وقفة سريعة أمام سلحفاة عربية كسيحة

أربعاء, 2025-02-19 15:14

صدق المناضل الجزائر عبد الحميد مهري عندما قال إنه “زمن الرداءة، وللرداءة أهلها”، فتلك هي العبارة التي تليق بما أصبحنا نعيشه في هذا العصر.

فالمجموعة الأوربية تداعت لاجتماع تواجه به مخططات الرئيس الأمريكي الذي يحاول أن يلتف حول الإرادة الأوربية في دعم الرئيس الأوكراني، وبغض النظر عن أن واشنطن هي التي أشعلت الأزمة الأوكرانية متناقضة مع الاتفاقات التي كانت تحترم خطوط الأمن الروسي فيما يتعلق بامتداد “الناتو”.

وتحدد وقت الاجتماع الأوربي بما لا يتجاوز أسبوعا واحدا.

لكن أمة “مُهند”، على رأي الإعلامي الراحل حمدي قنديل، التي يهدد البلطجي الأمريكي بتدمير توازنها الديموغرافي بقنابل موقوتة تنسف كياناتها الوطنية، دعت إلى قمة لم تخجل من تسميتها بالطارئة، حيث بدلا من عقدها خلال أسبوع على أكثر تقدير لأنها طارئة وعاجلة واستثنائية دفعت بها بعيدا، وكأننا لسنا في عصر الـ”أي فون” والطائرات النفاثة بل والاجتماعات التي تُعقد عن بعدٍ عبر شاشات التلفزة.

ولقد قلت في الحديث السابق بأن هناك “رائحة توجّه يزكم الأنوف، وتتردد شكوك لا تُشرف القيادات العربية في مجموعها” حيث “بدا وكأن المطلوب هو أن تكون هذه القمة “مباركة لأمرٍ واقعٍ يتم فرضه على الوطن العربي”.

وقلت في نفس الحديث إن “هناك من يأمل ألا تشارك الجزائر في هذه القمة إلا بمستوًى متدنٍّ من المسؤولين، حتى لا تجد نفسها في وضعية شاهد الزور أمام عملية ممنهجة لتصفية القضية الفلسطينية، ستكون أسوأ مما عرفته الثلاثينيات”.

ولست أدري ما الذي يمكن أن يُقال تجاه هذا الموقف المخزي لقيادات الأمة التي أعطاها الاتحاد الإفريقي في قمته الأخيرة شحنة مشجعة من الصلابة، بفضل عزيمة الرجال الذين عرفوا متطلبات الصراع مع العدو، وخبرت أسلوب التعامل معه.

القمة الطارئة كانت يجب أن تعقد خلال أيام محدودة وبدون الحاجة إلى اجتماعات وزارية مسبقة، وهو ما ليس جديدا على الساحة العربية، وقادتنا ليسو مضطرين لاستعمال الجمال للتوجه نحو مقر الاجتماع، الذي لا يحتاج إلى وزراء يعدون نتائجه قبل أن يتم، لأن المطلوب هو الإجابة على سؤال واحد بسيط: هل نخضع لإرادة نتنياهو التي يعبر عنها ترامب، أم نرفض بشكل ليس أقل وضوحا من تعبير رئيس الوزراء الأسباني.

لكن ما يحدث هو أمر مُقرف، تكشفه التعليمات التي أُعطيت لمتحدثين أصبحوا يركزون على ضرورة إلقاء المقاومة أسلحتها، ولا يربطون ذلك على أقل تقدير بمطالبة إسرائيل بضمان منطقة منزوعة السلاح حول قطاع غزة، وبالإخلاء التام للمناطق التي تحتلها في سوريا ولبنان، بل واستعمال قوات طوارئ دولية تحمي أبناء فلسطين من الإبادة العرقية التي تعتز إسرائيل مواصلتها.

وتعود الذكرى المؤلمة لما عاشته فلسطين في الثلاثينيات، ولكن بشكل أكثر وقاحة، لأن الهدف يبدو وكأنه استعداد تحميل الفلسطينيين وزر عمليات إبادة جديدة سوف يقوم بها الكيان الصهيوني بعد تسلمه لأسراه، أحياء أو جثثا.

وسنسمع من جديد مقولة إننا لسنا في مثل قوة أمريكا، وكأن طالبان أو مقاتلو هوشي منه كانوا قوًى عظمى، وهنا أكرر ما قاله الأستاذ فؤاد البطاينة:  “انتم لستم ضعفاء بل استُضعِفتم لعمالتكم.

وأموال صندوق النقد الدولي كلها لن تكفي لمحو العار التاريخي.

ومرة أخرى أترحم على الشابي الذي قال: ليتني كنت حطابا فأهوي على الجذوع بفأسي.

 

دكتور محيي الدين عميمور كاتب ومفكر ووزير اعلام جزائري سابق