في لبنان دائما عقلان... أحدهما مسكون بالوحدة، والثاني مولع بالانقسام...العقل الوحدوي يبقى مؤمناَ بوحدة اللبنانيين مهما مرت بهم زلازل وعواصف، بل حتى حين ظن كثيرون أن لا عودة للبنان الواحد بعد أن رأوا دويلات تتناثر من جنوبه إلى شماله...
العقل الانقسامي يبقى مصراًَ على أن لا يرى إلا النقطة الوسخة في الثوب الناصع فيبحث عما يفرق اللبنانيين كلما رأى تيار الوحدة يتعاظم...
أصحاب الرأي الوحدوي يدركون أن انتصار لبنان على أعدائه لا يتم إلا بالترفع عن الصغائر، وتجاوز العصبيات الضيقة، وبالمعالجة الديمقراطية السلمية لكل المشكلات التي يعاني منها اللبنانيون وما أكثرها...
أهل العقل الانقسامي مغرومون "بالفرز" ليس بين ساسة وقادة وهو ضروري، بل حتى بين اللبنانيين أنفسهم ،صغيرهم وكبيرهم، في آن معاً...
الوحدويون يفتشون عن نقاط الاتفاق التي تجمع اللبنانيين (وهي كثيرة) من أجل الدخول إلى مساحات الخلاف لمعالجته، والانقساميون يبحثون عن نشاط الافتراق (وهي محدودة) من أجل توسيعها حتى تصبح مساحات الاتفاق محدودة ومحاصرة...
أهل الوحدة يبحثون عن حل لكل مشكلة، وأهل الانقسام يبحثون عن مشكلة لكل حل...
ولسؤ الحظ، فإن أغلب وسائل الإعلام، المرئية والمسموعة والمكتوبة، تفسح شاشاتها وبرامجها وصفحاتها لأهل الانقسام، أما بدافع الإثارة الإعلامية أو بدافع خدمة أجندات مشبوهة لا تريد أن ترى لبنان واحداً، ولا حتى أي بلد في الوطن العربي موحداً.
فمتى يتلاقى أهل الوحدة، المشتتون على حقهم، للفوز على أهل الانقسام المتعاونين على باطلهم.
ملاحظة: هذه الحالة ليست محصورة بلبنان، بل على مستوى المنطقة، وليست محصورة بالإطار الوطني والسياسي بل أيضاً في الإطار القومي والديني.