.. وأخيرا جاء الرّد العسكري لحزب الله ضدّ إسرائيل في مستوى التّوقعات بعد الضّربة الموجعة التي تلقّاها في سوريا، لتعود تلك الصورة المشرقة لحزب الله الذي طرد المحتل الإسرائيلي من جنوب لبنان سنة 2000، ثم لقنه درسا سنة 2006 في تلك الحرب التي كنت شاهدا فيها على بطولات مقاتلي حزب الله الذين تصدّو للآلة العسكرية الإسرائيلية بِشجاعة مُنْقطِعة النظير.
ما فعله حزب الله أمس كان مفخرة لكل العرب والمسلمين، لأنّه أثبت للكيان الصّهيوني أنّاعتداءاته لن تمر من دون عقاب وأن استئساده على سكان غزة وجرائمه المرتكبه هناكلازالت في ذاكرة الأمة، وأن جر حزب الله إلى مواجهات طائفية في سوريا والعراق ما هو إلاأمر طارئ له أسبابه ومقدماته، بينما يبقى العدو الأولى هو إسرائيل التي تغتصب الأرضوتقتل الإنسان.
المواجهة المفتوحة بين حزب الله وإسرائيل ستفضح الجماعات المسلحة التي تقاتله فيسوريا، والتي ترفع شعار الجهاد عندما يتعلق الأمر بالنظام السوري، بينما تركن إلى العمالةوالتعاون السري مع إسرائيل، وستفضح مشيخات الخليج الذين أنشأوا هذه الجماعاتومولوها وسلحوها لا لإحلال الديمقراطية في سوريا كما يزعمون ولكن لتأجيج حربطائفية، وإشغال حزب الله بهذه الحرب.
ليس المقام الآن هو تحديد المعتدي والضّحية في السّاحة السّورية، فالجميع هناك يَقتلوالجميع يرتكب الجرائم، سواء كان مع الجيش السّوري وشبّيحته، أو مع الجماعاتالمسلّحة مثل داعِش والنّصرة وغيرها من الجماعات المتطرِّفة، ولكن المقام هو أن حزب اللهعاد إلى ميدانه الرئيسي وحول ماسورة بندقيته باتجاه إسرائيل، وهذا هو حزب الله الذينعرفه، والذي لا يمكن إلا أن نكون معه لا مع إسرائيل.
لا مجال الآن لانتقاد حزب الله بالغمزِ واللّمزِ واستعارة الأوصاف الطّائفية في الحديث عنْهوهو في ميدان المعركة مع العدو المشترك، وأي سلوك من هذا القبيل سيصبّ في مصلحةإسرائيل، كما أن هذه المواجهة تشكّل امتحانا حقيقيا لفضْح الجماعات المتطرِّفة التي تدَّعيالجِهاد، وهل يوجد جِهاد غير جهاد المحتلّ الإسرائيلي؟
المواجهة المفتوحة ستفضح كذلك العديد من المتشدّقين الذين يملأون الدنيا صراخا وعويلاضد إيران وحزب الله ويصفونهما بالطائفيين، وينسون طائفيتهم التي تمنعهم من قول كلمةحق في حزب الله الذي يدافع عن شرف الأمة الإسلامية جميعا في ميدان القتال مع إسرئيل.
من الشروق :الكاتب رشيد ولدبوسيافة