هل نَفّذ “أبو البر الأمريكي” مَجزرة لاس فيغاس باسم “الدولة الإسلاميّة” فِعلاً؟ ولماذا تَجنّب الأمن الفيدرالي وَصفه بالإرهاب؟ وهل باتت هذهِ التّهمة حِكرًا على المُسلمين فقط من دون دياناتٍ أُخرى؟

ثلاثاء, 2017-10-03 20:47

بَحثنا في ثنايا جميع وكالات الأنباء العالميّة، ونَقّبنا في كُل التّقارير المَيدانيّة لمُعظم مُراسلي مَحطّات التّلفزة الأمريكيّة والعالميّة، بل والعربيّة أيضًا، لعلّنا نَجد أيّ استخدامٍ لكلمة “الإرهاب” في وَصف المَجزرة التي ارتكبها مُواطن أمريكي أبيض في مدينة لاس فيغاس مساء أمس، وأدّت إلى مَقتل 60 شَخصًا وإصابة 527، وبِتنا على يقينٍ بأن هذهِ التّهمة، أي “الإرهاب”، باتت مُلكيّةً حَصريّةً بالمُسلمين فقط، أمّا الآخرون فهم ليسوا كذلك، ومُنزّهون عن مِثل هذا الاتهام، ومَرضى نفسيين يَستحقّون العلاج.
مكتب التحقيقات الفِيدرالي الأمريكي الذي تُؤكّد وثائقه الرسميّة أنّه حقّق مع أكثر من عَشرة آلاف مُسلم أمريكي بتُهمة الإرهاب، واقتحم بُيوتًا ورّع قاطنيها، سارع “مَشكورًا” إلى التأكيد بأنه لا علاقة لمُنفّذ هذهِ المَجزرة بأي تنظيمٍ إرهابي “جهادي” في نَفيٍ لبيان صَدر عن “الدولة الإسلاميّة”، يُؤكّد أن المُنفّذ ستيفن بادوك أحد جُنود الخِلافة، اعتنق الإسلام قبل عِدّة أشهر، وبات يُكنّى بأبي عبد البر الأمريكي.
نَميل إلى تَرجيح رواية مَكتب التحقيقات الفيدرالي ونُلقي بظِلال الشّك على بيان “الدولة الإسلاميّة”، لأنه قد جَرت العادة في عمليّات هُجوميّة سابقة أن يَترك “جُنود الخلافة” الذين يُنفّذون عمليّات باسم “الدّولة”، أو بتوجيهٍ منها، أن يتركوا آثارًا أو أدلّة تُؤكّد انضمامهم إليها، مِثلما حَصل في تفجيرات بروكسل وباريس ونيواولينز وغيرها، مثل وَضع صور لتنظيم “الدولة” على مواقع التواصل الاجتماعي لمُقاتلي التنظيم، أو تَرك أعلامًا وكُتب دينيّة ومَنشوراتٍ وصُور في المنازل، وهذا لم يَحدث مُطلقًا في حالة “أبو عبد البر الأمريكي”.
نَجزم بأنّ مَكتب التّحقيقات الفيدرالي كان يَتمنّى أن يكون مُنفّذ هذهِ المَجزرة من المُسلمين القُدامى أو الجُدد، ليُضيف حَطبًا على نار العُنصرية والاضطهاد التي يُعاني منها المُواطنون الأمريكيون من أصولٍ إسلاميّة، وهي عُنصريّة تضاعفت مُنذ تولّي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحُكم مَطلع العام الحالي.
إذا كانت هُناك إيجابيّة واحدة يُمكن أن نَستخلصها بين جُثث الأبرياء ودِمائهم، الذين سَقطوا برصاص هذا المُنفّذ الإرهابي، فهي أن هذهِ العمليّة أعادت التأكيد بأنّ الإرهاب ليس حِكرًا على المُسلمين، مِثلما تُروّج حُكومات وجماعات عُنصريّة غربيّة، وأنه إرهابٌ عابرٌ للأديان والطّوائف والدّول والأعراق، ويَستحق الإدانة مِثلما يَستحق ضحاياه، أيًّا كانت هَويّتهم العِرقيّة أو الدينيّة، كل التّعاطف والمُواساة.
الدّرس الآخر الذي يَجب استخلاصه من هذهِ المَجزرة هو ضَرورة التأكيد مُسبقًا من صُدقيّة كل البيانات التي تَصدر عن تنظيم “الدّولة” أو غيرها، بعد كل هُجومٍ إرهابيٍّ في الغَرب أو الدّول الإسلاميّة، ولا نَستبعد أن تكون هُناك جِهات في غُرفٍ سَوداء تُصدر مِثل هذهِ البيانات من أجل إلصاق تُهمة الإرهاب بالمُسلمين، لتَبرير التدخّلات العَسكريّة، واحتلال الدّول، وتَنفيذ مُخطّطات تَفتيتها.
“رأي اليوم”