حسم الحرب في بلاد الشام من روافد الصراع من أجل نظام عالمي جديد... سوريا أحد دعامات مشروع الصين "الحزام والطريق"

ثلاثاء, 2020-09-01 16:39

منذ الربع الثاني من سنة 2020 تقلصت إلى حد ما المساحات التي تعطيها وكالات الأخبار ووسائل الاعلام الدولية للحرب شبه الدولية الدائرة على أرض الشام منذ منتصف شهر مارس 2011. تقلص الاهتمام هذا يعود إلى عدة أسباب فزيادة على انخفاض حجم العمليات العسكرية الكبيرة على أرض الشام كان الاهتمام مركزا على ساحات صراع اخرى سواء في المنطقة العربية مثل ليبيا ولبنان والعراق واليمن أو خارجها مثل احتدام المواجهات الأمريكية الصينية إضافة طبعا للأزمة العالمية المتعددة الأوجه المترتبة على جائحة كوفيد 19.
في المعسكر المناهض لدمشق وعلى رأسه الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا وتوابعهما كان هناك تصور أن الحصار المفروض على سوريا بما في ذلك قانون "قيصر" الأمريكي سيركع حكومة دمشق وسيخلق أزمة داخلية تقود إلى تحقيق ما فشلت فيه تسع سنوات من الحرب. وقد عززت واشنطن كذلك اسلحتها ضد سوريا بتفعيل الأزمات داخل لبنان وخلق جو تهديد بحرب أهلية، كما وجهت وخزات أو لكمات صغيرة غير مباشرة إلى الأردن حتى لا يواصل انفتاحه على دمشق وفعلت نفس الأمر مع دول عربية أخرى حتى لا ترتكب ما فعلته حكومة الثني في ليبيا حين فتحت سفارتها في سوريا.
وقد اقنعت بعض تقارير أجهزة الرصد الأمريكية إدارة البيت الأبيض بأن الوضع العسكري على الأرض في سوريا قد جمد وأنه مع وجود قوات تركية كبيرة سواء في جيب إدلب شمال غرب سوريا أو في شريط حدودي يمتد حتى نهر الفرات شرقا ومرابطة قوات أمريكية في منطقة شرق الفرات وخاصة حول حقول النفط السورية بالتحالف مع وحدات قسد الكردية التي اختارت العمل ضد دمشق، لن يترك أي خيار أمام التحالف السوري الروسي سوى البحث عن مخرج سياسي والقبول بالجزء الأكبر من شروط واشنطن أو التسليم بالخطوط الحالية أي التقسيم الفعلي للأرض السورية وما سيترتب عن ذلك من حاجة دمشق لدعم مادي واقتصادي وسياسي طويل المدى.
الأن مع بدء الربع الأخير من سنة 2020 أخذت الصورة تعرف بعض التغيير في معاكسة للتصورات السائدة داخل أروقة القرار في كل من واشنطن وتل أبيب وأنقرة ومن بقي في معسكرهم.
النفس الطويل
يقول محللون في العاصمة الالمانية برلين أن دمشق وموسكو يطبقان تكتيك النفس الطويل للوصول إلى أهدافهم ويتركان الخصوم غارقين في مآزق لتعجلهم الوصول نصر سريع وواضح، وزيادة على ذلك يستفيدان من التناقضات داخل المعسكر الغربي والغضب الأوروبي من المنافسة الامريكية الجشعة. وكما اشير في سنة 2014 تدخل الكرملين في جورجيا واخذ اوسيتيا الجنوبية تحت جناحه، واستعاد شبه جزيرة القرم دون ان يطلق طلقة واحدة، ونجح في ضم الاغلبية الروسية في شرق أوكرانيا.
محللون في لندن يقولون يدرك بوتين أن الغرب يفتقر إلى التجانس والعمل الموحد فيما بتعلق بالشؤون الخارجية. كما يعلم كيف يستغل نقاط الضعف هذه لصالحه.
وبخلاف التدخلات الغربية في أفغانستان والعراق، كان للروس رؤية واضحة لما يريدونه في سوريا وكانوا على استعداد كاف للمضي قدما في تنفيذ رؤيتهم. وكان لتدخل روسيا في الصراع السوري، بدعم قوات الجيش السوري، أثرا في كسب السيطرة على غرب البلاد، والإمساك بزمام الأمور في الصراع.
وعاد تدخل بوتين في منطقة الشرق الأوسط بالنفع عليه، إذ أكد أن لا أحد يمكنه السيطرة الكاملة على منطقة حيوية كهذه، وقد أعطته الفرصة لتجربة خطط عسكرية وأسلحة جديدة، والأهم أنها كانت رسالة قوية للحلفاء التاريخيين بأن روسيا لا تتخلى عن أصدقائها.
وتضيف المصادر البريطانية: يرى بوتين في انهيار الاتحاد السوفيتي مأساة كبرى، ويرى أنه من الضروري أن تستعيد روسيا مكانتها كلاعب أساسي على الساحة العالمية، وقد وجد بوتين في سوريا إحدى الوسائل التي تمكن بلاده من استعادة تلك المكانة.
لكن المشكلة بالنسبة للغرب تتمثل في أن الأمر لا يقتصر على سوريا.
إن بشائر عودة الدب الروسي تظهر في أكثر من مكان. ولبوتين يد مؤثرة في ليبيا، حيث تدعم قوات الجنرال حفتر ضد حكومة طرابلس.
كما أن روسيا داعم أساسي للنظام الفنزويلي. ولا تكف روسيا عن لعب دور القوة العظمى في محيطها، وتمضي بلا هوادة في تحقيق مصالحها في جورجيا وأوكرانيا.
ويتبنى العديد من المسؤولين في الإدارة الأمريكية موقفا معارضا بشدة لأنشطة موسكو، بينما يبدي الرئيس ترمب قدرا ملحوظا من الثقة في الرئيس بوتين ويركز على مواجهة الصين التي يرى أنها الخطر الأكبر على المركز العالمي للولايات المتحدة سياسيا واقتصاديا وعسكريا.
وفي ظل حالة عدم اليقين السياسية، لا يمكن اعتبار ألمانيا حاملة للواء الغربي، كما لا يمكن اعتبار المملكة المتحدة حاملة لهذا اللواء في ظل انشغالها بالخروج من متاهة بريكست أي الانفصال عن الاتحاد الأوروبي. من إذن يحمل هذا اللواء؟.
لقد مهدت فرنسا الطريق لعودة الارتباط بموسكو. وقد وضع الرئيس إيمانويل ماكرون هذه العودة إلى موسكو بين أولويات سياسته الخارجية.
وفي مؤتمر ميونيخ للأمن شهر فبراير 2020، قال الرئيس الفرنسي إن أوروبا بحاجة إلى استعادة نفسها كقوة استراتيجية. وأكد أن ثمة حاجة إلى "سياسة أوروبية تجاه روسيا .. لا سياسة أوروبية عابرة للأطلنطي".
وقد انضمت باريس عمليا إلى مؤيدي معسكر الجيش الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر مما أغضب سيد البيت الأبيض وحليفه في أنقرة، ومع نهاية سنة 2020 تعمل فرنسا لدعم لبنان اقتصاديا وسياسيا وتجنيبه الحرب الأهلية، وهي بذلك تقدم خدمة غير مباشرة لحزب الله اللبناني التي كان أمل واشنطن وتل ابيب إضعافه وشغله بحرب أهلية جديدة تستهلك قدراته العسكرية خاصة إذا تدخل الأسطول السادس لقصفه. فرنسا بدعمها للإستقرار في لبنان تقدم كذلك ربما رغم أنفها مساعدة لدمشق التي كانت الفوضى اللبنانية لو انفجرت ستجبرها على تحمل تبعات مواجهة على جبهة جديدة توجد على أعتاب العاصمة السورية.
هدوء خادع
يوم الاربعاء 26 أغسطس 2020 اعتبر الممثل الخاص الأمريكي المعني بشؤون سوريا، جيمس جيفري، أن السلطات السورية بقيادة الرئيس، بشار الأسد، لن تتمكن من تحقيق أي مكاسب جديدة على الأرض بطرق عسكرية.
وقال جيفري، في تصريح أدلى به خلال زيارة إلى أنقرة: "يجب أن تنتهي المرحلة العسكرية لهذا النزاع. لا أراض أخرى يمكن أن يسيطر عليها النظام".
وأضاف: "يجب على النظام العودة إلى طاولة المفاوضات والتعامل مع باقي المجتمع الدولي. هذه هي أولويتنا. اليوم وغدا سنتحدث حول هذا الأمر مع السلطات التركية".
وأشار الدبلوماسي الأمريكي إلى أن تركيا يجب أن تكون في أي حال من الأحوال بين الأطراف الجالسة حول طاولة المفاوضات بشأن سوريا، التي قال إنه "تمثل تهديدا أمنيا وجيوسياسيا هائلا بالنسبة إلى كل دول جوارها بدءا من تركيا".
سياسيون في انقرة قدروا ان التصريح الأمريكي يعني أن الشمال السوري لن يشهد في المدى المنظور عمليات عسكرية واسعة النطاق، وقد أعلنت واشنطن استعدادها لدعم الجانب التركي إذا تجاوزت قوات دمشق خطوطا رسمت لها في محافظة إدلب.
وذكر نائب مساعد الوزير لشؤون الشرق الأدنى والمبعوث الخاص إلى سوريا، جويل رايبرون، في مؤتمر صحافي في إسطنبول ، إن واشنطن تدعم تركيا في اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب، مضيفا: "إذا حصلت أي حملة عسكرية فستكون واشنطن مستعدة لدعم أنقرة بما تستطيع فعله".
وعلى وقع الدعم الأمريكي لها، واصلت أنقرة تعزيز قواتها داخل محافظة إدلب، حيث دخل، يوم الخميس 27 أغسطس، رتل عسكري جديد إلى سوريا عبر معبر كفرلوسين الحدودي شمالي إدلب، يتكون من نحو 20 آلية، معظمها شاحنات مغلقة، اتجهت نحو النقاط التركية في المنطقة.
يوم 27 أغسطس التقي جيفري في أنقرة كلا من المتحدث الرسمي باسم الرئيس التركي، إبراهيم قالن، ووزير دفاعه، خلوصي أكار.
 بعد 48 ساعة من هذه الاجتماعات دعت ما توصف غربا بالمعارضة السورية الرئيسية القوى الكبرى يوم السبت 29 أغسطس إلى المساعدة في التوصل إلى وقف لإطلاق النار على مستوى كل البلاد في الأشهر المقبلة لتمهيد الطريق أمام انتقال سياسي.
وقال هادي البحرة الرئيس المشارك للجنة الدستورية السورية للمعارضة إن العملية السياسية ستظل متوقفة ما دام لا يوجد وقف لإطلاق النار بأنحاء البلاد.
وأضاف أنه يقع على عاتق المجتمع الدولي والدول الداعمة لأي من الطرفين المتحاربين الضغط من أجل التوصل لوقف شامل ودائم لإطلاق النار.
وأوضح أنه عندما يحدث ذلك، ستتحرك العملية السياسية بشكل أسرع لأن جميع الأطراف ستعلم أنه لا توجد وسيلة أمامها لتحقيق نصر نهائي بوسائل عسكرية. وذكر البحرة إن قوات من الولايات المتحدة وروسيا وتركيا وكذلك فصائل مسلحة إيرانية موجودة في سوريا.
موسكو ردت حيث اعتبر مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتيف، أنه من غير الممكن الحديث عن وقف كامل لإطلاق النار في سوريا بسبب تصرفات الجماعات الإرهابية هناك. وقال لافرينتيف، في تصريح صحفي أدلى به في جنيف: "الجميع يلاحظ استقرارا معينا للوضع في سوريا من حيث الالتزام بنظام وقف إطلاق النار، على الرغم من وجود استفزازات، لكن عددها أصبح أقل بكثير".
وأضاف: "لا يمكننا الآن الحديث عن وقف إطلاق النار، واضعين في الاعتبار ضرورة مواصلة مكافحة التنظيمات الإرهابية، مع الأسف أعدادهم تتزايد، في هذه الظروف من الصعب الحديث عن إعادة إعمار سوريا".
ولفت مبعوث الرئيس الروسي في هذا السياق إلى تسجيل تكثيف أنشطة الخلايا النائمة لتنظيم "داعش" المصنف إرهابيا على المستوى الدولي في الأراضي السورية.
المأزق
المطالبة بوقف اطلاق النار والحديث عن إستحالة كسب الجيش السوري لمزيد من الأراضي، لا يعكس حقيقة الأوضاع حيث أنه وكما يحدث منذ 30 سبتمبر 2015 يعتمد الجيش السوري على سياسة القضم التدريجي للأراضي التي يسيطر عليها خصومه سواء من الفصائل المسلحة أو القوات التركية والأمريكية. فمن ديسمبر 2019 وحتى بداية 2020 مثلا استعاد الجيش السوري نصف مساحة جيب ادلب رغم التدخل العسكري التركي، وفي الجنوب السوري وشرقه أخلت القوات الأمريكية عددا من القواعد بعد اقتراب خطوط الجيش السوري منها. ومع بداية صيف 2020 تعددت الحوادث التي تتعرض لها القوات الأمريكية التي تحاول إبقاء سيطرتها على آبار النفط السورية وحرمان دمشق منها. ويسجل المراقبون أن القوات الروسية في سوريا وكذلك العشائر السورية يضغطون بطرق مختلفة على الأمريكيين.
يوم 28 أغسطس 2020 كتب إيفان أباكوموف، في "فزغلياد"، حول الصدام الذي جرى في سوريا بين دورية روسية وقوة أمريكية.
وجاء في المقال: وقع حادث بين دورية روسية وقوة أمريكية في سوريا. أحبطت سيارات الشرطة العسكرية التابعة للقوات المسلحة الروسية محاولة عربات مصفحة أمريكية إعاقة حركة الدورية، ما أدى إلى إصابة عدد من العسكريين الأمريكيين، ودفع واشنطن إلى توجيه اتهامات ضد موسكو.
وقد سبق أن وقعت حوادث مشابهة بين العسكريين الروس والأمريكيين.
ووفقا للخبراء، فإن جميع الحوادث التي أقدم عليها الأمريكيون باستفزاز لا تتعارض مع القانون الدولي فحسب، بل وتتعارض أيضا مع النوايا المعلنة للرئيس دونالد ترمب بتقليص وجود القوات المسلحة الأمريكية في الشرق الأوسط.
وفي الصدد، قال محرر مجلة "ترسانة الوطن"، أليكسي ليونكوف: "لقد تحدثت الحكومة السورية مرارا عن أن الأمريكيين ليس لديهم ما يفعلونه في هذا البلد. ومع ذلك، فهم ما زالوا يحشرون أنوفهم ويعيقوننا عن تشغيل آليات السلام".
وأشار ليونكوف إلى أن العسكريين الروس، خلال الحادث الذي وقع شمال شرقي سوريا، "لم يقطعوا الطريق على القوة الأمريكية، كما زعم الأمريكيون، إنما فتحوا الطريق والمسار الذي كان الأمريكيون يتحركون فيه. لقد علموهم العقل والحكمة فقط حتى لا يتدخلوا في حركة دورياتنا".
وأوضح ضيف الصحيفة أن الحركة على طول الطرق في سوريا يتم الاتفاق عليها مسبقا بين جميع الأطراف المعنية، لأن أي تغيير أو انحراف عن المسار يمكن أن يؤدي إلى وقوع حوادث. لذلك، تصرف العسكريون الروس بما يتفق بدقة مع التعليمات الواردة، بينما يقوم الأمريكيون باستفزازات صريحة.
ليس هناك اجماع لدى المحللين في موسكو حول شكل رد البنتاغون على اصابة عدد من جنوده فقد كتب فلاديمير موخين، في "نيزافيسيمايا غازيتا" يوم 28 أغسطس:
تعليقا على لقطات تصور عرقلة دورية روسية مرور قوة أمريكية على طريق إم 4 في شمال سوريا، قال وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، يوم الخميس 27 أغسطس، إن على الولايات المتحدة تقديم "رد فعال" على مثل هذه الحوادث والاستعداد "لمواجهة روسيا والصين حول العالم".
تظهر البيانات الموضوعية أن الولايات المتحدة، بعد أن استولت على المصادر الرئيسية لموارد الطاقة شرقي الفرات، تفعل ما تستطيع لحماية نفسها. وهنا، ليس فقط الأكراد حلفاء واشنطن، إنما وتركيا التي تحاول توسيع أراضيها على حساب إدلب.
روسيا، من جانبها، تعزز قوتها العسكرية في سوريا أيضا. فمؤخرا، هبطت سبع طائرات نقل عسكرية من طراز "إيل-76" في قاعدة حميميم الجوية. بعد مقتل اللواء الروسي فياتشيسلاف غلادكيخ، في 18 أغسطس في دير الزور، نفذ الجيش السوري وحلفاؤه، بمشاركة مباشرة من القوات الجوية الروسية وقوات العمليات الخاصة، عملية عسكرية واسعة النطاق. تم بنتيجتها القضاء على أكثر من 300 مسلح.
لكن لم يتضح بعد من يقف وراء ترتيب اغتيال الجنرال. وقد أفادت وزارة الدفاع الروسية بأن معظم المسلحين في المكان الذي قتل فيه غلادكيخ "ظهروا في المنطقة بعد ما يسمى بالعفو الذي أعلنته الإدارة الذاتية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة في شمال شرق سوريا". وتركز الدفاع الروسية على حقيقة أن "عصابات داعش تتعزز في البادية السورية بمسلحين تدربوا في مناطق التنف وما وراء الفرات السوري التي تحتلها الولايات المتحدة".
انطلاقا من ذلك، يفترض أن الأمريكيين متورطون بشكل غير مباشر في مقتل الجنرال الروسي. وقد استعرضت روسيا ردها الصارم على ذلك. لكن من المتوقع أن يأتي رد من واشنطن أيضا.
النفط
جاء في تقرير نشر في العاصمة اللبنانية بيروت يوم 28 أغسطس 2020:
توجت حادثة تصادم الدوريتين الروسية والأمريكية، يوم 26 أغسطس، في ريف المالكية شمال شرق الحسكة، سلسلة أحداث تراكمية ناجمة عن الصراع على النفوذ بين الطرفين في الجزيرة السورية، وذلك منذ انتشار الجيش السوري على الشريط الحدودي الشمالي. ولم تتسبب الحادثة التي أوقعت جرحى في صفوف القوات الأمريكية في أي مواجهة مباشرة، إلا أنها أنبأت بارتفاع منسوب المنافسة الأمريكية الروسية على تثبيت النفوذ في الشرق السوري.
وجاءت الحادثة بعد تكرار حالات المطاردة بين دوريات الجانبين، والتي عكست تسابقهما في موطن الثروات النفطية في سوريا، وتحديدا في كل من الحسكة ودير الزور. ومنذ الإعلان عن انتشار الجيش السوري على كامل الشريط الحدودي الشمالي لمحافظة الحسكة من الدرباسية حتى المالكية، حرص الجانب الروسي على تسيير دوريات شبه يومية في المنطقة، لتثبيت نفوذه فيها. وفي المقابل، أظهرت كثافة الدوريات الأمريكية في الريف الشمالي الشرقي للمحافظة رغبة واشنطن في إظهار علو كعبها في محيط آبار النفط والغاز، ورفض أي وجود للروس والجيش السوري في المنطقة. ومن الواضح أنه لا تروق الأمريكيين مشاهدة الدوريات والحوامات الروسية في رميلان والقحطانية والمالكية شمال شرق الحسكة، ولذلك هم يعمدون، بشكل متكرر، إلى مضايقة الروس ومطاردتهم ومحاولة إخراجهم من المنطقة. كما ظهر امتعاض واشنطن من تمدد النفوذ الروسي في الحسكة، من خلال ردها على سعي موسكو لتنظيم مرور القوافل التجارية والمدنيين عبر دوريات يومية على الطريق الدولي "ا م 4"، بتكثيف تحركاتها في بلدة تل تمر ومحيط الطريق الدولي.
وعلى رغم المضايقات الأمريكية المستمرة لها، إلا أن موسكو تظهر إصرارا على توسيع وجودها في الحسكة، وهو ما بدا من خلال رفع أعداد قواتها بشكل ملحوظ في كل من القامشلي وتل تمر، والسعي لتحويل مطار القامشلي إلى ثاني أكبر قاعدة عسكرية روسية بعد مطار حميميم. وفي ظل غياب أي آلية معلنة تمنع التصادم بين الطرفين، أو تحدد مناطق النفوذ، يبدو أن موسكو ترى أن من حقها، كقوة دولية موجودة بموافقة الحكومة الشرعية للبلاد، التحرك بحرية في كامل الجغرافيا السورية، فيما تستمر واشنطن في محاولة تقويض خطوات الروس في الجزيرة السورية، وحث حلفائها في "قسد" و"الإدارة الذاتية" على "عدم الوثوق بهم" بهدف إفشال أي محاولة روسية للتقريب بين دمشق والقوى الكردية، لكون ذلك سيؤدي حتما إلى تهديد الوجود الأمريكي في المنطقة. وفي بعض الأحيان، نجح الأمريكيون في مساعيهم لتأليب الأهلي على القوات الروسية، فمثلا في قرية دير غصن، أثار تحريض واشنطن على موسكو حراكا أهليا دفع بعناصر النقطة الروسية التي أنشئت في القرية إلى المغادرة منذ نحو شهرين. في المقابل، يسعى الجانب الروسي إلى إظهار الرفض الشعبي للوجود الأمريكي في عموم الأراضي السورية، وذلك من خلال دعم المواقف العشائرية الداعية إلى استعادة الدولة السورية سيادتها على كامل البلاد. أيضا، دعمت موسكو التظاهرات والاحتجاجات التي خرج فيها أهالي ريف القامشلي في عدة قرى ضد الوجود الأمريكي، مبلغة وجهاء عشائر عديدة، خلال لقاءات معهم في القامشلي، تأييدها كل حراك شعبي يدعو إلى مغادرة الأمريكيين المنطقة.
وأمام تضارب مصالح الطرفين، يستبعد مصدر ميداني، حصول أي مواجهة مباشرة، لافتاً إلى أن "التواصل مستمر ودائم، مع الحرص على إنهاء أي خلاف، وعدم السماح بتطوره إلى مواجهة مباشرة". ويشير إلى أن "أساس الخلاف هو رفض الأمريكيين أي وجود روسي في محيط حقول آبار النفط، بعد الإعلان عن إعادة الانتشار العسكري الأمريكي في تلك المناطق"، كاشفا عن "خشية أمريكية من عودة الآبار لسلطة الدولة السورية". ويتوقع المصدر أن "تنجح موسكو في تطوير نفوذها، مع غياب أي جدول زمني أمريكي واضح للوجود في المنطقة". 
المقاومة الشعبية
قبل الاصطدام الروسي الأمريكي ويوم الثلاثاء 18 أغسطس استهدف مسلحون القاعدة الأمريكية في حقل كونيكو الغازي بثلاثة صواريخ.
لا يمكن فصل حدث استهداف القاعدة الأمريكية، عن الاستهداف الأمريكي للجيش السوري في قرية تل الذهب في ريف القامشلي، وبيانات العشائر التي هددت بإطلاق مقاومة مسلحة ضد وجود واشنطن في سوريا. الاستهداف الذي جاء في وقت متأخر من ليلة الثلاثاء، طاول الحقل الغازي الذي تتمركز فيه قوات أمريكية وأخرى فرنسية وبريطانية، تبعد مسافة سبعة إلى ثمانية كيلومترات من نقطة وجود القوات الحكومية السورية. وفيما لم يعرف حجم الأضرار، قال الناطق باسم "التحالف الدولي"، مايلز كاغينز، إنه لا خسائر أو أضرار في صفوف "التحالف"، بعد سقوط "ثلاثة صواريخ من نوع كاتيوشا صغيرة الحجم، بالقرب من قاعدة كونيكو، شرق سوريا".
وعلى رغم محدودية الحدث، لجهة نوع الصواريخ وعددها وتأثيرها، إلا أنه يعد تطورا أمنيا بارزا، لكونه الاستهداف الأول للقواعد الأمريكية منذ دخول عناصرها إلى الأراضي السورية في سبتمبر عام 2014.، لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن العملية، على رغم أنه يمكن وضع ما حدث في إطار تبادل الرسائل بين دمشق وواشنطن، أو في سياق انطلاقة غير معلنة لمقاومة شعبية ضد الأمريكيين في الشرق السوري. ولعل تزامن الاستهداف مع استشهاد عنصر من الجيش السوري وإصابة اثنين آخرين بنيران الطوافات الأمريكية، يجعل التخمينات تنصب في اتجاه الرد العشائري على الأمريكيين، لتأكيد رفض العشائر المساس بالجيش، وجديتها في ما يخص توسيع المقاومة الشعبية، ولا سيما أن العملية جاءت بعد أيام من إعلان قبيلة العكيدات "تشكيل مجلس عسكري (...) وبدء المقاومة الشعبية ضد المحتل الأمريكي وأدواته ومرتزقته في المنطقة".
من جهتها، تدرك واشنطن أن أي اتهام للعشائر أو الجيش السوري سيدفعها في اتجاه تصعيد أكبر مع الجانبين. ومن هنا، تفضل عدم توجيه أصابع الاتهام لأي جهة، بما فيها "داعش"، الذي تنشط خلاياه بشكل لافت بالقرب من الموقع المستهدف ولكن ضد الجيش السوري فقط. في موازاة ذلك، تفيد مصادر ميدانية بأن "التحالف الدولي" بقيادة واشنطن عمل أخيرا على زيادة محدودة لقواته في المنطقة الواقعة بين الشدادي في ريف الحسكة الجنوبي، وصولا إلى أطراف البوكمال على الحدود السورية العراقية. وبحسب هذه المصادر، فإن "غالبية الأرتال الأمريكية التي كانت تدخل من العراق توجهت نحو نقاط وقواعد التحالف الدولي، في محيط حقول النفط والغاز في ريف دير الزور الشرقي". وتضيف المصادر أن "واشنطن تخشى ظهور مقاومة مسلحة في المنطقة، ما دفعها إلى إرسال المزيد من التعزيزات لتحصين نقاطها ومواقعها بشكل أكبر مما كانت عليه في الفترات السابقة".
على خط مواز، أعلنت وزارة الدفاع الروسية "مقتل ضابط روسي، وإصابة عسكريين اثنين، بتفجير عبوة ناسفة كانت مزروعة على جانب الطريق في محافظة دير الزور، أثناء عودتهم من مهمة إنسانية". ووفق مصادر ميدانية، فإن "حقل ألغام انفجر أثناء مرور رتل آليات يضم جنوداً وضباطا روسا، برفقة مجموعات من الدفاع الوطني في محيط حقل التيم النفطي". وأشارت المصادر إلى أن "الانفجار أدى إلى مقتل ضابط روسي برتبة لواء وجرح اثنين آخرين، واستشهاد خمسة من عناصر الدفاع الوطني، بينهم قائد مركز الدفاع الوطني في مدينة الميادين، محمد تيسير الظاهر"، فيما استبعدت "وجود أي استهداف إرهابي متعمد وراء الحادثة". ولكن بعد الحادث مباشرة قامت الطائرات الروسية بأكثر من 20 غارة جوية على منطقة ادلب.
حشد عسكري
يوم 28 أغسطس 2020 أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، إنه قد يتم إرسال مجمع "سابسان كونفوي" المتنقل الجديد الخاص بالتصدي للطائرات بدون طيار، إلى سوريا في حال نجاح اختباره خلال مناورات "قوقاز 2020".
وأوعز شويغو، خلال تجوله في معروضات المنتدى العسكري الفني الدولي "الجيش 2020"، باختبار عينات معينة من المعدات والأسلحة في الظروف القتالية في سوريا.
وقال الوزير، خلال مروره أمام مجمع "سابسان كونفوي" من إنتاج شركة "أفتوماتيكا"(الأتمتة): "هناك ضرورة لتطوير مثل هذه الوسائل. إذا كان المجمع جاهزا للاختبار، فلنختبره خلال تمرينات القيادة والأركان الاستراتيجية قوقاز 2020، وإذا أظهر نتائج إيجابية، فسنرسله إلى سوريا".
وأشار شويغو، إلى ضرورة تقليص الفترة الزمنية من مرحلة التصميم، إلى اعتماد نماذج السلاح الجديدة لتدخل الخدمة القتالية.
وتكمن مهمة المجمع الجديد، في مواجهة الطائرات بدون طيار من خلال الكشف عن قنوات استقبال إشارات الأقمار الصناعية، والتشويش عليها.
طريق استراتيجي
تفيد مصادر رصد في العاصمة الالمانية برلين أنه جاء في تقرير قدم إلى حكومتها حول احتمالات تطور الصراع في بلاد الشام انه لا يمكن تصور قبول موسكو لنصف انتصار في سوريا لأن من شأن ذلك اضعاف فرصة تعزيز علاقاتها وروابطها مع أطراف عربية اخرى خاصة مصر والعراق كما أن عدم كسب نصر كامل سيحد من قدرتها على كسر طوق الحصار الذي تسعى واشنطن فرضه عليها من على جناحها الجنوبي الغربي كما من شأنه زيادة جرأة انقرة على مواجهة الكرملين في جمهوريات آسيا الوسطى وفي ليبيا. ويضيف التقرير أن بكين تقف بحزم وراء موسكو لحسم الصراع لصالح حكومة دمشق، فسوريا محور هام في مشروع الصين لطريق الحرير الجديد او "الحزام الواحد"، وهو المشروع الذي تعمل واشنطن على إفشاله.
ويعرف المشروع رسميا باسم "الحزام والطريق"، وهو مبادرة صينية قامت على أنقاض طريق الحرير القديم، ويهدف إلى ربط الصين بالعالم عبر استثمار آلاف مليارات الدولارات في البنى التحتية على طول طريق الحرير الذي يربطها بالقارة الأوروبية، ليكون أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، ويشمل ذلك بناء مرافئ وطرقات وسككا حديدية ومناطق صناعية.
ويعود تاريخ طريق الحرير القديم إلى القرن الثاني قبل الميلاد، ويشير الاسم إلى شبكة الطرق البرية والبحرية التي ربطت بين الصين وأوروبا مرورا بالشرق الأوسط، بطول يتعدى عشرة آلاف كيلومتر.
أما الطريق الجديد، فهو مشروع صيني عملاق تشارك فيه 123 دولة، تريد الصين من خلاله تسريع وصول منتجاتها إلى الأسواق العالمية، بما في ذلك آسيا وأوروبا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية والوسطى، ورفع مستوى التنمية في الدول التي يعبرها.
ويؤكد محللون أن الصين تراقب التطورات الحاصلة في سوريا بعين سياسية وأخرى اقتصادية، وتتأهب لبدء سباق إعادة الإعمار لتأذن لشركاتها العملاقة، للانطلاق في رحلة استثمارات كبيرة نحو بلد مزقته الحروب، ساعية إلى كسب صفقات إعادة الإعمار.
وفي ظل الهجمة الاقتصادية التي زادت من قتامة المشهد السوري، وتداعيات الحصار وارتفاع حدته لاسيما من باب شح النفط وحظر إدخاله إلى سوريا، وتوعد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بشن حرب اقتصادية ضدها، تسعى الصين بخفة إلى كسر الغطرسة الامريكية الهادفة إلى شل أحد اعمدة طريق الحرير.
حضن إسرائيل
جاء في بحث صدر في بيروت يوم الثلاثاء 25 أغسطس 2020: أياً كان سبب انفجار مرفأ بيروت، فإنه يأتي في وقت تبلورت فيه رؤية أمريكية لتغيير مسارات التجارة الشرق متوسطية، بحيث تتحول المرافئ السورية واللبنانية إلى مجرد مرافئ محلية لا مكان لها على خريطة التجارة الإقليمية والدولية.
أعاد انفجار مرفأ بيروت تسليط الضوء مجددا على الصراع الإقليمي والدولي، الرامي إلى السيطرة على تجارة شرق البحر المتوسط.
الخبير الاقتصادي زياد أيوب عربش، يرى، أن "محاولة السيطرة على مينائي البصرة وطرطوس من قبل الولايات المتحدة، والسيطرة على ممرات العبور واستبدالها بموانئ أخرى إلى حيفا المحتلة، هدفها: منع نجاح مبادرة الحزام والطريق، ومحاصرة الصين في بحرها، وعزلها مع الهند وروسيا بخط أوكرانيا دمشق، ومحاصرة الأوراسية، إضافة إلى السيطرة على منابع النفط والغاز، ليس فقط لضمان إمداد الغرب بالطاقة، ولكن لكبح جماح الدول الصاعدة".
لسنوات عديدة، كانت المنافسة على تجارة شرق البحر المتوسط، والتي تخدم سوقا يبلغ عدد مستهلكيها أكثر من 200 مليون مستهلك، تنحصر بين ثلاثة مرافئ رئيسية، هي: مرفأ طرطوس، ومرفأ بيروت، ومرفأ مرسين التركي، سوريا كانت بمنزلة "حجر القبان" في تلك التجارة، بالنظر إلى كونها تمثل الممر البري الاقتصادي لتلك التجارة المتجهة إلى العراق والأردن ودول الخليج العربي. لكن مع بداية النصف الثاني من العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بدأت تظهر ملامح مشروع إسرائيلي، قوامه إدخال مرفأ حيفا على خط التجارة الإقليمية لتخديم كل من الأردن والعراق ودول الخليج العربي.
مع بدء الحرب على الأرض السورية، وما شهدته من خروج للمعابر الحدودية عن سيطرة الحكومة وفرض الغرب عقوبات اقتصادية على مرفأي طرطوس واللاذقية، تعرض المشروع السوري للربط السككي والتجاري مع دول المنطقة لانتكاسة كبيرة، تجلت في التوقف شبه التام لحركة الترانزيت القادمة من تركيا ولبنان أو عبر مرفأ طرطوس. وحتى عندما عادت الحكومة لتسيطر على معبري نصيب مع الأردن والقائم مع العراق، فإن حركة الشاحنات القادمة والمغادرة بقيت محدودة جدا مقارنة بالفترة التي سبقت سيطرة المجموعات المسلحة عليها، بسبب الإجراءات الأمريكية التي تحركت باتجاهات عديدة لضمان استمرار عزل دمشق. فوجود القوات الأمريكية في منطقة التنف مثلا لم يكن أكثر من محاولة لقطع الطريق أمام أي محاولة لإحياء مشروع الربط السككي بين إيران والعراق وسوريا. وقد قام تنظيم "داعش" في العراق بتخريب السكة الحديدية الممتدة من بغداد حتى منطقة العكاشات. كما أن الضغوط التي مارستها واشنطن على الحكومة الأردنية للحيلولة دون السماح لدمشق باستثمار إعادة سيطرتها على معبر نصيب الحدودي، تعزز من فرضية الجهود الغربية لإعادة تشكيل خريطة التجارة المتوسطية عبر إخراجها مرفأي طرطوس وبيروت من حسابات المرحلة القادمة، أو على الأقل تحجيم دور كل منهما. و هذا ربما ما شجع الحكومة السورية على الدخول في شراكة استثمارية مع شركة روسية لاستثمار مرفأ طرطوس، بغية محاولة إخراجه من دائرة العقوبات وتذليل الصعوبات التي تحول دون استعادة دوره في استقبال البضائع ونقلها باتجاه دول الجوار. وفيما كان مرفأ حيفا ينتظر تطبيع مزيد من الدول العربية مع إسرائيل، كان مرفأ مرسين التركي يستثمر تطورات الحرب السورية وتأثيراتها الجيوسياسية، ويستثمر حتى التفجير الأخير الذي تعرض له مرفأ بيروت، ليرفع من حجم البضائع التي يستقبلها لصالح دول عديدة، أبرزها إيران والعراق وسوريا، بأسواقها الخاضعة لسيطرة الحكومة أو المجموعات المسلحة، فضلا عن نشاطه المتزايد في إعادة تصدير بضائع مختلفة نحو مرفأي طرابلس في لبنان، وحيفا في فلسطين المحتلة. وبحسب خبير سوري في مجال النقل، فإن منع السفن التركية من دخول المرافئ السورية منذ بداية الحرب لأسباب سياسية، كان له تأثيرات اقتصادية على مرفأ طرطوس، وفي المقابل تعزيز مرفأ مرسين بالتجارة المتوسطية، إذ إن هناك الكثير من البضائع، وأبرزها القادمة من إيران ووجهتها الأسواق السورية، تنقل بعد وصولها براً من مرفأ مرسين إلى مرفأ طرابلس ومنه تدخل إلى الأراضي السورية. وهذا ما دفع بوزارة النقل السورية إلى أن تطلب من الحكومة الموافقة على شراء سفينتي "رورو"، لتسد جزءا من حاجة المرافئ السورية في تفعيل دورها داخل الإقليم، وذلك عبر نقلها جزءاً من البضائع بين مرافئ كل من تركيا ولبنان ومصر وقبرص وروسيا والقرم وبين مرفأي طرطوس واللاذقية.
أسهم غياب التنسيق والتعاون الاقتصادي السوري اللبناني في إضعاف موقف مرافئ البلدين في هذه المعركة، التي تتضح ملامحها بجلاء اليوم مع ما تعرض له مرفأ بيروت وما تشهده المرافئ السورية من عقوبات أمريكية وغربية تستهدفها بالاسم، ليكون البديل الوحيد المتاح أمام التجارة المتوسطية بنظر الغرب، هو إما مرفأ مرسين التركي بالنسبة إلى العراق وإيران والدول المحيطة بهما، أو مرفأ حيفا بالنسبة إلى الأردن ودول الخليج العربي.
 
عمر نجيب
[email protected]