فى احد المقاهى العتيقه بالعاصمة الفرنسيه باريس عرفني أحد الاصدقاء وهو تونسى الجنسيه بصاحب المقهى الفرنسى وكان فى السبعينات من عمره واخبرنى صديقى التونسى ان هذا العجوز كان ضابطا كبيرا فى المخابرات الفرنسيه .
وتناولنا اطراف الحديث حول ذكرياته وكان يتكلم العربيه بطلاقه وعندما عرف انى من ليبيا قال انا لا اعرف ليبيا جيدا .. ذهبت لها مرة واحدة ومكثت بها عشرة ايام وغادرت ولكن لى فيها ذكرى لا تنتسى فقلت له متى كان ذلك ..
وحدثنا عن هده الذكرى
فتنهد ذلك العجوز وقال فى مارس 1984 ارسلت فى مهمة استخبارتيه الى هناك ونزلت باحد الفنادق الصغيره بميدان السويحلى بالعاصمه طرابلس ، وغادرت الفندق بعد ثلاثة ايام بعد ان قامت الشركه الفرنسيه المتواجده فى طرابلس والتى كلفت بتسهيل مهمتى بتوفير شقه باحد الاحياء السكنيه بمنطقة قرقارش وعندما انتقلت الى الشقه التى لا يعلم بأمرها الا ثلاثة أشخاص انا والسفير الفرنسى ومدير الشركه الفرنسيه ..
ومن الليلة الاولى فى هده الشقه اصبت بوعكه صحيه الزمتنى الفراش لمدة خمسة ايام لم اغادر الشقه خلالها على الاطلاق وكان يتردد لزيارتى مدير الشركه وطبيب الشركه الفلبينى الجنسيه وكان السفير يتصل بى للاطمئنان على صحتى لانه لا يستطيع زيارتى لانه مراقب ..
وبعد ان ثماثلث للشفاء قررت الخروج والذهاب لمكتب الاجانب وهى الجهة الامنيه المخوله باصدار الموافقات وتصاريح العمل والاقامه للشركات الاجنبيه ، ودلك لتقديم مستنداتى والتسجيل لديهم كموظف بالشركة الفرنسيه التى سأعمل منها غطاء لتنفيد مهمتى وكان برفقتى سائق باكستانى الجنسيه مكلف من الشركه لمرافقتى ، وعند وصولنا الى المكتب سلمنا موظف الاستعلامات رقم وطلب منا الجلوس والانتظار حتى يأتى دورنا لمقابلة مسؤل المكتب ، وكنا نجلس فى صالة الانتظار المقابله لمكتب المدير ونضرت الى لوحة الارقام وبمقارنة الرقم الخاص بى عرفت انى سأنتضر طويلا .. وما ان انزلت نضرى عن اللوحه حتى سمعت صوت يخرج من المكتب وينادى وباللغة الفرنسبه .. سيد ( اليكس) تفضل بالدخول تردد ذلك الصوت مرتين تجاهلت الامر وكأنه لا يعنينى ، ولاكن ما لبث ان خرج رجل انيق من المكتب واتجه نحوى مبتسما وهو يقول الم تسمعنى سيد اليكس واستطرد يقول:
أولاً : الحمد الله على سلامتك .. اراك قد شفيت تماما من الوعكه التى المت بك ..
تانياً : عيد ميلاد سعيد ام ان الوعكه انستك عيد ميلادك ..
وطلب منى مرافقته للمكتب .. أم انا كنت فى لحظات ذهول لاننى فعلا قد نسيت أن تاريخ ذلك اليوم يصادف عيد ميلادى .. تم كيف عرف انى كنت مريض .. وكيف توصل الى اسمى .. وانا لم اقدم مستنداتى تساؤلات دارت فى مخيلتى خلال ثوانى ..
وعندما دخلت مكتبه كانت المفاجأه حيث قال لى تفضل بالجلوس سيد ( فانتوم ) وهده الكنيه أحملها ولا يعلم بها الا أعضاء القسم الدى اترأسه ، وهو يعنى ( الشبح ) بالعربيه واستمر يقول نأسف لم نحضر لك هدية عيد ميلادك .. ومد يده الى خزانة صغيره بالمكتب وفتحها واخرج منها كيس صغير وقال لى اعتبر هده هديتى لك وقدمها لى وهو يقول :
هدا الدواء الدى وصفه لك الطبيب الفلبينى ولم تعثر عليه فى صيدليات العاصمه ، لقد ارسلت فى طلبه من احد صيدليات الضواحى ، فعادة ما تكون الادويه متوفره بها لقلة الطلب عليها .. وقدمت له الشكر .. وانا اشعر بمزيج من الخوف ومرارة الفشل ..
وادركت بأنهم قد سبقونا فى الاختراق وانى قزم امام عملاق ..
تمالكت نفسى رغم انى اشعر بالانهيار الكامل وقلت له سيدى ليس لدى ما اقول ولاكن لدى سؤال واحد : لو تفضلت بالاجابة عليه كيف عرفت عنى كل ذلك ..
فأجاب : وهو يبتسم سيد اليكس نحن شعب عرىى بدوى وللضيف مكانه كبيره عندنا ولذلك نسهر على امن وراحة ضيوفنا ، وخاصه إذا كان ضيف ( اسثتنائى ) مثلك ..
ولكى نؤكد لك ذلك فقد حجزنا لك تدكرة سفر على رحلة الساعه الثالثه بعد الظهر والمتجه الى باريس للاحتفال بعيد ميلادك بين افراد اسرتك ..
عندها ادركت القرار الذى اتخد فى حقى وهو ( الابعاد )
وعند عودتى الى باريس .. ذهبت على الفور الى البيت للاحتفال مع زوجتى واطفالى ..
وكان الفضل يعود الى قرار المخابرات الليبيه
وفى الصباح ذهبت الى مقر المخابرات الفرنسيه وقدمت تقريرى الدى دخل موسوعة قينس كاقصر تقرير استخباراتى فى العالم وتضمن اربع كلمات (لن تفلحوا فى ليبيا)
وأرفقته بإستقالتى ..
ولا زال دلك ( العدو الشهم ) فى ذاكرتى والذى ينادونه زملائه بالمكتب بالحاج نصر...
منقول ...
• تحية لصائد الجواسيس والعملاء
الحاج اللواء الوفي ( نصر عاشور )
المصدر: زنقتنا