الرئيس التركي على وشك ان يصبح دكتاتورمثل الحكام العرب والأفارقة

سبت, 2016-05-21 13:46

بات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان قريب من التخلص من احد ابرز حلفائه، ومنظري حزبه، احمد داوود اوغلو، حيث سيعقد حزب العدالة والتنمية الحاكم الاحد مؤتمرا طارئا يقبل خلاله استقاله السيد اوغلو من رئاسته، ومن رئاسة مجلس الوزراء معا، ويصوت لاختيار بن علي يلدريم، وزير النقل، وصديق الرئيس المطيع مكانه، الامر الذي سيمهد الطريق لانتقال تركيا الى نظام رئاسي يضع كل السلطات التنفيذية في يد الرئيس، على غرار دول مثل فرنسا والولايات المتحدة الامريكية وروسيا.

الرئيس اردوغان يسير على خطى خصمه الروسي فلاديمير بوتين، فأينما حل الرجل يكون مصدر كل السلطات، سواء كرئيس للوزراء، او رئيس للدولة، فعندما كان السيد اردوغان رئيسا للوزراء تمسك بالنظام البرلماني، وعندما غادره بحكم الدستور، نقل الصلاحيات التنفيذية كلها اليه عمليا، وهمش رئيس الوزراء داوود اوغلو، الامر الذي دفع الاخير للاستقالة.

من الواضح ان الرئيس اردوغان ما زال الرجل الاقوى في الحزب الحاكم، وهو صاحب القرار الاول والاخير فيه، وترشيح الحزب مرشح واحد فقط لرئاسته، هو السيد بن علي يلدريم، يؤكد هذه الحقيقة، ويجعل آليات الحزب الديمقراطية مجرد “صورة” فقط.

السيد اوغلو، رئيس الوزراء، الذي سيرحل من منصبه اليوم، كان يشكل توازنا مع معلمه اردوغان، ويقدم وجها حضاريا ديمقراطيا لتركيا، سواء عندما كان وزيرا للخارجية، او رئيسا للوزراء، وتدين له تركيا بالفضل، بسبب دبلوماسيته القائمة على اقامة علاقات طيبة للبلاد مع كل جوارها، الاوروبي قبل الاسلامي، مما ساعد في نقلها الى مصاف الدول الاقتصادية القوية.

لا نجادل مطلقا في قوة الرئيس اردوغان داخل حزبه، ولا نشك في الوقت نفسه في قدراته على تغيير النظام البرلماني الدستوري الى نظام رئاسي مطلق، ولكن مثل هذه التوجه لن يخلوا من اعراض جانبية قد تتحول الى امراض مزمنة في المستقبل المنظور تستعصي على العلاج.

رئيس الوزراء المقبل يلدريم سيلعب دورا كبيرا في ايصال اردوغان الى الحكم الرئاسي المطلق، ولكن السؤال هو عما اذا كانت هذه الرئاسة ستكون عامل استقرار او توتر بالنسبة الى تركيا، فالليرة التركيه خسرت 5 بالمئة من قيمتها في الشهرين الماضيين، ونسبة النمو الاقتصادي باتت اقل من 4 بالمئة بعد ان فاقت 7 بالمئة قبل عامين، والموسم السياحي الذي يدر 36 مليار دولار سنويا على الخزينة التركية في تدهور مستمر، بسبب التفجيرات الاخيرة في انقرة واسطنبول وبعض المنتجعات الاخرى.

الرئيس اردوغان يشن حربين ضد الاكراد في تركيا وسورية في الوقت نفسه، وحرب ثالثة ضد “الدولة الاسلامية”، ويسجن صحافيين، ويغلق صحفا، ويحجب الانترنت، ووسائط التواصل الاجتماعي، وبرفع الحصانة عن 138 نائبا نسبة كبيرة منهم من الاكراد، ويوتر علاقاته مع روسيا ورومانيا وبلغاريا واليونان، واخيرا مع الاتحاد الاوروبي برمته، ولا نعتقد ان هذه الحروب ممكن الانتصار فيها، او معظمها على الاقل.

تركيا اردوغان حققت نجاحات كبيرة سياسيا واقتصاديا، لانها زاوجت بين الاسلام والديمقراطية، وحافظت على مدنية الدولة، واقامت جسور الصداقة مع الجيران، ولا نعتقد ان تركيا “السلطانية” ستحافظ على هذه النجاحات، وان حافظت، فلفترة قصيرة، وهذه نهاية مؤلمة لتجربة نموذجية في العالم الاسلامي.

الامبراطوريات تنهار عندما تفسد البطانة، ويسود الاستبداد، وتتوسع دائرة الحروب، ويكثر الاعداء، ويقل الاصدقاء، وتتكاثر الخلافات الداخلية في مراكز القرار، ومعظم هذه العناصر تتواجد في الامبراطورية الاردوغانية، ونأمل ان نكون مخطئين.

“راي اليوم”