
فرع من فروع العلوم السياسية اسمه جيوبوليتكس وهو يختلف عن الجغرافيا السياسية التى تختص بالآثار السياسية المترتبة على الموقع الجغرافى.
أما الجيوبوليتكس فهى أشمل من الجغرافيا السياسية وهو ذلك الفرع من العلوم السياسية الذى يتنازعه الجغرافيون منذ أن فصل مندل الألمانى فى أواخر القرن التاسع عشر الجغرافيا السياسية عن الأسرة الجغرافية، فدخلت هى الأخرى فى العلوم السياسية بشكل مختلف عن زميلتها الجيوبوليتكس. والطريف أن الجغرافى يميل إلى تدريس الجيوبوليتكس من منطلق جغرافى ويسوى بينها وبين الجغرافيا السياسية على خلاف المتخصص فى العلوم السياسية . وأوراق القوة كثيرة بعضها أوراق ثابتة وأخرى متغيرة، وبعضها ذاتى وبعضها الآخر مضاف، وفى كل الأحوال هذا يعتمد على مهارة الإدارة السياسية وهى السلطة السياسية بأذرعها الثلاث (التشريعية والقضائية والتنفيذية) فالدولة وقد تكون غنية بأوراق القوة لديها لكن فساد الإدارة وارتباكها وعدم كفاءتها تبدد هذه الأوراق تماما، مثل إثيوبيا لديها ثروة مائية هائلة ولكن فقر إدارة الموارد المائية أعجزها عن الاستفادة من هذه الموارد.
ومصر تتمتع بالعديد من أوراق القوة ولكن يبدو أن مصالح النظم تحتل الأولوية على مصالح الوطن. بدليل أنه يتم تبديد الكثير منها أولها الإنسان المصرى الذى تم تجريده من عقله والتنكيل بالمعارضين وإلصاق كافه التهم والأوصاف السلبية بهم ،فالحكم ومؤيدوه هم وحدهم الوطنيون وأن المعارض أو الذى لايلتحق بالركب هو عدو الوطن ولذلك يستحل ماله وعرضه وحريته.
وكان الحزب الوطنى الديمقراطى زمن مبارك هو وعاء الديمقراطية والوطنية، وكل خارج عليه لايملك أى قسط من الوطنية أو الديمقراطية.
ويمكن تقسيم أوراق القوة فى مصر إلى ثلاث مجموعات:
المجموعة الجغرافية والمجموعة الاجتماعية والمجموعة السياسية: والمجموعة الجغرافية تشمل الموقع والموضع فى قارتين آسيا وإفريقيا وتطل على البحر المتوسط قبالة أوروبا، وتتمتع مصر بمساحات مائية هائلة فى البحرين الأبيض والأحمر ولديها ثروات حية ومعدنية هائلة بما فى ذلك الثروة السمكية.
ومصر أرض زراعية تعتمد على المساحات وعلى المياه التى يجب تأمينها مع دول المنابع والجوار وهى السودان. يبدو أن السلطة السياسية عاجزة عن إدراك الثروات الطبيعية فى مصر. كما أن الإقليم المصرى لا ينازعه أحد ويبلغ اكثر من مليون كيلو متر مربع ولابد من تأمين المياه له والاستفادة من الامكانات السياسية والصناعية .
أما مجموعة العوامل الاجتماعية فقد ورث نظام يوليو 1952 تماسك المجتمع المصرى الذى اتسم بالطبقات وأهمها الطبقة الوسطى أساس المجتمع، فقد كان التعاطف يربط كل أعضاء المجتمع وبدأ نظام يوليو يفرز الإقطاع ورأس المال وحرم المجتمع منه وتحريض العمال والفلاحين على أرباب الأعمال ملاك المزارع والمصانع واحتضن هؤلاء ومزق المجتمع بذريعة أنه منحاز للفقراء ويضرب الأغنياء من أجلهم بل وجرد الإقطاع ورأس المال من المزارع والمصانع ومكن الفلاحين والعمال من أدوات الإنتاج بعد أن جرد الإقطاع ورأس المال من ملكيته الخاصة ووزعها على الفلاحين والعمال على سبيل الانتقام، ثم قسم المجتمع على المستوى الدينى بين مسلم ومسيحى وإسلامى وملحد أو علمانى بحجة حرية العبادة، وحشدهم فى تنظيم اسمه الاتحاد القومى ويضم مجموعة المصفقين لسياساته.
ثم جاء الرؤساء الآخرون فمزقوا المجتمع، رغم أن اصطفاف المجتمع حول هدف قومى حقيقى من أهم أوراق القوة. فالموقع والموضع والموارد والحدود وحجم الدولة والسكان وتوزيهم الاجتماعى والعمرى والاستقرار السياسى والديمقراطية أهم أوراق قوة الدولة، أما الاستبداد فرغم أهميته للغرب إلا أن الغرب أول من يمتهن الحاكم الدكتاتورى.
ومن أوراق القوة الجيش المحترف القوى، وفريق محترف فى إدارة السياسة الخارجية وفريق يجيد فنون التفاوض والرخاء الناجم عن عدالة التوزيع والعناية بعناصر الانتاج ووقف الفساد كلها لازمة لقوة الدولة ولكن الأهم من توافرها، هو المهارة فى استخدامها فى الواقع.
أما انقسام المجتمع ومظاهر الدكتاتورية وظهور طبقات تنهب الموارد وتسخرها لخدمة نفسها وتعمل الحكومة لصالحها ولا يهمها الشعب وتثقل كاهله بالضرائب وتعجز عن السيطرة على الاسعار، وعبء الديون الباهظة، مثل هذه الدولة تسير على غير هدى، لأن التمسك بالسلطة والعجز عن إقامة المؤسسات الفعالة من اهم امراضها .
د. عبدالله الأشعل كاتب ودبلوماسي مصري