كان الشاعر السجين عبد الله بن بون ذكيا جدا و هو يبعث من محتجزه في نواكشوط بعد ترحيله المثير من الإمارات بما سماه في تسجيل صوتي رسالة مفتوحة إلى الرئيس ، و هي قصيدة من عيون الشعر طافحة بالحكمة و التوحيد و الاستدعاءات الجامعة بين العمق و الجمال
كان ذكاؤه في اعتذاره لرئيس بلاده حجرا قتل به أكثر من عصفور و ألقم به أكثر من خصم
بناء القصيدة متماسك و متساوق في اتجاه ذروة الاعتذار لكنها مقسمة في ثلاثة مقاطع متمايزة في الأول و هو الأوفر 9\19 محض التوحيد لله الذي هو وحده «العزيز الحق» و «الملك» و «السلطان» و « القاهر» و الذي جبروته خصعت لها «الأركان» و هو مدبر الأقدار و هو الديان يوم «الحساب» فهو غير لائم أحدا في كل ما حصل له من ترحيل و احتجاز و إهمال و يذكر من ظلمه بأنه لن يفلت من الحساب يوم الدين
في المقطع الثاني بعد تمهيد سلس بمدح صاحب التاج صلى الله عليه و سلم و تمجيد آله الذين صرف لهم «صفو الوداد» في تمهيد يصرح بعده مباشرة بشرف أولاد بالسباع
(و أبو السباع سليل بيت نبوءة * رفعت له فوق السما الأركان*)
و هنا يدخل مباشرة في الاعتذار لهؤلاء الأشراف الذين لم يجفهم عكس ما سرب في التسجيلات و كيف يعاديهم و هم حلفه و هو ابن بون الجكني و عشيرته معروفة بحب آل النبي صلى الله عليه و سلم الذي لا يكمل الإيمان دونه و هو لم يزد على أن دافع عن هذا الحب على خطى الأسلاف الميامين
في الفقرة الثالثة بعد ربط جميل أيضا يستل الرئيس لينوه بإنجازه الباهر (أليس منهم سيف عز مصلت *
في عزه قد عزت الأوطان ؟ *)
و لم يكن هنا مبتذلا فاكتفى بإنجاز واحد محقق لكنه بالغ الخطورة و هو تحقيق أمن الحدود (و تدثرت شنقيط ثوب مهابة *
في ظله فبعهده تزدان * )
و تصل القطعة ذروة مقصديتها في الثلا ثة أبيات الأخيرة أولها بيت القصيدة و ثانيها تصريح باسم و كنية الرئيس :
(و خيوله ألقت وطيس عجاجها*
صهواتها و لجامها الفرسان*
هذا أبو بدر عرين مكارم*
ببحاره يستبشر اللهفان*
و النصر صنو لوائه و عدوه *
أبدا له في سعيه الخسران* )