كثر الحديث في الآونة الأخير، عن الصواريخ الروسية الجديدة العابرة للقارات “سارمات”، وخاصة بعد مشاركتها في العرض العسكري في الساحة الحمراء بمناسبة الذكرى الـ71 للنصر في الحرب الوطنية العظمى.
من المقرر أن تدخل هذه الصواريخ (ار اس 28) الخدمة في القوات الصاروخية الاستراتيجية بحلول أعوام 2018- 2020، لتحل محل الصواريخ الباليستية “فويفود” (ار اس 20 ف)، التي يسميها الغرب “سَتانا” (الشيطان)، كما جاء في تقرير لوكالة “سبوتنيك” الروسية.
والمعروف أن صاروخ “فويفود” هو أكبر وأخطر صاروخ في العالم، إذ يبلغ وزنه 210 طن، ويحمل 10 رؤوس نووية، وزن كل رأس 750 كيلو طن، ويطير لمسافة تصل إلى 11500كم. أما من ناحية القدرة التدميرية فإن صاروخ واحد من صواريخ “فويفود” قادر على محي مدينة كبيرة، مثل نيويورك، من وجه الأرض، لذلك أطلق الغرب عليه تسمية ” الشيطان”. وتملك روسيا من هذه الصواريخ 52 صاروخا، تشكل أحد أقطاب الدرع النووي الروسي.
أما الصاروخ الباليستي الجديد “سارمات” فقد سماه الغرب أيضا بـ”الشيطان” لأنه سيحل محل “الشيطان” القديم. منذ البداية لم يشأ مصممو “سارمات” تطوير الصاروخ القديم “فويفود”، بل وضعوا أمامهم مهمة ابتكار صاروخ جديد يتفوق على “فويفود”. بمواصفاته التقنية، وخاصة الصفة الرئيسية للصاروخ الباليستي — الطاقة المركبة، أي نسبة كتلة الصاروخ إلى قوة الدفع، فقد حقق المصممون قفزة نوعية في هذا المجال، إذ أن وزن صاروخ “سارمات” أقل من وزن صاروخ “فويفود” بمقدار الضعف. أضف إلى ذلك أن صاروخ “سارمات” يعمل على الوقود السائل، بدلا من الوقود الصلب. ويتكون من مرحلتين، ولا يتعدى وزنه 110 طن. وسيتم تزويده بـ 7-10 رؤوس نووية، ذات توجيه مستقل. فحسب المعلومات المتوفرة، هذه الرؤوس قادرة على المناورة في الجو، وتطير بسرعات دون سرعة الصوت وفوقها، مثلها مثل الرؤوس التي تزود بها صواريخ “توبول — ام” و”يارس″ والصواريخ البحرية “بولافا”.
تركيبة الصاروخ تجعله قادرا على اختراق جميع منظومات الدفاع الصاروخية، سواء الحالية أو المستقبلية، فلا توجد في العالم منظومة دفاع صاروخية تستطيع تعقب وتدمير عشرات الرؤوس النووية، التي يطير كل رأس منها، وفقا لمساره الباليستي الخاص المتعرج، فتارة يرتفع وتارة ينخفض، يتجنب الجبال أحيانا، وأحيانا أخرى يتستر بها، يطير بسرعة فوق سرعة الصوت عند الضرورة، وبأقل منها في ظروف أخرى. يسمح احتياط الطاقة لصاروخ “سارمات” بالطيران لمسافة أكثر من 11000كم، أي عبر كلا قطبي الكرة الأرضية سواء الشمالي أو الجنوبي.
حماية الصواريخ الاستراتيجية
إن حلم أي عدو، هو أن يستطيع تدمير قوات الخصم في قواعدها بالضربة الأولى، ليتجنب الضربة الجوابية. لذلك أعار العلماء الروس هذه الناحية اهتماما خاصا. فمنصات إطلاق الصواريخ المخبأة تحت الأرض، والتي ترابط بها صواريخ “فويفود” الآن، ومن ثم ستحل محلها صواريخ “سارمات”، هذه المنصات — الأنفاق، لها عدة مستويات من الحماية، سواء الحماية الفعالة من منظومات دفاع صاروخية، أو الحماية غير الفعالة من تحصينات خرسانية. فلتدمير منصة واحدة من هذه المنصات، على العدو أن يصيب منطقة المرابطة إصابة مباشرة بـ 7 رؤوس نووية عالية الدقة.
هذه الحماية، تضمن إمكانية القيام بالضربة النووية الجوابية، حتى في حال حصول هجوم نووي مباغت. صواريخ “سارمات” و”فويفود” تستطيع الانطلاق وإصابة أهدافها في النصف الثاني من الكرة الأرضية، بعد وقوع الضربة النووية الأولى.
والجدير بالذكر، أنه حتى الآن، لا يوجد لدى الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، صواريخ نظيرة لصواريخ “سارمات” و”فويفود”، إذ تعتمد الولايات المتحدة بشكل رئيسي على الغواصات النووية التي تحمل على متنها أقوى الصواريخ الباليستية الأمريكية “ترايدنت 2″ التي تشكل نصف القوات النووية الاستراتيجية الأمريكية.
رأي اليوم