أظهرت زيارة الرئيس السنغالي لبلادنا، والبيان المشترك الذي تمخضت عنه عمق العلاقات الأخوية التي تربط بين الشعبين الشقيقين، وحرص القيادتين الموريتانية والسنغالية على تطويرها. كما أبانت، إن كانت هناك حاجة إلى بيان، عن السياسة الخارجية التي تنتهجها بلادنا في ظل قيادة فخامة الرئيس السيد محمد ولد عبد العزيز؛ سياسة قائمة على حسن الجوار والاحترام المتبادل لسيادة الدول وحقها الكامل في تطبيق قوانينها الوطنية على أراضيها، وفي مياهها الإقليمية وأجوائها. فقد جاءت عشرية "وجاز دفع صائل..." بعد عقود من آلام الخد الأيسر بعد الخد الأيمن، لتكتسب بلادنا احترامها بين الأمم، ويحسب الحساب لرد فعلها... فقد جاءنا من الشمال من يسارع بحمل الاعتذار الصريح والأسف الشديد حين تطاول معرف بالإضافة على تاريخنا الذي يجهله، فطوينا الملف تكرما، وجُرد المتطاول ليعود نكرة مقصودة. واليوم جاء من الجنوب جار عاقل يحمي مصالحه عندنا بالتأكيد على احترام سيادتنا الوطنية، ويضع الحادث المؤسف الذي وقع في مياهنا الإقليمية في سياقه الصحيح. ولعل الوطنيين الموريتانيين أدركوا من هذه الحوادث وطريقة معالجتها، رمزية الخطين الأحمرين اللذين ازدان بهما علمنا الوطني... لكن المؤسف حقا أن موريتانيين آخرين ينتمون للمعارضة "الوطنية" بادروا إلى طعن جيشنا الوطني في الظهر في وقت يؤدي فيه واجبه الوطني على أكمل وجه مرابطا على الثغور، ومساهما في نشر الأمن والسلم في بلدان شقيقة. فأصدروا بيانا، بألفاظ شنيعة، " يشجب بشدة هذه الجريمة غير المسبوقة التي ارتكبتها الحكومة الموريتانية"!!! لقد صنف الحزب السياسي المعارض الحادث توصيفا قانونيا دقيقا "الجريمة" دون أن يكون مؤهلا لذلك، أو يمتلك أدوات تخوله إطلاق هذا اللفظ الشنيع. فليس في الحادث أي ركن من أركان الجريمة، وليس من اختصاص الأحزاب السياسية الخوض في الحوادث بلغة أهل الاختصاص. أما وصف "الجريمة" ب"غير المسبوقة" فهو من طرائف المكتب التنفيذي. فهذه الحوادث المؤسفة تحدث في مناطق التماس بين الدول. وقد أبدى الرئيس ماكي صال أسفه لحادث مشابه قتل فيه مواطنان غينيان بنيران سنغالية... ونحن على يقين من أن أيا من أحزاب المعارضة الوطنية السنغالية لن يصدر بيانا " يشجب بشدة هذه الجريمة غير المسبوقة التي ارتكبتها الحكومة السنغالية"، ولم يذكر الحزب "الوطني" المعارض شيئا عن ترويع الجالية الموريتانية في اندر، ونهب ممتلكاتها!!! فأي منطق هذا الذي يجعل حزبا سياسيا يتطلع إلى تمثيل الموريتانيين، ويسعى إلى كسب أصواتهم في استحقاقات انتخابية على الأبواب، يتجاهل الاعتداء عليهم ونهب أموالهم، ويتهم جيشنا الوطني بارتكاب "جريمة" الدفاع عن مياهنا الإقليمية، وحماية ثروتنا السمكية!!!
لقد أعطى البيان المشترك الصادر في أعقاب زيارة الرئيس السنغالي توصيفا دقيقا للحادثين المؤسفين.." وعبر الرئيسان عن أسفهما البالغ اثر الحادث الذي أدى إلى مقتل صياد سنغالي بشكل غير متعمد على الشواطئ الموريتانية، كما عبرا عن أسفهما كذلك على عمليات الإتلاف التي استهدفت متاجر الموريتانيين في مدينة سينلوي"
لعل الذاكرة تعود بالوطنيين الموريتانيين إلى حوادث ماضية أليمة حُملنا مسؤوليتها كاملة ولم يحظ مواطنونا الذين قضى بعضهم حرقا في الأفران بكلمة عزاء واحدة، ولم يعوضوا أوقية ولا افرنكا عن أموالهم المنهوبة... آلاف الدكاكين والبيوت والمؤسسات في المدن والقرى، ذهبت مع الريح!!! أما اليوم فالأسف على الضفتين، وإن تقررت تعويضات فستدفع لكل المتضررين.
لقد أكد ماكي صال على ضرورة احترام السيادة الوطنية الموريتانية، وهو ما أصبحنا قادرين على فرضه بإرادة سياسية لا تساوم على الشرف والكرامة وإمكانيات يندم من يتحداها. وفي كل مرة تثبت قيادتنا الوطنية جدارتها في إدارة دفة البلاد وتتلاحق إنجازاتها على المستوى المحلي والدولي، وتراوح معارضتنا مكانها متخلفة عن الوطن ومحتفية بأجانب يلقنونها درسا في الوطنية حين يتمنون التحاف علم تنكر له "أهله"، أو يردون عليها وصفها "الجريمة"... لتستمر مسيرتنا المظفرة بعز وطن، أو بذل معارض...
من صفحة محمد إسحاق الكنتي