لقد أعلن النظام الحالي شعار محاربة الفساد والمفسدين خلال حملته الانتخابية 2009 وظل يردد هذا الشعار في كل المهرجانات والتظاهرات في تلك الحملة إلى أن وصل إلى السلطة.
وتفاءل البعض من اطر ونخب ومواطنين عاديين بهذا الشعار واعتبروه بداية عهد جديد سيقضي على الفساد والمفسدين في هذه الدولة التي عانت خلال عقود من الزمن من هذه الظاهرة وتسببت في فقر هذا الشعب وتخلفه وضعف الدولة وتأخرها، إلا أن هذا الشعور بالتفاؤل سرعان ما اختفى بعد ما تبين للجميع ان الشعار مجرد مطية ركبها النظام من أجل الوصول للسلطة وليس حربا على الفساد بالمعنى الحقيقي،فقد فاجئنا هذا النظام عند ترئسه للبلاد بتعيين أوجه الفساد في عهد ولد الطايع وجعلهم في المناصب العليا، كما تمسك بسياسة القبلية والجهوية التي أعتمدها ولد الطايع خلال فترة حكمه،كما فاجئنا ايضا بالاعتماد على التعيينات بالوساطة والمحسوبية بدل الكفاءة والمهنية،وهذه كلها مؤشرات قوية على ان محاربة الفساد مجرد شعار وخدعة فقط
أما في ما يخص فضائح الفساد المتتالية التي تعودنا عليها طيلة حكم الجنرال فهي حدث ولا حرج، فما نكاد ننتهي من فضيحة اختفاء مليارات او سرقة ملايين أو إفلاس مؤسسة إلا وتطل علينا أخرى أقوى وأبشع منها.
ففي 2010 أطلت علينا فضيحة مفوضية حقوق الإنسان والمجتمع المدني،وفي 2011 واجهت سفارتنا بتونس إستلاء على مداخلها من العملة الصعبة، وفي 2012،تفاجئنا بإفلاس مشروع السكر،وفي 2013 داهمنا النظام بصفقة السنوسي ، وفي 2014 تفاجئنا بإفلاس بنك موريس،وفي 2015أطل علينا ما يعرف بملف آكرا ،والمليارات التي سرقت من الخزينة وفي بداية 2016 تسربت فضيحة وزارة الداخلية وما يعرف بتزوير أوراق الانتخابات وفي نهايتها هانحن على وقع فضيحة كبرى ومدوية وهي فضيحة سونمكس. فأين محاربة الفساد ياترى؟.
هذا باختصار شديد هو ملخص للقليل من فضائح الفساد المشهورة في عهد هذا النظام والتي لم يتمكنوا من التغطية عليها ، أما ما خفي فهو أعظم، .
كما أن نظاما يكافئ المفسدين بالتعيين ويقيل المحققين على الجدية والمهنية لا يمكن ان يقال عنه بأنه يحارب الفساد، فالحرب على الفساد تتطلب الكثير من الجدية والصرامة في القرارات، كما أنها تتطلب ايضا مواجهة التدخل القبلي واستخدام النفوذ والوساطة والمصالحة مع المفسدين ، فهؤلائي تجب معاقبتهم بصدق وصرامة حتى يكونوا عبرة لغيرهم.
كما أن الفساد في عهده طال جميع مؤسسات الدولة ولم يسلم منه أي قطاع، ولولا الفساد وتغلغله في مفاصل الدولة الموريتانية لكانت الدولة الآن في أحسن حال،لأننا لدينا ثروات طبيعية هائلة ومقدرات كبيرة ونحن شعب لا يتجاوز أربع ملايين نسمة، فكيف نكون بهذا المستوى من الفقر وضعف الاقتصاد وتدني مستوى دخل الفرد وتأخر التنمية ورداءة الخدمات الصحية والتعليمية وتدني البنى التحتية الخدمية،إلا لسبب بسيط وهو الفساد المستشري ، ولو تمت محاربة الفساد بصفة حقيقة وليست مزيفة لما كنا على هذه الحالة المزرية التي نعيشها الآن للأسف
فنحن تحكمنا ثلة من المفسدين منذ عهد ولد الطايع وحتى الآن،همها الوحيد الثراء الفاحش على حساب الشعب المسكين،وإذا لم تصفى هذه الثلة فلن ينتهي الفساد، بل سيزداد يوما بعد يوم،والدليل على ذلك هو ان هذه الجماعة ما منا إلا ويعرف منها أحدا أو أكثر،وحين ينظر إلىه يجده من الأثرياء وهو لم يرث هذا المال بل تحصل عليه من سرقة أموال هذا الشعب وعن طريق التعيين والوظائف المتعاقبة التي تقلدها، فنجد كل واحد منهم لديه المنازل الفخمة في تفرغ زينة والسيارات الفاخرة،والحسابات في البنوك في الداخل والخارج ، والحوانيت والأسواق التي يملكها، والبعض منهم يملك الفنادق والأوتلات والإبل والبقر وغيرها من الممتلكات ، فلا يعقل أن يكون هذا الثراء من راتب بسيط ولو قضى صاحبه جميع حياته وهو يعمل ويترقى من وظيفة إلى أخرى ، وذلك لأن أعلى راتب في الدولة