بينّت تقارير رسميّة صادرة عن مراقبي الأمم المتحدّة في هضبة الجولان العربيّ السوريّ المحتّل والمُحرّر، بينّت أنّه كيفية وآلية التعاون بين ما يُطلق عليها فصائل المُعارضة السوريّة وبين إسرائيل، وذلك في السنة والنصف الأخيرتين.
وقال مُرسال الشؤون السياسيّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، باراك رافيد، الأحد، إنّ هذه التقارير تُقدّم لأعضاء مجلس الأمن الدوليّ ألـ15 للاطلاع عليها، لافتًا إلى أنّها منشورة على الموقع الالكترونيّ الرسميّ التابع للأمم المُتحدّة، كما أشار إلى أنّ التقارير المذكورة تذكر بالتفصيل الاتصالات الدائمة التي تجري على الحدود السوريّة بين ضباط كبار وجنود في جيش الاحتلال الإسرائيليّ وبين المُسلحين من المعارضة السوريّة، التي تعمل على إسقاط الرئيس السوريّ، د. بشّار الأسد.
جدير بالذكر أنّ قوّة فض الاشتباك في الجولان (أوندوف)، أُقيمت في العام 1974 كجزءٍ من اتفاقيات فصل القوّات بين سوريّة وإسرائيل، بحيث أُقيمت منطقة عازلة مساحتها عدّة كيلومترات، ينتشر فيها الجنود التابعين للأمم المتحدّة، وتُمنع سوريّة من إدخال قوات عسكريّة إلى هذه المنطقة، وحتى العام 2013 تواجد في المنطقة أكثر من ألف جندي أمميّ، الذين كانت مهمتم الحفاظ على المنطقة العازلة، ومنع أيّ أعمال حربيّة بين سوريّة وإسرائيل. وبحسب المصادر السياسيّة في تل أبيب، أضافت الصحيفة الإسرائيليّة، فإنّ التصعيد الذي حصل فيما أسمتها المصادر عينها الحرب الأهليّة في سوريّة، خلال السنتين الماضيتين، أدّت إلى تغيير كيفية وآلية عمل قوات الأمم المتحدّة في المنطقة، حيث استطاع تنظيم (جبهة النصرة)، التابع لتنظيم (القاعدة)، وتنظيمات مُعارضة أخرى مسلحة من السيطرة على المنطقة الحدوديّة، علاوة على قيام هذه التنظيمات بشنّ الهجوم تلو الآخر على قوات (أوندوف)، وأسر العديد منهم، وفي نهاية المطاف باتت القوّة الأمميّة في حالة شلل تام، على حدّ قول المصادر الإسرائيليّة.
وكان الجيش الفلبيني أكّد أنّه سحب جميع عناصره في القوة الدولية لحفظ السلام في الجولان السوري قبل شهر من موعد انتهاء خدمتهم، وذلك بسبب المعارك الضارية بين قوات الجيش السوريّ ومقاتلي المعارضة المسلحة. وكان 25 من الجنود الفلبينيين ضمن قوة حفظ السلام في الجولان قد تعرضوا للأسر على يد فصائل المعارضة السورية في حوادث منفصلة العام الماضي، وطالبت مانيلا وقتها بتحسين إجراءات الأمن لقواتها في بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
كما فعلت ذلك كرواتيا، التي كان عناصرها يُشكّلون رأس الحربة في القوّة الأمميّة، وقبلها النمسا. وبعد مفاوضات وضغوطات من قبل إسرائيل والأمين العام للأمم المتحدّة بان كي مون وافقت الهند، وأيرلندا وفيجي إرسال جنودهم إلى المكان، لكي تتمكّن (أوندوف) من مواصلة عملها، ولكنّ الهجمات المتكررة من قبل المعارضة المسلحة في الأشهر الأخيرة دفعت جنود قوّة فض الاشتباك إلى ترك مواقعهم، وقاموا بنقل القيادة إلى الجانب المحتّل من الجولان العربيّ السوريّ. وساقت المصادر عينها قائلةً للصحيفة الإسرائيليّة إنّه على الرغم من الظروف الصعبة والهجمات المسلحة المتكررة، واصل مندوبو القوّة، خلال الفترة الأخيرة، أيْ منذ سنة ونصف السنة، بإعداد تقارير عن الوضع وإرسالها إلى مجلس الأمن الدوليّ لكي يطلع أعضاؤه الـ15 عليها، حيث درجت القوّة على إرسال التقرير مرّة كلّ ثلاثة أشهر. التحوّل، بحسب المصادر ذاتها، في التقارير التي وُصفت بأنّها كانت مملة، بدأ مع مباشرة إسرائيل في آذار (مارس) من العام 2013 باستيعاب جرحى المعارضة السوريّة في المستشفى الميداني، الذي أقامه جيش الاحتلال في الجولان، ومن ثمّ نقلهم بمواصلة العلاج في مستشفيات شمال إسرائيل.
وفي البداية ادّعى الجيش الإسرائيليّ أنّه يقوم باستيعاب الجرحى المدنيين، وأنّه لا يُقيم أيّ نوعٍ من الاتصال مع التنظيمات السوريّة المسلحة، ولكنّ تقارير الأمم المتحدّة تُكذّب الرواية الإسرائيليّة، أضافت الصحيفة العبريّة، وتؤكّد على وجود اتصالات مباشرة بين قوات المعارضة المسلحة السوريّة وبين الجيش الإسرائيليّ.
وشدّدّ مراسل الشؤون السياسيّة في الصحيفة على أنّ تقارير الأمم المتحدّة، المنشورة على الموقع الالكترونيّ الرسميّ للمنظمة، تؤكّد وجود تنسيق بين المعارضة والجيش الإسرائيليّ، ففي أحد التقارير، زاد المراسل، والذي تمّ توزيعه في العاشر من شهر حزيران (يونيو) الماضي جاء وبالبنط العريض أنّ القوّة الأمميّة شاهدت عددًا من الجنود الإسرائيليين، في القسم المحتّل من الجولان، وهم يقومون بتزويد أعضاء المعارضة المسلحة بعددٍ من الصناديق المُصنعّة من الكرتون.
وقالت الصحيفة العبريّة أيضًا أنّه في التقرير الذي أُعد وأُرسل في الفاتح من شهر كانون الأوّل (ديسمبر) الجاري، وثّق مراقبو الأمم المتحدّة لقاءً بين الجنود الإسرائيليين ومقاتلين من المعارضة المسلحة، والذي تمّ في الـ27 من شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، حيث أكّد التقرير على أنّ الجنود الإسرائيليين قاموا بفتح الباب والسماح للمقاتلين بالدخول إلى الجانب الإسرائيليّ من الجولان، ولكنّ التقرير لم يؤكّد على أنّ الذين دخلوا كانوا جرحى، وشدّدّت الصحيفة على أنّ هذا التقرير أخذ بعدًا إضافيًا على ضوء ما حصل في الجانب السوريّ، حيت تمّت إقامة مخيم للاجئين السوريين، تُقيم فيه أكثر من سبعين عائلة سوريّة، وقام ممثل سوريّة في الأمم المتحدّة، د.بشّار الجعفري، بتوجيه رسالة إلى بان كي مون قال فيها إنّ هذا المخيم أقامته إسرائيل لاستيعاب الإرهابيين السوريين، على حدّ تعبيره، وطالب الأمم المتحدّة بالعمل على إخلاء المخيم، وإلّا فإنّ الجيش السوريّ سيعتبره هدفًا له.
الناصرة – “رأي اليوم”- من زهير أندراوس