ولد أحمد مسكه : لم تكن لنا صديقا بل كنت إلى العدو أقرب.
لقد خلف ال14 من شهر مارس الجاري مأساة عميقة وجرحا غائرا بدى في نفوس الموريتانيين بسبب وفاة الزعيم والمناضل وأحد أعضاء "رابطة الشباب الموريتانيين"-التي تأسست في العقد الأول من النصف الثاني من القرن العشرين- السيد أحمد باب ولد أحمد مسكه.
وفاة جعلت الكثير من أبناء الوطن يثنون على الفقيد بأمور وأشياء كان أغلبها مقلوبا ,ولا يعبر عن روح وطنية صادقة’ فالمغفور له بإذن الله "ولد أحمد مسكه" إذا ماتتبعنا خطواته السياسية وجميع المراحل التي مرت بها مواقفه ونضالاته من 1955 إلي 1978م وباعتبارها المرحلة الأبرز لاكتشاف المصلح من المفسد من أبناء البلد ,إذا قرأنا عن سيرته السياسية في تلك الفترة لايمكننا أن نقرر بأنه كان رجلا وطنيا مخلصا ولا علي الأقل صديقا حميما.
نعم يمكن القول أنه ماقبل سنة 1975م كان شخصية مناضلة ومدافعة عن الأمة الموريتانية وبأفكار مثالية وغاية في الإخلاص كان يدعو إليها في"رابطة الشباب الموريتانيين" أولا وفي حزب النهضة ثانيا,كما سمت إرادته في تخليص البلاد من الإستعمار الفرنسي بأن سافر خارج البلاد وحاول إقناع القادة المغاربة بضرورة التجاوب مع طموحات الشعب الموريتاني ,ومد يد العون له حتى ينهض ويكون قادرا على إ دارة نفسه بنفسه وباستقلال تام عن كل جهة أيا كانت.... فهذه جهود تحسب للرجل وتذكر فتشكر, وإن لم تكلل بالنجاح إلا أنها تعد من خصاله ودليل على وطنيته في تلك الفترة من تاريخ شنقيط وهو لعمري أكثر مايمكن أن يقال بأن السيد ولد احمد مسكه قد قدمه لموريتانيا.
أما في سنة 1975م .ومع اندلاع الحرب بين موريتانيا وجبهة "البوليساريو" فكان الزمان قادرا على إظهار مالم نكن نتصوره عن هذه الشخصية من حقد وعداوة لامتناهيين,فالشخص الذي كنا بالأمس نظن به خيرا وقف في صف عدونا –آنذاك- وواجهنا بكل قوة وحزم بل وبذل في سبيل نصرة العدو مايملك وما لايملك حتي عينته "البوليساريو" ناطقا باسمها عام 1976م ,كما انتخبه المؤتمر الثالث للحركة ضمن مكتبه من نفس السنة.
إن تجربة ولد احمد مسكه من 1975 إلي 1978م جعلت منه الشخص العدائي للدولة الموريتانية وأخا عزيزا لجبهة "البوليساريو" ,ولعله كان من الأسلم له إذالم يكن مقتنعا بالحرب وقتئذ أن يقف في صف الحياد فلا هو مع دعوة "المختار ولد داداه" بشن الحرب علي الصحراء ولا هو مع "البوليساريو" في مواجهة دولته ,لكن الريح جرت بما لاتشتهيه السفن .
وحتي لانظلم الفقيد-عليه رحمة الله- ومراعاة لجهوده النضالية في أول عهده السياسي لتحرير موريتانيا,وجعلا في الحسبان لما دنس هذه الجهود من قبيح إبان الحرب مع "البوليساريو" فإن القول المنصف في حقه لايزيد على أنه: لم يكن لنا صديقا بل كان إلى العداوة أقرب.
الكاتب:إسلم اشريف ظو العين.