هو المنتصر في الانتخابات الأمريكية إن كسبها دونالد ترمپ. وهو طوق النجاة لرجب طيب أردوغان في رغبتهِ عودةً لسوريا. وهو الضامنُ أن يعودَ العالم لتوازنٍ يقوم على احترام القوة و الخوف منها وكبح جماح الاستعمار. إنه رجل العام ٢٠٢٥ وما يليه من أحداثٍ عظيمةٍ سترسم مسارَ البشرية لسنواتٍ طويلة. هذا إن فاز ترمپ في الانتخابات.
في هذا التحليل المقتضب رهانين على نقيضين لأن ڤلاديمير پوتين رجل حسابات و دونالد ترمپ رجل شطحات فكيف يلتقيان؟ من السذاجة القول أن پوتين سيرسم وترمپ سينفذ، وهو ما أُشيعَ وحُقِّقَ فيه أمريكياً. ترمپ الذي يواجه القضايا ويغالبها له نصيبٌ متعاظم في الفوز، وهو رجل أعمالٍ داهية وأمريكيٌّ بالمعنى الفظِّ للكلمة، وفي نظره أحلام أمريكا الخمسينات من القرن العشرين الناهضة إقتصادياً المتربعة على عرش العالم. وهو رجل الغاية تبرر الوسيلة ورجل الصفقات والمخاطرة. وهو رجلٌ يريد أن تحكم أمريكا العالم بأموال العالم. لا يمل ولا ييأس من تذكير الشركاء أن يدفعوا فواتيرهم وإلا حجب عنهم الخدمة! ترمپ يزدري الضعيف من الزعماء و يُعجبُ بالقوي. أما پوتين فهو التمدد الناعم الفولاذي المؤسس للبريكس المتوادد مع الشعوب والزعماء والدقيق في طرح رؤياه عن التوازن العالمي المبني على العدالة. هو الذي يقدم الخدمات دون مطالبةٍ بثمنٍ فوريٍّ وهو الضامن لكرامة الزعامات والشعوب. وهو الند التاريخي لأمريكا. فهو القوي الذي يحترمه ترمپ. وهكذا نُسِجَ بين الاثنين علاقةٌ ذكيةٌ يحكمها احترام القوة وفهم المصلحة مما يجعل الوصول لحلولٍ مسألةَ أخذٍ وعطاءٍ بينهما يمكن قبولها.
لكن ترمپ جمهوري الحزب وفي هذا الانتماء تناقضٌ عجيبٌ مع رغبته أو ما نعتقده رغبته توطيد أواصر صداقةٍ مع روسيا. إنه الحزب الجمهوري الذي لا يشبعُ من وضع العقوبات على روسيا فكيف سيجعل ترمپُ الحزبَ يمنحه مساحةَ عملٍ معقولةٍ مع پوتين، والصين؟ لا شك أن مراقبةَ العلامات الكُبرى في أوكرانيا والناتو وإيران وكوريا الشمالية والصين وتايوان مهمةٌ في رسم حدود التعامل بين ترمپ الواثق من استطاعته الخلوص بحلولٍ و حزبه الجمهوري عنيدَ العداء لروسيا و كوريا الشمالية وإيران والصين. إن مراجعة وثيقةَ أهداف الحزب تعطينا معلوماتٍ هامةٍ عن مسارِ ترمپ الرئاسي لغاية ٢٠٢٨. و لها هذه الوثيقة رؤيةٌ بمقالةٍ لاحقة.
علي الزعتري دبلوماسي أُممي سابق
الأردن