بعد نشر فقرات رئيسية من تقرير مجلس الشيوخ الامريكي الذي استغرق اعداده ثلاث سنوات الذي اكد على اقدام وكالة الاستخبارات الامريكية “سي اي ايه” ممارسة “ابشع″ انواع التعذيب ضد المعتقلين المسلمين في قاعدة غوانتانامو في كوبا، لا يحق لكل الادارات الامريكية قديمها وجديدها القاء محاضرات علينا حول الديمقراطية وحقوق الانسان.
هذا التقرير الذي تضمن حرمان المعتقلين من النوم لايام، وايهامهم بالغرق لابتزاز معلومات منهم، هو وصمة عار للولايات المتحدة والغرب وحرياته المزعومة، واحترامه الكاذب لحقوق الانسان.
وقد يجادل البعض بأن الادارة الامريكية هي التي شكلت لجنة التحقيق التي اصدرت التقرير، واكدت على لسان رئيسها باراك اوباما انها تنشره من اجل عدم تكرار مثل هذه الممارسات في المستقبل، ولفضح الادارة الجمهورية السابقة، وتأكيد مبادىء وقيم العدالة وحرية المعلومات، ولكن هذا الجدل مضلل لان الافراج عن هذه الحقائق المرعبة جاء بعد اكثر من 13 عاما من التعذيب القاسي في حق المعتقلين، وبعد احتجازهم طوال هذه السنوات بشكل غير قانوني، وعدم تقديمهم الى اي محاكمة عادلة او غير عادلة.
يعذبونهم لانهم مسلمون، ويكسرون حرمة القوانين وقيم العدالة التي يتشدقون بها لانهم كذلك ايضا، فطالما انهم ابناء هذه العقيدة فهم “ارهابيون” ويجب ان يعاملون بطرق غير انسانية في بلد يدعي انه زعيم العالم الحر، ويرسل طائراته لقصف دول واحتلالها، وتغيير انظمتها، وقتل مئات الآلاف من ابنائها باسم الحرية والديمقراطية مثلما حدث ويحدث في العراق وسورية وليبيا اليمن.
ما جرى نشره من هذا التقرير مجرد قمة جبل الثلج، فقد حذفت “الرقابة” اكثر من 500 صفحة منه بحجة الحفاظ على الامن القومي الامريكي واسراره، وعدم تقديم “ذرائع″ او “حجج” تستخدم لتنفيذ عمليات “ارهابية” ضد مصالح امريكية في العالم الاسلامي.
هذه الصفحات التي جرى حجبها تتضمن حتما ممارسات قذرة، اقدم عليها المحققون في حق المعتقلين، مثلما تتضمن ايضا اسماء الدول واجهزة الاستخبارات العربية التي اقدمت على ممارسة هذا التعذيب في سجونها بتكليف من المخابرات المركزية الامريكية باعتبارها تملك خبرة استثنائية في هذا المضمار، ولا تملك اي ذرة من الحياء والوطنية.
لم نفاجأ بأن ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي السابق وزميله دونالد رامسفيلد وزير الدفاع كانا من اشد المدافعين عن ممارسة اعمال التعذيب هذه، فهما اللذان امرا بها بتعليمات من رئيسهم جورج بوش الابن، سواء في سجن ابو غريب العراقي، او في المراكز العربية التي اقيمت لهذا الغرض، وتردد ان المغرب ومصر والاردن من بينها، فليس غريبا على هؤلاء الذين اقدموا على غزو العراق واحتلاله وقتل مليون من ابنائه ان يطالبوا بل ويدينوا نشر هذا التقرير.
القول بأن نشر هذا التقرير الذي تضمن الاطلاع على ستة ملايين وثيقة جاء بسبب التعلم من الاخطاء وعدم تكرارها هو قمة الكذب والتزوير، لان الطائرات الامريكية بطيار او بدونه ما وزالت تقتل بالضحايا وتمزق جثثهم ومعظمهم من النساء والاطفال والمدنيين العزل، واسألوا اليمنيين والسوريين والافغان والعراقيين لمعرفة قصص الرعب التي عايشونها في ظل القصف الديمقراطي الامريكي للبيوتهم وافراحهم، بل وجنازات ضحاياهم ايضا.
نشر هذه التقرير الذي جاء بعد “خراب مالطا” لن يغير من قناعاتنا الراسخة من ان الولايات المتحدة هي قمة الارهاب في العالم.
“راي اليوم”