بعد استلام الحكومة الفلسطينية الحدود والمقار في قطاع غزة ( استلام الحدود أهم من استلام المقار من ناحية سيادية استراتيجية ) . تنعطف الأمور الاّن باتجاه مشهد سياسي جديد - قديم يفضي مرة اخرى للبحث عن مخرج من حالة الفوضى التي تسببت بها اسرائيل والتي حاولت من خلالها فرض سياسة الامر الواقع على الأرض لتعطيل أي حل سياسي ، فتحوّلت سياسة الأمر الواقع الى انشوطة تخنق الدولة اليهودية وتجعل الاحزاب الصهيونية تعود وتصرح وتستغيث من أجل اقامة دولة فلسطينية بأسرع وقت خشية فقدان الهوية الديموغرافية .
لقد ظهرت مؤخرا علامات الخلاف العلني بين ترامب ونتانياهو ، وترى ترامب بدأ يميل للاعتقاد ان نتانياهو يعرقل العملية السياسية من خلال خطوات هوجاء في الاستيطان والفصل العنصري . وظهر القلق واضحا على تل أبيب بعد ان قام ترامب بسؤال عدد من قادة اليهود في امريكا عن نتانياهو : هل هذا الرجل هو الذي يعرقل السلام ؟ ومن المفيد القول ان ترامب كرجل اعمال سوف يفاوض يهود امريكا أكثر مما سيفاوض يهود اسرائيل .
من جهة ثانية يظهر العرب حماسة هائلة في السلام مع اسرائيل ، حماسة منقطعة النظير . لدرجة تفاجئ واشنطن وتل ابيب . ولكن تل أبيب العابثة راحت تلعب في الاقليم بطريقة غبية وساذجة فحشرت انفها في قضية الاكراد ، وتكثف طلعاتها فوق لبنان ، وتقصف سوريا وتفلت الحبل للمستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين ما يهدد باندلاع حرب هنا او هناك .
ان الخطوة القادمة المتوقعة بعد عودة التحام غزة بالمركبة الام ، العمل على فتح ميناء غزة واعادة طلب خط قطار بين غزة والضفة ، واستثمار المليارات في مشاريع اقتصادية ، بالتزامن مع البدء بالبحث عن مخرج سياسي ( مخرج وليس حل ) للخروج من حالة عناق الدب بيننا وبين الاحتلال . ولان الحل النهائي غير متوفر الان بشكل حقيقي ولا يوجد قدرة لدى الحكومات لا سيّما اسرائيل باقناع الاحزاب والجمهور بحل عادل . ولأن الفلسطينيين من جهة اخرى لن يرضوا بحل مؤقت مهما كان شكله . فان المنطق يقود الى أن المقترح القادم سيكون حل شبه نهائي .
حل شبه نهائي ، وقد يكون شبه حل لكنه نهائي ، وقد ينتج عنه اقامة شبه دولة لكنها تسيطر على حدودها . وقد توافق شبه الجزيرة العربية على هذا الحل وتضغط على الرئيس ابو مازن لقبوله .
يتوقع قريبا أن يعلن ترامب توضيحا هاما حول رؤيته للحل . ويتوقع ان يصطدم مع الاحتلال .
ويتوقع أن يدرس أبو مازن الامر بكل جدية . وسيوافق عليه في حالة واحدة فقط . اذا ضمن أن هناك انسحاب اسرائيلي من حدودنا مع الاردن ... لان الخطوة الثانية بعد تسلمنا الحدود مع مصر ، ستكون تسلمنا الحدود مع الاردن .
د. ناصر اللحام