عاد التدخل الدولي بقوة الى المنطقة ، في ظل "احتباس " سياسي خطير شهدته فلسطين عقب العدوان الاسرائيلي الاخير على المسجد الاقصى ، والتحرك الشعبي الذي هدد كل المنطقة بالانفجار . وبدأت الوفود الدولية تصل الى رام الله وغزة في محاولة منها لاعادة تربيع الدائرة .ولكن التدخل الدولي الجديد مرتبك وواهن ويفتقد العناوين.
المبعوث الامريكي كوشنير التقى مع الرئيس نحو ساعتين وثلث الساعة ، والتقى مع نتانياهو ثلاث ساعات ونصف ، وقد وصفت الاوساط السياسية اللقاءات أنها ليست سلبية ، ولكن من جهة ثانية لم يقل أي طرف انها لقاءات ايجابية .
قبل ذلك جدّدت فلسطين ومصر والاردن خلال لقاء وزراء الخارجية ، التمسك بالمبادرة العربية باعتبارها الطريق الاقصر لحل الصراع . ولكن الموفد الامريكي ومثله تل ابيب لم تنبسان ببنت شفة ولم تؤيدان المبادرة العربية التي ظلّت على الطاولة 15 عاما دون ان توافق عليها واشنطن او تل ابيب .
بعد ذلك الوفود الفرنسية والانجليزية والروسية ومن الامم المتحدة والصليب الاحمر ، حاولت تهدئة الاوضاع ولكنها لم تبحث عن اي حل حقيقي لهذا الصراع المستمر بكل أشكاله على الأرض والهوية .
وفي ظل استمرار الصراع الخليجي الداخلي وتأزيم الازمة بين السعودية والامارات والبحرين ومصر من جهة ، وقطر من جهة اخرى يظهر ان لجنة المتابعة العربية ستدفع ثمن هذه الازمة ، ولن نشاهد وفدا عربيا موحدا يتوجه لواشنطن للتعبير عن رأي متفق عليه .
الفترة القادمة ستشهد حراكا فلسطينيا عميقا على عدة جبهات أهمها خطاب الرئيس في الامم المتحدة ، والدعوة لانعقاد المجلس الوطني واختيار لجنة تنفيذية جديدة ، وخطوات أهم على صعيد انضمام فلسطين للمنظمات الدولية في الامم المتحدة .
على صعيد خطاب الرئيس امام الأمم المتحدة ينتظر الجميع بفارغ الصبر لمعرفة الى أين تتجه الدفة ، وكيف تفكر حركة فتح ومنظمة التحرير تجاه التطورات الاخيرة المتمثلة في ادارة اسرائيل ظهرها لمبدأ حل الدولتين . وما هو البديل السياسي لحل الدولتين ؟
وعلى صعيد انعقاد المجلس الوطني ، ننتظر جميعا لمعرفة اذا كانت قوى وتنظيمات من خارج منظمة التحرير ستشارك في هذا المجلس وتتفق على برنامج سياسي واضح .
أمّا على صعيد انضمام فلسطين لمزيد من المنظمات الدولية ، فان هذا سيتسبب في مواجهة مباشرة مرة أخرى بين القيادة الفلسطينية وادارة ترامب التي بدأت حربها ضد الامم المتحدة وتهدد بانهيارها في حال عملت على اتخاذ قرارات ضد اسرائيل .
الخريف القادم ، سيفرض على الجميع اتخاذ قرارات مؤلمة .. لان مرحلة الانتظار استنفذت بالكامل ، والتراكمات على الارض لم تعد تحتمل أكثر في ظل انفلات المستوطنين من عقالهم ، وعودة جرائمهم بوضوح على جميع الساحات .
د. ناصر اللحام