ميثاق: خلد الناصريون الموريتانيون اليوم الذكرى الـ31 لشهداء انتفاضة العام 1984؛ التي قادها التنظيم الوحدوي الناصري ضد النظام العسكري آنذاك بقيادة المقدم محمد خونا ولد هيدالة.
وقد أدت تلك الانتفاضة إلى الزج بمئات المعتقلين من الأطر والعمال والطلاب والتلاميذ في السجون والمعتقلات حيث واجهوا مختلف صنوف التعذيب والإيذاء النفسي والبدني؛ أسفرت عن استشهاد اثنين من مناضلي الحركة الناصرية في موريتانيا هما المهندس سيدي محمد ولد لبات الذي لفظ أنفاسه تحت التعذيب بمعتقله بنواكشوط في 13 ابريل 1984، والطالب أحمد ولد أحمد محمود الذي توفي هو الآخر تحت التعذيب بمعتقله في أطار في 03 مايو 1984,
وقد رفع الناصريون في تلك الانتفاضة شعارات من قبيل:
- لا لإهانة وتجويع شعبنا في الريف
- ضريبة التبرع تساوي ثراء الحاكمين
- يسقط التحالف العسكري الرأسمالي
- لا ليبرالية الصحة والتعليم
- لا للطرد الجماعي للعمال والتلاميذ
وعمت المناشير والكتابات الجدرانية والإضرابات مختلف أنحاء البلاد.
وأدت تلك الانتفاضة إلى تفكك الطغمة العسكرية الحاكمة، وهو ما قاد لانقلاب الثاني عشر من دجمبر 1984؛ بقيادة العقيد معاوية ولد الطايع الذي سارع بإخلاء السجون والمعتقلات من مناضلي الحركة الناصرية في محاولة للحد من السخط الشعبي المتعاظم جراء القمع الوحشي الذي واجه به نظام هيدالة تلك الانتفاضة السلمية.
وقد خلد الناصريون انتفاضتهم هذا العام بندوة احتضنها فندق الخاطر بنواكشوط مساء اليوم؛ حيث تضمنت الندوة عدة فعاليات بدأت بآيات من الذكر الحكيم؛ ثم بتلاوة الفاتحة على أرواح شهيدي الانتفاضة وشهداء الأمة العربية عموما، تلا ذلك كلمة ترحيبية للجنة المنظمة لهذا التخليد؛ ثم قدمت ورقة عن أهداف ووقائع انتفاضة 84، تلتها ورقة حقوقية تطرقت للانتهاكات الحقوقية المسجلة خلال أحداث الانتفاضة، وبيان يلخص ورقة توجيهية أعدتها اللجنة المنظمة حول "محددات الموقف الناصري من التحديات الوطنية والقومية".
وألقى أحد أشبال الحركة الناصرية في موريتانيا هو الطفل التراد ولد محمد عبد الله ولد اباهن كلمة مؤثرة دعا فيها لمواصلة النضال من أجل تحقيق كامل الأهداف التي قامت الانتفاضة من أجلها وسقط الشهداء في سبيل تحقيقها.
وختمت الندوة بشهادتين عن ألوان التعذيب والإيذاء النفسي والبدني الذي عاناه سجناء الانتفاضة في المعتقلات الموريتانية؛ حيث قدم الشهادة الأولى الأستاذ محمد سالم ولد بمب، وقدم الثانية الأستاذ الشيخ ولد الجكاني؛ وهما من معتقلي الانتفاضة الناصرية في موريتانيا.
وهذا نص البيان الذي أعدته اللجنة عن"محددات الموقف الناصري من التحديات الوطنية والقومية":
مبادرة تخليد ذكرى شهداء انتفاضة 84 الناصرية
بيان
تأتي مبادرة تخليد ذكرى الشهداء اليوم، ضمن المسار النضالي الطويل الذي قدم الناصريون خلاله تضحيات جساما لعل أنبلها ضريبة الشهادة والدم المهداة من الشهيدين الخالدين سيدي محمد ولد لبات وأحمد ولد أحمد محمود فداء لوطننا الغالي ولأمتنا العظيمة ولشعبنا المجاهد الصبور؛ رفضا للتعسف والظلم وتشبثا بالعدل والعزة والكرامة ضمن ملاحم الصمود التي سطرها مئات الأطر والشباب رجالا نساء الذين كتب الله لهم الحياة رغم كل ألوان التعذيب والإيذاء النفسي والبدني، والتي مازالت أجسامهم ونفوسهم شواهد ناطقة بآلامها ومتاحف حاضنة لآثارها البشعة، وتلك مناسبة سانحة للتذكير بثوابت الموقف الناصري من مشاغل الحاضر وآفاق المستقبل على المستويين الوطني والقومي
أولا على المستوى الوطني
يؤكد القائمون على هذه المبادرة أن الحوار هو الأسلوب الديمقراطي الأمثل لتجاورالخلافات وتطوير الممارسة السياسية، من هنا،فإننا نناشد جميع فرفاء الساحة السياسية باستشعار التحديات التي تواجه أمن ومستقبل البلد قبل الاعتبارات الضيقة والظرفية، والعمل تبعا لذلك ،على إيجاد أرضية مشتركة لتجاوز العوائق التي تعرقل انطلاقه الحوار.
كما يعلنون تمسكهم بدستور البلد نصا وروحا،ومطالبتهم جميع الفاعلين باحترامه،خاصة في مجال وحدة البلد أرضا وشعبا،ولغة عربية جامعة لكل مكوناته العرقية، و تبعا لذلك رفضهم اتخاذ المظالم المشروعة سببا لإثارة النعرات العرقية والشرائحية وتقسيم البلد،فكل مظلمة عادلة،يجب على المجتمع كل المجتمع،أن ينهض من أجل إيجاد حل عادل لها،ضمن مقاربة،تعمل على إزالة كافة أشكال الفوارق بين المواطنين سلميا، عن طريق سياسات اجتماعية واقتصادية وثقافية منسجمة ، وفي هذا السياق فإننا ندعو الجميع إلى تفجير ثورة ثقافية واقتصادية شاملة يشارك فيها الجميع من أحزاب سياسية ومنظمات المجتمع المدني وأجهزة الدولة المختصة للقضاء على هذه الظاهرة البغيضة المدمرة لوحدة نسيجنا الاجتماعي، وصولا لاجتثاثها من جذورها خدمة لحاضر ومستقبل بلدنا العزيز،كل ذلك ضمن منظومة ديمقراطية إسلامية واجتماعية ملائمة لخصوصياتنا الثقافية والدينية ولمطامح شعبنا المشروعة في العدل والحرية
من جهة أخرى،وفي المجال الاقتصادي،فإننا ندعو إلى أخذ التطورات والمراجعات التي عرفها النظام الرأسمالي مؤخرا، بعين الاعتبار، إثر أزماته المالية والعقارية،؛حيث أصبح المبدأ الليبرالي القائل بأن السوق المالية تستطيع ضبط آليات وأثار أنشطتها المالية بنفسها ودون تدخل خارجي من الدولة؛ جزءا من الماضي الكئيب لليبرالية الغربية، حيث تداعت مؤسسات مالية عريقة فجأة ودون سابق إنذار, كما أفلست ، ضمن نفس السياق، وصفة سياسات التكييف الهيكلي والتي أصبحت مؤسسات النقد الدولية تعترف اليوم، أن من آثارها المباشرة إنتاج الفقر الشديد والمجاعات، أصل الهزات الاجتماعية والسياسية، العدو الأول لكل سياسة اقتصادية رشيدة ، الأمر الذي ألجأ هذه الهيئات، إلى تبني حلول تلفيقية عن طريق اعتماد استراتجيات مكافحة الفقر التي أصبحت الآن جوهر البرامج التي ينصح بها البنك الدولي الدول السائرة في طريق النمو لمعالجة التأثيرات السلبية لسياسات التكييف الهيكلي؛ ولهذا أصبح البنك الدولي يقبل مسايرة بعض السياسات الاجتماعية المتضمنة دعما لأسعار بعض المواد الأساسية لدى دول من العالم الثالث سعيا لمواجهة آثار الفقر الشديد والمجاعات .من هنا أصبح من الضروري،أن يدرس خبراء اقتصادنا الوطني، إمكانية مراجعة النهج الاقتصادي،في اتجاه اعتماد ثلاثة قطاعات اقتصادية متكاملة، قطاع عام قادر على قيادة التقدم في جميع المجالات ويتحمل المسؤولية الرئيسية في خطة التنمية على أن يتحرر من البيروقراطية ويعتمد وسائل الإدارة الحديثة والتخطيط العلمي، وقطاع تعاوني فعلي خاصة في مجال الزراعة والحرف ليساهم في تعبئة القوى الاقتصادية والاجتماعية،بالإضافة إلى قطاع خاص تقوده رأسمالية وطنية مستعدة لأداء دورها في إطار الخطة الاقتصادية الشاملة، وملتزمة بكل القوانين الضامنة للعدالة الاجتماعية، على أن تحميه الدولة بحوافز تشجع الاستثمار وتحارب الفساد وتدعم قيام مقاولات حاملة لمشروعات صغيرة.
ثانيا على المستوى القومي: لقد عانت القوى القومية العربية ،دولا وزعامات؛ وتنظيمات،و أفرادا، من أبشع صنوف الظلم والعدوان سواء من طرف القوى الاستعمارية؛أومن قبل أنظمة الاستبداد والغبن،و ما تعيشه المنطقة العربية اليوم،من العراق إلى سوريا، فليبيا،فاليمن، من إشعال للحرائق تنفيذا لمشروع "الفوضى المهلكة"، التي تنخر جسد الأمة الآن، وتمزق النسيج الاجتماعي للأوطان، وتهتك الأعراض، وتقطع الأرزاق والأعناق، وتريق دماء الأبرياء عبر التحريض والشحن الطائفي المتواصل والإعلام المضلل والمال الفاسد،إنما هو تعبير متجدد عن حتمية الصراع بين القوى القومية التقدمية من جهة،والاستعمار الجديد المتحالف مع القوى الرجعية، من جهة ثانية.
ورغم شمولية وشراسة هذا الاستهداف،فإن ذلك، لم يدفع القوى القومية أبدا لتخريب أوطانها، أو الاعتداء على شعوبها، أو التحالف مع أعداء أمتها .واعتبارا لكل ما سبق فإننا نعيد التأكيد على التمسك بثوابتنا النضالية والقومية، مشددين على ما يلي:
- التضامن مع كل الأحرار والأسرى العرب في السجون والمعتقلات وخاصة الأسرى الفلسطينيين في زنزانات الكيان الصهيوني الغاصب
- التأكيد على ضرورة النضال من أجل تحرير جميع الأراضي العربية المحتلة، مع التأكيد على محورية القضية الفلسطينية ورفض التنازل عن أي شبر من أرضها تحت أي ذريعة أو مبرر..
- الوقوف الحازم مع محور المقاومة المتخذ من تحرير فلسطين بوصلته الوحيدة.
- حتمية استمرار النضال الجاد من أجل الوحدة العربية؛ باعتبارها شرط استقلالية القرار العربي.
-الوقوف الحازم وغير المشروط مع كل المطالب الشعبية المشروعة خصوصا ما يتعلق منها بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم؛ مع التأكيد على أن النضال المشروع لانتزاع الحقوق لا يمكن أن يبيح لأي كان أن يسعى لتخريب الأوطان، وتفتيت الدول، وهدم المؤسسات، وإثارة الفتن والنعرات، وتكفير الشعوب والمجتمعات..
- التأكيد على ضرورة حل المشاكل العربية عربيا وبالحوار الداخلي، بعيدا عن المنطق الطائفي، وعن استدعاء الأجنبي أو التحالف معه على حساب قوى فرض الدين والتاريخ والحضارة أن تظل عمقا استراتجيا لأمتنا ووطننا؛ خصوصا في الدائرتين الإسلامية والإفريقية.
- التنديد الشديد بعملية التدمير الممنهجة للجيش والدولة السورية،كما ندعو النظام والمعارضة الوطنية في سوريا إلى الدخول في حوار بناء يحقن الدماء وينتشل الوطن من التلاشي ويؤسس لقيام نظام ديمقراطي تعددي ويمكن من طرد مرتزقة القتل والتدمير الأجانب من الأرض السورية الطاهرة.
- دعم مشروع المصالحة الوطنية في العراق، ضمن نظام دولة مدنية تنبذ الإقصاء الطائفي والإرهاب.
- نرفض بشدة مشروع تدمير اليمن من الداخل ومن الخارج، وندعو إلى إيقاف الحملة الجوية فورا والعمل على استئناف الحوار بين القوى اليمنية للوصول إلى اتفاق ينهي الأزمة
إن هدف كل هذا هو حماية الإنسان العربي بصفته غاية ووسيلة كل نضال، وكل تنمية، وكل خطة، وكل مشروع
الرحمة والغفران والمجد والخلود لكل شهداء الوطن والأمة
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.