لك التحية والتقدير من صديق قديم قد شارككم يوما من الأيام أحلام الشباب وطموحه ، ذلك الطموح الذي كنّا نأمل من ورائه أن نجعل من وطننا الكبير أمة فاضلة . ألا تتذكر تفاصيل بعض تلك الأحلام ونحن نسير بين المنازل الاسمنتية وبيوت علب الصفيح في مدينة انواذيبو يوم كنّا نطرح تصوراتنا لمستقبل الأمة . صديقي يا عميد الأدب والجمال والحب في موريتانيا إني كلما أتابع برنامجك الشيق (بيت الساهرين) إلا وأتخيلك راهبا بوذيا في معبد هندوكي توزع أكسير السعادة على الساهرين عبر نغمات المسيقى السودانية العذبة وشذرات ذهب من الشعر الخالد الذي تنتقيه بعناية جهبذ يعرف كيف يلامس وجدان الساهرين لمايقدم لهم من روائع الأدب والشعر النادرين .
زميلي أيمكن أن تصدقني القول إذاوصفت لك بيت الساهرين كما أراه ، فهل هو بيت من صوف الضأن الأسود مقام على ربوة بيضاء ذات قرار مكين مسموكة بركيزتين وأربعة أبواب خشبية وثمانية أوتاد مضروبة بالأرض ليلا تؤ ثر العواصف الهوجاء على سكينة ذلك البيت السعيد ، كما أتصور فراش البيت وكأنه حَصِير من جريد النخل تتكئ فيه على وسادة من الجلد الناعم منمنمة بأنامل قينة موريتانية ورثت المهنة عن جداتها الاقدمين . وكأني أشاهدك وأنت توقد النار في فنائه بكومة من حطب (إمجيج) الخالي من الدخان ، لتدحرج لاحقا من جمر تلك النارمايعتلي عليه إبرقك الأبيض ،لتبد أ تعاطي كؤس الشائ المذهبة (لآدواخ) . كما ألاحظك والمذياع أمامك وصينية مواعين الشائ والعالم من خلال الأثير يمتط رحيق السعادة والهناء بما تقدم من معاني جميلة في ثوب شعري قشيب يلامس القلب وينعشه بذكر مامضى من معا ناة الشعراء والعشاق والمحبين .
وكأني أراك أخيراً وأنت تجالس إمرأ القيس بن الملوح وهو مغبر الثياب جراء وعثاء سفر ه من العالم الآخر ، وكأنك تسمعه وهو يجتربين يديك ذكريات صباه مع ليلى وهما يرعيان صغار الضأن حيث يقول:
علقت ليلى وهي غر صغيرة * لم يبدأ للاتراب مـــن ثد يها حجــــــم* صغيريــــن نرع البهم ياليت * أننا إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم*
ذ/ إسلم ولد محمد المختار ولد مانا