فلسطين واليمن: حركات تحرر القرن 21 التي اسقطت صفقة القرن

خميس, 2019-05-09 15:07

ان من يحارب اليمن هو ذاته من يحارب فلسطين ، ومن يقصف غزة هو من يقصف صنعاء، الفرق انه في حرب اليمن ظاهر، وفي حرب فلسطين متخفي، لعوامل عدة اهمها القدسية والرمزية، التي تمثلها فلسطين للعرب والمسلمين.
وان كان ثمة تغير قد حدث  خلال القرن الواحد والعشرين فلابد انه لصالح القوى العربية الصاعدة، وظهور حركات تحرر جديدة ، التي تتشكل لتصبح هي النظام العربي القادم، بعد سقوط النظام العربي الرسمي، الذي حكم القرن الفائت،  وجاء سقوطه  في وحل التعبية والتأمر ضد الامة، الى جانب  التطبيع والتخطيط لتنفيذ صفقات امريكا.
لاول مرة منذ اكثر من عقدين  من الزمن تبرز قوى عربية ناضجة،  قادرة على خوض  هذا المستوى من الصراع المتكافيء مع اسرائيل والمحور الغربي، وحلفاؤه من النظام العربي الرسمي، وتثبت ان خيار مقاومة الاحتلال هي الخيار الوطني الاوحد، وتعيد ذكريات وبطولات حركات التحرر العربية  القديمة.
القوى العربية الصاعدة ،التي تتشارك ذات  الاهداف الوطنية، اسقطت النظام الرسمي العربي، بكل الطرق، بالثورات والتمردات الشعبية ، ذالك النظام  الذاهب للتطبيع وتنفيذ صفقة القرن، لجعل اسرائيل هي سيدة الشرق الاوسط.
وهنا تأتي  حرب اليمن  في هذا السياق كجزء من هذا المخطط  لسيطرة اسرائيل وامريكا على البحر الاحمر، واكمال تنفيذ الخطة،  لكن الحركات الثورية التحررية في اليمن اسقطت المخطط.
فهذا المخطط تم  قطع الطريق عليه ، لتظهر الموجة الثانية من  حركات التحرر في القرن الواحد والعشرين، بعد خفوت نجم الحركات التحررية  القديمة التي برزت في القرن العشرين، بعد ان حاربتها الانظمة العربية المدعومة من امريكا.
فبعد احباط حركات تحرر القرن 20،  واغتيالها، ظهر للمحور الغربي ان الساحة افرغت، لتنفيذ صفقة مؤجلة،  ولكن على ارض الواقع كانت المفأجاة في فلسطين اولا، وهي المعني الاول باحباط، واسقاط المخطط الصهيوني، فظهرت المقاومة الفلسطينة اقوى من ذي قبل.
حيث تمكنت فلسطين خلال العقد الاخير من تطوير خطتها الدفاعية، وتوسيع هجماتها وسيطرتها، لتظهر حجم قوة الرد والردع خلال اخر عشر سنوات، فتجبر اسرائيل على تخفيض مستوى عملياتها، ولتفقد شهيتها بالتدمير والسيطرة.
 لم تستطع اسرائيل تحقيق اي  انتصار عسكري في غزة، بسبب تطور رد فعل فصائل المقاومة الفلسطينية، التي ظهرت خلال العمليات الاخيرة تقود المعركة بغرفة عمليات مشتركة وتتجاوز الخلافات بينها.
 فهي اليوم  تفعل وترد، وتزيد من حجم  الخسائر الاسرائيلية ، بمعارك قصيرة حققت اصابات بصواريخ  متطورة مصنعة محليا برغم الحرب والحصار
 تماما كما هو حال القدرة العسكرية المتطورة في اليمن،  والتي تواجه ترسانة عسكرية غربية – عربية – اسرائيلية من 4 سنوات، وهذا لم يمنعها من تطوير قدراتها العسكرية والصاروخية برغم الحرب والحصار.
وبرغم قلة مساحة الجفرافيا التي تتحرك بها  المقاومة في غزة،الا انها تستطيع ايقاف العدوان الاسرائيلي، وتقليل حجم المعارك ومدتها الزمنية وقدرتها على التدمير، ببناء قوة الردع – وفرضت هي شروط المعركة وهذا مالم يحدث من قبل.
عناصر القوة والنجاح في فلسطين هي ذاتها متوفرة في اليمن، الذي وضع تحت نار الضغط وحرارة الاختبار فابرز شجاعة وصمود، واهم هذه العناصر هي  التنسيق بالفعل ورد الفعل،  بالموقف السياسي والتصعيد العسكري، الذي يحدد متى وكيف  تتسع دائرة النيران.
 حيث اوقف اليمن هجماته الصاروخية على عواصم الاعتداء مع بقاء التهديد قائما ، وكذلك القدرة على التنفيذ، واذا عاد اليمن لينفذ تهديده ، باستهداف عواصم الاعتداء،  فان هذا يعني بداية اشعال المنطقة، وكذلك الامر في غزة، التي ترسل رسائل تهديد صاروخية لاسرائيل بانها قادرة على الرد وعلى توسيع دائرة النيران.
هذا التشابه من نماذج المقاومة وحركات التحرر الجديدة في القرن 21، يقابله تشابه الدعم والتحالف بين القوى القديمة من قوى الاحتلال القديمة الى الانظمة العربية القديمة.
 هناك اليوم في اليمن كما في فلسطين وحدة قيادة، تتجاوز الخلافات،  ووحدة قرار سياسي وعسكري، في مواجهة العدوان سواء الاسرائيلي المباشر، او ذلك العربي  الذي تدعمه اسرائيل وامريكا.
فهناك رؤوية وسيطرة كاملة، وهذا يذكر بحركات التحرر القديمة في القرن 20 ،  التي كانت تعمل بتنسيق وتعاون  فيما بينها، ونقل تجارب وحتى مقاتلين، اليوم حركات التحرر في اليمن ولبنان وفلسطين  تهدد وتضرب في البر والبحر  والجو .
 لقد استطاعت قوى التحرر الجديدة تكبيد المعتدي خسائر لم يكن يتوقعها، لذلك ليس من السهولة التحدث عن صفقة القرن، وكان هذا القرن بلا مقاومة وثورات شعبية غاضبة ، وبلا حركات تحرر.
منى صفوان كاتبة يمنية