أُعلن فجر أول يوم جمعة من شهر المولد النبوي الشريف الموافق الرابع و العشرين نوفمبر 2017 بنواكشوط عن وفاة الوزير السابق و السياسي الشهير الأستاذ محمد و لد الحيمر و إني لأتضرع إلي الله الغفور الرحيم أن ينزله فراديس الخلد مع النبيئين والصديقين و الشهداء و الصالحين و أن يُوَفِيًهُ الوَعْد الوارد في الأثرَ بخصوص الوفاة يوم الجمعة نجاة من كافة الفتن و فتنة القبر،...
لقد عرفتُ المرحوم منذ قرابة خمسة عشر عاما كنا نلتقي خلالها -ما استطعت أنا إلي ذلك سبيلا- و ما لَقِيتُهُ يوما إلا باسما مداعبا معاتبا علي طول انقطاع التواصل و كنت كلما حاولت الفزع إلي عذر عدم نزول البركة في "الوقت النواكشوطي" عموما و وقت "أهل الإدارة العمومية خصوصا" أجاب ضاحكا " ذلك عذر ابتدعتموها أنتم الخَلَفُ الذي خلف من بعدنا نحن معاشر قدامي الإداريين".
يُجمع الموريتانيون علي تمتع المرحوم بالعديد من الخصال الحميدة التي ترفعه إلي مصاف الرجال النادرين الذين يستحقون علي الوطن -كل الوطن-( أبيضه و أسمره،عربيه و إفريقيه،شبابه و شيبه،...) أن يوفيهم حقهم و مستحقهم من التقدير و الثناء و توثيق السيرة و المسار حتي تستفيد من سيرتهم الأجيال الحالية و القادمة و التي لا مراء في حاجتها إلي "بوصلة وطنية" من "عيار المرحوم محمد ولد الحيمر".
و سأكتفي في هذه العجالة التأبينية بذكر ثلاث خصال مُجْمَعِ موريتانيا علي تمتع المرحوم محمد ولد الحيمر بها أولها "الصلاة المستديمة بالمساجد" ذلك أن المرحوم كان "حمامة مساجد" دائم و مستديم المواظبة علي عماد الدين ،يحقر المرء صلاته مقارنة بصلاته طمأنينة و خشوعا و إخلاصا تستوي في ذلك الفريضة و النافلة لا تُلْهِيهِ سياسة و لا إدارة و لا "مجاملة اجتماعية"،... عن الصلاة في المساجد.
ثاني الخصال المتميزة في حجمها و استدامتها التي يُجمع علي تمتع المرحوم بها هي "التواضع المسؤول"و قد اخترت مصطلح "التواضع المسؤول" لأبين أن المرحوم ولد الحيمر كان جَمً التواضع، قدوة في البساطة ومثلا في الأريحية مع الجميع دون تمييز علي أساس النسب و لا "الحسب المهني " و لا العمر و لا الرحم،... لكن ذلك التواضع كان مسؤولا من غير ضعف و لا مهادنة علي القيم و المبادئ،...
ثالث الخصال التي حاز المرحوم محمد ولد الحيمر بها قصب السًبْقِ و سَبَقَ بها كل "عكاشة سياسي أو حقوقي أو إداري"" هي " العض بالنواجذ" علي الوحدة الوطنية لهذا الشعب الموريتاني و العمل علي محو الرواسب السلبية للماضي بنظرة مستقبلية لا ماضوية واقفا بالمرصاد لكل محاولات "تجزئة و تفكيك المجاميع الوطنية الكبري" و حسب رأيي الحادب علي الوحدة الوطنية فإن المرحوم كان "رجلا بحجم الوحدة الوطنية" و لو طُلِبَ من الوحدة الوطنية أن تتجسد و قيل لها كوني لكانت الأستاذ محمد ولد الحيمر رحمه الله. !!!
تغمد الفقيد محمد ولد الحيمر بواسع رحمته و لَقًاهُ نَضْرَة و سرورا و بارك في أولاده و بناته و رحمه و صحبه و وفق الموريتانيين-كل الموريتانيين و أَوْكَدُهُمْ السياسيون و الحقوقيون- إلي تمثل سيرته في علاقته و صلته بربه و في علاقته و صلته مع المواطن و الوطن الموريتاني إنه ولي ذلك و القادر عليه.