إنه مقال متميز، ويستحق التعليق، وذلك في سبيل التفاعل مع الكتابة الوطنية، مهما يكن حدود التفاعل مع الكاتب من جهة التقريظ ، وهنا شيء من ذلك، والتصويب، كموقف وارد نظرا لاختلاف الرؤى، وتوجيه الرأي الوطني لقراء الموقع من جهة أخرى، وكل ذلك في سبيل تنمية الوعي الوطني، لاستيعاب الرؤية المكتملة للكاتب، والقارئ حين يتعلق الأمر بالشأن العام، أو حتى للدعاية للسياسيين في بلادنا، فلا بأس في ذلك..
ولعل من الأمور التي لها علاقة بتخصص الكاتب، كونه طبيبا، فقد سعى مشكورا، أن تكون وصفته الطبية في الكتابة، تشتمل على عناصر عديدة، كما لو أنها وجبة غذائية، بتعدد عناصرها، فهي متكاملة إلى حد مبير ، لكن هل سيكون تفاعلها في معدة / وعي القراء إيجابيا، ومسببا للصحة البدنية، وتنوير الوعي، وتبعات ذلك في الاستجابة المطلوبة لآراء الكاتب، أو العكس لا قدر الله، أن تكون سببا للمغص، وتزييف الوعي ، وتهميش الكتابة. بينما نحن نرفع من قيمتها ..
وذلك أن الكتابة توازي في منحى ما معالجة الأمراض التي تحتاج إلى فحوص، ولعل الأولى بالطبيب أن يقدم الوصفة بعد الفحوص، لا قبلها، كما حصل في تقديري الشخصي في هذا المقال، نظرا لتفضيل الكاتب لمنهج "التجربة المخبرية" لقياس الخطأ من الصح في تحديد موضوع المقال، ومدى ملاءته للاسلوب القيم للغاية ..!
ومن الواضح احتراف الدكتور لفن الكتابة، وهو أمر مطلوب عموما، ولعله "مسعود"، ومحمود نسبة إلى احمد، خصوصا ، لذلك انتهج الكاتب طرقه المتنوعة في توصيل رسالة المقال، إذ زاوج بين الوصف الإنشائي السردي ، التقرير الاخباري، ثم جاء بالإخراج المسرحي الحسي في التقاط بعض المشاهد، والتأريخ لأخرى في خمس محطات، ثم ختم باستكناهه للميزاج النفسي، والتعبير عنه بالأسلوب الذاتي وتعبيراته الاسقاطية: "الحسرة، التفهم، الخوف، الاستنجاد، العتب".
فكيف كان جمعها في سلة واحدة وفي أولى المقالات هذا المستوى من الموفق في الوصف السردي، وغيره،، ؟
لقد تصدر المقال بفرضية الحكم بالاستسلام للقيادتين السياسيتين، ولم يذكر الكاتب أسباب الاستسلام، ولماذا لا يكون صريحا مع قرائه، ويعبر عن الحالة السياسية وفق الأعراض الخارجية لها،، وهل حقا استسلم "مسعود ولد بلخير، واحمد ولد داداه"، لنظام الحكم، أو أغراهما النظام الحالي طواعية بعد أن حققا ما كانا يبحثان عنه اكثر من" التسويق" بجماهير حزبيهما،،؟
ولعل القادم من الأيام، سيقدم إجابة إما في المواقف السياسية، أو السلوك العملي، حتى يستغني الكاتب عن التخمين، وتضمين الاحتجاج عليهما فيه .
بينما المستغرب، هو الربط غير المبرر موضوعيا بين المستسلمين السابقين، وبين المرحلة الاولى من تاريخ موريتانيا السياسي، دون الإشارة إلى دورهما فيها، وعدم تأثيرهما في حركة التاريخ، وكذلك في الوعي الجمعي، ولا يعني - بأي حال من الأحوال - كونهما عايشا المراحل المختزلة للعديد من التجارب السياسية، كما أشير إليها في المقال، أنهما كانا فاعلين فيها، إلا بالنسبة لأحمد ولد داداه الذي، كان أقرب إلى الظل الطرفي لدوحة حكم الرئيس المختار رحمه الله تعالى، من أن يكون واجهة للحكم الذي طبعه المجتمع بسماته، وأقلها خطيئة المناطقية، وتفرعاتها…؟!
وكان من أولى المنسيات اسماء وطنية، واخرى قومية، قادت الحراك الوطني شاء، أم تغافل عن ذلك كاتبنا المبجل بالاحترام، والتقدير..
والإشارة راجعة إلى القوميين: الناصريين، والبعثيين الذين اختزلهم في ذكر اسم شخص واحد، هو الراحل محمد يحظيه رحمه الله تعالى، وتجاهل نقابل ذلك الاحياء ودورهم في اطياف المعارضة، وكم من الاحياء من القوميين في ربوع الوطن بما في ذلك مدينة صاحب المقال.
ويلاحظ للأسف ارتفاع نسبة الخدش في الذاكرة، حين لم يستطع الكاتب استرجاع أسماء قادة الحراك السياسي الوطني، وكذلك الأحداث المؤلمة التي عصفت بالحراك السياسي في مراحل عديدة ومنها عشرية التعذيب والقتل على الانتماء السياسي في ثمانينات القرن الماضي، ولكن لا بأس، فربما كان"تشبع" ذاكرة الكاتب برموز النظام السابق بعد عودتهم من المنفى المؤقت الذي انتهى الحمد لله بعيد الانقلاب الفرنسي الذي أسس لحكم معاوية، ولحكم " الكادحين" ..
ولكن هل يقبل احمد ولد داداه من الكاتب، إغفاله لاسم " المختار يا باني الأوطان من عدم " ، ومرحلة حكمه التي لم تشهد قطيعة معها مختلف التجارب السياسية التالية لها، بدليل امتداد المرحلة الاولى إلى حين استسلام مسعود، وأحمد لنظام حكم ولد غزواني،،!.
إنه لأمر يستدعي للتساؤل عن المبررات الموضوعية في حدود البحث في صفحات" المرحلة الأولى" التي شكلت حلم الكاتب، إن لم تكن استغرقت حلمه الرومانسي الضائع كما في العنوان…!
لقد تهرب الكاتب من الإشارة الى الاحداث التاريخية بعد نجاح "حرمة ولد ببانة " رحمه الله تعالى على خصمه، ولم يذكر شيئا عن أسباب اقصائه عن تمثيل موريتانيا في الجمعية الفرنسية فيما بعد ذلك ، والظلم الذي جناه المحتل الفرنسي على بلادنا اكثر من الظلم على ممثلها حين اقصاه الفرنسيون بمن كان قابلا للتكيف مع مشروعهم السياسي في بلادنا..!
ويبقى التساؤل مطروحا لدى الباحثين في تاريخنا السياسي عن تردي، زيف الوعي السياسي لمن قبلوا بالانتخابات الرئاسية قبيل الاستقلال الوطني، وهي الوضعية الشاذة، وغير المفهوم قبولها من وطنيين عايشوا المد التحرري حينئذ، حتى يكون الحكم عليهم، وفق معطيات تلك الفترة، وكان المفروض موضوعيا، أن يحصل الاستقلال، ثم يحضرون للانتخابات الرئاسية..!
كما لم يذكر الكاتب القليل عن قبول الاستقلال الناقص - إلى حد الآن - منذ تأسيس نظام الحكم على الانتخابات الصورية ،الاقصائية للرأي العام، واحلال محلها سدنة فرنسا، و" مرتنة" التبعية خدمة لمصالحها التي أسست لها انتخابات " Oui et non"، وكون التهمة، بل الخطيئة الكبرى، هي: تلك الاستجابة لما هو مفروض من اشكال حكم الاستقلال الناقص، بدلا من الاستقلال الكامل على غرار ما حصل في غينيا، ومالي،،
ومن هنا يفهم اطراد الوعي الاقصائي، وعدم رد الاعتبار للوطنيين، والقوميين حتى في كتاباتنا حين نعرض للرموز الوطنية التي رفضت "انصاف الحلول" في أي فترة كانت، لكن المآخذ من نواتج المطمسات العرقية، واللونية، والوعي المنتمي بتحيزاته الفجة، أوالمعارضة للنظام السياسي التي، أدت إلى هجرة قادة المعارضة إلى المغرب، واقصد بذلك قادة حزب النهضة، وافراد الوحدات العسكرية التي حوصرت في جبل "أطار"، ثم اضطرت للخروج من الوطن للنجاة، وكذلك تلك القوى المناضلة التي قامت بما يسمى " اعمارت النعمة"، واعدام بطليها على شاطئ بحر نواكشوط، ولم يرد لهما أي ذكر ، أحرى الاعتبار، حتى بذكر اسميهما في الكتابة،و التأريخ للاحداث السياسية، أو عن الوطنيين، من منظور فوق خط القبلية، او الجهوية، او الشرائحية،، مما لم يرتفع اليه مستوى الكاتب في المقال، كتجاهله لقادة الحركات القومية، ورموزها التي استشهدت تحت التعذيب …!
وفي قفزة متوثبة، عن قراءة صفحة من التاريخ الوطني، ولو بإيجاز للمعرفة اكثر لمميزات "المرحلة الأولى"، وتقييم التجارب السياسية فيها،،،
وقد انتقى الكاتب لنفسه، طرح الأقانيم الثلاثة في مقاله القيم، وهي :
# - رئاسة ولد غزواني للعهدة الثانية،،
# - الديمقراطية، الوديعة الفرنسية " الميتيرانية"،،
# - المعارضة السياسية،،
والإشكال الذي سيطرحه القراء على الكاتب، وذلك لإيضاح رؤيته حول مظاهر التعارض بين حكم الرئيس غزواني، وبين الديمقراطية، بعد الإشادة بالمأمورية الأولى، ورغم ذلك، عمد إلى انتزاع "الديمقراطية " من جيب دراعة غزواني، و رماها - صاحبه بنسبة أقل من صحبته لمعارضيه - في حضن "المعارضة" المتشيئة، بمعنى الباحثة عن الأشياء المادية، كالتمول، والاستغناء الفاحش بواسطة رفع شعارات التعددية الحزبية، وأخذ الحصص المالية من صندوق البرلمان، ومن نظام الحكم في اطار الموالات له، مقابل غياب المسؤولية في الدفاع عن الحقوق المدنية، والسياسية للمواطن الموريتاني..!
ويأتي هذا الاختيار المتحيز لصالح المعارضة دون أن يقدم الكاتب للقارئ ما يغريه في برامج المعارضة، الأمر الذي يحبط ربما أنصار الرئيس غزواني، دون أن يوضح الكاتب لهم، و للقارئ مدى التعارض بين برنامج غزواني، واختلالاته،ناقصه، بين برنامج المعارضة التي استسلم قادتها لنظام الحكم..
وهنا نسأل ما هو الفرق في مضمون برنامجي كل من المعارضة الحزبية، والرئيس غزواني،؟ وهل في برنامج واحد منهما ما هو اقرب من الآخر للتعبير عن روح "الديمقراطية الميتيرانية" المفروضة بالأوامر على الرؤساء الأفارقة سابقا وحاليا، وربما لاحقا، وكذلك الحال بالنسبة للمعارضات الاستنساخية لإشكال أنظمة التبعية ؟!
وهل الحزبان القائمان قبل استسلام قادتيهما للنظام، اسسا لمعارضة سياسية لقيادة الحراك السياسي الوطني، وللدفاع عن حقوق المواطنين المدنية، والسياسية التي شاع عنها الغياب الكلي عن دورها في وسائل الاعلام، كما في الميادين وحل مكانها النشطاء السياسيون، والشرائحيون.. ، وانها اكتفت بالتمثيل الصوري، وشراء الأصوات، وتوظيف مظاهر، وسلوك الانتماء القبلي في المواسم الانتخابية، الأمر الذي اشاع الميول المناطقية، واللهاث وراء المصالح المرتبطة بالمقربين من اصحاب النفوذ الفرنسي من سدانة الوعي العرقي، والشرائحي، والمكانة الاجتماعية المندثرة..!
ولعل الذكرى مهمة على الرغم من عدم نفعها، وذلك للتذكير بأن بأن القواسم المشتركة بين اطياف المعارضة بمختلف اطيافها، أنها تعتاش على العطاءات الريعية المستجلبة من المساجد التابعة للسعودية، والإمارات، وقطر، وتركيا، وتبقى أقل مثالب على مستوى محكمة الضمير من طيف المعارضة الآخر الذي يتلقى الاستنفاع، و الرشى من السفارات الفرنسية، والسنغالية، والامريكية، والمنظمات التبشيرية…؟!
………
لقد حرص الكاتب على تقديم الجديد في المقال، كاستنطاقه لما كتبه في أول مقاله، لذلك، تقمص دور المخرج السينمائي من أجل لفت الأنظار إلى مشاهد اعجبته، وترك اخرى ، لذلك انتقى مشاهد، ملأ بها شاشة العرض، كالتأريخ للمحطات التالية خلال السنوات : " ١٩٥٨، ١٩٦٣، ١٩٨٥، ١٩٩٠، ٢٠٠٧"
ولكل محطة اختار لها عناوين بعضها لافت، والآخر باهت،، ومنها على سبيل المثال :"جو قاتم شيئا ما …" ، و"إلتحاق - إلحاق - بلادنا بالمستعمرات الفرنسية"،، وهذان من العناوين الباهتة في الأول، والملفت للأنتباه في الثاني. كما آثر في العرض، أن يضع يده فاعمى الشاشة فغابت المشاهد من على لوحة خشبة المسرح السياسي، وذلك لطمس الأحداث، والمشاهد، والممثلين السياسيين، وكان التجاؤه لذلك من اجل إلى حرصه في تقديم مشاهد مخصوصة، وحجب أخرى غير مطلوبة في تقديره، وبمعنى آخر استعاض عن الأخيرة بمشاهد مرغوبة لتعزيز موقفه، كربط المشاهد المذكورة بالدور الفرنسي، وسياسته الإملائية في المشاهد التالية :" الثالث ٣، والرابع ٤، والخامش ٥ "، وهو ربط إيحائي عبر عن تجليات "التبعية " بمساوئ مظاهرها، وابعادها لنظم الحكم خلال التجارب السياسية المتداخلة طيلة العمر المديد للنظام السياسي الحديث في بلادنا منذ ١٩٦٠- ٢٠٢٤م. وذلك امر مطلوب، لكن في المقابل غيب سدنة ، بطانة الحكم التي تتبادل الوظائف في الوزارات في كل تجربة سياسية،، ومثال ذلك الداه ولد عبد الجليل، ومحمد فال ولد بلال، وامتدادهما السياسي في يسارنا الوطني الذي لم يسجل له أن قاد مظاهرة واحدة منذ اضراب العمال في مدينة ازويرات في أوائل سبعينيات القرن الماضي التي قام بها العمال من اجل حقوقهم الخاصة، وليس بدفع من نقابة العمال، او بدافع الوعي السياسي، و بغض النظر عن الادعاء لانتساب الرموز الوطنية لليسار ممن غيبهم الموت ك"سميدع" القومي فيما روي عن ، عن ، عن الرعيل الأول من الناصريين...
والسؤال الذي لم يجد جوابا في المقال، هو ما مبررات غياب التعليق على المشاهد، وأخذ بعضها بتلابيب البعض،، وكأن وظيفة المخرج، هو وصف الواقع من خلال تلك تقديمه للمشاهد ، العينات: التواريخ، والعناوين، وكأن الكاتب حكم على نفسه بالدوران في حلقة دائرية، دون، ان يهتم بواجب توجيه قرائه فيما لوحظ بالقدر الذي جعل لتلك المشاهد - في " الفيلم" - لا قيمة تعليمية، أو توجيهية لها…!
والطريف، أن الكاتب، توقع من القراء، موافقته في بعض طرحه، ومخالفته في فيرها، وقبل أن يعطي فرصة للقراء للتعليق، فاستبقهم بتعليقاته، فهل ذلك لفتح المجال لنقاش مفتوح، او لغلقه..؟
ومن جهتنا نتمنى على الدكتور اتساع باعه لتقبل تعليقات القراء، ولعلي واحدا منهم من الاستفادة حتى، حيث يخيل إلي، بل اعتقد جازما، أن التعليقات السابقة في المقال: حشرت مضمون المقال في المتحيز، والوعي الأنتمائي الذي يتستر وراء الدعاية للأفراد ربما لاستمالتهم، باسلوب الاحتفاظ بالصورة لمسعود، وتقديمها ، وفي المغرب قالوا " موريتانيا كبرها تصغار " وهذا هو المضمون الاعتلالي الذي لا ترسى على شراعه الكتابة الابداعية مهما كان اسلوبها في الأدبيات السياسية، او في الأدب الانشائي..!
وعلى الرغم مما عبر عنه الاسلوب المتنوع، وتوزيع الكتابة على محاور مقلوبة في قراءة المقال، حيث كان آخرها مفاهيم، وقبلها عناوين، وفي البداية دعاية، لفكرة المقال الأساسية..
ولم يتواضع على هذه المنهجية كتاب المقالات في المواقع الموريتانية، وإن كان لكل كاتب منهجه في التقديم..؟
وهذا من المظاهر التوعوية المطلوب التذكير بها، لكن هل نتوقف عند هذا الحد، او نزيد قليلا في التعليق..؟
سأترك الإجابة للقراء، وما يهمني، هو عرض التعليقات التي كانت معنونة بكلمات أحادية، وهي: " الحسرة"، و" التفهم"، و" الخوف" ،و" الاستنجاد"، و" العتب" .
وكان من جملة ما تحسر عليه الدكتور، غياب " دولة المواطنة"، ولعله الحلم المؤجل، ولا خيار في تقديره عن تحقيق هذا الحلم الوطني، أو الرجوع إلى الخلف إلى ماقبل الدولة، مرحلة " السيبة"، وبذلك يكون الكاتب جعل تاريخ انظمة الحكم، هي المرحلة السلبية بين المنزلتين: دولة المواطنة المنشودة، وفترات "السيبة"، بمعنى آخر عند صاحب المقال، أن التاريخ السياسي لأنظمة الحكم، هو تاريخ سلبي بلغة الإيديولوجيين، من منظور يساري ماركسي..وأن مرحلة السبية، بمثابة المرحلة" المشاعية"، بهذه المحاكاة، الاسقاط، حيث ما بعد الأخيرة في تقدير اصحاب الاتجاه الصراعي، الذي كانت افتراضاته، أن الصراع محتدم في كل حقبة من مراحل التاريخ اليشري بالنظر إلى التطور في وسائل الانتاج في عصر العبودية في الحضارات القديمة، والمرحلة الاقطاعية، حيث القنانة، والمرحلة الرأسمالية في المجتمعات الصناعية حيث فرض تقسيم العمل، انقسام المجتمع، والاغتراب جراء الاستغلال بظهور الطبقات الثلاث في المجتمعات الغربية، لكن هذا التطور في وسائل الانتاج، وتراكم القيم، كان خاصا بتلك المجتمعات ذات الخصوصية التاريخية، او عاما..؟!
فهل يوافق الكاتب على ذلك الإيحاء الذي أشار إليه، بطرف عيون أحاديي النظرة لمن اعتقدوا في وحدة التاريخ البشري..؟!
والسؤال المتعلق بالقضية الأكبر من أختها السابقة عليها - اعطاء أولوية الحكم الديمقراطي لقوى المعارضة الحزبية التي، استسلمت قيادتاها للنظام - وهي : هل اقتبس الكاتب هذا التصور التنظيري عن إدراك، أو تأثر بقراءاته، قبل أن يكون ذلك إسقاطا منه، لننبهه عليه..؟!
لعل التركيز في المقال على رموز اليسار " الكادحين"، وعدم استثناء اسم أحدهم من الأحياء، والأموات على حد السواء، يشير إلى الرأي الذي يرجح العلاقة بين فكر اليسار ورموزه البراغماتيين، وعلاقة الكاتب بأحدهما على الاقل..
وهنا لابد من الإشارة الى غياب الطرح - في المقال - الذي يتعلق بالأداة التي، يمكن أن تساعد على التغيير، لتحقيق "دولة المواطنة"..
فهل كان ميل الكاتب إلى ترجيح دور المعارضة، على الرئيس غزواني، يرجح التخمين باسناده الحلم: " دولة المواطنة" للمعارضة ذات الرؤوس المقطوعة، المفقودة بعد استسلامها، ويكون موضوع المقال، هو الاستنجاد، الاستعطاف، كمحاولة لاسترجاع كل من مسعود ، وأحمد للمعارضة،، بهذا الأسلوب الراقي في الكتابة..؟!
وهل المعارضة الموجودة - وفي مقدمتها، القياديين المستسلمين مسعود واحمد - غير عرقية، وقبلية، وجهوية،،؟
ولماذا لم تتمكن شعاراتها الحزبية من اخفاء ذلك، كما عجزت عن الترفع عن السلوك السياسي الدال على وصمها بخصائص الوعي الهابط، كاختيار قيادات عرقية، أو مناطقية في هرمها الحزبي، لأن مسعود ولد بلخير في تجربته مع القوميين، لجأ إليهم، وطلب التحالف معهم بعد أن استعصى عليه أن يرخص له حزبه نظرا لشعاراته العرقية، فاعطاه القوميون الرئاسة الحزبية دون استحقاق، فصار رئيسا " للتحالف الشعبي"، وكان هدفهم من ذلك ، كما نشروا، ان يعدلوا في وعي مسعود الوطني، غير ان النتيجة اكدت تأصل الوعي الشرائحي في تفكيره، وسلوكه اليومي، فما كان منه إلا أن طرد القوميين بالتهميش، والسلوك المنحط من اعوانه، لينزوى اخيرا في ركن داكن، "مترمد، او غير مترمدي"،وليعمق الوعي الشرائحي الذي يتصارع فيه مع" بيرام " بشعاراته السابقة، حيث اختلف معه الأخير في عدم ، الجهر بما قال مسعود في ثمانينات القرن الماضي من أنه" يهدف إلى استعباد "مريم" خدمة ل "عيشة" ..!
اما ثالثة الأثافي في مقال الدكتور، ولعلها بعنوان " العتب" الذي اختاره، ولكننا نوظفه لرفع العتاب عليه نظرا لتجاوزه في حق المتعلمين غير النظاميين بتقصير وعيهم على الوعي القبلي،، وإذا افترضنا ذلك ، فمن غيرهم، لم يكن قبليا، ومناطقيا، وعرقيا، وشرائحيا في المعارضة، ومن في سلك التعليم النظامي، كان حداثي الوعي، غير القوميين الناصريين، والبعثيين الذين هم في خبر كان الغائب في في محلور المقال الذي ننوه به رغم ذلك المأخذ ..؟!
ويتمدد مجال العتب المبرر نظرا لأن الكاتب كان اقصاؤه للقوميين، والشرائحيين، والعرقيين حتى، يعبر عن ضيق افق في الوعي،،،!
ثم نسأله عن أي قوانين "النظام الديمقراطي"، ينص على انتزاع الحقوق السياسية لأي مواطن على أساس وعيه مهما كان، غير ما ظهر من هذه المبيتات في وعي المقال، و المعارضة التي فضلها على حكم غزواني ، "المتحور" وسبقه طابور من المتحورين إلى الحكم المدني الذي فرضته فرنسا منذ انقلابها في ١٩٨٤م، مثلما فرضت من قبل على لبنان" التحور" من العسكرية، إلى الرئاسة المدنية الطائيفية..!