء بلغة محلية معروفة من معظم السكان واضعا فيها النقاط على الحروف .
و ايضا السيد سيدي ولد اكماش الذي سلك نفس النهج بصورة اخف، و لكنه للأسف يدخل في معارك جانبية كان في غنى عنها قدا شغلته عن هدفه الأصلي الذي هو توعية المجتمع على مشاكله السياسية و الاقتصادية.
 ثم السيد ولد احمادو الملقب (التاله) ، الذي يبدوا ان بوصلته تتجه لغرض ما في نفس يعقوب و هو النقد و بصفة جارحة لكل من الطالب عبد الودود و سيدي ولد اكماش مما جعل الرجلين يكادان يفقدان وقارهما حينما  يردان عليه بنفس الأسلوب الشعبي الواطئ، و بنفس اللغة الخشبية !
إني قد ذكرت هذه المدارس و تلك التي لم تبلغ مرحلة التمدرس لا للمقارنة و لا للسخرية او المشاركة في ذلك التنابز المنهي عنه -اصلا -في شرعنا الحنيف، و إنما الهدف عندي هو لفت انتباه اولئك الشباب من اجل ان يتوجهوا الوجهة التي تترك لهم اثرا طيبا في وجدان امتهم العربية و الإسلامية و ان يزيدوا من رصيد الشعب الشنقيطي في سجلات التاريخ العامرة -اصلا -بانجازات من سبقوهم من مهاجري ذلك الشعب الى مخلف بقاع العالم ، و ليس ذلك ببعيد عليهم اذ ما قارنا مستوى بعضهم العليمي او الأدبي مع بعض افراد المدرسة الشامية المعروفة بمدرسة المهجر في امريكا الشمالية، ولكن للأسف أن بعض شبابنا قد انشغل عن تلك الأهداف النبيلة بجمع المال من جهة  و محاولة تسريع التغير في بلادنا من جهة ثانية بمجرد النقد اللاذع مكتفين بذالك وحده  دون إعطاء البديل، الذي يجب ان يكون  من ضمنه توعية السكان و السلطات هما معا على واقع البلاد الذي لا يرضى عنه اي منا نحن جميعا، و محاولة تغيره الى الافضل على نار هادئة حسب ظروف البلاد و امكانياتها المتاحة -حاليا- و كذا في المستقبل القريب و حتى البعيد !! 

ذ/ اسلم ولد محمد المختار ولد مانا