كشف الصحفي الشيخ ولد السالك، تفاصيل كثيرة عن توقيفه في العاصمة السينغالية دكار، على أساس أنه الإرهابي السالك ولد الشيخ، قائللا في مقال كتبه:
"أنت الشيخ ولد السالك تفضل معنا.. وُجِّهَ لي هذه الأمر وأنا على متن الخطوط الإماراتية في رحلة متجهة من العاصمة السنغالية دكار إلى دبي دار الحي.
ثلاثة ضباط، علمتُ لاحقاً أنهم من قسم مكافحة الجريمة والإرهاب، صعدوا إلى الطائرة.. كنت منشغلا قبل الإقلاع بدقائق بترتيب المقعد بنيةِ النوم، لكن القدر رتب النزول في هذا الموقف.. تقدمتُ الضباط نازلا من الطائرة.. ولحظة وقوفي على السُلم إذا بقرابة ثلاثينَ شرطيا بانتظاري، وسياراتُ شرطة ترافقها حافلة ركاب.. عرفتُ حينها أنني لست المطلوب، لكن أين من سيقنع جهازَ أمنِ شرطة إفريقي يعتقد أنه حقق نجاحا كبيرا باعتقاله أحد أكبر الإرهابيين الموريتانيين "الشيخ ولد السالك .."
أخذوني إلى قسم الشرطة في مطار دكار، وسط هرج ومرج.. الجميع في غاية الفرحة.. يكررون: مسكنا الإرهابي الكبير..
أدخلوني أحد المكاتب، ووضعت قيود الحديد بمعصمَيّ، خلف ظهري.. ودخل علي الضباط الثلاثة.. قبل أن يتحدثوا قلت لهم: "أنا لستُ الشيخ ولد السالك الإرهابي الذي تبحثون عنه" تفاجؤوا جميعا وبعد لحظات من الصمت أخذ كبيرهم، على ما يبدو، جواز سفري، وتصفّحه على مهلٍ.. وقال لصاحبيْه باللغة الفرنسية "هذا لديه تأشيرتان للولايات المتحدة إحداهما صالحة حتى نهاية السنة، ولديه تأشيرات عديدة لأوروبا، وكان في جنيف قبل عشرة أيام" تساءل أحد الضابطين "ماذا نفعل في هذه الحالة ؟!" وقال الثاني:" لا بأس نكمل التحقيق" قلت لهم :"أنا لست الشيخ ولد السالك الإرهابي الذي تبحثون عنه، أنا صحفيٌ وذلك سلفيٌ" عندها انتبهت إلى أن "صحفي" على وزن "سلفي" قال كبيرهم: "هل تعرف قصته؟" قلت له: "نعم هذا الإرهابي هرب من سجنه في نواكشوط قبل يومين فقط، وقصة فراره متداولة في الصحف منذ أمس فقط، وأنا دخلت السنغال يوم التاسع والعشرين من ديسمبر قادما من دبي، ومنذ ما يزيد على العام لم أحظ بزيارة بلدي العزيز".
تداولوا أطراف الحديث فيما بينهم، بعدها بدأت الأسئلة: لماذا قدمت إلى السنغال وماهي مهمتك؟ أجبتُ على جميع الأسئلة، وبعد دقائق نادى كبيرهم أحد أفراد الشرطة وأمره بفكِ الأغلال عن يديّ.. عندها عرفت من وجوههم أن نشوة النجاح أصبحت سرابا ..
بعد خروجي علمت من تصفح سريع للإنترنت عبر الهاتف أن جميع وسائل الإعلام السنغالية والموريتانية تداولت خبر اعتقال الإرهابي الكبير الشيخ ولد السالك..
يبدو أنهم لم يقتنعوا بعد بخيبتهم.. أخذوني مجدداً لمكتب آخر.. وحقق معي لمدة ساعات.. بعد ذلك أبلِغتُ من طرف الضابط أن المبيتَ سيكون عند شرطة المطار.. قضيتُ ليلتي مع براغيث السنغال.. وما أدراكم ما هو.. وقاكم الله شره..
في الصباح الباكر أدخلوا علي ضابط شرطةٍ موريتاني، مكفهر الوجه، طلب مني الوقوفَ كي يتأكد أني لست الإرهابي المطلوب.. ذهبوا بي إلى إدارة الأمن في وزارة الداخلية السنغالية.. وجدتُ أمامي شخصين من السفارة الموريتانية في السنغال يبدو أنهما رسولا الأمن الموريتاني للتأكد من أني لست الشيخ ولد السالك الإرهابي.. من حسن حظي أن أحدهما يعرف أسرتي.. تواصلوا مباشرة مع السلطات الموريتانية، وأبلغوها أني لست الإرهابي المطلوب.. بعدها واصلت الشرطة السنغالية تحقيقها، وأعقبتها الشرطة الدولية.. بعد أربع وعشرين ساعة تم الإفراج عني، وأبلغت أني لست الشيخ ولد السالك الإرهابي ..
في حديث النفس مع النفس، خلال ليلة ليلاءَ لا أنيس لي فيها سوى لدغات وزغاريد البراغيث، سألت نفسي: كم من حالة في هذا العالم تُعاقب في تلك اللحظة بسبب الاشتباه في أنها إرهابية؟ كم من حالةٍ جنت عليها يد الإرهاب، وهي بريئة منه براءة الذئب من دم يوسف؟..
لعن الله الإرهابيين، بما جنوا على أمّتنا الإسلامية وعلى الإنسانية .