لم تكن ردة فعل المغاربة بعد حظر المحادثات الصوتية في تطبيقات الهواتف الذكية من طرف وكالة تقنين الاتصالات (مؤسسة حكومية)، سوى ان عبروا عن رفضهم لهذا القرار، فمنذ نحو شهرين ابتدأت حملات الكترونية واسعة الانتشار في عوالم النت وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، تطالب بالغاء قرار حجب تقنية الـVOIP، الخاصة بتداول المكالمات الصوتية عبر تطبيقات من قبيل الواتس آب، وسكايب وفايبر.
غضب الكتروني مازال مستمرا
عجت جدران موقع الفيسبوك في الاسبوع الماضي بآلاف التعاليق والمنشورات والتدوينات، التي تحث المغاربة على الاستجابة لحملة شنها نشطاء، بغية نزع علامة الاعجاب لصفحات شركات الاتصالات الثلاثة ، ويتعلق الأمر بكل من شركة “اتصالات المغرب”، و”ميديتل” و”انوي”، وبناءا على احصائيات موقع خاص يرصد نتائج الحملة ثانية بثانية، فإن المشاركون استطاعوا ان ينزعوا مئات الآلاف من اشارات اللايكات، كبدت الشركات المعنية خسائر مادية، قدرتها ارقام المصدر بمئات الآلاف من الدراهم.
وبالموازاة مع ذلك، يستعد المغاربة هذه الايام لتنفيذ خطوات حملة جديدة، ترمي إلى مقاطعة أداء فواتير الانترنت والهاتف ومطالبة المستخدمين بعدم إضافة رصيد مالي إلى هواتفهم وحواسيبهم، ابتداءً من نهاية مارس/ آذار الحالي.
ويتزعم هذا الاحتجاج الالكتروني، شباب مغاربة، و رواد ونشطاء، على الويب، ابرزهم المدون المغربي “رغيب امين”، صاحب اكبر مدونة في العالم العربي.
في هذا الصدد، أكد “رغيب” في فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي أن “حظر تقنية VOIP يعتبر كخطوة أولى تنتهجها شركات الاتصال، من أجل منع مجموعة من خدمات ومواقع الانترنت من بينها فيسبوك بحجة عدم دفع الضرائب”، مشيرا الى أن “موضوع المقاطعة يهمّ المغاربة سواء الراغبين منهم في المشاركة في المقاطعة أو غير الراغبين”.
احتجاج حقوقي يندد بقرار الحظر
اعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الانسان (منظمة غير حكومية) قرار منع تطبيقات المحادثات الصوتية مخالف لذاك الذي صادق عليه مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في 5 يوليوز 2012 المتعلق بتعزيز وحماية حقوق الإنسان على الإنترنيت والتمتع بها، مطالبة وكالة تقنين الاتصالات بالتزام المبدأ الكوني لحيادية الشبكة وحماية حقوق الإنسان، وأن يكون ضروريا لسير المجتمع الديمقراطي، وهو ما لا ينسجم مع قرار الوكالة الأخير بمنع الولوج إلى خدمات الاتصال (Voip).
البيان الصادرعن ذات المنظمة الحقوقية، أكد ان “الإشكالية الأساسية وراء قرار الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات هي “منح امتيازات لبعض الاستخدامات التجارية على حساب أخرى”؛ مثل حرمان المتصفحين المغاربة من الولوج إلى تطبيقات معينة عبر إبطاء الخدمة أو منع استعمالها كليا، وهو ما يجعل الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات تخالف القواعد التي وضعتها الجمعية العالمية لتقنين الاتصالات، التابعة للاتحاد الدولي للاتصالات، في ما يتعلق بإجراءات التفتيش المعمقة الخاصة بالمعلومات المتداولة على الشبكة العنكبوتية”.
من جهتها، وصفت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك (منظمة غير حكومية) الاجراءات التي اتخذها مزودو الاتصال بالمغرب “خرقا سافرا للقانون ومسا بحقوق المستهلك، عبر صمت وسكوت المؤسسات الحكومية الساهرة على القطاع على تمرير العديد من المشاهد الإشهارية، من خلال وسائل الإعلام، من أجل توسيع قاعدة المنخرطين، واستثمار تطبيقات الاتصالات المجانية لجلب أكبر عدد من المشتركين”.
وأضاف بيان الجامعة، أن الطريقة التي تم بها حرمان المستهلك المغربي من هذه التطبيقات تنم عن “جشع المهنيين من خلال الجري وراء الربح السهل والسريع، على حساب المغاربة باعتبارهم الحلقة الأضعف في هذه العلاقة التجارية، ونظرا لغياب إجراءات المراقبة وتطبيق القوانين من طرف مؤسسات الدولة”.
شركات الاتصالات تخلي مسؤوليتها من قرار الحظر
الاحتجاج الالكتروني المتواصل في العالم الافتراضي، الذي غصت به صفحات الشركات الثلاثة على مواقع التواصل الاجتماعي، بتعليقات و ردود ساخطة وحانقة على قرار الحظر، افضى الى ضغط كبیر على شركات الاتصال بالمغرب، وحتى لا تزداد الامور سوءا، ومن باب تبييض ماء الوجه، اخلت شركة “اینوي” للاتصالات مسؤوليتها من قرار حجب خدمة VOIP، موجهة الاتهام لوكالة تقنين الاتصالات المغربية، وافادت ذات الشركة عبر بلاغ لها، أنھا “بصفتھا فاعلا للاتصالات فھي ملزمة قانونیا بتطبیق ھذا القرار”، مؤكدة “أن ذلك لا يمثل امتیاز لـ»نوي»”.
بدورها حملت شركة “میدتیل” للاتصالات مسؤولیة منع خدمة المحادثات الصوتية لذات الوكالة، في هذا السياق، افاد “جیروم فیراري” مدیر التسویق بشركة الاتصالات “مدیتیل” في تصريح صحفي أن “وكالة تقنين الاتصالات ھي من اتخذت قرار حجب خدمة VOIPمؤكدا أن “شركة «میدتیل» ملزمة بدورھا بالامتثال لھذا القرار وفق ما ینص علیھ القانون التنظیمي”.
وفي الوقت ذاته، وبعد حملة رفض واسعة على الشبكة العنكبوتية، اعلنت شركة “انوي” انسحابها من فعاليات مسابقة maroc web awards ، إحدى اكبر التظاهرات التي تعقد سنويا لدعم المواهب و الابداعات على صفحات النت المغربي، وبررت “انوي” خروجها من رعاية المسابقة من باب انها “لا تود الحاق أي ضرر بالتظاهرة”، ومن أجل “تميكن انعقاد الدورة والاحتفاء بمواهب هذه السنة”.
“راي اليوم”