تكاثر الاحزاب السياسية في البلاد وإن كان يتيح للمهتمين التعبير عن آرائهم واهتماماتهم مما يعزز الديمقراطية فهو من جهة اخرى قد يؤدي الى اضرار كثيرة لعل اقلها صعوبة الوصول الي توافق عام يدفع بالبعض أحيانا للشطط في الطرح مما يؤدي إلى انسداد سياسي وتأزيم العلاقة بين المكونات المختلفة وهنا كان علي الدولة أن تضع ضوابط لتشكيل الأحزاب السياسية من خلال إطار قانوني وتنظيمي يضمن عدم تفشي هذه المخاطر، مع تعزيز القيم الديمقراطية وتعزيز الوعي السياسي لدى المواطنين فكيف يعقل أن يكون في موريتانيا مايزيد علي 120 حزباً في بلد لا يتجاوز عدد سكانه أربعة ملايين نسمة إضافةً الي وجود العشرات من " مشاريع " الاحزاب تنتظر الترخيص وهذا العدد يتجاوز عدد الاحزاب فى الدول المحيطة بنا رغم فارق عدد السكان ( المغرب 36حزب ) ( مصر 87 حزب )
إن ترك الحبل علي الغارب لكل هاوٍ له مخاطر كثيرة منها تسهيل تشكيل الاحزاب السياسية على التيارات المتطرفة مما يسمح لها بنشر فكرها المتطرف أو فتح المجال لآخرين في تلقي الدعم المالي من جهات خارجية فتتحكم في مواقفها وتؤثر على سياساتها
وعليه فليس من المقبول بقاء الحال على ما كان عليه لأزيد من ثلاثين سنة فقد اصبح من اللازم مراجعة القانون الخاص بالأحزاب السياسية وذلك لسد الثغرات- الكثيرة- التي أستغلها البعض وحصلوا من خلالها علي احزاب ليس لها من صفة الحزب سوي الإسم ( لا مقرات ولا إنتخابات داخلية ولا برامج ) وفتح الطريق لرجال اعمال بدل السياسيين للولوج للبرلمان ، فنحن في بلد غريب فبدلًا من ان يكون الحزب يحمل مشروعا مجتمعيا سياسيا واقتصاديا فهو عندنا يتحول في المواسم الانتخابية الى محلات يقوم رئيسه ببيع يافطة الترشح باسمه عند كل استحقاق وهو ما اعطي نتائج هزيلة علي مستوى العمل البرلماني مقارنة بتطلعات المواطنين مما يقتضي ضرورة السعي لتقليص عدد هذه الاحزاب ويستوجب إعادة النظر في مساطر منح التراخيص لها مع الغاء اشتراط الترشح من الاحزاب بدل الترشح كمستقل فلم يكن لذلك فائدة سوي المضاربات بين احزاب " لكراطيبل " إذ يتحول الموضوع لمجرد سوق عند كل استحقاق انتخابي يمنع المهتمين بالسياسة من حرية الاختيار إذ لا ينبغي لكل طامح لمقعد انتخابي أن يدفع مبلغا من المال لصاحب حزب - قد لا يشترك وإياه الا فى رغبة السياسي في الترشح ورغبة رئيس الحزب في جمع المال فقد بلغت فى الاستحقاقات الماضية ملايين من الاوقية لشراء كتابة الاسم علي رأس اللائحة الحزبية وهو ما شكل عبئا علي بعض السياسيين منعهم من ممارسة حقهم فى الترشح وفتح المجال فقط للتجار للولوج لقبة البرلمان لحماية مصالحهم لقربهم من مراكز القرار وهو ما جعلهم يستطيعون الحصول على العقود والمشاريع في الدولة وفي المقابل يتم تهميش اصحاب الكفاءات الوطنية وأولي الناس بدخول البرلمان .
إن إصلاح قانون الأحزاب السياسية مطلب وطني