قدم الوزير الأول يحيى ولد حدمين يوم أمس أمام الجمعية الوطنية، الخطوط العريضة لسياسة الحكومة للسنوات الخمس المقبلة، كما قد نفس العرض أمام مجلس الشيوخ من طرف وزير العلاقات مع البرلمان إزدبيه ولد محمد محمود.
ولد حدمين أن سياسة الحكومة للسنوات المقبلة: "تأتي في ظرف هام من تاريخ بلادنا يمتاز بانتهاء مأمورية رئاسية وابتداءِ أخرى.
فهي من جهة، سياسةٌ ترتكز على النتائج والدروس المستخلصة من مأمورية منصرمة غنية بالانجازات التي أعادت تأسيس الدولة وأحدثت تغييراتٍ إيجابيةً في جميع مناحيها، من خلال إصلاحات عامة وجذرية في مختلف مجالات الحياة العمومية. كما مَكَّنت بلادنا من تحقيق مكاسبَ جليةٍ على مستوى تسيير الشؤون العامة الذي طبَعَتْهُ بصفة لا رجعةَ فيها مبادئُ الشفافية والصرامة واحترام المال العام، وعلى مستوى الإصلاحات السياسية وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي غيَّرت بعمق وجه البلاد.
وهي مكاسبُ وطنيةٌ هامة ينبغي الحفاظُ عليها وتوطيدُها وتطويرُها.
ومن جهة أخرى، تُجَسِّدُ هذه السياسة منطلقَ مأموريةٍ جديدةٍ، اختار شعبنا لها وبأغلبية ساحقة مواصلةَ السير في درْبِ التقدم الذي رسمه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز.
إن هذه الوِلايةَ، التي هي بحقٍّ وِلايةُ الآمال العريضة، تُشَكِّل فرصةً حقيقية لبلادنا، سَتُمكِّنها من استكمال البرامج التي تمَّ الشروع فيها ومن إنجاز برامج أخرى تحقق لها المزيد من الانعتاق والتنمية والازدهار.
وانسجاماً مع هذا التوجه، سيُكرِّسُ العملُ الحكومي خلال الخمسية المقبلة مقاربةً صارمة تُحِيطُ بجميع الجوانب المؤسسية والاقتصادية والاجتماعية في حياة الأمة، غايتُها إطلاقُ ديناميكيةٍ تنمويةٍ شاملةٍ ومُنْسَجِمَةٍ تُعزِّزُ الجهود المبذولةَ لبناء دولةٍ قويةٍ تضمن الحقوقَ الأساسيةَ لمواطنيها وتُحقِّقُ الرفاهيةَ لشعبها". معلنا أن هذه السياسة: "ستتمحور خلال السنوات المقبلة حولَ ثلاثةِ محاور استراتيجية كبرى هي: (1) توطيدُ دعائمِ الدولة وتحسينُ الحكامة العمومية (2) بناء اقتصادٍ تنافسي يحقق نموًا يستفيد منه الجميع و(3) تنمية الموارد البشرية وتوسيع النفاذ إلى الخدمات الأساسية"
متعهدا بأن: "توفر لقواتنا المسلحة وقوات أمننا الوسائل الضرورية لتمكينها من حفظ سلامة حوزتنا الترابية والحفاظ على أمن المواطنين وسلامتهم والقضاء على التهديدات الأمنية بجميع أنواعها.
ومن هذا المنظور ستتواصل عمليات نزع الألغام البشرية في المناطق المتضررة، والقيام بحملات لتحسيس المواطنين حول مخاطر ها.
وعلاوةً على ذلك سيتم دعم وتعزيز وتنويع مساهمة الجيش الوطني في جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لاسيما في ميادين الصحة والتعليم وإنجاز البني التحتية.
ومن جهة أخرى سَيَتِمُّ التحكم بشكل أفضل في تدفقِ المهاجرين على البلاد عن طريق نَصْبِ نظام (موريتانيا – عبور) على مستوى جميع المراكز الحدودية وتعميم نظام التأشيرات البيومترية على جميع بعثاتنا الدبلوماسية والقنصلية.
كما سَتُعَزَّزُ قدراتُ الوكالة الوطنية للوثائق المؤمنة وسجل السكان لتطَّلِعَ بهذه المهام وتُوَسِّعَ أنشِطتَها حتى تشمل وثائقَ أخرى.
وسَتَسْهَرُ الحكومة كذلك على تعزيز اللامركزية والتنمية المحلية من خلال وضع آلية مندمجة لتمويل التجمعات المحلية ومدونة خاصة بالمجموعات الإقليمية وتعزيز مصالح دعم البلديات.
وسَيحْظَى تحسينُ وتطويرُ خدمات الإدارة المركزية والإقليمية بعناية خاصة تَتَجَسَّدُ في إعادة هيكلتها وعصرنتها وبناء وتجهيز مبانيها ووضع نظام معلوماتي مُؤَمَّنِ يغطي جميع مقاطعات البلاد.
وستعمل الحكومة على تعميم مصالح الحماية المدنية وتقوية فعَّاليتها بإنشاء مراكزَ للإغاثة في المدن الكبرى وبناء وتجهيز بناها التحتية وإقامة مركز لليقظة وتسيير الأزمات.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
إن الحكومة تُولِي عنايةً خاصةً لإرساء عدالةٍ شفافةٍ ناجعةٍ، ذاتِ مصداقية وقريبةٍ من المواطن. لذلك سيتم تنشيطُ وتعزيزُ نظامنا القضائي حتى يصبحَ قادرا على طمأنة المستثمرين وتقريبِ خدماته من المتقاضين واسترجاع ثقة المواطن في نجاعته وجدوائيته في حماية حقوق الأفراد.
وفي هذا الإطار سيتم تحسين النفاذ إلى العدالة من خلال تعميم وتكثيف شبكة البني التحتية القضائية والخفضِ من كُلْفَة الخدمات العَدْلية. كما ستُعزَّزُ قدرات العدالة من خلال اعتماد نهج تخصصي للقضاة وأعوان القضاء، ووضع استراتيجية للاتصال في هذا الميدان بالإضافة إلى تحديث تسيير الموارد البشرية والتحسين من أوضاع السجون.
وستَتَرسَّخُ الحكامةُ العدلية بوضع نظام للحماية الجزائية للأطفال وتكثيف محاربة الجريمة والرشوة بالإضافة إلى حماية وترقية حقوق الإنسان.
وعلى المستوى السياسي، َسيُشكِّل تطويرُ إطارٍ للحكامة السياسية يَضْمنُ توطيدَ الوحدة الوطنية وتجذيرَ الديمقراطية وترسيخَ الثقافة التعددية، أحدَ المضامين الكبرى لعمل الحكومة خلال السنوات المقبلة.
وفي هذا السياق سيتم العملُ على تقوية التماسك بين مختلف مكونات المجتمع وترقية الإنصاف والمساواة بين المواطنين. كما سيتواصل تعزيز نظامنا الديمقراطي وتوطيدُه بتنفيذ إصلاحات مُهَيْكِلَةٍ تكْفُلُ تحسينَ الممارسة الديمقراطية، وتشجع ثقافة الحوار والتعددية السياسية.
وتُشَكِّلُ ترقية حقوق الإنسان والمساواة بين المواطنين والتضامن الاجتماعي ورشةً هامة تنوي الحكومة أن تُسَخِّرَ لها ما تتطلبه من جهود وإمكانات.
وسَتَنْصَبُّ تلك الجهود على توطيد مكاسبنا في ميدان حقوق الإنسان والقضاء على آثار الاسترقاق وتقوية التماسك الاجتماعي.
وفي هذا الإطار سيُعْمَدُ إلى نشرِ الأدوات القانونية الدولية التي صادقت عليها موريتانيا في ميدان حقوق الإنسان، وإلى إعدادِ وتنفيذِ خطة وطنية لترقية وحماية هذه الحقوق.
وستعمل الحكومة بشكلٍ مكثف على القضاء على آثار الاسترقاق والتحسينِ من ظروف المواطنين المتضررين من هذه الآثار، من خلال خطة عملٍ وُضِعتْ تنفيذا لمضامين خارطة الطريق الهادفة إلى القضاء على الأشكال المعاصرة للاسترقاق، ومن خلال نشر التشريعات المضادة للرق والتعبئة حولها، وتنفيذ برامجَ تستهدف النفاذَ إلى الخدمات الأساسية في مجالات التعليم والمياه والصحة ومحو الأمية والسكن، بالإضافة إلى برامج دعم الأنشطة المُدِرَّةِ للدخل لصالح المواطنين المعنيين.
أما في مجال العمل الإنساني فإن الحكومة ستضع الأُطُرَ المناسبة للتدخل في الحالات المستعجلة والكوارث باعتماد استراتيجية للعمل الإنساني وسياسةٍ لتسيير الكوارث والوضعيات الاستعجالية. وستعمل في هذا المجال على تعزيز صمود المواطنين المحليين تُجَاهَ مثل هذه الحالات وإشراك المجتمع المدني في تسييرها.
وبما أن ترقية حقوق الإنسان والديمقراطية لا يمكن أن تتم إلا في مناخ ملائم لحرية التعبير وازدهار المجتمع المدني، فقد قامت بلادنا بإصلاحات سياسية هامةٍ في ميدان ترقية حرية التعبير وتطوير أداء المجتمع المدني.
وستتواصل جهودنا في هذا المجال الحيوي باستكمال الإطار القانوني والمؤسسي للصحافة والمجتمع المدني، ومن خلال إعداد النظم الأساسية لأشخاص هيئات الصحافة، ومراجعة الإطار التنظيمي للوكالة الموريتانية للأنباء وترسيم الأطر التعاقدية بين السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية وإذاعة موريتانيا والتلفزة الموريتانية، بالإضافة إلى اعتماد قانون جديد حول المجتمع المدني.
ومن جهة أخرى، سَتَحْرِصُ الحكومة على تأمين نفاذ جميع المواطنين إلى المعلومة الحرة من خلال توسيع التغطية الوطنية للإذاعة والتلفزة، والتحول إلى البث الرقمي وإنشاء قناة خاصة بالبرلمان وأخرى خاصة بالشباب والرياضة، وتوسعة شبكة الإذاعة الريفية على مستوى المناطق الزراعية والرعوية.
كما ستُعزَّزُ مشاركةُ المجتمع المدني والصحافة في الاستراتيجيات التنموية بخلق فضاءاتٍ للتبادل والتكوين والاتصال، وإنشاء شبكاتِ صحفيين متخصصين، فضلا عن وضع برنامج للدعم الهيكلي والمؤسسي لمنظمات المجتمع المدني والصحافة.
وسَتَحْظَى عصرنةُ وتقويةُ القدرات التقنية لهذا القطاع بالدعم اللازم من خلال الرفع من مستوى تجهيزات الوكالة الموريتانية للأنباء وإذاعة موريتانيا والتلفزة الموريتانية وشركة البث الإذاعي والتلفزي والمطبعة الوطنية.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
إن الحكومة واعيةٌ أكثر من أي وقت مضى بضرورة تطوير وتحديث المقاربات المتَّبعة في مجال الحكامة العمومية وتكييفها مع مستلزمات نجاعة النشاط العمومي. وفي هذا الإطار، ستعتمدُ الآلياتِ المناسبةَ لتحسين الحكامة في أبعادها الدبلوماسية والاقتصادية والمحلية والبيئية والإدارية.
ففي ميدان السياسة الخارجية والتعاون الدولي، ستسهر الحكومة، طبقا للتوجيهات والمبادئ المحددة من قبل رئيس الجمهورية، على انتِهاجِ دبلوماسية فعَّالة تعزز مكانة البلاد على الساحة الدولية وتُسهِم في تنميتها. وسَيُمَكِّنُ هذا التوجه من تحسين صورة البلاد وإشعاعها على المستوى الدولي، ومن تقوية علاقات التعاون القائمة وتوسيعها إلى شركاء جدد.
وستُركز هذه السياسة على تنمية البعد الاقتصادي في دبلوماسيتنا من خلال نشر المعلومات المتعلقة بإمكانيات البلاد الاقتصادية والثقافية على المستوى العالمي وإرساء مزيدٍ من الشراكات الاقتصادية عن طريق تنشيط وإنشاء اللجان المشتركة ومجالس الأعمال.
وسَيَحْظَى رعايانا في الخارج بمتابعة أفضل لأوضاعهم وبالمساعدة والتأطير الضروريين للتحسين من ظروف إقامتهم في الخارج.
أما بخصوص الحكامة الاقتصادية، فستُعزِّزُ الحكومة سياسة الصرامة وتنويع الاقتصاد الوطني من خلال فتحِ ورشاتٍ جديدة تُوَطِّدُ المكاسب المحققة وتضع البلاد بصفة لا رجعة فيها على درب التنمية.
وفي هذا الصدد ستسهر الحكومة على المحافظة على التوازنات الاقتصادية الكبرى، مع زيادة الاستثمارات ومواصلة جهود ترشيد نفقات الدولة.
وستواكب هذه الجهود إصلاحاتٌ عميقة في ميادين السياسة النقدية والمالية العمومية وتنويع مصادر تمويل الاقتصاد.
وهكذا ستُعَزَّزُ التوجهاتُ العامة المتعلقة بتنمية البلاد من خلال العمل على استقرار وتصحيح الإطار الاقتصادي الكلي ووضع آلياتٍ للتخطيط والتوقع والمتابعة وإعداد استراتيجية تنموية في أفق 2016-2030.
ولضمان استقرار النظام المالي والسيطرة على الأسعار ستعمل الحكومة على تعزيز السياسة النقدية عبر التسيير المَرِنِ والناجع لسوق الصرف وتكثيف الإشراف المصرفي والمالي وإنشاء بورصة للقيم المنقولة.
كما ستعمل على تصحيح وضعية المالية العامة والرفع من قدرة البلاد على تعبئة الموارد عن طريق تقوية القدرة التوقعية للمداخيل وتعزيز مصداقية الميزانية وشفافية برمجتها.
ومن جهة أخرى سيتم تعزيز وتنويع إطار الاستثمار بإعداد الآليات المناسبة للبرمجة، إضافة إلى وضعِ نُظمٍ لمتابعةِ وتقييم البرامج التنموية وتنفيذ الاستراتيجيات الوطنية المتعلقة بمحاربة الرشوة وتنمية القطاع الخاص.
كما سيتم تعزيز وترقية الادخار الوطني والرفع من مساهمته في السياسات القطاعية من خلال إعداد استراتيجية عشرية في هذا المجال وتطوير آلية مركزية للادخار بهدف تمويل السكن الاجتماعي ومواصلة مشاريع دعم التشغيل وتمويل الأنشطة الاقتصادية.
وستعمل الحكومة كذلك على تحسين المردودية الاقتصادية لقطاع التأمين بتعزيز إطاره التنظيمي وتنمية شُعبِه غير المستغلة وتعزيز دور التأمينات في تعبئة الادخار الوطني بالإضافة إلى سَنِّ تنظيم يُعْطي البنك المركزي حقَّ الإشراف على شركات التأمين.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
ستعمل الحكومة في السنوات المقبلة على تطوير حكامة إقليمية تضمن التوزيع العادل والمعقلن للاستثمارات على أساس الإمكانيات المحلية.
وفي هذا الإطار سينْصبُّ العمل على إعداد إطار معياري للاستصلاح الترابي، من خلال تفْعيل الهياكل واعتماد النُصوصِ التنظيمية والأدوات المتعلقة به.
وسيتم الشروع كذلك في وضع سياسة تنموية إقليمية تنافسية من خلال إنشاء أقطاب جهوية للتنمية ودعم الجماعات المحلية في ميدان اللامركزية وإعداد وتنفيذ برامج تنموية جهوية.
وفضلا عن ذلك ستُكَثَّفُ سياسة تجميع القرى باعتماد استراتيجية وطنية في هذا الميدان وإنشاءِ تجميعات جديدة في مختلف مناطق البلاد المُؤَهَّلة لذلك.
أما في ميدان البيئة، فلا شك أن للتنمية الصناعية وتطورِ أنماط تسيير البيئة، بالرغم من آثارهما الإيجابية من حيثُ تسهيلُ ظروفِ العيش، انعكاساتٌ سلبية على تَجَدُّدِ واستمرارية النظام البيئي. ووعيًا منها لهذه الحقيقة عكفت بلادنا على إدراج البُعد البيئي في مختلف الاستراتيجيات التنموية.
وفي هذا الإطار ستعتمد الحكومة سياسة قائمةً على نظرةٍ مُتكاملة تضمن حمايةَ نظامنا البيئي البحري والبري والجوي وتسْيِيرَهِ واستغلاله بشكلٍ أمْثل ومستدام.
وهكذا سيتم تعزيز الإطار المؤسسي والتنفيذي لمتابعة وتسيير البيئة عن طريق مراجعةِ ومواءمة النصوص وتكييفها مع مهام ومتطلبات المتابعة الصارمة للإشكالية البيئية ووضع آلية لتسيير الوثائق البيئية.
كما ستُتَّخذُ التدابير الضرورية لتعزيز محاربة آثار التغيرات المناخية من خلال تطْويرِ برامجَ خاصةٍ بذلك وتوفيرِ الدعم والاستشارات والتكوين في ميدان سياسات تسيير التغيرات المناخية.
ومن ناحية أخرى ستُشكِّل زيادة المحميات البحرية والأرضية أولويةً تُؤخذُ بعين الاعتبار في إطار استراتيجية جديدة لتسييرها، وإرشاد وتحْسِيسِ المواطنين حول المشاكل البيئية.
أما فيما يتعلق بالإدارة العمومية فإنها تشكل في ذاتِ الوقتِ أداةً هامةً وحجرَ زاويةٍ لا غنى عنه لحُسْنِ سير المرفق العمومي. لذلك فإن عمليةَ عصرنتها وزيادة نجاعتها وتعزيز مردوديتها تعتبر عاملا جوهريا في تطوير فاعلية العمل الحكومي وأثره على المواطن.
لذا ستباشر الحكومة، وعيًا منها بهذه الحقيقة، عصرنة الجهاز الإداري وتحسين أدائه من خلال إجراء التحسينات الضرورية على الإطار المؤسسي والتنظيمي للإدارة العمومية.
وستعمل كذلك على تثمين الموارد البشرية وترسيخ الأخلاقيات المهنية عبْرَ وضع نظام مندمج لتسيير عمال الدولة وإعدادِ مدونة أخلاقية للوكلاء العموميين وإنشاء دليلِ إجراءات لتسيير الموارد البشرية، بالإضافة إلى سَنِّ قانون يحدد واجبات الإدارة تُّجاهَ المستفيدين.
أما فيما يتعلق بتحسين الإطار المؤسسي والتنظيمي لإدارة الشغل فستشهد السنوات الخمس القادمة إعداد وتنفيذ سياسة وطنية للعمل ومَرْتَنَةِ الوظائف وتوسيعِ التغطية الجهوية لمفتشيات الشغل وزيادة نسبة مساهمات أرباب العمل في صندوق المعاشات.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
أما بالنسبة للمحور الثاني من برنامج الحكومة والمتعلق بتطوير منظومة اقتصادية تنافسية تحقق نموًا يعود بالنفعِ على جميع المواطنين، فإن الحكومة ستنتهج سياسات صارمة لتحقيق نسب نمو مرتفعة تُمَكِّنُ من تقليص الفقر ومحاربة البطالة بفعَّالية.
وفي هذا السياق سيتم العمل على تنويع الاقتصاد عن طريق الاستغلال المعقلن للقطاعات الإنتاجية التي ستُدمجُ بشكلٍ أفضل في الدورة الاقتصادية.
وستتمحور السياسة الاقتصادية في السنوات الخمسِ المقبلة على تنمية البني التحتية المُهَيْكِلةِ لاسيما النقل والطاقة وتقنيات الإعلام والاتصال من جهة، وعلى الاستغلال الأمثل لمصادر النمو التي تمثلها القطاعات الإنتاجية وقطاعات الخدمات، من جهة أخرى.
ففي مجال النقل ستعمل الحكومة على تطوير شبكات النقل وتنويعها بشكل يُلائِمُ حقائق البلاد ويسمحُ بترقية المبادلات ويُسهِمُ في تقليص كلفة الإنتاج ويُعزِّزَ تنافسية الاقتصاد.
وهكذا سيتم العمل خلال السنوات الخمس المقبلة على مضاعفة وتحسين نوعية البني التحتية الخاصة بالنقل حتى تضمن فكَّ العزلة عن مراكز تجمعات السكان ومناطق الإنتاج، وتشجيعَ المبادلات مع البلدان المجاورة.
وفي هذا الإطار سيتركز العمل بصفة خاصة على تحديث وتطوير البني التحتية من خلال :
(1) توسيع شبكة الطرق بإنجاز ما يُناهز 1.500 كلم من الطرق الجديدة وإعادة تأهيل 290 كلم من الطرق الموجودة (2) تأهيل وتوسعة شبكات الطرق الحضرية على مستوى المدن الكبرى (3) بناء ميناء للصيد التقليدي في تانيت (4) تطوير ميناء نواكشوط المستقل (5) إكمال مشروع مطار نواكشوط الجديد و(6) إعادة تأهيل وتوسعة مدارج مطارات نواذيبو، أطار، النعمة، كيفه وتجكجة.
وستعزز سلامة النقل بتحسين الظروف الأمنية على مستوى المطارات ودعم أمن وسلامة الملاحة الجوية والطرق.
كما سيتم تعزيز كفاءات هذا القطاع عبر مجموعة من الإجراءات الهامة من بينها: (أ) إنشاء مركز للتكوين على مستوى الوكالة الوطنية للطيران المدني (ب) إخضاعُ مطارات البلاد لنظام الجودة العالمية (جـ) تعزيز قدرات المختبر الوطني للأشغال العامة (د) إنشاء صندوق للسلامة والصيانة الطرقية (هـ) عصرنة ورقمنة نظام تسيير النقل البري (و) تعزيز شركة النقل العمومي وتفعيل علاقاتها مع الدولة (ز) تعزيز قدرات المكتب الوطني للرصد الجوي ووسائله في مجال المراقبة والتوقعات الجوية.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
يكتسي النفاذ الشامل إلى طاقة ملائمة وبكلفة أقل أهميةً قصوى بالنسبة للحكومة، وستعمل على تحقيقه باعتبار مَا لَهُ من أهمية حيوية ومُهيْكِلة، وبالنظر لما يمكن أن يهيئه من ظروف مُواتِيَةٍ لتحقيق التنمية الاقتصادية وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين.
ومن هذا المنظور سيتم تحسين الإطار التنظيمي والعمَلي لهذا القطاع من خلال مراجعة مدونة الكهرباء وإعداد سياسة قطاعية جديدة تحقق له تنمية منسجمة.
وعلاوةً على ذلك سَتَنصَبُّ الجهود على تحقيق النفاذ الشامل إلى الكهرباء في الوسط الريفي من خلال بناء 30 محطة هجينة و100 منصة كهربائية متعددة الوظائف وإنجاز أكثر من 100 كلم من شبكات التوزيع.
ستعمل الحكومة كذلك على مضاعفة القدرة الإنتاجية الوطنية من الطاقة من خلال بناء محطة لإنتاج الكهرباء من الغاز بطاقة 030 ميغاوات وإنشاء عدة محطات للطاقة المتجددة عاليةِ القدرةِ، وتوسيع وتطوير شبكات التوزيع وبناء مركز وطني للتحكم في الطاقة.
كما سيتم بناء نظام لنقل وتنمية الربط مع الدول المجاورة عن طريق تشييد خطوط للضغط العالي وإنشاء خطوط للنقل انطلاقا من شبكة منظمة استثمار نهر السنغال وربط البلدان المجاورة بها.
أما مجال تقنيات الإعلام والاتصال، فإن مصلحة بلادنا تفرض علينا المواكبة الفعالة للتحولات المذهلة التي يشهدها، في عصر تطبعه العولمة الشاملة.
ولأَجْلِ ذلك ستُطوِّر الحكومة سياساتٍ ملائمة تُمَكِّنُ من توسيع النفاذ إلى هذه التقنيات والاستفادة من تطبيقاتها في المجالات التنموية.
وسَتَضَعُ، وَفقاً لذلك، الأُطرِ المناسبة للتنمية الناجعة لهذا القطاع من خلال مراجعة الإطار القانوني والتنظيمي له ولقطاع البريد.
وسيتم كذلك تطوير العَرْضِ في مجال التقنيات الجديدة وتنويعه والتقليص من كلفة الاتصالات عبر تنفيذ مشروع الربط الوطني (موريتانيا WARCIP) وتطوير البني التحتية للشبكات عالية التدفق على المستوى الوطني، والانتقال إلى البث التلفزيوني الرقمي الأٍرضي.
كما ستضعُ الحكومة الخطط المناسبة لتعزيز أمن استخدام التقنيات الجديدة من خلال إنشاء مركزٍ لليقظة لِمحاربة جرائمِ الإنترنت، والرفع من مساهمة هذه التقنيات في التنمية عن طريق الاستفادة منها في مجالات الصحة والتعليم وترقية الاقتصاد الرقمي.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
في مجال تنمية القطاعات الواعدة، ستتركَّزُ الاستراتيجية الحكومية في السنوات الخمسِ المقبلة على السعي إلى تحقيق أقصى مردودية اقتصادية واجتماعية قائمة على استغلال مستديم يراعي مقتضيات الحفاظ على البيئة.
ويَسْتَدْعِي هذا الهدف الطموحُ دمْجاً أفضلَ لهذه القطاعات في الدورة الاقتصادية وتطويرَ منظومةٍ تصنيعيةٍ تُثَمِّنُ مواردنا المختلفة من أجل الاستفادة من آثارها الاقتصادية، فضلا عن استثمار الإمكانيات المُعطَّلَة من موارد البلاد الطبيعية والثقافية.
وفي هذا السياق سَتُكَرَّسُ للقطاعات الإنتاجية، وأعني هنا المحروقات والمناجم والصيد والزراعة والتنمية الحيوانية، الجهودُ والوسائل الكفيلة بدمجها في ديناميكيات تنمويةٍ مستدامة تضاعف من عائداتها الاقتصادية والاجتماعية.
كما ستُدمَجُ في المقاربات التنموية للبلاد قطاعاتٌ أخرى ذات إمكانيات اقتصادية معتبرة مثل التنمية الحضرية، الصناعة، التجارة والسياحة، وذلك من خلال استراتيجيات قطاعية تُثَمِّنُ وتضاعفُ عائداتها على المجموعة الوطنية.
وهكذا ستعمل الحكومة في ميدان المحروقات على ترقية واستغلال إمكانيات البلاد من المحروقات الخام عن طريق منح رخص لاستغلال المقاطع النفطية ذات الإمكانات البيِّنَة والترويج للمقاطع الأخرى، بالإضافة إلى تطوير واستغلال الغاز في حقل "باندا".
ومن جهة أخرى، وسعيًا إلى ضمان تموين مُؤَمَّنٍ ودائم لحاجيات البلاد من المحروقات المكرَّرة، سيتم تعزيز نظام التزويد من خلال مراجعة الإطار القانوني والتنظيمي ومراحل النقل والتوزيع، بالإضافة إلى تطوير منشآت التخزين وملاءمتها مع المعايير المطلوبة عبر إعادة تأهيل مستودع نواذيبو وتوسيع مستودع نواكشوط.
أما الاستغلال المنجمي فستعمل الحكومة على تحسين إطاره العام وتعزيز مردوديته.
وسَيُشَكِّلُ تنويع الأنشطة من خلال البحث عن موارد معدنية جديدة وزيادة الإنتاج باستغلال مناجم إضافية وتوسعة المناجم الموجودة بالإضافة إلى زيادة حجم الاستثمارات في القطاع، أهم المحاور التي ستعمل ضمنها الحكومة للرفع من مردودية هذا القطاع من حيث المداخيلُ وفُرصُ التشغيل.
وفي هذا الإطار ستُمنح عنايةٌ خاصة للمتابعة الفنية والتجارية للاستغلال المنجمي الذي سيتعزَّزُ بتطوير منجم "الكوارتز" في مقاطعة الشامي والحديد في "لكليتات" بإنشيري.
وفي نفس السياق، سيتم العمل على تحقيق اكتشافاتٍ جديدة، وذلك بإنجاز مسوحات وتغطيات إضافية لاسيما على مستوى "ظهر اركيبات" وسلسلة "الموريتانيد".
ومن ناحية أخرى ستعمل الحكومة على ترقية المقدِّرات الجيولوجية والمعدنية الوطنية من خلال المشاركة في المعارض المنجمية الإقليمية والدولية وتنظيم التظاهرات والأيام الإعلامية على المستوى المحلي.
أما قطاع الصيد البحري فإن الحكومة ستعكف على تطويره وتنفيذ استراتيجية منسجمة لتنميته تضمن حماية الثروة وزيادة عائداتها ودمجها الكامل في الاقتصاد الوطني.
وسَتُمْنَحُ في ميدان الاستغلال عنايةٌ خاصة للمحافظة على الموارد البحرية وتنويعها عن طريق ترقية البحوث المحيطية والاستصلاح المستدام للمصائد وتطوير تربية الأسماك والصيد القاري.
وهكذا سيتم العمل على تجديد أنظمة الاستغلال وتكييفها من خلال تحسين آليات الولوج إلى الموارد وإصلاح قانون النفاذ والجباية، بالإضافة إلى ضبط تطور فروع الصيد وتجديد الأساطيل الوطنية.
كما سيتم تعزيز الطاقات الوطنية في ميدان توطين وتحويل وتثمين منتجات الصيد، عبر تشييد البني التحتية الضرورية للتفريغ، وتطوير صناعات الصيد والرفع من نوعية المنتجات وترقية التشغيل في هذا القطاع وتعزيز نظام التسويق، والرفع من مساهمة القطاع في سياسة الأمن الغذائي.
ومن جهة ثانية سيتم إدخال تحسينات على تسيير الشؤون البحرية من خلال تعزيز السلامة البحرية وتحسين إدارة المناطق الشاطئية والمجال البحري العمومي، إضافة إلى تعزيز حماية البيئة البحرية وتطوير النقل البحري وتسيير المهن البحرية المساعدة.
وفي ما يتعلق بإدارة القطاع بشكلٍ عام، سيتم العمل على تحسين أطره التنظيمية والمؤسسية وتعزيز منظومةِ الرقابة البحرية والتفتيش وترقية التكوين البحري وإنشاء إطار مناسب للاستثمار يضمن تعبئة التمويلات التي تتطلبها تنمية القطاع.
أما الزراعة فإنها تُشكل أولوية مطلقةً لبلادنا، لذا سَيَنْصَبُّ اهتمام الحكومة على تطويرها حتى تُصبحَ تنافسية وذات مردودية عالية تُحَقِّقُ الاكتفاء الذاتي من المنتجات الأساسية وتساهم بفعالية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد.
وتتمثل الأولويات الأساسية للبرنامج الحكومي في هذا المجال في زيادة المساحات المزروعة والتحكم في مياه الري وتأمين الوسط الزراعي ودعم المزارعين وتنويع الإنتاج وتطوير البحوث التنموية.
ففي ميدان زيادة المساحات المستصلحة لزراعة الأرز سيتم العمل في السنوات المقبلة على استصلاح أكثر من 10.000 هكتار وإعادة تأهيل 3.000 أخرى بالإضافة إلى استكمال أشغال قناة آفطوط الساحلي التي ستسمح بري 16.000 هكتار إضافية.
وسَيَشْهَدُ الري الزراعي فتحَ ورشاتٍ هامةٍ مثلَ استصلاح المَجَاري المائية وبناءِ منشآتٍ للضخ والتحكم في المياه، كما سيتم استكمالُ تشييدِ أربعة سدودٍ كبرى جديدة وبناء وإعادة تأهيل 40 سدا متوسطًا.
وسيتم تعزيزُ حماية المساحات الزراعية بإنجاز طرق لفك العزلة ومنشآت للمرور على مستوى المناطق الزراعية، وبتكثيف محاربة الآفات الزراعية.
وسَتُدَعَّمُ هذه الجهود بتدابير تتعلق بالتموين بالأسمدة والبذور الصالحة ومواصلة مكْنَنَةِ الزراعة المطرية، وتسييج أكثر من 60.000 هكتار وتنفيذ برامج لشراء المنتجات الزراعية.
ومن ناحية أخرى ستعمل الحكومة على تنويع الزراعة الوطنية من خلال مواصلة دعم زراعة القمح في المناطق المروية، وتكثيف زراعة الخضروات، وبناء مراكز لتثمين وتعبئة التمور، واستكمال المُجَمَّع الزراعي الصناعي الخاص بإنتاج السكر وقصب السكر في "فم لكليته"، بالإضافة إلى إعادة تأهيل محطات البحث.
أما قطاع التنمية الحيوانية الذي اقْتَضَتْ أهميتُه الاستراتيجية أنْ يُخَصَّ بقطاع وزاري مستقل عُهِدَ إليه بتصور وتنفيذ سياساتٍ مناسبةٍ تضمن زيادة مردويته وتُحققُ اندماجَه في الدورة الاقتصادية، فإن التركيز فيه سيتم على تطوير النظم الإنتاجية والمتابعة الصحية وتحسين ظروف ممارسة التنمية الحيوانية وتعزيز الكفاءات بصفة عامة.
ومن هذا المنظور، ستسهر الحكومة على وضع استراتيجية تستهدف تنويع وتحويل المنتجات الفرعية من خلال بناء مصانع ومراكز لجمع الألبان ومسالخَ جهوية ومُركَّباتٍ لتربية الدواجن.
وعلاوة على ذلك، سيتم الرفع من أداء نظام الصحة الحيوانية بتكثيف الرعاية الصحية، وبناء الحظائر وتنظيم حملات التلقيح والتحسين من إجراءات تموين السوق بالأدوية البيطرية.
كما ستُبذلُ الجهود المناسبة لترقية الظروف العامة للتنمية الحيوانية من خلال تطوير زراعات الأعلاف وتعميم التقنيات الحديثة في هذا الميدان وإنشاء مختبر لرقابة المواد الغذائية ذات الأصل الحيواني، بالإضافة إلى اكتتاب وتكوين الفنيين والمساعدين البيطريين.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
تكتسي ترقيةُ إطارٍ حضري سليم وملائم لتطور المجتمع أهميةً كبرى بالنسبة للحكومة، نظرا للتزايد المطَّرِد في نسبة سكان الوسط الحضري الذين يمثلون نصف سكان البلد.
وبناء على ذلك، فإن جهود الحكومة في ميدان العمران تستهدف في ذاتِ الوقتِ عصرنة المدن وإعداد الأطر والأدوات المطلوبة للتسيير الاستشرافي للتطور العمراني.
واستباقا للحاجيات في هذا الميدان وضمانا لتطور منسجم ومُتحَكَّمٍ فيه لمراكزنا الحضرية، سيتم التركيز على الترقية العمرانية الطوعية وتحديث الوسط الحضري عن طريق مراجعة الإطار المعياري للتطوير العمراني ووضع الهياكل المكلفة بالتنمية والرقابة العمرانية، وتصميمِ وثائق عمرانية لكافة عواصم الولايات والمقاطعات، بالإضافة إلى مواصلة برنامج عصرنة المدن واستكمال عمليات القضاء على الأحياء العشوائية.
ومن جهة أخرى، سيتم إعداد إطار معياري لقطاع البناء من خلال إعداد وتنفيذ مدونة لمعايير البناء والأشغال العامة وتنفيذ سياسة خاصة بتسيير ومتابعة المباني والتجهيزات العمومية، إضافة إلى بناء أقطاب ومُركَّباتٍ إدارية وتجهيزات كبرى لصالح الإدارة.
أما في ميدان التجارة والصناعة، فإن الحكومة تنوي إعطاءهما دفعًا جديدًا من خلال اعتماد سياسات تحفيزية مُحقِّقةٍ للنمو.
وفي هذا الإطار، ستتم إعادة تنظيم وعصرنة قطاع التجارة بما يَضْمَنُ ضبطَ أنشطته ووضعَ نظام مستقر للتموين بالمواد ذات الاستهلاك الواسع. كما ستوضع سياسة حقيقية للتنافس ويُستحْدَثُ إطارٌ مناسب لترقية التجارة الالكترونية.
وفيما يتعلق بقطاع الصناعة، فإن الحكومة تنوي إعطاءه دفعا قويا لصالح التنمية الاقتصادية للبلاد، وذلك من خلال إعداد استراتيجية صناعية جديدة ووضع آلية للقيادة تعتمد على الشراكة بين القطاعين الخاص والعام، وتعزيز القدرات في مجال وضع نظم للتَّقْيِيسِ والمتابعة، واستكمال الإصلاحات ذات الطابع الإداري والمالي واستصلاح المناطق والمساحات الصناعية بالإضافة إلى إنشاء هياكل فنية لدعم التنمية الصناعية.
وبخصوص قطاع السياحة، فإن الحكومة تعي تماما أهميته في تطوير الأنشطة الاقتصادية المُدِرَّةِ للدخل والمُسَاهِمَةِ في خلق فرص للعمل.
وانطلاقًا من ذلك وسعيًا لاستثمار المناخ الأمني الممتاز الذي تنعم به البلاد، ستعمل الحكومة على إطلاق ديناميكية تنموية جديدة لصالح النشاط السياحي تهدف إلى وضع الإطار الملائم لاستئناف السياحة على أوسع نطاق وعصرنة هذا القطاع.
وستنصب الجهود على وضع استراتيجية وطنية للسياحة وإعداد وتنفيذ سياسة لترقية وتسويق المنتجات السياحية بالإضافة إلى إنشاء مدرسة للفندقة وصندوق لدعم المقاولات السياحية.
أما قطاع الصناعة التقليدية، فإن الحكومة ستسهر على ترقيته باعتباره مجالا للإبداع ووسيلة للحفاظ على الذاكرة الوطنية ومصدرا لخلق مَواطنِ شُغلٍ، لذا سيتم التركيز على تعزيز الإطار المؤسسي لقيادته، وعلى ترقية المُنتج الصناعي التقليدي على مستوى البلاد.
وسَتُتّخَذُ مجموعة من الإجراءات في هذا الإطار تتعلق بإعداد استراتيجية وطنية للصناعة التقليدية والمصادقة عليها، ومراجعة القانون المتضمن لمُدوَّنة الصناعة التقليدية وتنظيم مهرجانات وطنية ودولية لترقية المُنتجات وبناء قرية للصناعة التقليدية تتوفر على مركز للمعارض، وافتتاح دُورٍ وفضاءاتٍ للصناعة التقليدية في الولايات، بالإضافة إلى إنشاء مركز وطني للتكوين وتنمية فنون الصناعة التقليدية.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
بخصوص المحور الثالث من البرنامج الحكومي المتعلق بتنمية الموارد البشرية وتوسيع النفاذ إلى الخدمات الأساسية، ستسعى الحكومة إلى ترقية نموذج تنموي يضمن ازدهار المجتمع ويحَسِّنُ بصفة دائمة من ظروفه الحياتية، بحيثُ تُفْضِي التحْسيناتُ المزمعة إلى خلق رأس مال بشري يمكِّن الأفرادَ من الاستغلال الأمثل لإمكانياتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، وبالتالي من المساهمة في تنمية البلاد.
وسيندرج عمل الحكومة في ميدان التنمية الاجتماعية ضمن المحاور الخمسة التالية:
(1) تعزيز أداء ومردودية النظام التربوي (2) تحسين ظروف حياة المواطنين من خلال نفاذ أحسن إلى الخدمات الأساسية (3) محاربة البطالة عبر سياسات مُوَجَّهَة في مجال خلق المزيد من فرص العمل (4) ترقية تنمية اجتماعية منسجمة تسمح بإشراك جميع شرائح المجتمع في عملية البناء الوطني و (5) دعم وإثراء الحياة الثقافية الوطنية.
ففي ميدان التعليم، وفي ضوء إعلان رئيس الجمهورية في خطابه الموجه إلى الأمة بمناسبة الذكرى الرابعة والخمسين لعيد الاستقلال الوطني سنة 2015 سنة للتعليم، سيشكل تنشيط النظام التربوي بجميع مراحله أحد الأهداف الرئيسية للعمل الحكومي خلال السنوات الخمس القادمة.
وسيتم ذلك وِفق مُقاربة تضمن لجميع الأطفال الموريتانيين مسارات دراسية منسجمة ومتنوعة تجعل من المدرسة الموريتانية بوتقة للوحدة الوطنية وعاملا للترقية الاجتماعية، وتستجيب لمتطلبات الحداثة والثورة الرقمية والعولمة، وتسمح بتغطية حاجيات المجتمع والاقتصاد من الكفاءات.
وستسهر الحكومة، استشعارا منها لِحِدَّةِ المشاكل المطروحة على بلادنا في هذا الميدان ولِحجم التحديات القائمة، على استخلاص الدروس من مختلف الأعمال والإصلاحات التي قِيمَ بها في السابق، وعلى مواصلة التشاور والتفكير حول الوسائل والآليات الكفيلة بإرساء دعائم نظام تربوي ملائم لواقع المجتمع ولحاجيات البلاد.
وفي هذا الإطار، سنعمل على ترقيةٍ نوعيةٍ للتعليم ما قبل المدرسي تضمن إعدادا جيدا للأطفال لمرحلة التمدرس، عبر تحسين الإطار المؤسسي والتنظيمي للتعليم الأوَّلِي.
ومن هذا المنظور سيتم تحيين السياسة الوطنية لتنمية الطفولة الصغرى، كما سيتم اعتماد نصوص تنظيمية جديدة حول مرحلة ما قبلَ المدرسة سعيًا إلى تحسين النفاذ إلى هذا النوع من التعليم. وسيتم بناء وتجهيز رياضٍ جديدة للأطفال بالإضافة إلى إعادة تأهيل البني القديمة.
كما ستعاد هيكلة مركز تكوين الطفولة الصغرى ويُمنح الوسائل الضرورية لضمان تكوين أمثل لطواقم التأطير. وعلاوة على ذلك، ستعزز متابعة هذه المُكَوِّنَةَ بفضل تطوير نظام للمعلومات وتسيير المعطيات الخاصة بمرحلة ما قبل المدرسة.
وفيما يتعلق بالتعليم الأساسي والثانوي ستُتابع الحكومة سياستها الهادفة إلى الرفع من النفاذ إليهما والتحسين من نوعيتهما. ففي ميدان النوعية سيتم التركيز على إنتاج وتوزيع الأدوات والوسائل التربوية من كتبٍ مدرسية وأدلةٍ للمعلمين وأدوات تعليمية.
وسيتعزز التكوين الأَوَّلي للمدرسين بإنشاء مدرستين جديدتين لتكوين المعلمين، كما ستُوَفَّرُ الظروف الضرورية لدعم تدريس المواد العلمية وتطوير التعلم التجريبي (مختبرات، ومخبريين، وتجهيزات، ومواد اختبار..).
ومن نفس المنظور ستُعزز مؤسسات الامتياز بفتح ثانويات امتياز ومدارس نموذجية في جميع الولايات، إضافة إلى إطلاق مشروع يستهدف المناطق ذات الأولوية في ميدان التعليم، سعيًا إلى توسيع العرض في المناطق التي تنخفض فيها نسبة التمدرس.
وعلى صعيد آخر، ستتخذ الحكومة كافة التدابير الضرورية للتحسين من النفاذ إلى التعليم والرفع من طاقات الاستقبال عن طريق بناء مدارس ابتدائية وإعداديات جِوَارِيَةٍ في الوسط الريفي، بالإضافة إلى افتتاح كفالات مدرسية.
وستعمل الحكومة على تحسين الوسط المدرسي عن طريق تنفيذ برامج لترميم المؤسسات وتأهيلها وتزويدها بالماء والكهرباء وتنشيط مصالح الصحة الوقائية فيها.
كما ستتم ترقية القيادة المؤسسية والتربوية للتعليم عبر آليات مناسبة للبرمجة والتسيير ومن خلال وضع خريطة مدرسية دقيقة ونظام فعَّال للمتابعة والتقييم.
ومن أجل تعزيز الحكامة على مستوى المؤسسات الدراسية سيتم اعتماد مقاربة للتسيير التشاركي من خلال إنشاء لجان لتسيير المؤسسات الدراسية.
أما التكوين الفني والمهني فإن مجهود الحكومة يهدف إلى الرفع من أدائه وتكييفه بصفة أفضل مع حاجيات سوق العمل. وفي هذا الإطار، سيتم تحْيينُ الاستراتيجية الوطنية للتعليم المهني بهدف تعميم مسطرة البرامج التعاقدية وإرساء مقاربة الجودة وتحسين قيادة الجهاز التكويني.
ولتشجيع النفاذ إلى التكوين الفني والمهني والرفع من نوعيته ستُنفَّذُ مشاريعُ لتوسعةِ وإعادة تأهيل المؤسسات وتجهيزها. كما سيُطور العرض في مجال الدورات التكوينية القصيرة لفائدة الشباب المنقطعين عن الدراسة بهدف تأهيلهم.
وستُتَّخذ الإجراءات الضرورية لتحسين النوعية والرفع من الفاعلية الخارجية للتكوين الفني والمهني، وذلك بوضع خطة لتنمية الموارد البشرية وتفعيل العلاقة بين التكوين والتشغيل من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
أما فيما يتعلق بالتعليم العالي، فإن سياسة الحكومة تسعى إلى تعزيز فاعليته وتحسين نوعية التكوين فيه وصلاحية شهاداته لسوق العمل وتكييفه مع الحاجيات التنموية للبلاد.
وهكذا سيتم التركيز على تعزيز نظام قيادةِ وتسييرِ المؤسسات من خلال اعتماد إجراءات جديدة لتسيير شعب التكوين وبرامج البحث وإعادة هيكلة المؤسسات واعتماد منهجية البرامج التعاقدية بالإضافة إلى وضع أنظمة للتسيير المندمج.
وستُطوَّرُ كذلك فاعلية ونوعية التكوينات بوضع آليات لتحليل حاجيات السوق من الكفاءات وتحسين نسبة التأطير وإخضاع التعليم العالي الخاص للمعايير المطلوبة.
كما سيتم العمل على تحسين النفاذ إلى التعليم العالي من خلال تقوية فاعلية نظام التوجيه والولوج وتشجيع المشاركة النسوية فيه، وزيادة عرض التكوين في مجال الشعب العلمية والفنية والمهنية.
وسَتَمْنَحُ الحكومة عنايةً خاصة للبحث العلمي الذي يركز على كُبرى الإشكاليات التنموية للبلاد. وفي هذا الصدد ستُعاد هيكلة المجلس الوطني للتعليم العالي كما سيُجدد النظام الأساسي للباحثين، ويتم تشجيع وتطوير نظام تمويل البحث والنشر والإبداع العلمي.
أما قطاع التعليم الأصلي فإن الحكومة تظل على قناعة تامة بأهميته في الحفاظ على قيمنا الروحية والثقافية، وبدوره الهام في المنظومة التربوية.
وبناءً على ذلك سيُعزَّزُ هذا التعليم من خلال وضع نظام لمتابعة وإحصاء المحاظر وإنشاء محاظر نموذجية على مستوى الولايات ووضع برامج لتكوين الأئمة والمشائخ.
كما سيتم الرفع من الكفاءات المهنية لخريجي المحاظر بدعم مركز التكوين المهني لخريجي المحاظر وإنشاء معهد لتكوين الأئمة والدعاة.
أما في مجال محاربة الأمية، فستهدف سياسة الحكومة عمومًا إلى إعطاء البالغين من الأُمِّيِينَ معارفَ ومهاراتٍ تساعد في دمجهم الاجتماعي والاقتصادي.
وهكذا سيتم وضع إطار عام لتنفيذ برامج محو الأمية من خلال تصور وتنفيذ سياسة للاتصال في ميدان محو الأمية، وتحيين المَسْح الوطني المتعلق بها، وإعداد برنامج لتكوين المدرسين وتنشيط محطة الإذاعة التعليمية إضافة إلى إنتاج الكتب والأدوات التربوية.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
يُشَكِّلُ تحسينُ نفاذ المواطنين إلى الخدمات الأساسية كمًا ونوعًا هاجسا ثابتا لدى السلطات العمومية وأحدَ التعهدات الكبرى لفخامة رئيس الجمهورية.
لذلك سيظل في صُلْبِ الاستراتيجيات التنموية لدى الحكومة التي ستبذل كل الجهود التي من شأنها التحسين من نوعية حياة المواطنين والإسهامُ بصفة أشمل في تنمية النسيج الاجتماعي والاقتصادي للبلاد من خلال برامج بنيوية في ميادين الصحة والماء الشروب والصرف الصحي والسكن والأمن الغذائي.
ففي ميدان الصحة، يهدف العمل الحكومي إلى تطوير نظامٍ صحي عصري استباقي، فعَّال وقريبٍ من جميع المواطنين، من خلال العمل على توسيع العرض وتحقيق النفاذ إلى الأدوية الجيدة والرفع من مستوى المصادر البشرية وترقية التأمين الصحي الشامل.
وهكذا سيتم التركيز خلال السنوات الخمس المقبلة على تحسين التغطية الصحية وتعزيز الخدمات العلاجية من خلال بناء وإعادة تأهيل وتجهيز 44 مركزًا و310 نقطة صحية في مختلف مناطق البلاد.
وفي نفس الإطار سيتم بناء 6 مراكز استشفائية جهوية في مدن النعمة وسيلبابي وألاك وأطار ونواذيبُو وكيفه، بالإضافة إلى بناء مركز استشفائي جامعي ومركز وطني لنقل الدم في نواكشوط.
ولتحسين العرض في مجال العلاجات المتخصصة سيتم بناء وتجهيز مركز وطني لأمراض القلب، وتعزيز المركز الوطني للأنكولوجيا بتزويده بوحدة للطب النووي. كما سيتم بناء معهد وطني لمحاربة أمراض الكبد الفيروسية بالإضافة إلى إنشاء مركز استشفائي متعدد التخصصات.
ومن جهة أخرى، ستُولِي الحكومة عناية خاصة لتحسين النفاذ إلى الأدوية الجيدة بتقوية إجراءات محاربة تداول الأدوية المُحَرَّمَة، وعَبْرَ وضعِ نظامٍ مُوَحَّدٍ لأسعار المنتجات والخدمات الدوائية وتفعيل المختبر الوطني لمراقبة جودة الأدوية.
أما فيما يتعلق بالمصادر البشرية فسيتم تعزيز الطاقات في ميدان التكوين الصحي من خلال بناء مدرسة جديدة للصحة العمومية ووضع سياسة تسييرٍ وخطةِ تكوينٍ مستمر للموارد البشرية.
وبخصوص التأمين الصحي سَنَسْعَى إلى وضع سياسة تُفْضِي إلى تعميمه وتعزيز قدرات الصندوق الوطني للضمان الصحي الذي يعود إليه لعبُ الدور الحاسم في هذا المجال.
ومن جهة أخرى، ولتعزيز كفاءات هذا القطاع الحيوي، ستقوم الحكومة بإعداد وتنفيذ استراتيجيات ملائمة للبحث في ميدان الصحة العمومية ولصيانة التجهيزات والمعدات الطبية.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
يُشَكِّلُ نفاذ المواطنين الدائم إلى المياه الصالحة للشرب ذاتِ النوعية الجيدة وبأقل تكلفة، أولوية مطلقة بالنسبة للحكومة التي ستبذل الجهود الضرورية لتحقيق تقدم ملموس في هذا المجال.
ولبلوغ هذا الهدف الذي يُعتبر من أهم أهداف الألفية التي صادقت عليها بلادنا، وتَسْهَرُ على تحقيقها، ستعملُ الحكومة على تنويع المصادر المائية وزيادة الإنتاج الوطني منها.
وستَنْصَبُّ الجهود الحكومية خلال السنوات المقبلة على بناء أكثر من 500 شبكة جديدة وتوسعة 240 أخرى من ضمنها شبكات المدن الكبرى، إضافة إلى التحسين من إطار تسيير الماء الشروب، وذلك بمراجعة البرنامج التعاقدي بين الدولة والشركة الوطنية للمياه وإبرام برنامج مُشابِهٍ مع المكتب الوطني للماء في الوسط الريفي.
وسَيتم تعزيزُ استغلالِ مُقَدِّراتِنا من المياه الجوفية بإنجاز 540 بئرًا ارتوازيًا جديدا إضافة إلى تطوير استغلال المياه السطحية والسيطرة عليها من خلال الإحاطة بالمُقَدِّرات الوطنية منها وإنجاز عدد من السدود وأحواض تجميع المياه.
ويُمثِّلُ الصرف الصحي أولوية كُبرى نظرا لتأثيره المباشر على نوعية وظروف عيش المواطنين، سواء ما يتعلق منه بالمياه المطرية أو المنزلية، لِذَا فإن الحكومة عاقِدَةٌ العزْمَ على بذل الجهود والوسائل الضرورية لتجاوز ما يكْتَنِفُه من إشكالياتٍ بنيوية عبر حلولٍ جذرية مُتَدَرِّجَةٍ.
وفي هذا الإطار سيتم خلال السنوات المقبلة تطويرُ عرض مناسب في ميدان الصرف الصحي في الوسط الحضري عن طريق الإنجاز التدريجي لنظام صرف صحي عصري وملائم لمدينة نواكشوط، وبناء شبكات للصرف الصحي في مدن كيهيدي وروصو وسيلبابي والطينطان.
كما سيتم تطوير هذه الخدمة في الوسط الريفي عن طريق إنشاء بني تحتية للصرف الجماعي وتحسين النفاذ إلى الصرف الصحي العائلي.
أما في ما يتعلقُ بالولوج إلى السكن اللائق والذي يكتسي أهمية كبرى بالنسبة للحكومة فسيتم العمل على تحسينه كمًا ونوعًا.
ويتعلق الأمر هنا بأحد الأبعاد الأساسية للسياسات العمومية الهادفة إلى تحسين ظروف حياة المواطنين.
لذلك سَينْصَبُّ عملُ الحكومة على مراجعة الإطار القانوني والمؤسسي للسكن، من خلال إعداد وتنفيذ استراتيجية وطنية خاصة به ووضع الآليات المناسبة لتمويله.
وفي هذا السياق سيتم العمل على ترقية التطوير العقاري عبر اعتمادِ إطار معياري وتطويرِ برامجَ للسكن الاجتماعي.
وبخصوص الأمن الغذائي، فإن الحكومة على وعْي تام بضرورة وضع سياسة تُمَكِّنُ من الاستجابة في الوقت المناسب للوضعيات الحرجة والمستعجلة في الميدان الغذائي وتفادي وقوعها، مع تيسير نفاذ المواطنين إلى الغذاء الصحي المتوازن.
ومن هذا المنظور تنوي الحكومة توطيد ومواصلة برامج مساعدة الشرائح الهشة والتحسين من استقلاليتها الغذائية وتقوية وسائل الإنذار ومتابعة الوضعية الوطنية.
وستَنصَبُّ الإجراءات المبرمجة لهذا الغرض على مواصلة عمليات التوزيع المجاني للمواد الغذائية وتوسيع شبكة مراكز التغذية الجماعية للتكفل بالنساء الحوامل والأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، بالإضافة إلى تنظيم عمليات لدعم المواطنين من ذوي الدخل المحدود (برنامج أمل، عملية رمضان).
كما سيتم إنجازُ برنامج لحماية الزراعة وتحسينها على مستوى الحوض الشرقي ولعصابه وتكانت، وكذلك تنفيذ برنامج للمشاريع الصغيرة للأمن الغذائي في ولايات آدرار وإينشيري وداخلت نواذيبو وتيرس زمور ولبراكنه.
ومن جهة أخرى ستتعزز متابعةُ الوضعية الغذائية للبلاد من خلال إنشاءِ نظام إعلامي حول الأمن الغذائي ووضع آليات لمتابعة الهشاشة الحضرية.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
يَظَلُّ التشغيل هاجسًا كبيرًا لدى السلطات العمومية ويحتلُّ مكانةً مِحْوَريةً في الاستراتجيات التنموية للبلاد، لأنه يُشَكِّلُ العاملَ الأساسي في تقليص الفقر وتحقيق الازدهار الاقتصادي للأفراد و الجماعات.
وسَيُفضي النمو الاقتصادي المتوقع من تنفيذ السياسات والإصلاحات الهيكلية، إلى خلق فرص كبيرة وهامة في ميدان التشغيل، لاسيما في القطاعات الإنتاجية خصوصا منها المعادن والصيد والزراعة والتنمية الحيوانية.
وتهدف سياسة الحكومة في السنوات المقبلة في هذا الميدان إلى خلق فرص عمل دائمة من خلال الاستغلال الأمثل للمُقَدِّرَاتِ القطاعية وترقية المؤسسات الصغيرة والتمويلات الخفيفة سبيلا إلى خلق المزيد من فرص العمل.
وفي إطار هذه السياسة، يُشكِّلُ تشغيل الشباب أولوية أساسية بالنسبة للحكومة التي ستضع لهذا الغرض سياسة فعالة من خلال تنويع التحفيز على التشغيل وتكييف التشريعات المتعلقة به سعيا إلى تشجيع الفاعلين الاقتصاديين على المزيد من الاكتتاب.
وعلى هذا الأساس، سيتم وضع آلية للتنسيق بين مختلف القطاعات بهدف دمج البُعْدِ التشغيلي في كافة الاستراتيجيات والخطط القطاعية، إضافة إلى تطوير نظام وطني يُمَكِّن من إعداد ومتابعة وتقييم سياسات التكوين من منظور التشغيل.
وعلاوةً على ذلك ستُعزَزُ وتُنَوَّعُ الهيئاتُ المكلفة بترقية التشغيل من خلال اعتماد وتنفيذ الإطار التنظيمي المتعلق بمكاتب التشغيل، بالإضافة إلى تحويل مأمورية الوكالة الوطنية لتشغيل ودمج الشباب إلى برنامج تعاقدي وإعداد خطط لترقية التشغيل على مستوى الولايات.
أما فيما يتعلق بقطاعَيْ المؤسسات الصغيرة والتمويلات الخفيفة، فستعمل الحكومة على اتخاذِ التدابير الملائمة لتطويرهما، نظرا لما لهما من إمكانيات في مجال خلق فرص التشغيل والمساهمة في محاربة الفقر.
وسيتركز العمل في هذا الميدان على وضع إطار قانوني ملائم لإنشاء المؤسسات الصغيرة وتطوير التشغيل الذاتي، من خلال إعداد وتنفيذ استراتيجية وطنية لتنمية الشراكة وسنِّ إطار تنظيمي وجبائي مُحفِّز لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
كما ستُشجَّعُ روحُ المبادرات في ميدان التشغيل الذاتي من خلال وضع الآليات المناسبة للرعاية والمواكبة والنفاذ إلى التمويلات لصالح المؤسسات الفردية والصغيرة والمتوسطة. أما بخصوص التمويلات الخفيفة فستتم ترقيتها وتطويرها عبر تنشيط الاِستراتيجية الوطنية الخاصة بها ووضع آليات التمويل المناسبة لها.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
كما عبَّر عن ذلك بجلاء فخامة رئيس الجمهورية في برنامجه الانتخابي، تَظَلّ التنمية مجردَ حُلْمٍ بعيد المنال ما لم تَحْظَ بالمشاركة الفاعلة لجميع شرائح الشعب لاسيما النساء والشباب.
ووعيًا من الحكومة بهذه الحقيقة، فَستَعْكِفُ على تطوير نموذج تنموي منسجم يُنَمِّي روحَ الإنصاف والتكافل الاجتماعي ويضمن الازدهار لجميع الشرائح الاجتماعية ويعطيها فرصة المساهمة بصفة مفيدة وناجعة في بناء البلاد.
ففي مجال الطفولة والنوع والسياسات السكانية، ستعتمد الحكومة وتُنَفِّذُ سياسة سكانية تُشَجِّعُ حماية الطفولة والترقية النسوية وتضمن الرفاهَ للأسرة الموريتانية.
ومن هذا المنظور سيتم اعتماد وتفعيل الاستراتيجية الوطنية لحماية الطفل من خلال إنفاذِ التشريعات المتعلقة بتشغيل الأطفال واستعمال العنف ضدهم، وإنشاء جهاز وطني لترقية حقوق الطفل. كما سيتم إعداد وتطوير وتنفيذ برنامج لتنشيط وتوسيع العرض الوطني في ميدان التغذية الجماعية.
ومن جهة ثانية سيتم تطبيق الاستراتيجية الوطنية المتعلقة بالنوع وبمحاربة العنف الممارس ضد النساء، ومواكبتها بجملة من البرامج الهادفة إلى ترقية وتشجيع مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية.
كما ستُمنح عنايةٌ خاصة لاستقرار الأسرة الموريتانية ورفاهيتها من خلال تحيين ونشر مُدَوَّنَة الأحوال الشخصية وتنفيذ برامج للتربية الأسرية وترقية وحماية حقوق الأسرة.
أما بخصوص الشباب، فإن الحكومة انطلاقا من قناعتها الراسخة بأن مستقبل البلاد يظل مرهونا بالإشراك الفعلي لهذه الشريحة في مختلف الإستراتيجيات التنموية، تنوي وضعَ سياسة للشباب تسمح له بالمشاركة في بناء البلد بصفة فعالة.
ومن هذا المنطلق ستتركزُ الجهود على تقوية كفاءات الشباب وترقية الأنشطة الشبابية والترفيهية من خلال تنظيم منتدى وطني وإنشاء تجمعات تعود بالنفع الاقتصادي على هذه الفئة، ووضعِ برامج تكوينية حول الخدمة المدنية والأعمال التطوعية والأنشطة الاقتصادية والتعليمية (مخيمات صيفية، قوافل، ألعاب تقليدية) إضافة إلى تنظيم حملاتِ تحسيسٍ حول المخاطر التي تواجه الشباب.
وسَتُمْنَحُ عنايةٌ خاصة لترقية البني التحتية الشبابية وتأهيلها من خلال بناء وترميم دور الشباب على مستوى جميع مقاطعات البلاد وبناء مركز للعطل والترفيه.
أمَّا فيما يخص الحماية الاجتماعية، فستُطَوِّرُ الحكومة استراتيجية وطنية لتأطير وتقديم مختلف أنماط الدعم والمساعدة للشرائح الهشة من المجتمع.
وسيَتَكَفَّلُ قطاع الشؤون الاجتماعية بعلاج المُعْوزِين والشرائح الأكثر هشاشة ومساعدة المحتاجين من ذوي الأمراض المزمنة، إضافة إلى دعم الأشخاص المسنين فاقدي الرِّعاية وتطوير برامج للتكفل بالأطفال ودمج الأشخاص المعاقين.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
تُولِي الحكومةُ أهميةً خاصة لتطوير الحياة الثقافية الوطنية ولترقية عوامل إشعاع بلادنا على المستوى العالمي.
وستقوم استراتيجية التنمية الثقافية التي تنوي الحكومة تنفيذها على تكريس مكانة الدين الإسلامي الحنيف كدين للشعب والدولة وستعمل على تثمين موروثنا الثقافي الذي يعتبر بحق عامل تأكيدٍ لهوية الأمة.
وستعمل كذلك على تنمية الرياضة باعتبارها وسيلة لتنمية صحة الأفراد وتحسين صورة البلاد بين دول العالم.
ففي ميدان الشؤون الدينية، ستعكف الحكومة على تشجيع الأنشطة الدينية الهادفة إلى تنمية الأخلاق في المجتمع ونشر قيم الإسلام المعتدل.
وفي هذا الصدد، سيُعَزَّزُ ويُنوَّعُ النشاط الديني الهادف إلى حماية قيم مجتمعنا وإلى محاربة التطرف والغُلوِّ، وإلى بث المفاهيم الصحيحة للدين الإسلامي الحنيف.
وسيتم ذلك من خلال تنظيم المحاضرات والندوات وإنتاج البرامج السمعية البصرية في مختلف المجالات الدعوية.
ومن جهة أخرى ستُعاد هيكلةُ نظام الأوقاف وتثمينُه حتى يتمكن من المساهمة بصفة فعالة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، ومن تعزيز التكافل الاجتماعي مع المجموعات الضعيفة (الأيتام والعائلات الفقيرة).
وفي المجال الثقافي، ستواصل الحكومة جهودها في إطار سياسة تسْعَى إلى حماية موروثنا وتطويره وإلى الانفتاح الثقافي على العالم.
وتتمثل أهداف الحكومة في هذا الميدان في تقوية إطار القيادة المؤسسية لقطاع الثقافة وتثمين مختلف مكونات التراث الثقافي وتشجيع الحياة الثقافية الوطنية من خلال تنظيم التظاهرات متعددة المجالات وتعزيز الهيئات العاملة في هذا القطاع.
وفي هذا السياق سينصب العمل على اعتماد استراتيجية ثقافية وسَنِّ قانون يتضمن مدونة الموروث الثقافي وتنفيذ خطة تنموية للموارد البشرية، وإنجاز جرد شامل للتراث الثقافي وإنشاء متاحف وتنفيذ برامج لتنمية المدن القديمة ومواكبة ودعم المهرجانات الثقافية وتعزيز وتطوير البني التحتية الثقافية.
أما في ميدان الرياضة، فستسهر الحكومة على تنفيذ سياسة رياضية تستهدف الحفاظ على اللياقة البدنية للمواطن وتعزز إشعاع البلاد عالميًا.
ولأجل ذلك سيتم التركيز على تعزيز الكفاءات المؤسسية والقانونية للقطاع بمراجعة القانون 97/021 المتعلق بالرياضة وإعداد نصوصه التطبيقية إضافة إلى تحسين تسيير النوادي والرابطات الرياضية الخاصة. كما ستُنوَّع ُ وتُدعم برامجُ تكوين المعهد العالي للشباب والرياضة.
وعلاوة على ذلك ستُمنحُ عنايةٌ خاصة للرياضة المدرسية والجامعية والجماهيرية من خلال إمداد الحركة الرياضية بالتجهيزات الضرورية، وتنظيم التظاهرات الرياضية المدرسية والجماهيرية.
ومن جهة ثانية سيتم العمل على تطوير ودعم الرياضة التنافسية من خلال إنشاء أكاديميات رياضية تقوم بالتأطير الفني على أعلى المستويات.
كما سيتم تجهيز جميع الملاعب بأرضيات خضراء وبناءِ أربعة ملاعب جهوية بطاقة 5.000 مقعد وبناء وإعادة تأهيل الملاعب في جميع المقاطعات إضافة إلى بناء قاعة لمختلف الرياضات بطاقة 3.000 مقعد وتشييد مَسْبَحٍ ومُرَكَّبٍ أولمبيين جديدين.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
تلكم هي العناصر الأساسية للسياسة العامة التي تنوي الحكومة تنفيذها خلال السنوات الخمس المقبلة والتي تَتُوقُ إلى تجسيد مشروع المجتمع الطموح الذي يحمله فخامة رئيس الجمهورية والمترجَم في برنامجه الانتخابي الذي عرضه على الشعب الموريتاني إبان الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم 21 يونيو 2014.
إن هذه السياسة الحكومية تُمَثِّلُ، بما تقترحه من أنشطة قوية وهادفة، أفضل استجابة للتحديات التي يواجهها بلدنا في أبعادها الثلاثة المتعلقة بالتنمية المؤسسية والاقتصادية والاجتماعية والمترابطة فيما بينها بصورة بديهية.
وفي هذا السياق تظلُّ الحكومة مقتنعةً بأنه لن يَتَحقق نموُّ المجتمع وتحسينُ ظروف عيشه دون قيام اقتصاد مزدهر يتوقف بدَوْرِهِ على وجود إطارٍ يُكرِّس دولةَ القانون ويُرْسِي حكامة رشيدةً للشأن العام.
وفي الأخير أنتهز سَانِحَةَ وجودي بينكم اليوم لأدعوكم، ومن خلالكم كافة القوى الحية للأمة والشعب الموريتاني بأكمله، إلى الانخراط في هذا المشروع والمساهمة بصفة فعالة في إنجازه لأنه يشكل درْبًا آمنًا لتحسين حاضر مواطنينا وضمان مستقبل زاهر لأمتنا.