شبح الحرب الأكبر والأقرب للتصديق هو الحرب بين أمريكا وكوريا. والأسباب لتصديق ذلك كثيرة ، تمتد من بيونغ يانغ حتى موسكو وبكين وطوكيو وسيئول وواشنطن . اما شبح الحرب المباشرة بين أمريكا وايران فهو الاقل حظا، لان اسرائيل وامريكا معنيتان بتغذية الحرب المستعرة بين السنة والشيعة ، فلماذا تحاربهم طالما انهم يقتلون بعضهم بعضا ، وان المسلمين يدمّرون حضارتهم بأيديهم !!
امّا خطاب التصعيد الذي تلاه ترامب ضد ايران فهو مجرد تسخين اّخر ، يرمي الى محاولة ابتزاز ايران بطريقة او بأخرى لاعطاء ضمانات لحماية امن صغيرتها اسرائيل . بل ان الخطاب ، ربما جرى كتابته في تل أبيب فهو يخالف المصالح الامريكية ذاتها، ويمنع عن الشركات الامريكية الاستفادة من كنوز الشرق ، ويترك الساحة للشركات الاوروبية والاسيوية لتجرف ما تستطيع من خلال عقود واتفاقيات لعقود قادمة .
إن خطاب ترامب لا يرفع نسبة الحرب بين طهران وواشنطن ، وانما يتسبب فقط في خفض مؤشرات البورصة وابعاد الشركات الامريكية الاحتكارية عن المنطقة ، وهو تسخين لن يفضي الى شيء ، سوى شعور اللذة العابر يسرى في اوصال نتانياهو وباقي المستوطنين .
مدير مكتب شارون السابق ، المحامي دوف فايسجلاس ، قال عبر اذاعة الجيش الاسرائيلي كلاما خطيرا سبق خطاب ترامب : من شبه المؤكد أن امريكا سوف تتورط في حرب مع كوريا الشمالية، وقد تتحول الى حرب نووية ، يكون نتيجتها ابادة كوريا الشمالية وتورط امريكا لسنوات قادمة في حرب صعبة . وبالتالي فان على قادة اسرائيل عدم استعجال حرب كوريا قبل ان تضمن امريكا أمن اسرائيل أمام ايران . فامريكا سوف تغيب عن الشرق الاوسط لسنوات ، ويد ايران ستكون طليقة في المنطقة كلها .
وفي الختام لا يوجد من ينتصر في أي حرب، وقد علمتنا التجارب ان نقول ( الويل للمنتصر ) .. فقد انتهى عصر الحروب الكلاسيكية ، وفي الواقع الجديد ، الجميع يخسر ، ولا أحد ينتصر .
نتانياهو تمنّى قبل أيام ان تعيش اسرائيل ليصبح عمرها 100 عام .. يبدو الأمر مشكوك فيه مع تطور الاسلحة النووية ، وانها أصبحت تباع في السوق السوداء كما تباع البضائع المهربة . و (من يحمل السيف. بالسيف يموت ) .
د. ناصر اللحام