بعد صمود أسطوري أمام أعتى عدوان سجله التاريخ خرجت المقاومة العربية الفلسطينية في قطاع غزة بعد عام ونصف كطائر العنقاء رافعة رأسها بالنصر بل رفعت رأس أمة كاملة تخلت عنها واكتفت بالشجب والتنديد وكأن اطفال ونساء غزة يعيشون في كوكب آخر؟! وكأن قطاع غزة لم يعد ضمن التاريخ والجغرافيا العربية الاسلامية؟! فقد تخاذل النظام الرسمي العربي والاسلامي عن الانتصار لاولئك الاطفال والنساء الابرياء وقدم صورة بائسة أنه ليس في وسعه أي شيء يقدمه لغزة فصمدت تلك الفئة القليلة من المؤمنين حتى تحقق ما وعد الله في أعظم معركة من معارك الله الكبرى وللأسف استمر أولئك المتخاذلين يتشدقون بالسردية الصهيونية أن غزة دمرت وأنها لم تكن مستعدة لتجابه أعتى قوى الارض ولم يتأفف أولئك المتخاذلين من تقديم تلك المفاهيم المبتورة دون تمعن في معاني الصمود ودلالات مغركة طوفان الأقصى وتلك الملحمة التي فاقت كل ملاحم التاريخ في الصمود والانتصار والارتباط الوثيق بين المقاومة والحاضنة الشعبية فقدم لنا أطفال ونساء غزة دورسا في معاني العزة والكبرياء. فلا نامت أعين الجبناء!!
اليوم يتوقف العدوان راكعا أمام أعظم حالة نضالية عربية اسلامية سجلها التاريخ فلم ترفع غزة الراية البيضاء كما كان يتوقع طواغيت العدو ولم يحقق العدو أهدافه كما أعلنها منذ بداية العدوان البربري على قطاع صغير لم يتجاوز 265 كيلو متر مربع رغم حجم العدوان الذي اشترك به أعتى قوى الشر والعربدة الدولية من قوى الاستعمار مشاركة فعلية بالسلاح والذخائر والدعم اللامحدود سياسيا واقتصاديا وأمنيا وعسكريا فأعلنوا منذ اليوم الاول دعم العدوان الصهيوني في مجابهة رجال الطوفان عبر بيان مشترك وهم بلا شك يدعمون أكبر قاعدة عدوان غربية متقدمة في المشرق العربي وبدأت منذ اليوم الاول جسور الذخائر والعتاد والسلاح والدعم اللوجستي بل والمشاركة في الاعمال القتالية رغم السقوط الاخلاقي الكبير فلم تكن تلك القوى الشيطانية تدرك معنى الصمود وأن طوفان الاقصى إنما كان بأمر إلهي حيث قال سبحانه وتعالى: “وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ” وقال تعالى: “ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين” صدق الله العظيم فكان رجال الله على الوعد نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
ما حدث منذ السابع من أكتوبر عام 2023م حتى اليوم ضرب أروع الامثال وأكد مفاهيم ربانية ثابتة وراسخة فمن يقف مؤمنا بالله ومنفذا لأوامر الله ليس كمن يقف مؤمنا بقوى الشيطان وأمنياته ولا شك أن النصر سوف يتحقق على يد أولئك الرجال المؤمنين فقال تعالى: “كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” وقال تعالى: “قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين” صدق الله العظيم ألا يكفي أبناء الامة هذا البيان الذي ورد في هذا الدستور الإلهي القويم؟! لكن فئة المتخاذلين الذين يعترفون بقوى الشر وقدرات الشيطان يتناسون قدرة الله ونحن نقول: غزة انتصرت وفشل العدوان وداعميه والمتواطئين في اخضاع غزة؟! وما زال أبناء غزة باقون على الارض وما زالت صواريخ المقاومة باقية وما زالت الكمائن بشكل يومي تخرج من تحت الانقاض والركام! ألا فقد ربح البيع أولئك المؤمنون الصابرون في غزة آلا إن نصر الله قريب وما هي إلا جولة من جولات النصر والوعد الإلهي الصادق بالنصر والتمكين. اليوم ركع العدو الصهيوني أمام شعب عظيم أراد الحياة بكرامة فحق له الانتصار، فاذا كان العدو قد انتصر كما يزعم فلماذا يذعن لهذه المفاوضات بالصيغة التي قبل بها أبطال المقاومة في غزة وفلسطين فهنيئا لكم يا أبطال حماس وجميع فصائل المقاومة الفلسطينية نعم لقد شفى الله صدور قوم مؤمنين ومن ارتقى فقد نال إحدى الحسنيين وما دمره العدوان حتما سيعاد إعماره، فرغم الهول الكبير والعدوان الذي فاق المدى وسياسة التجويع والحصار والبرد والامطار والخوف والقتل والاسر والهم والدمار والإبادة لقد قابلتم كل تلك المصائب بالايمان والصبر واليقين بالنصر المبين فلم يستطع العدو تحقيق أيا من أهداف العدوان التي أعلنها ويكفيكم فخرا انكم لم تهجروا أرضكم وكانت قافلة الشهادة تمر عليكم صباح مساء في مشهد يندى له جبين الانسانية نعم لقد عرفتم العالم بقضيتكم وأخزى الله عدوكم ورضخ لوقف اطلاق النار الصيغة التي وافقت المقاومة عليها وسلم بالانسحاب وتنفيذ صفقة التبادل بينما المقاومة باقية وأنتم باقون على ترابكم لقد شرفكم الله بالنصر فوالله لم نشك لحظة في انتصاركم الذي وعدكم الله فأنتم أولياءه وأنتم المؤمنين الصابرين إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الايام نداولها بين الناس كما قال سبحانه فالحمدلله الذي صدق وعده وأعز جنده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده الله أكبر ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين .
خميس القطيطي كاتب عُماني