لحقت بالعرب هزيمة مدوية في انتخابات الرئيس التنفيذي الجديد لمنظمة التربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، نتيجة انقسامهم والدور القذر المسيء لسمعتهم على المستوى الدولي الذي يلعبه المال السياسي..
هُزم المرشحون العرب الثلاثة، الذين كشف “تنافسهم” عمق الانقسام العربي الذي يصل احياناً إلى الحرب الشرسة بل والقذرة ضد بعضهم البعض، وفازت المرشحة الفرنسية اودري ازولاي.. وهي ذات اصول يهودية مغربية، يعمل والدها كمستشار خاص لملك المغرب محمد السادس، وكان في الموقع نفسه مع والده الملك الحسن الثاني.
وبغض النظر عن اشخاص المرشحين، وبينهم سيدتان مصرية ولبنانية وقطري سبق أن كان وزيراً ومن قبل سفيراً، فان التشقق الذي دمر الرابطة القومية، وسياسة الالتحاق التي ذهبت بالأخوة وغلبت عليها المصالح، والاستقواء بالأجنبي ـ ولو اسرائيليا ـ على الأخ الشقيق، كل ذلك كان لا بد أن يؤدي إلى هذه الفضيحة المجلجلة على الصعيد الدولي: خسارة العرب جميعاً وفوز المرشحة الفرنسية اليهودية من اصل مغربي.
لقد هان العرب على انفسهم، وانقسموا إلى حد الاقتتال (كما في اليمن) والتآمر بعضهم ضد بعض (كما في معظم الانحاء) وعلى مختلف المستويات ـ في الجامعة العربية كما في المنظمات الدولية ـ وفي سوريا وليبيا كما في انحاء أخرى) فمن أين سيأتي انتصارهم في ظل فرقتهم؟.
على أن الحرب العربية ـ العربية في اليونسكو كانت الاشد مضاضة، خصوصاً وان كل دولة من الدول الثلاث التي لها مرشح (او مرشحة) قد شنت على مرشح الدولة الاخرى حرباً ضروساً.. وكان بديهياً أن تسقط عداوة “اسرائيل” التي حاول اكثر من طرف استمالتها او تحييدها..
هذه ليست هزيمة. انها فضيحة مجلجلة تكشف اهتراء الانظمة القائمة واستعدادها للتضحية بالأرض والوطن والقضية ودماء الشهداء من اجل منصب “ثقافي سام” يفترض في من يناله الجدارة والاستحقاق وشرف تمثيل بلاده وامته وقضاياها المحقة بعنوان فلسطين..
وليست اسرائيل هي الطريق ولا رشوة الدول أو ممثليها بالمال عنوان الشرف.
طلال سلمان كاتب عربي ورئيس تحرير وناشر صحيفة “السفير”